قال التقرير الشهري لشركة مجمعات الأسواق ان العالم لم يواجه أزمات كالتي تفرض عليه هذه الأيام.
فمنذ عام تقريبا انفجرت قنبلتان كانتا موقوتتين هما الرهن العقاري والتضخم.
ففي الأولى تداعيات مستمرة قاربت خسائرها التريليون دولار في شطب ديون معدومة. والأتي اعظم.
وفي الثانية، أي التضخم مفاعيل لا تقل خطورة اذا عرفنا ان نحو 800 مليون نسمة حول العالم باتت تحت خطر الفقر بعدما فقدت قدرتها الشرائية امام ارتفاع اسعار السلع والخدمات على نحو جنوني.
زيادة إنفاق
ووصل معدل التضخم في الكويت الى اكثر من 11% كما في نهاية يوليو الماضي «اي وصل الى معدل هو الأعلى منذ 1982 عندما بلغ 9.5% آنذاك» وبحسب الأرقام شبه الرسمية لأسعار المستهلك فان العام 2008 شهد قفزات في كلفة معظم بنود انفاق الأسر.
وكان الارتفاع الاكبر في خدمات السكن التي تستهلك وحدها نحو 27% من ميزانية الاسرة في المتوسط العام، وأتت السلع والخدمات المنزلية اضافة الى الخدمات التعليمية والصحية في المرتبة الثانية من حيث الارتفاع، وفي المرتبة الثالثة المواد الغذائية والمشروبات والتبغ التي ارتفعت عالميا بمتوسط 15% في 2007 وصندوق النقد يتوقع ارتفاعها 18% في 2008.
وفي المراتب المتأخرة نجد ارتفاع الكساء والملبوسات الى جانب النقل والمواصلات.
ومن الاجراءات التي تحاول بها وزارة التجارة المواجهة ما يلي:
- السعي لزيادة الرقابة ومكافحة الغش والرفع المصطنع للأسعار.
- اقتراح زيادة قيم الدعم وكميات السلع المدعومة.
- تنسيق شبه متواصل مع الجمعيات لايجاد سبل تخفف من حدة الغلاء.
- رفع الخطر عن استيراد بعض الأنواع من دول معينة.
- حظر تصدير بعض الأنواع لاسيما الغذائية.
- مخاطبة الجمارك والموانئ لجمع آراء فنية مساعدة.
ثمة من يدافع عن محاولات باقر مقابل جهات تعتبر اسلوبه فرقعات اعلامية لا أكثر.
لكن الرجل يبذل جهدا ستكشف الأيام مدى جدواه، وهو ضرب رمضان موعدا لذلك، فغدا لناظره قريب، عله ينجح لا سيما على صعيد المواد الغذائية التي تستهلك 18.5% من ميزانية الأسرة في المتوسط العام.
على صعيد ما يمكن القيام به اضافة لما سبق من محاولات يمكن ذكر عدد من الحلول التي تنقسم بين قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، بين ما هو مرحلي وما هو دائم.
و يضع التقرير بين أيدي الحكومة جملة من الفكر للمناقشة علها تشكل اسهاما في الجهود الوطنية الرامية لمواجهة احدى اهم القضايا التي تواجه المواطن حاليا وتجعله في حيرة من امره أمام تآكل قدرته الشرائية.
فزيادات الرواتب وحدها لا تكفي لأنها سرعان ما تذوب في حمى الارتفاعات المتواصلة للأسعار عالميا، وزيادة الدعم لعدد من السلع لا تكفي ايضا لأنها تبقى محدودة الأثر في ميزانية الأسرة التي فيها ابواب انفاق آخرى اكبر بكثير من تلك التي تنفق على السلع الأساسية.
وفيما يلي بعض المقترحات:
ربط الرواتب بالانتاجية
اولا: على الحكومة التفكير مليا في كيفية ربط الزيادات التي طرأت على الانفاق الجاري عموما على الرواتب بشكل خاص بزيادة الانتاجية، فزيادة الطاقة الانتاجية تغطي جزءا من آثار ارتفاع التضخم عندما تقدم سلعا وخدمات بجودة عالية وسرعة لازمة
ثانيــا: ومن المقترحات تسريع خطط زيادة انتاج البترول والبتروكيماويات والغاز.
فزيادة معدلات الاستثمار العام في موازاة التوسع في الانفاق الجاري تخفف نسبيا من آثار التضخم، لان تكبير الناتج من ضرورات النمو الذي يفترض تخطيه معدل التضخم حتــى تبقــى فــي الاقتصــاد قيمــة مضافــة يعــم خيرهــا او يعاد توزيعها على نحو عادل على المواطنين.
ثالثـا: ان تعزيز الانفاق الاستثماري الخاص يرفد القطاعات غير النفطية بقيمة مضافة تعزز نمو الناتج ايضا وبالتالي يتغلب النمو الفعلي على التضخم بدلا من تآكل النمو الاسمي حاليا بقضمات ذلك التضخم، واذا كانت الحكومة تقاعست في السابق عن تعزيز دور القطاع الخاص في زيادة مساهمته في الناتج.
القطاع السكني
رابعـا: فك قبضة الدولة عن العقار بمختلف انواعه السكني والتجاري والصناعي والخدمي بطرح ملايين الامتار امام المستثمرين، اجراء كهذا يوطن الاستثمارات ويخلق فرص عمل على اساس جدوى لا تعبأ كثيرا كما هو الحال الآن بسعر الأرض الذي بات فوق قدرة المستثمر الجاد في توظيف امواله في مشاريع منتجة للسلع والخدمات، ان توزيع الأراضي على المستثمرين بحوافز يخفض كلفة الانتاج من دون ادنى شك خصوصا في التخزين والتصنيع والخدمات.
خامسا: خلق قنوات تمويل ميسر اضافية لعدد من القطاعات الانتاجية.
فاذا كان لا بد من الابقاء على معدلات الفائدة مرتفعة للحؤول دون الافراط في التوسع الائتماني، فان التمويل الميسر لقطاع مثل الصناعة على سبيل المثال لا الحصر ينتج عنه سلع ذات كلفة مقبولة لا سيما اذا توافرت الأراضي بحوافز لذلك القطاع او غيره من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
وفي جانب دعم القطاعات المحلية الخاصة ايضا هناك قطاع السياحة والترفيه على سبيل المثال الذي بامكانه لو اطلقت مشاريعه بحوافز اضافية ان يحد من تسرب الأموال الى الخارج المرتفع الكلفة ويوطن بعض الانفاق في سياحة داخلية تنعش قطاعات رديفة كثيرة.
سادسا: لا شك في ان كسر الاحتكارات من الأساليب الناجعة.
فقد اظهرت تجربة حصلت في الكويت في قطاع السيارات، ان مستوردا (غير الوكيل) لسيارات يابانية جديدة استطاع ان يبيع السيارة بسعر اقل من 10 الى 20% قياسا بالاسعار المتداولة لدى الوكيل الحصري.
في البلاد اعناق اختناق كثيرة بسبب الوكالة الحصرية حيث لا يمكن لأحد استهلاك انواع كثيرة الا من تلك التي يستوردها الوكيل ويسعرها لوحده دون منافسة من احد آخر له فيها.
ان كسر الاحتكارات مع رقابة مشددة على جودة الانواع المستوردة بحرية اسلوب مجرب حول العالم بات حريا بنا سلوك دربه بعيدا عن اي تهويل.
توظيف الأموال
سابعا: بفعل الفوائض المالية الهائلة والمتراكمة للعام العاشر على التوالي، فان ميزانية الدولة قد تستغني لسنة او سنتين عن الايرادات الجمركية اذ يمكنها اعفاء استيراد عدد كبير من السلع الأساسية من الرسوم الجمركية المفروضة، على ان يترافق ذلك فعلا بانخفاض في مبيعات التجزئة ولذلك وسائل رقابة ممكنة.
ثامنا: على صعيد الجمعيات التعاونية، باستطاعة الحكومة خفض الايجارات الشهرية المدفوعة لادارة املاك الدولة ومطالبة الجمعيات بخفض هامش الربح المضاف على قيمة السلع، مع توفير آليات لرقابة فعالية هذه الاجراءات،
تاسعا: إطلاق برنامج الخصخصة وبيع مساهمات في بعض الشركات مثل بيت التمويل الكويتي وشركة الاتصالات، وهذا من شأنه توحيد مدخرات المواطنين والأفراد وتخفيض الكتلة النقدية التي من شأنها لجم التضخم.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )