اشار تقرير حديث لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) حول الرؤية المستقبلية لاقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي الى ان متوسط أسعار النفط سيظل في حدود الـ 60 دولارا للبرميل خلال العام 2009 مقارنة بمتوسط في حدود 94 دولارا للبرميل خلال العام 2008.
ورصد التقرير بعض التوقعات للعام الحالي وقد جاءت كما يلي:
عقب فترة الازدهار التي شهدتها أسعار النفط في منتصف العام 2008 مسجلة ارتفاعا قياسيا بأكثر من 140 دولارا للبرميل، تراجعت الأسعار بصورة حادة في نهاية العام لتصل إلى مستوى أقل من 35 دولارا للبرميل.
بدأ الركود الاقتصادي الحاد في اقتصاديات الدول المتقدمة في نشر آثاره على الاقتصاديات الآسيوية، والتي كانت تعد سابقا من الاقتصاديات التي تعد ضد الركود.
ونتيجة لهذا، فمن المتوقع أن ينخفض الطلب العالمي على النفط خلال العام 2009.
مثل هذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط والذي اقترن بخفض الإنتاج من جانب منظمة الأوپيك سيكون له أثر ملحوظ على النمو الاقتصادي خلال العام 2009.
حيث تم فرض تخفيضات تراكمية من جانب الأوپيك في العام 2008 بلغت 4.2 ملايين برميل يوميا. وفى نفس الوقت، ليس مستبعدا أن يكون هناك المزيد من التخفيضات إذا ما انخفضت أسعار النفط إلى مستويات أقل خلال العام 2009.
نتيجة لذلك، من المرجح أن تشهد فوائض إيرادات النفط، والاستثمارات الرأسمالية، والحسابات الجارية في منطقة مجلس التعاون الخليجي تراجعا حادا خلال العام 2009، وهو ما سيكون له تأثير كبير على النمو الاقتصادي الحقيقي لهذه الدول.
سيكون العام 2009 هو عام الانكماش حيث سيتزايد حجم اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي من 822.2 مليار دولار في العام 2007 إلى نحو 1.04 تريليون دولار في العام 2008 ومن المحتمل أن ينخفض هذا الحجم إلى نحو 923.6 مليار دولار في العام 2009.
ومن المقدر أن تنمو اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي، بالمنظور الاسمي، من نحو 11.3% في العام 2007 إلى 26.4% في العام 2008 كما يقدر للنمو الحقيقي أن يصل إلى نحو 5.2% في العام 2008 في الوقت الذي يرجح أن ينخفض فيه معدل النمو إلى نحو 2.4% خلال العام 2009.
نتوقع أنه من بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، ستكون السعودية الأكثر تأثرا، من المنظور الحقيقي، في العام 2009 حيث يتوقع أن تنخفض معدلات النمو فيها إلى 1.4%.
في الوقت الذي ستكون فيه قطر أقل الدول تأثرا، بالمقارنة بنظائرها في مجلس التعاون الخليجي، حيث يتوقع أن ينخفض معدل النمو الحقيقي من 10.4% في العام 2008 إلى 9.4% خلال العام 2009.
بالنسبة لدولة الإمارات فمن المتوقع أن يصل معدل النمو الحقيقي فيها إلى 5.5% في العام 2008 كما يتوقع أن ينخفض معدل النمو إلى 2% خلال العام 2009.
أما فيما يتعلق بنمو الناتج المحلى الاجمالى الحقيقي للكويت وعمان والبحرين فهو في طريقه لتحقيق معدلات تصل إلى 5 و6.4 و6% على التوالي في العام 2008 في الوقت الذي يتوقع أن تتباطأ فيه معدلات النمو الحقيقية لهذه الدول إلى 2.5 و3.5 و3% على التوالي.
ستؤدى العوامل الداخلية التي تتضمن أزمة الائتمان، انخفاض نمو الإنفاق العام، انخفاض النمو في أسعار الإيجارات إلى انخفاض معدلات التضخم في العام 2009.
بالإضافة إلى ذلك، سينخفض التضخم المستورد بصورة جذرية نتيجة لانخفاض أسعار السلع، والانكماش المتوقع في الدول المتقدمة.
وبشكل عام من المحتمل أن تؤدي هذه العوامل إلى خفض معدلات التضخم.
نتوقع أن تبلغ معدلات التضخم في دول منطقة مجلس التعاون الخليجي متوسط 11.1% خلال العام 2008.
وتشير تقديراتنا عن العام 2008 إلى أن قطر قد شهدت أعلى معدل تضخم بلغ 16.5%، في الوقت الذي شهدت فيه البحرين أقل معدل مسجلة 5.30%.
