هشام أبوشادي
على الرغم من ان سوق الكويت للأوراق المالية يعتبر من أقدم الأسواق المالية في الدول العربية خاصة الدول الخليجية، إلا ان هذه الدول سبقت الكويت في تأسيس هيئة سوق مال، بل ان بعض الدول الخليجية قامت بتخصيص بورصاتها خاصة دولة الإمارات، وبعد سنوات طويلة من تأسيس السوق الكويتي، نشر امس الاول قانون هيئة سوق المال في وسائل الإعلام والذي أحيل الى مجلس الأمة بصفة الاستعجال في أجواء اقتصادية ومالية صعبة تواجهها مختلف الشركات المدرجة في السوق جراء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، والتي كشفت مدى الخلل في العديد من الشركات جراء وجود قصور في الكثير من القوانين، اهمها التشريعات التي تنظم تأسيس وادراج الشركات والرقابة عليها.
وقد جاء قانون هيئة سوق المال ليعالج الكثير من المشاكل التي واجهت البورصة في السنوات الماضية، وأدت الى تكوين مجموعة الـ 76، فضلا عن القضايا الكثيرة التي رفعت ضد ادارة البورصة ولجنة السوق خاصة القضايا التي رفعت بسبب قرارات لجنة السوق حول الإفصاح عن الملكيات والتي هزت الكويت منذ عامين.
العديد من الأوساط الاستثمارية والقيادات في الشركات رحبت بما جاء في القانون وركزت ترحيبها على ما يتعلق بالعقوبات والجزاءات التأديبية.
وقد نظم القانون بشكل واضح آليات التقاضي والجزاءات، فقد حرص القانون على ان يشكل مجلس القضاء الأعلى محكمة مختصة من 3 قضاة من المحكمة الكلية، وشأن هذه المحكمة النظر في المنازعات والجزاءات واللوائح والانظمة الخاصة بسوق الكويت للاوراق المالية، وكذلك تشكيل محكمة من ثلاثة مستشارين من محكمة الاستئناف، ومن اهم مميزاتها ان احكامها نافذة ولا يجوز الطعن فيها، ومن شأن ذلك سرعة اصدار الاحكام في القضايا المتعلقة بكل ما له علاقة بالشركات المدرجة وهيئة سوق المال.
ومن شدة حرص القانون على خلق بيئة استثمارية ومناخ صحي وعدم اتاحة الفرصة لاي تلاعبات، ضم الفصل الخاص بالعقوبات والجزاءات التأديبية نحو 36 مادة من مواد القانون، ورغم ان هناك مواد تصل فيها العقوبة الى السجن لمدة خمسة اعوام او الغرامة المالية التي تصل الى 100 ألف دينار، الا ان مدة السجن قد تحظى بنقاش مستفيض داخل مجلس الامة خلال مناقشة القانون، فوفقا لاراء الاقتصاديين، فان هناك ارتياحا للعقوبات الموجودة في القانون الا ان المادة رقم 114 ستحد من التصريحات الصحافية للمسؤولين في الشركات المدرجة، وكذلك تؤثر على عمل الصحافة، حيث تنص هذه المادة على ان يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تتجاوز 50 ألف دينار او باحدى العقوبتين،، كل شخص لديه مصلحة غير معلنة شجع او اوصى بشكل علني على شراء او بيع ورقة مالية معينة.
ورغم كثرة المواد التي تنص على عقوبات جزائية في القانون الا ان هناك ضعفا ملحوظا في حماية صغار المساهمين من جانب ادارات الشركات التي قد يتسبب سوء ادارتها في إلحاق اضرار جسيمة بالمساهمين والمتعاملين خاصة في جانب تعويضهم عن خسائرهم او في العقوبات التي تتخذ ضد ادارات هذه الشركات ولكن القانون حرص على تجريم وفرض عقوبات بالحبس او الغرامة المالية التي تتعلق بتسريب المعلومات والتي كانت سببا اساسيا في تحقيق استفادة كبيرة لبعض المتعاملين وخاصة اقارب المسؤولين في الشركات وفي المقابل الحاق اضرار بقطاع كبير من صغار المتعاملين الذين ينساقون وراء الشائعات.
كما ان القانون لم يتناول بشكل مستفيض آليات التعامل مع الشركات التي قد تتعرض للافلاس ومصير المساهمين فيها، لذلك فانه لابد ان يحظى القانون باخذ اراء القانونيين لدى مناقشته في مجلس الامة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )