- السياسة المالية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية.. والإنفاق الرأسمالي على مشاريع التنمية أبرز وأسرع الحلول
أظهرت المؤشرات العامة للاقتصاد الوطني خلال المرحلة الماضية أن الوضع الاقتصادي في البلاد يحتاج الى تدخل جراحي سريع بعد أن توقفت العديد من محاولات انتشال الاقتصاد من عثرته وتحديدا في السنوات العشر الأخيرة وبالأخص منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة مع نهايات 2008.
ورغم اقتراب العام الخامس من انطلاق شرارة تلك الأزمة من نهايتها إلا أن الكويت مازالت تقع تحت تأثير تلك الأزمة دون سند حقيقي والذي تتجلى أهم صوره في تعثر القطاع المصرفي الذي تجاوز بشكل كبير للغاية تداعيات تلك الأزمة وبسلام مع خسائر محدودة جراء تأخر تحصيل مجموعة من ديون بعض العملاء جراء عدم قدرتهم على تعديل أوضاعهم المادية وتجاوز مشاكل عملهم خلال تلك السنوات. وحسب اقتصاديين لـ «الأنباء» فإن الكويت مازالت تعاني من 4 اختلالات رئيسية تتمثل في:
1- اختلال الموازنة العامة للدولة وبالأخص الإنفاق الرأسمالي.
2- اختلال تدني نسبة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
3- اختلال كبير في بيئة الأعمال حيث أصبح مناخ الاستثمار المحلي طاردا للاستثمارات المحلية قبل ان يكون جاذبا للاستثمارات الأجنبية.
4- اختلال سوق العمل الوطني من حيث توظيف الكم الكبير من العمالة الوطنية في القطاع العام.
السياسة المالية
ويبقى التساؤل عند الاقتصاديين قائما: كيف ستتجاوز الكويت هذا الموقف خلال السنوات القليلة المقبلة؟ وللإجابة عن هذا التساؤل فإن هناك إجماعا على أن الكويت تحتاج إلى منظومة جديدة ومتكاملة من السياسات والحلول والمعالجات لانتشال الاقتصاد من الوضع الحالي والتي ستجعله في مصاف اقتصادات الدول الواعدة لاسيما ان البلاد تمتلك جميع الإمكانيات لتلك المشاكل كما يحتاج الأمر إلى رؤية صحيحة وبرامج وقوانين سريعة لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى جهاز تنفيذي قوي وقادر على ذلك.
على صعيد متصل، يؤكد مجموعة من الخبراء أن جزءا كبيرا من الحلول المطلوبة لعلاج تلك الاختلالات يقع على عاتق السياسة المالية للدولة كونها المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي وفي مقدمتها زيادة حجم الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الكبرى والتنموية الجديدة وفي مختلف قطاعاتها، مع العمل بسرعة نحو إيجاد موارد ماليه بديلة للنفط، وهو الأمر الذي يحظى بإجماع جميع أطياف المجتمع المالي بالكويت فضلا عن ضرورة وجود تصور سليم لعملية الإصلاح الاقتصادي الشامل بدءا من الحلول والمعالجات السليمة بموجب رؤية واضحة سعيا لإجراء تغيير جوهري في الثقافة السائدة العامة لبيئة الأعمال المحلية بالتزامن مع تفعيل خطط وجهود الدولة في تحويل المجتمع من سلوكيات الاستهلاك إلى سلوكيات الادخار والاستثمار.
تضخم معدلات السيولة
لا شك أن اكبر اختلال هيكلي يتمثل في انخفاض حجم الإنفاق الرأسمالي في الموازنة العامة للدولة بالتزامن مع عدم إشراك القطاع الخاص في لعب دور محوري في ذلك على الرغم من ارتفاع معدلات السيولة وتضخمها لدى البنوك المحلية الناتج عن عدم وجود قنوات جديدة لاستثمار تلك الأموال وبالتالي التوقف شبه التام للدورة الاقتصادية التي اعتمدت خلال السنوات الثلاث الماضية على قنوات اقل أهمية بل عديمة الجدوى للاقتصاد الوطني. وهنا تقول مصادر مصرفية لـ«الأنباء» ان البنوك مستعدة تمام الاستعداد للمساهمة في مشاريع التنمية عن طريق تقدم التمويل اللازم للشركات الراغبة في ذلك شريطة أن تكون هناك جدية في طريق تلك المشاريع وبالسرعة المطلوبة لتحريك وتيرة الاقتصاد الوطني سعيا لتنشيط الدورة الاقتصادية من جديد بعد توقف كبير خلال السنوات الماضية. وتضيف المصادر قائلة: «سنوات طويلة لم تتحرك الأمور بالشكل الصحيح والمنتظر بسبب الأزمة المالية ولكن الأمور تحتاج الآن إلى تدخل سريع لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي فمشاريع التنمية ستكون طوق النجاة للعديد من المشاكل الاقتصادية المتأصلة في المجتمع حيث باتت تخمة السيولة والأصول السائلة تشكل عبئا على ميزانيات البنوك بسبب صعوبة البيئة التشغيلية، والتحديات التي يواجهها القطاع الخاص، وضعف الإنفاق الرأسمالي».
الجدير بالذكر ان البنك المركزي قد رفض منذ فترة مقترحا تقدمت به البنوك عبر اتحاد المصارف بهدف استحداث بعض المنتجات لامتصاص فوائض السيولة المتوافرة لديها، وسعيا للحصول على مساحة أفضل لإدارة تلك السيولة بوضع أحسن.
10 حلول سريعة
لا شك أن بيئة الأعمال في الكويت تترقب وتنتظر الخطوات والقرارات الإصلاحية التي ستصدر عن معقل السياسة المالية في الكويت وهي وزارة المالية والتي ينحصر بعضها في:
1- عدم الحاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات نظرا لتراكم كم كبير منها في أدراج وزارات الدولة المختلفة.
2- مراعاة أهمية عنصر الوقت من حيث الإسراع في تنفيذ المعالجات المطلوبة.
3- ضرورة وأهمية معالجة الوضع الاقتصادي المتردي الراهن.
4- أن تكون الحلول الموضوعة ذات طابع شمولي تتصدى للعديد من المشاكل على أن يستفيد منه معظم القطاعات الاقتصادية.
5- الإسراع في إطلاق عجلة المشاريع الرئيسية الكبرى دون المزيد من التأخير لاسيما ان هناك سلسلة من تلك المشاريع الموجودة بالفعل لدى الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات.
6- تسهيل وتبسيط الدورة المستندية وهو مطلب شعبي منذ سنوات طويلة سعيا لتحسين بيئة الأعمال وتسريع وتيرتها.
7- إعطاء الأولوية للمنتج الوطني في المشاريع الجديدة وعدم المغالاة في وضع مواصفات المواد المطلوبة لتلك المشاريع.
8- معالجة موضوع ندرة الأراضي والذي تعاني منه العديد من الشركات والمصانع الوطنية.
9- العمل على إفساح المجال بشكل اكبر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في القيام بدور اكبر خلال المرحلة المقبلة.
10- من المفيد، بل من الضروري، أن تحتوي الحلول المقترحة على محفزات تشجع على إطلاق المبادرات لدى وحدات القطاع الخاص المختلفة.