وعلى الرغم من ذلك، كشفت توقعاتنا عن انخفاض كبير في معدلات التضخم لكافة دول مجلس التعاون الخليجي.
تجدر الإشارة إلى أن التوقعات لمشروعات القطاع الخاص خلال العام 2009 تبدو غير واضحة، ويمكن أن ترتفع معدلات البطالة في قطاع التشييد نتيجة لخفض معدل العمالة، كما يمكن لأسعار العقارات أن تنخفض نتيجة لانخفاض الطلب، كما سيشهد القطاع انخفاض السيولة نتيجة لانسحاب المستثمرين وبالتالي سيؤدي هذا إلى خفض وتيرة نشاط المشروعات.
ويبدو أن العام 2009 سيكون عام التأخيرات والمشروعات المؤجلة، وهو ما سيكون في الأغلب لمشروعات القطاع الخاص نتيجة لنقص التمويل.
وعلى الرغم من أن أسواق المشروعات في منطقة مجلس التعاون الخليجي ستتلقى صدمة خفيفة، على المدى القصير، نتيجة للتأخيرات، إلا أن الأمور من المفترض أن تكون مشرقة في الأجل الطويل نتيجة لاعتماد منطقة مجلس التعاون الخليجي على العوامل القوية للاقتصاد الكلي والتي ستعالج اي مشاكل تواجه المشروعات.
علاوة على ذلك، سيستمر تنفيذ المشروعات التي تساندها الحكومة خلال العام 2009 أيضا.
على المدى القصير، نتوقع أن نشهد زيادة في نشاط m&a (الاندماج والاستحواذ) في المنطقة.
ومن المتوقع أن تكون قطاعات العقار والخدمات المصرفية والمالية هي القطاعات الرئيسية المستهدفة.
حيث يتوقع أن يحدث دمج للشركات من بين الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم للوقوف أمام الأزمة الحالية والاستفادة من تضافر الجهود النابع من اقتصاديات الحجم.
فى العام 2009، سيتم دعم أنشطة m&a (الاندماج والاستحواذ) عن طريق المبادرات الحكومية لدول مجلس التعاون الخليجي لإشاعة الاستقرار في سوق العقارات والأسهم ومجهوداتهم لدعم أوضاع السوق.
علاوة على ذلك، ستشجع التقييمات المنخفضة نسبيا صناديق الثروة السيادية على الاستحواذ على حصص في الشركات المحلية والعالمية على حد السواء.
وبالمثل، فإن التقييمات المنخفضة، والضغط للمحافظة على قاعدة تكلفة تنافسية يشجعان الشركات على توسيع أعمالها عن طريق عمليات الاندماج الرأسية والأفقية.
من ناحية أخرى، ستشكل كل من أزمة الائتمان ونقص السيولة عائقا رئيسيا يواجه سوق أنشطة m&a (الاندماج والاستحواذ).
كذلك يمكن أن يسبب اضطراب السوق العالمي وحالة عدم اليقين السائدة، تراجع الأطراف المشاركة في أنشطة الاندماج والاستحواذ لحين استعادة أوضاع السوق أداءها الإيجابي.
لا يتوقع لنمو الأرباح في العام 2009 أن يظهر أداء متميزا، حيث من المتوقع أن تتراوح بين 6 و7% على أساس سنوي لدول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى عكس العام 2008، لن تعاني الأرباح في العام 2009 من خسائر استثمارية كبيرة من جانب الشركات (البنوك، البنوك الاستثمارية على وجه الخصوص والشركات التي تدير المحافظ بصفة عامة)، وبالرغم من ذلك سيتراجع إجمالي الإيرادات وكذلك معدل نمو اجمالي الإيرادات.
يبدو أن النصف الأول من العام 2009 يبدو مبكرا للغاية لكي تتمكن أسواق مجلس التعاون الخليجي من أن تتعافى من الاضطرابات التي شهدتها خلال الربع الأخير من العام 2008 والتي استمرت حتى العام الحالي.
لذلك يمكن التوقع بسهولة أن الربع الأول سيمر دون أي تحرك تصاعدي ملموس في المؤشر.
كما يتوقع أن يظل المستثمرون حذرين هذه الفترة حتى يتم الإعلان عن نتائج الربع الأول من العام 2009 ثم ينبغي أن يشهد سوق الأسهم مرحلة تجميع والتي من الممكن أن تستمر حتى نهاية النصف الأول من العام 2009.
ونحن نعتقد أن الأوضاع في السوق ستكون مهيأة لأي صعود يمكن أن يحدث خلال النصف الثاني من العام 2009 بينما إذا حدث أي تحرك إيجابي خلال النصف الأول من العام 2009 سيكون بمنزلة مفاجأة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )