أحمد يوسف
سلط اتحاد الصناعيين الضوء على تداعيات الازمة المالية على مجمل الصناعة الوطنية وبحث طبيعة وحجم الآثار السلبية التي ترتبت على هذه التداعيات خلال ندوة اقامها اول من امس تحت عنوان «تداعيات الازمة المالية على الصناعة الوطنية.. والحلول الممكنة».
وتطرقت الندوة الى طرح عدد من الحلول الممكنة والمتاحة لتجاوز الازمة بأقل الاضرار ليكون القطاع الصناعي قادرا على مواجهة تداعيات الازمة وان تستعيد عافيتها مجددا للانطلاق الى قدرات اكبر وقدرات تشغيلية واعدة تعطي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، فضلا عن تشغيل اكبر قدر ممكن من العمالة الوطنية.
وتناولت الندوة عدة محاور كان منها بيان طبيعة وحجم الآثار السلبية التي لحقت بالقطاع الصناعي وتحديد الاسباب التي ساهمت في تضرر قطاع الصناعة من الازمة المالية العالمية وايضا نظرة الى مستقبل الصناعة في ضوء الازمة واخيرا طرح عدد من الحلول الممكنة والمتاحة لتجاوز الازمة بأقل الاضرار وبأسرع وقت ممكن.
واتسمت الندوة بحضور كثيف من المهتمين بالقطاع الصناعي، الامر الذي احدث زخما في النقاشات الهادفة الى الخروج من اطار الازمة بأقل التكاليف الممكنة وكذلك في اقل مدة زمنية.
وفيما يلي التفاصيل:
بداية استعرض رئيس مجلس الإدارة اتحاد الصناعات الكويتية حسين الخرافي تأثر جميع القطاعات الاقتصادية في شتى أرجاء العالم بالأزمة المالية لافتا الى انه بدأت كإعصار شديد ومدمر ضرب الولايات المتحدة الأميركية ثم ما لبث أن انتشر في بقية القارات ليصبح أزمة عالمية طالت بأثرها جميع الشرائح الاقتصادية وحتى الاجتماعية، ونجم عنها تعثر أو إغلاق مؤسسات مالية ضخمة وشركات صناعية عريقة، وفقدان لرؤوس الأموال والوظائف.
وقال ان الكويت لم تكن بمنأى عن هذا الإعصار، فالدمار الذي خلفه عظيم والأثر الذي سيتركه وراءه شديد وذو مدى غير قصير، فالقطاع الصناعي كانت له خصوصية في طبيعة الأضرار التي لحقته والنتائج التي ستترتب عليها تلك الأضرار، ومن الأهمية أن تشمل الحلول المطروحة لإنقاذ جميع القطاعات الاقتصادية إيجاد السبل الكفيلة بالتقليل من آثار الأزمة على القطاع الصناعي.
وأكد ان رأي الاتحاد بشأن الحلول يتلخص في عدة نقاط اهمها: إلغاء مراسيم وقرارات صادرة، الغاء استمرار الإعفاء من الضريبة الجمركية على السلع المستوردة والتي يوجد مماثلا لها من المنتجات المصنعة محليا حيث لم يعد مطلوبا وينبغي إعادة فرض هذه الضريبة تجنبا لتعريض المنتجات الوطنية للمنافسة غير العادلة وحالات إغراق الأسواق المحلية بالمنتجات المستوردة، وكذلك رفع الحظر عن التصدير الذي فرضته الجهات الحكومية المختصة على عدد من المنتجات المصنعة محليا وبالأخص إلى جمهورية العراق.
وبين ان تأثير التصدير في نمو الاقتصاد المحلي يظهر في العديد من المميزات والتي منها:
أولا: زيادة نسبة المبيعات والأرباح للشركات الصناعية الكويتية.
ثانيا: تحفيز الشركات الوطنية المنتجة على تطوير وزيادة حجم إنتاجها.
ثالثا: الاستفادة من زيادة الإنتاج بشكل يخفض تكاليف الإنتاج (الاستفادة من ميزة اقتصاد الحجم).
رابعا: تخفيف الاعتماد على الأسواق المحلية الحالية وفتح أسواق جديدة أمام المصدرين.
خامسا: استقرار تقلبات السوق، بحيث لا تعود الشركات المصدرة أسيرة للتغيرات الاقتصادية سواء المحلية أو العالمية.
سادسا: تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانة الدولة، ودعمها كمركز مالي وتجاري.
سابعا: تحسين الميزان التجاري مع الدول الأخرى.
وقال انه من الاهمية بمكان أن تقوم البنوك المحلية بالتفاوض والتنسيق مع الشركات الصناعية المقترضة لإيجاد الحلول والتسهيلات الملائمة لسداد الديون المستحقة عليها، أسوة بما يتم بالنسبة للشركات الاستثمارية وان يكون لبنك الكويت الصناعي دور فاعل في هذا الجانب.
وأكد على ضرورة أن تمضي الحكومة في طرح المشاريع لما في ذلك من دور أساسي في تحريك عجلة الاقتصاد وزيادة الطلب على المنتجات شريطة اختصار الدورة المستندية التي تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من سنة لترسية المناقصة.
ولفت الى ضرورة تطبيق أفضلية الشراء للمنتج الوطني في المشتريات الحكومية حيث ان بعض الجهات مازالت غير حريصة على تطبيق هذه القرارات رغم أهميتها.
وعن الإسراع في إقرار التشريعات الاقتصادية التي تخدم مجالات الصناعة المختلفة قال ان هناك بعض القوانين التي مضى عليها اكثر من 10سنوات ومازال معروضا لدى مجلس الأمة بانتظار إقراره مثل قانون المناقصات العامة وكذلك إجراء التعديلات على المواد المتعلقة بتنظيم المشاريع المطروحة بنظام b.o.t في قانون أملاك الدولة، حيث ان هذه المواد بإجماع المستثمرين ليست مشجعة.
إهمال حكومي للصناعة
من جانبه، انتقد نائب رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي لشركة الصناعات المتحدة عيسى العيسى اهمال الحكومة للصناعة، لافتا الى ان الجانب الحكومي يولي اهمية للصناعات النفطية والبتروكيماوية مغفلا باقي قطاعات الصناعة المختلفة.
وقال: اذا كان قانون الصناعة رقم 1996/56 يعتبر الصناعة عصب الحياة الاقتصادية، فإنه لم يكن هناك أي اهتمام من جانبها لتطوير الحياة الاقتصادية متمثلة في هذا الجانب.
واستعرض العيسى اهداف الهيئة العامة للصناعة منتقدا تراخي الهيئة في تشجيع الصناعات المحلية وتطويرها، وكذلك حمايتها وايضا توسيع القاعدة الانتاجية الصناعية والحرفية.
وقال ان الصناعة الوطنية لم يكن لها دور ملموس في تنويع مصادر الدخل ويمكن اثبات ذلك من الرجوع للموازنة العامة للدولة، كما ألمح الى ان دعم وتنمية وتشجيع انتاج السلع الاستراتيجية اللازمة للامن القومي والغذائي لم يتحقق منه شيء.
وعن دور الهيئة في تهيئة المناخ لجذب المزيد من الايدي العاملة قال: اننا في مجال الصناعة لم نر سوى الروتين الحكومي في معظم تعاملاتها، الامر الذي لم تعمل الحكومة على معالجته لتهيئة المناخ.
وطالب العيسى بضرورة تشجيع اعادة الهيكلة والاندماج بين الشركات مع توافر تمويل طويل الاجل لمعالجة ندرة الاراضي وادوات التمويل.
التوازن الاقتصادي
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس ادارة الشبكة القابضة ان الصناعة من القطاعات الهادفة الى تحقيق التوازن الاقتصادي، كونها تؤمن فرص عمل وتحقق زيادة في الانتاجية وتؤمن السلع والخدمات وأهم مصدر من مصادر الدخل في الاقتصاديات المتقدمة، وهي من القطاعات المهمة في تأمين تحريك النمو الاقتصادي.
وفي الاقتصاديات المستقرة يساهم القطاع الصناعي بنسبة تصل الى اكثر من نصف نسبة الناتج المحلي الاجمالي وغالبا يستأثر هذا القطاع من بين القطاعات الأخرى في الاقتصاديات المتطورة في توظيف بما نسبته 30% من قوة العمل.
ولفت الى ان الأزمة كشفت عورتنا الاقتصادية المحلية من وهن الوضع الاقتصادي الكويتي في القطاع المالي وتحديدا القطاع الاستثماري من هشاشة فيه تحكمه وتتلاعب به اشراك الشركات الورقية لتغذية المضاربة في النهج الاستثماري الذي سيكلف المواطنين والأموال العامة في الدولة خسائر قد تصل في مجملها في الفصول الآتية القريبة من الأزمة الى اكثر من 30 مليار دينار، فضلا عن التكاليف الاجتماعية والسياسية والامنية كتداعيات عن هذه الازمة المالية وهو ما يطرح التساؤل المهم لماذا لا يتوجه الاقتصاد الكويتي الى اقتصاد حقيقي بتوجيه جزء من الاستثمارات نحو تنمية وتعزيز القطاع الصناعي؟
وأكد على ضرورة استيعاب اهمية دور الصناعة في دعم واصلاح الاقتصاد والتنمية في الكويت فالخطط والمشاريع وأوجه الانفاق العام التنموي والاستثماري لا تشمل في بنودها ما يدل على الاهتمام برعاية لجهود تطوير الصناعة ولا توجد رؤية وهدف قومي لتطوير الصناعة كما لا توجد مدن صناعية وتشريعات تنظيمية تتناسب مع غايات الخطط في المسيرة التنموية.
منافسة غير متكافئة
وقال ان الصناعة تواجه منافسة غير متكافئة في ظل الجهود المتواضعة التي بذلت خلال العقود الاربعة الماضية ولعل اهم المشاكل والعقبات التي تحد من تقدم الصناعة في الكويت، غياب استراتيجية تنظيمية موحدة من الهيئة العامة للصناعة والجهات المعنية كي تنساق بسلاسة الخطوات والقرارات المتخذة لتنمية الصناعة كما ان حظر تصدير المنتجات الصناعية المحلية من جهة ومن جهة أخرى التضييق في استيراد التكنولوجيا للتقنيات المستخدمة وإبطاء تحديث المكون التكنولوجي الصناعي، والبيروقراطية المملة في انجاز المعاملات من المعوقات المزمنة التي تعوق تنمية الصناعة.
بالاضافة لضعف التمويل اللازم للمشاريع الصناعية وارتفاع التكاليف الانتاجية وندرة الكفاءات الادارية لقيادة المشاريع الصناعية، فضلا عن معوقات اخرى تتصل بغياب مراكز الخدمات الصناعية التي تقدم الاستشارات الاقتصادية والفنية والمالية، وتوسع رقعة انتشار المنافسة غير المشروعة من جانب مؤسسات صناعية غير مرخص لها.
واشار الى ان المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمثل نسبة كبيرة من اجمالي عدد المنشآت التجارية في البلاد تواجه بمعوقات مالية وإدارية وتسويقية وفنية.
وتتمثل الصعوبات المالية لهذه المنشآت في اعتمادها الأساسي على المدخرات الفردية والعائلية، وان حصولها على تمويل من المستثمرين والبنوك والموردين يكون بأسعار عالية وبشروط غير ملائمة في كثير من الاحيان بالاضافة الى افتقارها للضمانات اللازمة للحصول على التمويل المصرفي.
وفي ختام حديثه اكد بوخضور على ان مستقبل الصناعة في الكويت يرتبط بمدى توافر الامكانيات والطاقات الصناعية المتاحة والتشجيع والوعي الاقتصادي والسياسي لأهمية القطاع الصناعي في التنمية وتعديل التشريعات لسن القوانين المنظمة لتطوير وتوفير الامكانيات وسبل الدعم لإعطاء الصناعة حقا ولكي يتوجب انشاء آلية تسمح بضمان الاستثمارات الصناعية، فلا بد من السعي الى تعزيز التنسيق بين القطاع الخاص المتمثل في القطاع الصناعي والجهات المشرعة والرقابية والمنظمة للصناعة ذات الصلة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )