عندما تتحدث شخصية اقتصادية عالمية مثل البروفيسور كلاوس شواب مطالبة بتغيير النظام المالي العالمي ومعلنة ان الرأسمالية بشكلها الحالي «لم تعد مقبولة «وان ما يحدث الآن هو نتيجة نقص النظم والقوانين العالمية فان مثل هذا الكلام يجب الا يمر مرور الكرام.
فالكلام يأتى من شخصية اقتصادية عالمية معروفة لان شواب يعتبر مؤسسا ورئيسا للمنتدى الاقتصادي العالمي الشهير بمنتدى دافوس الذي كان له على مدى سنوات طويلة تأثير قوي في النظام المالي والاقتصادي العالمي.
وقال شواب امس على هامش زيارته الى الكويت بدعوة خاصة من بنك الكويت الوطني لـ «كونا» تميزت اجابات شواب بالمختصرة المفيدة واحيانا بالسهلة الممتنعة فالعبارة وان كانت مختصرة الا ان دلالتها كبيرة جدا.
فمن ناحية وصف شواب الأزمة العالمية الحالية بأنها «ليست ازمة عابرة ولكنها ازمة تحولات بمعنى ان ما سينتج عنها من شانه ان يغير خارطة وشكل العالم وان تاثير هذه الازمة سيكون كبيرا على المجتمع والاقتصاد العالميين.
واوضح ان التحديات التي تواجه عالم اليوم اصبحت معقدة أكثر وان هناك حاجة الى المزيد من التعاون الدولي والى نظام عالمي واحد واضح مؤكدا ان ثمة ضرورة لتغيير النظام الاقتصادي والمالي الحالي.
واضاف «علينا اولا تغيير النظام ثم بعد ذلك نتفرغ لوضع القواعد والأسس ونرتب هذا النظام من الداخل».
وحول توصيفه للازمة الحالية التي تعصف باقتصادات العالم قال شواب انها ببساطة ترجع الى النقص في النظم والقوانين العالمية ما ادى الى حدوث الكثير من الاختراقات التي سببت انهيار او تراجع العديد من البنوك والمؤسسات المالية.
وشبه شواب النظام المالي العالمي بطريق سريع (هاي وي) تقل فيه اللوائح والقواعد والعلامات الإرشادية والجميع يجري مسرعا على هذا الطريق وفجاة يقع حادث (الأزمة المالية) ويصاب فيه الكثيرون.
واضاف انه في البداية عليك ان تعالج الجرحى وتزيل مخلفات الحادث ثم تنتقل بعد ذلك الى المرحلة الثانية وهي وضع اسس وقواعد جديدة لهذا الطريق السريع مستفيدا من هذا الحادث وآثاره السلبية.
واوضح شواب انه من هذا المنطلق علينا ان نفرق بين علاج الأزمة التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي حاليا وبين وضع الأسس والسياسات والقواعد التي يجب ان يكون عليها عالم الغد والذي سيكون «مختلفا بعد الأزمة».
وفي هذا الاطار اشار الى الاختلاف بين اجتماع العشرين الكبار الذي سيعقد الاسبوع المقبل في واشنطن والذي سيبحث في علاج الازمة وبين منتدى دافوس 2009 الذي سيحاول ان يضع اسسا لعالم الغد وكيف يجب ان يكون افضل بعد الازمة.
دبي ستعرض على اجتماعات العشرين الكبار والاجتماع السنوي لدافوس المقرر عقده في يناير المقبل.
من ناحية أخرى، تطرق شواب الى اجتماعات دافوس المقبلة التي يعتبرها البعض بمنزلة بريتون وودز الثانية لأنها يمكن ان تضع الأسس لنظام اقتصادي عالمي جديد للقرن 21 كما فعلت اتفاقية بريتون وودز التي وضعت أسس النظام العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية مضيفا ان ذلك ادى الى اختيار شعار المنتدى للعام الحالي وهو (تشكيل عالم ما بعد الأزمة).
ومن المتوقع ان تناقش الاجتماعات عددا من المحاور وفي مقدمتها استقرار النظام المالي والتأكيد على أهمية الحوكمة العالمية والإقليمية والمحلية على المدى الطويل وتحديد تحديات التنمية المستدامة وتشكيل القيم وأسس القيادة في مرحلة ما بعد الأزمة والتركيز على الموجة القادمة من النمو عبر مبادرات العلم والتكنولوجيا.
وأكد شواب ان الاجتماعات ستركز على مجموعة من القضايا أبرزها وضع الرأسمالية الحالي الذي لم يعد مقبولا، وعلى ضرورة ان «نرى علاقة جيدة بين الحكومة والقطاع الخاص وعلاقة جيدة بين البنوك وقطاع الأعمال المتخصص».
من جهة اخرى تطرق شواب الى تأثير الأزمة على دول الخليج قائلا «لقد تأثر الجميع بهذه الأزمة لكنى اعتقد ان دول الخليج اقل تضررا بسبب مواردها وعوائدها النفطية».
وأشار الى علاقة الكويت بمنتدى دافوس موضحا انها تعود الى عام 1976 حيث كانت المشاركة الأولى للكويت في اعمال المنتدى ومنذ ذلك اليوم والعلاقة تنمو بقوة وتطور مستمر.
يذكر ان شواب يزور الكويت لمدة يومين بدعوة من بنك الكويت الوطني الذي يعد شريكا استراتيجيا للمنتدى الاقتصادي العالمي كما يرأس الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الوطني ابراهيم دبدوب مجلس الأعمال العربي التابع للمنتدى.
ويعتبر شواب المولود في سويسرا عام 1938 والذي عمل أستاذا في جامعة جنيڤ لمدة أكثر من 30 عاما مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي عام 1971 الذي يعتبر أهم ملتقى عالمي للساسة والاقتصاديين.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )