قال تقرير بنك الكويت الوطني انه لم يعد سرا ان الاقتصادين الكويتي والعالمي قد شهدا تباطؤا في عام 2008 ويواجهان بيئة أصعب في العام الحالي، وان المسؤولين الكويتيين يبحثون التصدي لهذه المستجدات الاقتصادية، فبنك الكويت المركزي وفريق الإنقاذ والحكومة ومجلس الأمة اتخذوا أو على وشك اتخاذ إجراءات للمعالجة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأوضح «الوطني» انه في ظل هذا المنحى، مازلنا نتوقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بالأسعار الثابتة) بواقع 4% في 2009 (الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية سينكمش بواقع 32%).
ونرى أن الضعف الذي يصيب الاقتصاد حاليا والمستمر لن يكون ناجما عن تراجع القطاع النفطي وحده (نتيجة تراجع الأسعار والإنتاج)، والذي شكل 57% من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2007، بل في الواقع، قد يشهد القطاع غير النفطي كذلك انكماشا بنحو 2% ما لم تتحرك السلطات سريعا في أوائل العام لدعمه.
وأضاف أن شعور يعم عند المستهلكين وقطاع الأعمال على حد سواء بأن الاقتصاد في حالة تباطؤ، ورغم قدم بعض البيانات الاقتصادية نسبيا (أحدث بيانات كالناتج المحلي الإجمالي أو الدخل أو المبيعات تعود إلى 2007)، هناك ما يكفي من الدلائل التي تشير إلى أن التباطؤ الاقتصادي بدأ في وقت سابق من 2008، وتفاقم في الربع الأخير من العام.
وبين «الوطني» انه حتى قبل انهيار أسعار النفط، وبلوغ أسعار الأسهم أعلى مستوياتها في يوليو الماضي ومن ثم انخفاضها بشكل حاد، كان القطاع العقاري على الأرجح أول القطاعات التي بدأت في مسيرة التراجع في بداية 2008، وربما قبل ذلك، إذ كانت بيانات أسعار المستهلك تظهر ارتفاع أسعار الإيجارات على نحو مبالغ فيه، بعد أن بلغ أعلى مستوياته في بداية 2008 عند 16%، عاد نمو أسعار الإيجارات وتباطأ إلى 10% على أساس سنوي بحسب بيانات شهر سبتمبر الماضي.
وأشار «الوطني» الى انه فيما يتعلق بمعدل التضخم، فبيانات شهر سبتمبر تظهر تباطؤا في معدل نمو أسعار المستهلك، ونتوقع أن يبلغ معدل التضخم نحو 8% على أساس سنوي في بيانات شهر ديسمبر، قبل أن يتراجع إلى نحو 5% خلال 2009.
وما يدعم هذا التوقع هو الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار السلع في أواخر 2008.
وذكر «الوطني» أن مبيعات القطاع العقاري قد شهدت تراجعا في 2007، قبل أن تتأثر سلبا بقانوني 8 و9 اللذين ساهما بشكل كبير على الأرجح في التباطؤ الحاد الذي شهده نمو مبيعات العقار السكني في 2008، لكن وبغض النظر عن هذين القانونين، كانت مبيعات العقار التجاري تشهد تباطؤا أيضا خلال 2008، حتى سجلت نموا سالبا على أساس سنوي في منتصف العام، استمر خلال الفترة المتبقية منه.
وعزا «الوطني» ذلك إلى الشكوك التي أثيرت بأن السوق يشهد حالة بناء مبالغ فيها، بالإضافة إلى انتشار الشعور السلبي حول القطاع العقاري سريعا حول العالم، والجدير ذكره أن القطاع العقاري ساهم بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للكويت في 2007.
وقال «الوطني» انه بالنظر إلى إيرادات الضريبة كما وردت في ميزانية وزارة المالية، فقد أظهرت تسارعا في نموها في يوليو 2008، يليه تباطؤ حاد جاء متزامنا إلى حد كبير مع بلوغ أسعار الأسهم أعلى مستوياتها في الشهر نفسه.
لكن على الرغم من أن القاعدة الضريبية في الكويت تعتبر من دون شك صغيرة مقارنة مع حجم الاقتصاد الإجمالي، إلا أن إيرادات الضريبة يفترض أن تقتفي أثر الدورة الاقتصادية إلى حد كبير (نرجح أن القانون الجديد للضريبة على أرباح الشركات لم تظهر آثاره بشكل ملحوظ على بيانات العام 2008، بل نرجح ظهورها على بيانات 2009).
وبين «الوطني» أن دراسة المؤشرات الأوسع نطاقا والمرتبطة مباشرة بمختلف أوجه الاقتصاد، تستوجب النظر إلى النقد والائتمان، فعرض النقد m1، الأكثر ارتباطا بحجم التحويلات داخل الاقتصاد، قد شهد تباطؤا في معدلات نموه خلال 2008.
وقد نجم هذا التباطؤ في النصف الأول من العام عن السياسة النقدية التشددية التي اتبعها البنك المركزي، حيت كان يعمل على مواجهة انعكاسات النمو الاقتصادي المتسارع ومعدل التضخم المرتفع.
واشار «الوطني» الى أنه بحلول النصف الثاني من العام، تبدلت الأولويات مع تغير البيئة الاقتصادية، واتخذ البنك المركزي إجراءات عديدة لتخفيف القيود النقدية مثل خفض أسعار الفائدة وتوفير السيولة عند الحاجة وغيرها، لكن رغم ذلك استمر عرض النقد m1 في التباطؤ، ليعكس التباطؤ الحاصل في النشاط الاقتصادي عموما، وتظهر البيانات أن المسار نفسه استمر في الربع الرابع من 2008، وبالنظر إلى المسار الذي سلكه الائتمان، نرى أن جميع مكوناته أظهرت تباطؤا بموازاة المنحى العام، باستثناء القروض لقطاع التجارة والتي تشكل 10% من الإجمالي.
وأكد «الوطني» غياب البيانات المتعلقة بمبيعات التجزئة أو الإنفاق الاستهلاكي، واشار الى ان القروض الاستهلاكية (باستثناء القروض الممنوحة لشراء أوراق مالية) قد تشكل دلالة على مسار الإنفاق الاستهلاكي، ويلاحظ أن تلك القروض توافق بدورها المنحى العام: أي التباطؤ التدريجي الذي استمر في الربع الرابع (قد تكون الإجراءات المتشددة على القروض الاستهلاكية التي اتخذها البنك المركزي في مارس الماضي لعبت دورا في تباطؤ نموها، لكن القروض الممنوحة في الربع الرابع تظهر ضعفا أكبر).
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )