شهد لبنان نشاطا اقتصاديا قويا في الأشهر العشرة الأولى من 2008، وتطور مؤشرات القطاع الاقتصادي الحقيقي خلال هذه الفترة يدعم التوقعات الجديدة لمصرف لبنان وصندوق النقد الدولي، والتي تقدر أن يصل معدل النمو الحقيقي في العام 2008 إلى 6%.
وعليه حقق الاقتصاد اللبناني، الذي عانى من وهن في السنوات الثلاث الماضية أفضل أداء له منذ العام 2004 مدعوما بالتحسن النسبي للأوضاع السياسية والأمنية عقب اتفاق الدوحة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والتي شكلت عناصر أمل بانتهاء المرحلة التي تسببت في شل الاقتصاد اللبناني في الفترة الماضية.
ففي الأشهر العشرة الأولى من العام 2008 سجلت كل مؤشرات القطاع الاقتصادي الحقيقي نموا ملحوظا ولو بوتائر متفاوتة ومعدلات مختلفة.
وفي هذا الإطار يذكر معدل نمو 6% السنة الحالية، أما في العام 2009 فيقدر بنحو 5%.
وبلوغ فائض ميزان المدفوعات مستوى مهما، اذ شارف حتى اكتوبر 2.5 مليار دولار، ويتوقع ألا يتأثر كثيرا بالأزمة المالية العالمية.
وامتلاك مصرف لبنان سيولة قياسية بالعملات الأجنبية تبلغ اليوم 19 مليار دولار، وإذا ما أضيف الى هذا الرقم احتياطي مصرف لبنان من الذهب وممتلكاته وحيازاته في الشركات تصل ميزانيته الى 27 مليار دولار تقريبا، أي تناهز الناتج المحلي الاجمالي المتوقع في نهاية 2008، وقد نتج هذا النمو غير المسبوق عن تدخل كثيف في سوق القطع حيث اشترى مصرف لبنان كميات كبيرة من النقد الأجنبي في سياق طلب محلي قوي على الليرة، ومن جراء ذلك، باتت الموجودات الخارجية للمصرف المركزي تقارب 70% من الكتلة النقدية بالليرة، فيما تتجاوز هذه النسبة 100% لدى احتساب احتياط الذهب، ما يؤكد مناعة العملة الوطنية في ظل سياسة تثبيت سعر الصرف، وفي موازاة ذلك سجلت الرساميل الوافدة من 2008 ما قيمته 11مليارا و411 مليون دولار حتى نهاية الفصل الثالث مقابل 7.062 مليارات دولار للفترة ذاتها من 2007، أي بزيادة كبيرة قدرها 4.30 مليارات دولار ونسبتها 61.6%، وهذا التدفق للرساميل فاق التعويض عن العجز التجاري وأدى الى تحقيق فائض في ميزان المدفوعات، كما تؤكد نظرية النقد الكمية كذلك انتعاش الاقتصاد اللبناني منذ بداية العام 2008، فنمو الكتلة النقدية ونمو سرعة تداول النقد تجاوز التضخم السنوي الذي سيبلغ 14% في نهاية العام، ما فسر النمو القوي للنشاط الاقتصادي الفعلي، علما بأن معدل التضخم هذا الذي نجم عن عوامل خارجية أكثر منها داخلية هو في أعلى مستوى له منذ 15 سنة، لكن يتوقع ان تخف الضغوط التضخمية بسبب انخفاض أسعار النفط والخدمات الأخرى والسلع الأساسية في الأسواق العالمية.
ان هذه الأوضاع المصحوبة بتراجع معدلات الفائدة على الدولار، أوجدت طلبا متواصلا على شراء الليرة اللبنانية، ما أدى بدوره الى تراجع نسبة دولرة ودائع القطاع المصرفي من 79% في أغسطس 2007 الى 73% راهنا، كذلك ارتفاع الصادرات الصناعية بنسبة 30.8% حتى أغسطس الفائت، حيث بلغت خلاله 257 مليون دولار، وتجاوزت الملياري دولار في الأشهر الثمانية الأولى من 2008، ويتوقع أن تصل الى 3 مليارات دولار في نهايته، كما زادت قيمة الآلات الصناعية المستوردة بنسبة 20.3% ما يعبر عن انتعاش الاستثمارات الصناعية في لبنان إثر تحسن الوضع السياسي، كما ان القطاع الخارجي سجل تحسنا منذ بداية السنة، غير ان تجارة السلع مازالت تلقي بثقلها على أداء هذا القطاع، بحيث تواصل ازدياد العجز التجاري الذي بلغ خلال الأشهر التسعة الأولى من 2008 ما مقداره 9.2 مليارات دولار مقابل عجز قيمته 6.4 مليارات دولار في الفترة عينها من 2007، أي بزيادة في قيمة العجز مقدارها 2.7 مليار دولار، ونسبتها 41.9%، وتواصلت فورة القطاع العقاري، مع تعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد اللبناني بوجه عام وفي القطاع العقاري بوجه خاص.
وظهر ذلك من خلال:
-
ازدياد الطلب العقاري المحلي ومن قبل اللبنانيين المقيمين في الخارج، وحتى من قبل المستثمرين، الأمر الذي زاد معاملات البيع العقارية والقيمة الاجمالية للصفقات العقارية وارتفاع الأسعار على السواء.
وحسب الاحصاءات الأولية، فإن شدة الطلب العقاري في لبنان أدت الى ارتفاع أسعار العقارات بما يقارب 30% سجل نصفها خلال أشهر الصيف، أي بعد الاتفاق السياسي.
-
عودة المستثمرين الخليجيين العرب الى القطاع العقاري والى احياء مشاريعهم التي جمدت في وسط بيروت التجاري.
-
عدم انخفاض أسعار العقارات كتأثير مباشر للأزمة المالية والعقارية العالمية، لأن التسليف على القطاع العقاري محدد بما لا يتجاوز سقف الــ 60%
فمن أقدم على مشروع عقاري قادر على اكماله أو ينتظر الى حين تصبح الأجواء مناسبة للبيع.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )