أحمد مغربي
شهد الاقتصاد الكويتي عاما آخر من النمو الحقيقي خلال العام 2007 وبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 6.6% خلال العام ليصل إلى 29.58 مليار دينار، مقارنة مع معدل النمو البالغ 6.3% في العام السابق.
كما شهد العام ارتفاعا حادا في أسعار النفط وساهم هذا الارتفاع في دعم النمو الاقتصادي للدولة ومن الناحية الاسمية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 28.6 مليار دينار في العام 2006، بارتفاع بلغ 21.4% عن العام 2005، الذي شهد أكبر معدل نمو بلغ 7.34% أما بالنسبة للعام 2007 فتتوقع تقارير اقتصادية أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للعام الخامس على التوالي بنسبة تزيد على 20% وصولا إلى 34.4 مليار دينار.
ونتيجة لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل يفوق معدل النمو السكاني فقد سجل معدل نصيب الفرد ارتفاعا كبيرا بلغت نسبته 14.1% من 7.887 دنانير أي ما يعادل 27.7 دولارا في العام 2005 إلى 8.999 دنانير أي ما يعادل 31.654 دولارا في العام 2006 أما بالنسبة للعام 2007 فيقدر ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 10.111 دنانير أي ما يعادل 35.564 دولارا أي بزيادة بلغت نسبتها 12.4%.
وكسائر دول مجلس التعاون الخليجي، يتبين من تحليل الناتج المحلي الإجمالي حسب النشاط الاقتصادي، أن قطاع النفط والغاز لايزال يوفر الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، وقد ارتفعت حصة هذا القطاع من 36.6% في العام 2002 إلى 52.4% في العام 2006.
وقد ساهم معدل النمو المرتفع لهذا القطاع على مدى الأعوام الماضية في تعزيز دوره في الاقتصاد الكويتي، ومن ناحية معدل النمو الســنوي المركب، بلغ معدل نمو هذا القطاع 27.7% خلال الأعوام الخمسة الماضية من العام 2001 إلى العام 2006. وعلى أساس سنوي شهد العام 2005 أكبر نسبة نمو على الإطلاق حيث بلغت 56.4% تبعه نمو بنسبة 27.5% في العام 2006 عند بلوغ إنتاج القطاع 15.7 مليار دينار ويعزى هذا الأداء القوي بشكل رئيسي إلى الارتفاع الكبير في أسعار النفط، متماشيا مع اقتصاديات معظم دول المنطقة.
وبالتالي فإن أداء الناتج المحلي الإجمالي للدولة كان يعكس أسعار صادرات النفط الخام الكويتي على مدى الأعوام الماضية،بالنسبة للقطاعات الأخرى سجل الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الإنتاج الصناعي معدل نمو سنوي مركب بلغ 23.8% خلال الفترة بين العام 2001 و2006.
وأشارت تقارير احصائية الى أن كلا من الكويت وقطر وسلطنة عُمان والبحرين حققت فوائض مالية للعام 2004/2005، في حين أظهرت ميزانية السعودية توازنا بين الإيرادات والمصروفات للعام المالي 2005، بمقدار 74.7 مليار دولار، بينما شهدت ميزانية الإمارات عجزا خلال العام 2004 بلغ 250 مليون دولار.
وأكد تصاعد المراكز المالية للبنوك التجارية العاملة في دول مجلس التعاون خلال النصف الأول من عام 2005 لتصل إلى 409 مليارات دولار، مقارنة بمبلغ 363.8 مليار دولار في نهاية العام 2004،أما بالنسبة لأسواق الأوراق المالية في دول المجلس، فقد شهدت ارتفاعا كبيرا في حركة التداول والأسعار، حيث بلغت القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة في الأسواق ما مقداره 545.5 مليار دولار مع نهاية 2004.
وان الناتج المحلي الإجمالي في الأسعار الجارية لدول المجلس خلال عام 2004 حقق نموا بلغت نسبته 20.2%، وبلغ نحو 472 مليار دولار في نهاية عام 2004، مقارنة بنحو 393 مليار دولار في نهاية العام السابق.
يذكر أن العام 2007 شكل نقطة تحول في أسعار النفط على مستوى العالم، حيث ارتفعت الأسعار إلى أكثر من الضعف وذلك نتيجة لزيادة الطلب العالمي على النفط، مما انعكس بصورة ايجابية على اقتصاديات دول مجلس التعاون، التي تعتمد بشكل أساسي على النفط في ميزانياتها العامة.
ومن جانب آخر، يواجه الاقتصاد المحلي في الوقت الراهن خطر السقوط في دائرة التضخم النقدي ومتوالية معالجاته المباشرة المتمثلة في زيادة الأجور، وما يترتب عليها من تعاظم في حجم الضغوط التصاعدية على الأسعار، إن دخول حلقة التضخم التصاعدي، لابد أن يتمخض عن سلسلة مترابطة ومتتابعة من الزيادات التي يغذي كل منها الآخر الى درجة قد يصبح من الصعب معها الخروج من المشكلة أو حتى التقليل من حدتها.
ويترتب على متوالية التضخم التصاعدي، كما تشير التجارب التاريخية السابقة في بلدان أخرى، حدوث تذمر اجتماعي واضطرابات وقلاقل بفعل التدهور المستمر في القوة الشرائية للعملة الوطنية، وعدم قدرة شرائح الطبقات الدنيا والوسطى في المجتمع على تلبية متطلباتها واحتياجاتها الضرورية من السلع والخدمات.
وفي ظل وفرة الايرادات العامة وفائض الموازنة الحالية قد تجد الدولة في زيادة السيولة النقدية عن طريق اصدار النقود منفذا ميــــسورا لمعــــالجة الاختـــناقات والأزمـــات المــترتبة على صعود الأسعار، وهي ان فعلت ذلك فلن تسهم الا في سكب المزيد من الوقود على نار الأسعار التي ما تلبث أن تعاود الصعود الى معدلات قياسية جامحة يصعب لجمها.
وتشكل فترة الانتخابات التشريعية الحالية، التي تترافق مع تزايد حـــدة التضخم في أسعار السلع الاستهلاكية على وجه الخـــصوص، وهي السلع التي يستشعر المستهلك وطــــأة صعودها يوميا، أرضية خصبة لعدد لا بأس به من المرشحين للقـــيام بدغدغة «جيوب المستهلكين» عن طريق اطلاق الوعود بالعمل على تحسين معدلات الرواتب والأجور في حال الوصول الى عضوية مجلس الأمة، وهي وعود تسهم إن تحققت ودون أن يدرك السواد الأعظم من المستهلكين، وربما دون أن يدرك عدد من المرشحين من أصحاب هذه المقولات، في تغذية حدة التضخم، وليس لجمه.
وعلى عاتق السلطات الاقتصادية ممثلة في وزارة التجارة والصناعة وأجهزتها وبلدية الكويت وأجهزتها مهمة رئيسية وملحة تتمثل في القيام بجهد أكبر وأوسع من خلال القراءة والمتابعة الميدانية المكثفة والمتواصلة لمتغيرات الأسعار وتكاليف الإنتاج والاستيراد والتوزيع ومعرفة التحولات المتواصلة في أنماط العرض والطلب في أسواق السلع والخدمات للتمكن من فرز المبررات الحقيقية الموجبة لارتفاع الأسعار عن تلك المبررات الواهية المصطنعة التي يحاول من خلالها بعض موردي وتجار الجملة والتجزئة وأصحاب منافذ تسويق السلع والخدمات، بل الجمعيات التــــعاونية تحـــقيق مكاسب غير مشـــروعة مستــــغلين ظاهرة التضخم النقدي الراهنة.
ولابد من أن تكون الإجراءات والعقوبات الرادعة المتخذة في هذا المجال واضحة ومعلنة، بهدف تحقيق استقرار الأسعار على المديين المتوسط والطويل.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )