فواز كرامي
دعا وزير المالية مصطفى الشمالي القطاع الخاص العربي الى المساهمة والمشاركة الفعالة في مشروعات البنية الأساسية من اجل دفع عملية التنمية في الدول العربية والاستثمار داخل المنطقة، حيث يلعب القطاع الخاص دورا كبيرا في دعم الجهود الحكومية لتحقيق مستوى متقدما من النهوض الاقتصادي الذي يستهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مؤكدا على اهمية القمة العربية المنعقدة في الكويت يناير المقبل في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية، لاسيما الاقتصادية والاجتماعية لتفاقم معدلات الفقر والبطالة وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين العرب، وتواضع حجم التجارة البينية والاستثمارات المحلية وهجرة رؤوس الأموال الى الخارج، وضعف البنية التحتية في كثير من البلدان العربية.
واضاف الشمالي أثناء ترؤسه احدى جلسات العمل لمؤتمر التكامل الاقتصادي العربي من منظور القطاع الخاص الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة الكويت على مدى يومين وانهى أعماله أمس، ان الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة تتطلب تضافر الجهود وتسريع الخطى لنتجاوز المعوقات والمشاكل التي تواجه الاقتصاد العربي بما في ذلك القطاع الخاص، ونحن على ثقة بأن القطاع الخاص قادر على تجاوز الأوضاع الراهنة والمساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل بيئة تشريعية ومناخ استثماري مناسبين.
التكامل الاقتصادي
لافتا الى ان مستوى التكامل الاقتصادي الذي يربط دول عالمنا العربي لايزال في اطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وعلى الرغم من مساهمة المنطقة في النمو الواضح في التجارة العربية البينية الا اننا دون الطموح العربي على المستويين الرسمي والشعبي، مما يتطلب زيادة وتيرة التعاون الاقتصادي للوصول الى مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي، وهذا يستلزم بذل مزيد من الجهد من كل الدول العربية والقطاع الخاص العربي للوصول الى التكامل الاقتصادي المطلوب.
قطاع خاص
وبالنسبة للقطاع الخاص والازمة المالية، قال الشمالي ان الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص ستقف بجانب القطاع الخاص في هذه الازمة وتدعمه وتقدم له كل ما يلزم للخروج من هذه الازمة، الا انه يجب على القطاع الخاص بعد تجاوز هذه الازمة ان يتحمل مسؤولياته ودوره القيادي في التنمية الاقتصادية، اذ يجب ألا تقف الحكومات الى جانب القطاع الى ما لا نهاية.
وتحت عنوان «منطلقات اساسية للدور التنموي والاجتماعي للقطاع الخاص» انطلقت الجلسة الخامسة في مؤتمر «التكامل الاقتصادي العربي من منظور القطاع الخاص» الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة في مبنى الغرفة على مدار يومي 11 و12 الجاري، ترأس الجلسة رئيس غرفة تجارة الاردن العين حيدر مراد الذي اكد ان مؤتمر القمة الاقتصادية والاجتماعية المنتظر انعقاده في الكويت يناير المقبل سيكون له اثر كبير في تخفيف آثار الازمة المالية العالمية على الدول العربية، واعتبر ان المؤتمر الحالي الخاص بالقطاع الخاص ومتطلباته سيقدم توصيات الى مؤتمر القمة الاقتصادية التي بدورها تعكس متطلبات القطاع الخاص العربي ودوره في التنمية.
مشاريع البنى التحتية
وتحدث في الجلسة الخامسة المستشار الاقتصادي الاول في الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي عبدالحميد الزقلمي بالنيابة عن المدير العام عبداللطيف الحمد، وحاضر الزقلمي بعنوان «مشاريع البنى التحتية التكاملية للنقل والاتصالات والطاقة والمياه»، فرأى ان تنامي دور القطاع الخاص في الوطن العربي في السنوات الخمس الاخيرة جاء نتيجة للاصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الدول العربية اضافة الى تنامي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية في مختلف الدول العربية، لافتا الى ان حصة القطاع الخاص في البنى التحتية مازالت ضئيلة دون المستوى المطلوب.
استثمارات عربية
واضاف ان الاستثمارات العربية في قطاع البنى الاساسية خلال السنوات القليلة الماضية بلغت 50 مليار دولار في مجال توليد الكهرباء فقط، ومساهمة القطاع الخاص فيها قليلة جدا ولا تتجاوز عمليات الادارة والتشغيل لهذه المنشآت، ولفت الى المشاريع الضخمة في دول الخليج كمشروط الربط الكهربائي المشترك، مشيدا بمشروع محطة الصليبية في الكويت الذي سمح للقطاع الخاص بالمشاركة في عمليات التنفيذ والانشاء فيها، مطالبا في الوقت نفسه بتطوير هذه التجربة وتعميمها.
ولخص الزقلمي المعوقات التي تقف امام القطاع الخاص للدخول في مشاريع البنى الاساسية بسعر الخدمة، حيث ان معظم خدمات البنى التحتية مدعومة من قبل الحكومات العربية، مطالبا بوجود سعر عادل لكل من المستهلك والمستخدم والدولة، ونقص الشفافية التي اعتبرها من اهم المعوقات التي تحول دون دخول القطاع الخاص في البنى الاساسية اضافة الى نقص التشريعات والاطر الاجتماعية وعدم ترابط اسواق المال العربية.
ثم عدد الزقلمي اهم المشاريع في البنى التحتية التي يمكن للقطاع الخاص العربي الاستثمار فيها كمشاريع الربط بين الدول العربية وانشاء وتقديم الخدمات في المطارات.
غياب الدعم الكافي
من جهته، عرض رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا عبدالله النجار للواقع المؤلم الذي يعيشه العلماء في العالم العربي بالنظر الى الصعوبات التي تعترض طريق عملهم لناحية عدم وجود الدعم الكافي للابحاث التي يقومون بها، الامر الذي يدفع بهم الى اللجوء الى الخارج من اجل ايجاد فرص افضل ودعم اكبر لاعمالهم والتي في الغالب يجدونها في الدول الغربية التي تحتضنهم وتقدم لهم كل ما يحتاجون اليه من تسهيلات وامكانيات ووسائل تتيح لهم إعطاء افضل ما عندهم من ابحاث.
وأكد ان الاوضاع الصعبة التي تعيشها المنطقة العربية احد الاسباب التي تؤدي الى هجرة العلماء، لاسيما في العراق التي شهدت في السنوات الاخيرة هجرة عدد كبير من العلماء الى الخارج وفقدانه لـ 40% من قدراته البشرية الكفؤة.
واعتبر ان التعليم في العالم العربي لا يتحمل وحده مسؤولية التقصير والدليل هو ان الجامعات العربية خرجت العديد من العلماء ابرزهم احمد زويل وشادية حبال وغيرهم الكثير من العلماء، كاشفا ان 85% ممن يدرسون في الخارج لا يعودون الى اوطانهم.
واذ اشار الى الدعم الذي تقدمه بعض الحكومات والمؤسسات العربية لدعم العلماء والأبحاث العلمية، طالب بالمزيد من الدعم لوقف النزيف الحاصل في هجرة العلماء والخريجين.
هذا وقد ترأس الجلسة السادسة بعنوان: «الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على الاقتصادات العربية»، وزير المالية مصطفى الشمالي الذي اكد سعي الحكومات العربية بشكل عام والحكومة الكويتية على وجه الخصوص وخلال سنوات طويلة من العمل الى دعم دور القطاع الخاص في التنمية، معتبرا ان هذا المؤتمر يرمي الى ابراز اهتمام القطاع الخاص بالقمة الاقتصادية المرتقبة في الكويت.
تسليط الضوء
واشار الشمالي الى ان الهدف من القمة يتمثل في تسليط الضوء على ماذا يريد القطاع الخاص من القمة، لافتا الى ان القادة العرب اكدوا في قمتهم التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض في مارس عام 2007 اشراك القطاع الخاص العربي بصفته لاعبا اساسيا في عملية التنمية، وقال: «مما لا شك فيه ان القرارات التي خرجت بها قمة الرياض جاءت متناغمة مع رؤى صاحب السمو الامير، بعقد قمة الكويت الاقتصادية التي ستخصص للشأن الاقتصادي والعربي»، كاشفا عن اجتماع للجنة السداسية في العاصمة المصرية 20 الجاري لتقديم التوصيات والمقترحات الى القمة، مشيرا الى اخذ جميع توصيات مؤتمر القطاع الخاص بعين الاعتبار، مشددا على ضرورة خروج المؤتمر بتوصيات بناءة تساهم في تطوير العمل العربي المشترك.
واكد الشمالي ان القوة الاقتصادية التي تتمتع بها الدول الخليجية بشكل عام كفيلة بإخراج اقتصادياتها من الازمة الحالية وتقديم كل انواع الدعم والمساندة المطلوبة للقطاع الخاص ليتجاوز بدوره هذه الازمة، لاسيما مع امتلاك الدول سيولة كبيرة، مشددا على ضرورة تحمل القطاع الخاص مسؤولياته والقيام بجميع واجباته التنموية والاجتماعية بعد تجاوز الازمة الحالية.
توصيات واضحة
وطالب الشمالي بالخروج من المؤتمر بتوصيات وقرارات واضحة لتقديمها الى القمة ويتم تحديد الآليات الواجب اتباعها لتنفيذها والخروج بقمة اقتصادية عربية ناجحة.
مشيرا الى ان اي جهد عربي مشترك تتضاءل جدواه وفاعليته ما لم ينعكس ايجابا على رفاهية المواطن العربي ومستوى معيشته، لذا لابد ان تنصب كل جهودنا على البرامج والانشطة التي تعني بالمواطن العربي، اذ ان المأمول من قمة الكويت، صدور قرارات تتضمن طموحات قريبة للواقع العربي، وقادرة على معالجة التحديات التي استوجبت عقد هذه القمة.
دور الغرف التجارية
ومن جهة اخرى اشاد الشمالي بالدور الذي تلعبه غرفة التجارة والصناعة والزراعة العربية وغرفة تجارة وصناعة الكويت في مشاركتها للاعداد للقمة التي ستنعقد يومي 19 و20 يناير المقبل، مشددا على دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي المكلف باختيار المشروعات المتميزة واعداد معايير الاختيار.
واضاف الوزير الشمالي: «من هنا نولي اهمية خاصة بادخال القطاع الخاص العربي الذي له دور كبير وننتظر منه ان يلعب دورا اكبر في عملية التنمية الاجتماعية»، ومن ثم عدد التحديات التي من اجلها ستنعقد القمة الاقتصادية معتبرا ان ابرزها يتجسد في ارتفاع معدلات الفقر، وهجرة رؤوس الاموال العربية وانخفاض مستوى السيولة.
مقترحات تنموية
وفي السياق نفسه امل الوزير الشمالي ان تخرج القمة بمقترحات تخدم التنمية الاجتماعية في العالم العربي وتساعد الحكومة العربية على النهوض بالمواطن العربي، مؤكدا ان اي قمة لن تتطرق مقرراتها الى مصلحة المواطن فلن يكون لها اي اهمية، مؤكدا في الوقت عينه تفاؤله بالقمة المقبلة لانها تخصص للشأن الاقتصادي والتنموي الذي اعطى دورا كبيرا ورئيسيا للقطاع الخاص العربي ممثلا في الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية في الاعداد والتحضير للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
واوضح الشمالي ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية والمكلف بالاعداد والتحضير للقمة قد وضع عدة معايير لاختيار المشروعات التي ستعرض على القمة، ومن اهم هذه المعايير ان يكون للقطاع الخاص دور رئيسي في اختيار المشروعات وتمويلها وتنفيذها بما يعكس بشكل مباشر رؤية القادة العرب لدور القطاع الخاص العربي واهميته، مضيفا انه ومن هذا المنطلق فاننا ندعو القطاع الخاص العربي الى المساهمة والمشاركة الفعالة في مشروعات البنية الاساسية من اجل دفع عجلة التنمية في الدول العربية والاستثمار داخل المنطقة حيث يلعب القطاع الخاص دورا كبيرا في دعم الجهود الحكومية لتحقيق مستوى متقدم من النهوض الاقتصادي الذي يستهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
سيطرة الدولار
وتحدث د.محمد الهذلول واشار الى ان سيطرة الدولار اعطت الولايات المتحدة قوة الهيمنة الاقتصادية ما ادى الى تراكم كبير من الاحتياطيات من الدولار ولاتزال مستمرة حتى اليوم، مرجعا اسباب الازمة المالية الى النهج الاقتصادي المتبع وعلى الحكومة بجزئيها التنفيذي والتشريعي.
وتطرق مدير المركز الاقليمي للمساعدة الفنية للشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي د.سعادة الشامي الى اسباب الازمة والسياسات الواجب اتخاذها والتداعيات على المنطقة العربية.
وحصر الاسباب في السياسات المكارو اقتصادية ونقاط الضعف في التنظيم والرقابة وتدني اسعار الفائدة وزيادة الطلب على القروض وارتفاع الاصول وعدم قدرة المؤسسات المالية على الالتزام، مشيرا الى نظام الحوافز الذي سمح لمدراء المصارف بتحقيق اعلى ربح على المدى القصير دون الاخذ في الحسبان التداعيات على المدى الطويل.
وتناول الخطوات الواجب اتباعها لمعالجة الازمة ومنها اعادة الثقة بالنظام المالي ووضع سياسات شاملة ومنسقة بين الدول واعادة رسملة البنوك والتعامل مع الاصول السامة بشكل جدي ودعم الاصول وتعزيز النمو والحد من مخاطر الائتمان.
واعتبر ان تداعيات الازمة محدودة على المنطقة العربية لاسيما الخليجية بفعل عدم انفتاحها على الاسواق المالية العالمية بشكل كبير، مشيرا الى ان التأثير سيكون غير مباشر وسيتمثل في فقدان الثقة وتباطؤ النمو.
واوضح ان تداعيات الازمة على سوق الاسهم يكمن في خسارة اكثر من 50% من قيمتها اي بما يقدر بـ 250 الى 300 مليون دولار، اضافة الى تكبد بعض الصناديق السيادية بعض الخسائر وهذا ما سينعكس انكماشا في الاقتصاد وسيؤثر على قيمة التحويلات والاستثمارات.
وختم بالاشارة الى ان الدول الخليجية كانت من افضل الدول في الخطوات التي قامت باتخاذها لمواجهة الازمة وخصوصا الكويت لناحية ضمان الودائع والحسابات.
ووصف د.نبيل حشاد الازمة بأنها الأسوأ منذ عام 1929 ومن النوع الذي يؤثر على القطاع الحقيقي، كاشفا عن ان مستويات الانخفاض الذي شهدته البورصات العربية بفعل الازمة اكبر من مثيله في وول ستريت وغيرها.
ازمة ثقة
واعتبر ان النقطة الرئيسية في الأزمة هي ازمة ثقة ولاستعادتها يجب اتخاذ خطوات واضحة من قبل الحكومات وقد قامت الحكومة الكويتية بإجراء سليم لضمان الودائع.
ومن ناحيته، اكد رئيس اتحاد المصارف الكويت عبدالمجيد الشطي ان الكويت ستخرج من الازمة بفضل فريق الانقاذ وسياسات البنك المركزي وتعاون القطاعين العام والخاص، اضافة الى ما لدى الكويت من موارد مالية اخرى ستخلق فرصا استثمارية جيدة على المستوى الاقليمي وهذه الفرص مرجح لها ان تموت اذا لــم تتوافــر لها البيئة المناسبة من اجراءات للبنوك المركزية وتوفير البيئة الاستثمارية.
ودعا الى الاستفادة من الأزمة بوضع القوانين الخاصة بمعالجة الازمات العالمية، لاسيما ان هذه الأزمات كانت تنطلق من الدول الناشئة بعكس ما هو حاصل اليوم مع الأزمة الحالية، التي انطلقت من دول متقدمة، مؤكدا على دور الاجراءات والقوانين التي تراعيها المصارف الكويتية والبنك المركزي في ابعاد الأزمة الحالية ان كان من خلال نسبة الائتمــان على القروض التي رفعــت مؤخــرا الــى 85% مقارنــة بـ 112% في الدول الأوروبية او من خلال المعيار الدولي من كفاية رأس المال الذي يصل في الكويت الى 12% مقارنة بـ 8% في الدول المتقدمة، مشيرا الى ان تكاتف الجهود الحكومية والسياسات المالية التي اصدرها البنــك المركــزي وتعــاون القطاع الخاص ابعد التداعيات المباشرة للأزمة المالية عن الكويت.
واوضح الشطي ان الأزمة المالية العالمية فتحت الباب واسعا امام تعميق الاستثمارات العربية البينية من خلال خلق فرص استثمارية جاذبة في الدول العربية تحتاج فقط الى تشريعات وقرارات في الدول العربية لاستيعابها وتقديم التسهيلات اللازمة لها مشيرا الى ان المؤتمر الحالي ومؤتمر القمة في يناير المقبل يعتبر فرصة جيدة في هذا الشأن لاسيما ان الاجراءات الادارية والبيروقراطية تعوق مثل هذه الاستثمارات.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )