زكي عثمان
يبدو في الأفق ان منظمة أوپيك ستكون على موعد جديد في اجتماعها المقبل والذي سيعقد مع بداية الشهر المقبل لاتخاذ قرارا بخفض الإنتاج للمرة الثانية في اقل من شهرين سعيا منها لوقف نزيف تراجع اسعار النفط الذي هوى بشكل متسارع خلال الفترة الماضية من 120 دولارا وصولا الى 45 دولارا وسعيا منها لسد الفجوة بين العرض والطلب الناتجة من تباطؤ الطلب العالمي وحتى لا تسمح بتكدس المخزون لدى الدول المستهلكة ما سيتسبب في استمرار انخفاض الأسعار الآن وفي المستقبل القريب.
والمتابع للوضع سيجد ان بدأ التاريخ الفعلي لتنفيذ قرار أوپيك منذ بداية نوفمبر الجاري بتخفيض إنتاجها 1.5 مليون برميل يوميا شهد تفاؤلا بمعاودة ارتفاع الأسعار إلى ما فوق حاجز الـ 70 دولارا للبرميل وهو السعر العادل الذي تراه معظم الدول المنتجة غير ان المفاجاة كانت في استمرار المنحنى المتراجع للاسعار وصولا الى سعر 45 دولارا لبرميل سلة المنظمة ما يدل على إن أعضاء المنظمة لم يلتزموا بحصصهم المقررة لهم بعد التخفيض وإلا ما السبب وراء تراجع الأسعار العالمية؟!
نفطيون اكدوا لـ «الانباء»: إن رسالة المنظمة لم تكن قوية بالقدر الذي يغير من نظرة المتعاملين في أسواق النفط على إنها جادة في الالتزام بحصصها ولم يعد سلوك أعضائهـا التاريخي مقبولا بتجاوز الحصص المقررة لهم في ظل تلك الأزمات العالمية.
وأكدوا ان انخفاض أسعار النفط بنسب اكبر من النسب التي ارتفعت بها قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية يدل على ضعف تطبيق نظام توزيع الحصص بين أعضائها المختلفين في أهدافهم السياسية والاقتصادية رغم إن هناك مصلحة اقتصادية مشتركة تتبناها المنظمة من اجل تعظيم العائد على استثماراتها في صناعة النفط.
وتعقيبا على ذلك اكد المساعد التنفيذي للعضو المنتدب لمشاريع مؤسسة البترول الكويتية ومسؤول العلاقات الحكومية البرلمانية والإعلام بالمؤسسة الشيخ طلال الخالد أن الارتفاع الكبير لأسعار النفط خلال الأشهر الماضية كان لعوامل نفسية في أسواق النفط العالمية مما تسبب في حالة من الهلع لأسواق النفط العالمية وتسابقها إلى تخزين كميات كبيرة من النفط بقدر ما تستطيع وهو ما انعكس على ارتفاع أسعار النفط بشكل قياسي، مبينا أن التوقعات في ذلك الوقت كانت تشير لاحتمالات أن تقفز الأسعار لتلامس حاجز الـ 200 دولار.
وأضاف الخالد بان التراجع الحاد لأسعار النفط بشكل عام والنفط الكويتي بشكل خاص نتيجة طبيعية لقفزة أسعار النفط السابقة والتي بلغت حاجز الـ140 دولارا خلال أشهر الصيف والتي عادة ما تشهد تراجعا في الأسعار في حين تكون قفزة الأسعار في فصل الشتاء، ولكن ما يحدث الآن هو عكس المتوقع، خصوصا ان الأسواق مقبلة على أشهر الشتاء التي يتزايد فيها الطلب، معتبرا أن السعر العادل لبرميل النفط هو 80 دولارا.
من جانبه، قال رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة نفط الخليج بدر الخشتي بأن تراجع أسعار النفط العالمية هو مصدر قلق لمنظمة أوپيك وأيضا لجميع الدول المنتجة للنفط وليست الكويت فحسب، مبينا أن مسألة العرض والطلب ليست السبب المباشر وراء ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط العالمية ومنها سعر برميل النفط الكويتي.
وأشار إلى أن القلق العالمي بسبب المشكلة المالية وإفلاس بعض البنوك والشركات العالمية السبب المباشر وراء تراجع أسعار النفط العالمية، مبينا أن الأوضاع العالمية قد انعكست على تراجع أسعار النفط على الرغم من اقتراب فصل الشتاء الذي يشهد في الغالب ارتفاعا لأسعار النفط.
بدوره قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة البترول الوطنية اسعد السعد أن موجة تراجع أسعار النفط العالمية نتيجة طبيعية لقفزة الأسعار القياسية على مدار الأشهر السابقة من 2008، مبينا أن هذا الارتفاع لم يسير بشكل متواز مع عملية العرض والطلب العالمي للنفط وهو ما انعكس الآن على أسعار النفط لتتراجع بشدة متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية.
وأضاف السعد أن المشاريع الصناعية بشكل عام والمشاريع النفطية بوجه خاص هي المستفيد الأول من تراجع أسعار النفط، حيث ستتراجع أسعار المواد الخام التي قفزت بشكل جنوني خلال الأشهر السابقة وهو الأمر الذي ظهر جليا على ارتفاع تكاليف تنفيذ المشاريع الجديدة ومنها مشروع المصفاة الجديدة التي تعتزم الشركة تنفيذه قريبا وعقب موافقة مجلس الأمة، مبينا أن تكلفة هذا المشروع قد قفزت بشكل خيالي من 2 مليار دينار إلى 5 مليارات دينار بسبب ارتفاع تكلفة تنفيذ المشاريع الناتجة في النهاية إلى ارتفاع أسعار النفط.
من جانبه، بين الرئيس التنفيذي لشركة ايكاروس للصناعات النفطية سهيل بوقريص أن الصعود القياسي لأسعار النفط خلال المرحلة الماضية لم يكن صحيا لمصلحة أسواق النفط العالمية ولا للدول المنتجة للنفط، مشيرا إلى أن السعر المناسب للنفط يتراوح بين 70 و90 دولارا للبرميل.
وقال ان الأزمة المالية العالمية قد ساهمت بشكل مباشر في تراجع أسعار النفط العالمية بعد أن تأكدت أسواق الطاقة أن الدول المنتجة توافر كميات كبيرة من النفط وبالتالي فليست هناك فجوة بين العرض والطلب كما كان يدعي البعض من قبل، مؤكدا أن الأزمة المالية أعادت أسعار النفط إلى وضعها الطبيعي وان ظلت سرعة تراجع الأسعار اكبر مما هو متوقع.
وأجمع النفطيون في ختام التحقيق على ان منظمة أوپيك مطالبــة باتخـاذ قــرار سريــع بخفــض انتاجهــا لوقــف التراجــع الحــاد فــي الأسعــار، فضــلا عــن الالتــزام التام بحصص الإنتاج سواء الحالية او المستقبلية عقب اتخاذ قرار الخفض.
فلقد توقعت وكالة الطاقة الدولية ان الطلب العالمي على النفط سينمو بمقدار 340 ألف برميل يوميا في 2009 بانخفاض طفيف عما توقعته سابقا بـ 10 آلاف برميل يوميا ما يدعم قرار أوپيك بتخفيض الإنتاج من اجل المحافظة على استقرار الأسعار عند أفضل سعر ممكن للمنتجين والمستهلكين.
وبشكل عام فإن سياسة خفض أوپيك للإنتاج تهدف إلى تجفيف مخازن النفط العالمية حتــى يكــون التوازن بين العرض والطلب ممكنــة ما يحــد مـن عامــل المخاطــرة في المستقبل ولكــن استمــرار الطلــب العالمــي في تناقصه يعني ان الفائض في العرض سيستمر وعلى أوپيك أن تخفض إنتاجها حتى تستفيد من أي زيادة في الأسعار وان تحد من تناقصه حتى يبدأ الاقتصاد الأميركي والصيني في الانتعاش مرة ثانية وتحقق اكبر عوائد ممكنة على استثماراتها النفطية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )