قال تقرير المركز المالي الكويتي (المركز) أسواق دول مجلس التعاون الخليجي شهدت موجة صعود وهبوط في العام الماضي، واتسم النصف الأول من العام الماضي بازدهار الأسواق العقارية وارتفاع أسعار النفط والتي صعدت من القلق حيال التضخم المرتفع، ومع ذلك كان النصف الثاني على النقيض من الأول، إذ انخفضت أسعار النفط بمعدل 70% من أعلى مستوى وصلت إليه إذ بلغ سعر برميل النفط في يوليو الماضي 147 دولارا.
وأوضح التقرير ان أسعار العقار تعرضت للانهيار مع استفحال شر الأزمة الائتمانية التي التهمت الأسواق المالية، وبالتالي تحول مزاج المستثمرين إلى الناحية السلبية وفشلت جهود حكومات دول التعاون في تحفيز الاقتصاد وتعزيز ثقة المستثمر.
وبين التقرير ان الأسواق الإماراتية كانت من ضمن أكثر الأسواق تأثرا بالأزمة الائتمانية في 2008، إذ انخفض مؤشر سوق دبي المالي بمعدل 72.4% خلال العام الماضي، وخسر مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية 47.5%، أما مؤشر السوق المالي السعودي (تداول) فانخفض بنسبة 56.5%، وانخفض أيضا مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 10.6%.
ماذا يحمل العام الحالي؟
وضع تقرير «المركز» سبعة عوامل ستؤثر بشكل مباشر على أداء السوق في 2009، والعوامل السبعة هي: المؤشرات الاقتصادية، جاذبية التقييم، نمو الأرباح، ومزاج المستثمرين، والتطورات الجيوسياسية، وسيولة السوق، والتطورات التشريعية.
وأخذ التقرير في الحسبان خمسة عوامل للتحقق من الجاذبية الاقتصادية وهي نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، والتضخم، والموازنة المالية كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي، وميزان الحساب الجاري كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي، ونمو العرض النقدي حسب المقياس الثالث، إلى هذا تبدو النظرة المستقبلية للناحية الاقتصادية في منطقة دول التعاون كئيبة.
وعلى الأساس العام من المتوقع أن تسجل دول التعاون معدل نمو في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي 3.6%، وهو معدل أقل بدرجة كبيرة عند مقارنته بالمستويات التاريخية، وأقل أيضا بالنسبة للأسواق الناشئة، لكن قطر البلد الوحيد الذي تبدو النظرة المستقبلية فيه إيجابية بالنسبة للجاذبية الاقتصادية.
وبالنسبة لعمليات التقييم، إذا أخذنا بعين الاعتبار السعر إلى الربح، والسعر إلى القيمة الدفترية، وربحية السهم، فإن جميع دول التعاون تستقطب تصنيفات إيجابية، ويعود هذا الأمر بشكل رئيسي إلى حقيقة أن هناك انكماشا حادا في مضاعفات الربحية لعام 2008 بسبب هبوط أسواق دول التعاون بمعدل 56% تقريبا، وبالنسبة لمعدلات السوق الحالية، فإن جميع أسواق دول المنطقة تتداول عند عمليات تقييم أقل من 10%.
وأشار التقرير الى ان السيناريو يبدو كئيبا من حيث نمو الأرباح، ومن المتوقع أن يؤثر هبوط أسعار السلع وتقييد الأسواق الائتمانية على نمو الأرباح سلبيا في المستقبل، كذلك من المتوقع أن يبلغ نمو أرباح دول التعاون -8% لعام 2008، و0% بالنسبة لهذا العام، وباستثناء قطر وعمان فإن بقية أسواق دول التعاون الأخرى تصنف سلبيا من حيث نمو الأرباح.
وبين التقرير انه من ناحية السيناريو الجيوسياسي، تتميز دول التعاون بوجود مخاطر جيوسياسية مرتفعة بسبب أجواء التقلب التي تعيشها دول الجوار، على الصعيد ذاته، كانت وحدة «إيكونوميست انتلجنس» قد صنفت دول التعاون جميعها ما بين bbb وb، الأمر الذي يشير إلى أن التصنيفات سريعة التأثر بالتغيرات تبعا للأحداث الشاملة، من ناحيتها تعد الإمارات العربية المتحدة البلد الوحيد الذي يمتلك درجة a لتصنيف المخاطر السياسية، في حين تحظى قطر وعمان بتصنيف مشابه فيما يخص الهيكلة الاقتصادية.
أما دول التعاون جميعها فتحظى بتصنيف إيجابي فيما يخص الناحية الجيو سياسية.
من جهة أخرى وبالنسبة لسيولة السوق تحظى السعودية بتصنيف حيادي في حين تتميز بقية أسواق التعاون بتصنيف إيجابي، وكانت السعودية قد شهدت انخفاضا ثابتا في مستويات السيولة (القيمة المتداولة) في العامين الماضيين، إذ بلغ الانخفاض -58% في 2007، و-23% في 2008.
إلا أن قطر وعمان والبحرين استطاعت الصمود في وجه هذه الظروف العاتية من خلال تسجيل نمو في القيمة المتداولة، لكنها ساهمت بدرجة أقل بإجمالي القيمة المتداولة في أسواق دول التعاون.
وذكر التقرير انه وللتحقق من نتائج التطورات التنظيمية أو التشريعية يأخذ التقرير بعين الاعتبار ثلاثة عوامل هي: وجود هيئة سوق رأسمال، واستثمار مؤسساتي، واستثمار أجنبي.
ومن الناحية التنظيمية، تصنف قطر بدرجة سلبية بسبب غياب هيئة سوق رأسمال، وضعف الاستثمار المؤسساتي والاستثمار الأجنبي، لكن تظهر النتائج الإجمالية التي تأخذ بالحسبان العوامل السبعة نظرة إيجابية بالنسبة لقطر وعمان، ونظرة حيادية للمملكة العربية السعودية، والكويت والإمارات، وسلبية للبحرين.
التوجهات الاستثمارية
واشار التقرير الى انه وبعد التحقق من الاتجاه المستقبلي للأسواق الفردية في 2009، يسلط التقرير الضوء على خمسة توجهات استثمارية لعام 2009 هي: اللعب على التقلب، المواضيع القطاعية، اصطياد القيمة، حماية رأس المال، وفرص الاندماج، ويظهر اللعب على التقلب وجود علاقة معكوسة بين التقلب والعوائد.
ويمكن ملاحظة أنه منذ بداية عام 2006 وصل مؤشر المركز للتقلب للسوق السعودي إلى القاع، في حين كان مؤشر السوق السعودي قد وصل للقمة.
وبعد فترة سريعة من ارتفاع مؤشر المركز للتقلب بشكل دراماتيكي، كان هناك انخفاض متوقع لمؤشر «تداول».
ومن حيث التوجه القطاعي، يرى التقرير أن قائمة القطاعات غير المفضلة تفوق تلك المفضلة.
وتصدر قطاع الاتصالات قائمة القطاعات المفضلة.
وتبعا للهبوط الكبير في عمليات التقييم في 2008، تم بيع الأسهم ذات النوعية بأسعار مناسبة، وإذا وضعنا القطاع المالي والعقاري جانبا بسبب الأداء السلبي، يمكن القول أن القطاعات الأخرى قدمت الكثير من الفرص ذات القيمة، ومن بين 461 شركة، وجد تحليل «المركز» أن 21 شركة فقط منها تتميز بقيمة، وتوزعت هذه الشركات بين قطاعات مختلفة في أنحاء المنطقة.
وبالنسبة لجانب حماية رأس المال، يرى التقرير أن العملاء قد يفضلون تخفيض جانب المخاطر في 2009.
وبالتالي، يمكن للاستراتيجيات حماية رأس المال أو على الأقل قد يكون تقليل الخسائر اتجاها تفضيليا فيما يخص الاستثمار في 2009.
من جهة أخرى، يميل تقرير «المركز» إلى استخدام تقنية «cppi» لإعادة تحديد حدود الخسائر، ووضع توزيع الأصول بين الأسهم والأموال النقدية بهدف تقليل المخاطر بشكل كبير، أما الفكرة النهائية لفرص الاندماج فترتكز على السيناريو المتوقع لعمليات الاستحواذ والاندماج.
ويرى التقرير أن استراتيجيات المحافظ التي يمكن أن تحدد أهداف الاندماج أو الاستحواذ الممكنة في القطاعات التي شهدت انخفاضا حادا بإمكانها أن تقوم بدور جيد في هذه البيئة.
أسئلة وإجابات رئيسية
بعيدا عن المواضيع الاستثمارية وتوفير نظرة عامة مستقبلية، يقدم التقرير أيضا أجوبة لأسئلة رئيسية تدور في عقول المستثمرين مع دخول عام 2009، ومن بين الأسئلة الرئيسية التي نوقشت في التقرير ما يلي: اسعار النفط واتجاهها، إمكانية تعرض دول التعاون لركود، تأثر طموحات دبي وقطر والبحرين بأن تصبح مراكز مالية عالمية، إمكانية فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار، عجز الشركات واتجاهها المستقبلي.
ولاحظ التقرير من خلال استطلاع لمجموعة من الخبراء أجراه المركز المالي الكويتي أن سعر برميل النفط سيصل إلى 65 دولارا، ويعتقد التقرير أن النشاط الاقتصادي في دول التعاون سيتعرض للضعف دون شك، إلا أن الاقتصاديات ستستمر بالتوسع ولن تتعرض للركود.
الجدير بالذكر ان تقرير «المركز» يستخدم مؤشر «بيت دوت كوم» لثقة المستهلكين لتحديد ثقة المستثمرين.
ومؤشر ثقة المستهلكين عبارة عن بحث يستند ويظهر مدى صحة الاقتصاد في البلد.
ويتعقب هذا المؤشر ثقة المستهلكين منذ عام 2007، ويظهر اتجاها منخفضا حتى العام 2008.
ويتوقع التقرير أن يستمر هذا الاتجاه ليأخذ بعين الاعتبار فقدان الوظائف حاليا وزيادة خسائر الشركات، ومن بين الدول التي يتعقبها المؤشر الإمارات التي أظهرت أكبر انخفاض في مؤشر الثقة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )