محمود فاروق
لا شك في ان التراجع المستمر لسوق الكويت للاوراق المالية خلال جلسات التداول الاخيرة قد انعكس بشكل مباشر على انخفاض اسعار العديد من الاسهم المدرجة الى ما دون قيمتها الاسمية، هذا الى جانب تقلص عدد الاسهم الدينارية بشكل لافت للنظر بما لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة.
اقتصاديون اكدوا لـ «الأنباء» ان تلك المستويات المتدنية تأتي في سياق التراجع الذي سيطر على الاسواق الخليجية والعربية لفقدان ثقة المتعاملين والمستثمرين بالاسواق وخاصة بورصة الكويت التي تشهد نزوحا للمتداولين وخروجهم من البورصة واتجاههم الى استثمار آخر بعيد عن المضاربة بعد الخسائر الفادحة التي ألحقت بهم ومازالت تلاحقهم يوما بعد يوم.
واعتبروا ان اختراق مستوى الدينار بالنسبة للأسهم يعود الى ضيق هامش سعرها السوقي الذي يعد قريبا من مستوى الدينار.
ويلاحظ ان اغلب الشركات التي تراجعت الى ما دون قيمتها الاسمية لديها انشطة تشغيلية وتمتلك سجلا ماليا يظهر قدرتها على الاستمرارية.
واكد الخبراء ان الازمة الحقيقية لم تبدأ فعليا فهناك شركات تواجه مأزقا في توفير السيولة اللازمة على الرغم من وجود اصول جيدة لديها وارجع البعض منهم ازمة اسعار الاسهم الحالية الى انعدام ثقة المستثمرين في الاستثمار بالبورصة وليست مؤشرا على الضعف المالي للشركات.
واستطرد الخبراء قائلين ان المرحلة الحالية التي تشهدها البورصة تمثل خللا بين أسعار الأسهم السوقية والفعلية، وان تلك المرحلة ستستمر لفترة طويلة ولن تنتهي الا باستيعاب المستثمرين لطبيعة الموقف الحالي للبورصة، وتشخيص وضعها لمعرفة كيفية علاجها واسترجاع الثقة على الرغم من جاذبية أسعار الأسهم الحالية، خاصة ان مؤشرات السوق الحالية لا تدل على الوضع الحقيقي للبورصة. وسلط الاقتصاديون الضوء على ضرورة الأخذ في الاعتبار وجود خصوصية لدى كل سهم نظرا لتفاوت حجم ووضع الأصول وحجم القروض والمديونية لكل شركة. وعلى ضوء ذلك رصدت «الأنباء» ظاهرة الانخفاض الحاد للأسهم واقترابها من «الصفر» والانعكاسات السلبية على الاقتصاد الوطني جراء ذلك، والتفاصيل في التحقيق التالي:
أسهم صفرية
بداية قال رئيس مجلس ادارة شركة المعادن القابضة مهدي الجزاف ان الشركات بمختلف قطاعاتها اقتربت من الافلاس جراء وضعها المالي السيئ، إضافة الى اقتراب سعر اسهمها من «الصفر»، مما قد تواجه معه العديد من الشركات مأزقا لا سبيل للخروج منه سوى الاعلان عن افلاسها لعدم توفيرها السيولة اللازمة لاستكمال مسيرة أنشطتها ومشروعاتها التشغيلية، فالتراجع الكبير في أسعار الأسهم يطرح سؤالا فيما يتعلق بقدرتها على الاستمرارية وضمان مستقبلها المالي، نظرا لأنها اصبحت غير مؤهلة لمواصلة عملها واجراء مضاربات على أسهمها.
وأبدى الجزاف تخوفه من انعكاس الأحـداث اليومية السلبية على الاقتصاد الوطني، مطالبا بضـرورة التـدخل في أقرب وقت لانقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار بعدما فقد المستثمرون الأجانب الثقة بالسوق المحلي.
انعدام الثقة
من جانبه، اعتبر رئيس مجلس ادارة مجموعة الصفوة القابضة وليد العصفور ان التراجع في اسعار بعض الأسهم الى ما دون قيمتها الاسمية مرده انعدام ثقة المستثمرين في الاستثمار بالبورصة، بالإضافة الى انه مؤشر على هشاشة المراكز المالية لبعض الشركات على مختلف القطاعات.
وقال العصفور ان البورصة تواجه اعصارا قويا لم تره منذ أكثر من 10 سنوات نتيجة عدم معالجة الأزمة وتشخيصها بصورة جيدة وسرعة علاجها قبل ان تتفاقم وتزيد تكلفتها كما هو الوضع الحالي. واعتبر العصفور ان غياب الدور الرقابي يقف وراء تلك الأزمة التي اجتاحت جميع المؤسسات المالية في الكويت.
خلل فعلي
وعلى صعيد متصل، ذكر العضو المنتدب لشركة إيفا للطيران فؤاد دشتي ان المرحلة الحالية التي تشهدها اسهم الشركات المدرجة بمنزلة خلل فعلي بين اسعار الاسهم السوقية والفعلية، ولن تنتهي تلك المرحلة قبل تطبيق القوانين والتشريعات وتفعيل الدور الرقابي على سوق الكويت للأوراق المالية حتى ترجع الثقة للمتعاملين ويبتعد الخوف من تعاملهم بالبورصة. وأكد دشتي ضرورة مراقبة وضع الشركات وسيولتها وقدرتها على الاستمرار ومواصلة أدائها قبل شراء اسهمها مع الأخذ في الاعتبار تباين واختلاف الوضع المالي للشركات سواء كانت قيادية او غير ذلك.
تساؤلات مطروحة
وعلى الرغم مـن الجاذبية للشراء نظرا لأسعار الاسهم المتدنية، الا ان وضع اغلب الشركات اصبح غير مستقر، نظرا لمعاناتها من نقص السيولة ومشـاكل عدة في مـيزانياتها المالية، بالاضافة الى غيـاب عامل الثــقة لدى المستثمرين والافراد، فالأمر يحتاج الى تكاتف جميع المؤسسات المالية الحكومية، بالاضافة الى القطاع الخاص لمعالجة الأزمة الاقتصادية بالبلاد ثم النظر الى أزمة كل قطاع على حدة حسب الأولويات، ويعتبر قطاع البورصة من اهم القطاعات التي تحتــاج الى معالجة سريعة وفاعلة كونه الواجهة المالية للاقتصاد الوطني، بالاضافة الى الشركات الاستثمارية التي تعتبر ركيزة اساسية للاقتصاد بشكل عام.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )