في تحليله الأسبوعي لأبرز القضايا الاقتصادية على الساحتين المحلية والاقليمية والدولية، اشار التقرير الاقتصادي الصادر عن وحدة البحوث الاقتصادية في شركة الشال للاستشارات الاقتصادية، الى رؤيته بشأن قانون فريق معالجة تداعيات الأزمة المالية، حيث رأى ان القانون يحمل الكثير من المزايا اهمها استخدام اقل ما يمكن من الأموال السائلة في العلاج من خلال اصدار سندات واذون وصكوك معظمها طويلة الامد، اضافة الى ان المشروع يتيح للبنك المركزي تعيين مقومين للشركات وحماية مؤقتة من الدائنين للشركات المتعثرة، وكذلك اشتمال القانون على مفهوم الاسهم الممتازة.
إلا أن «الشال» اقر بأن محاذير القانون تتمثل في فتح باب المقايضة على مصلحة البلد التنموية، مشيرا الى أن التأزيم السياسي قد يفتح باب المطالبة بسداد قروض المواطنين الاستهلاكية مقابل دعم الشركات المتعثرة.
وتطرق التقرير للنمو الاقتصادي العالمي حيث ذكر ان صندوق النقد الدولي خفض من توقعاته للنمو العالمي الى 0.5% لعام 2009 وهو ـ حسب وصف التقرير ـ الأسوأ منذ 64 عاما.
وفيما يلي التفاصيل:
مشروع قانون فريق الإنقاذ: مزايا ومحاذير
قدم فريق معالجة تداعيات الأزمة المالية، برئاسة محافظ بنك الكويت المركزي، مشروع قانون لخفض مستوى الآثار السلبية لأزمة العالم المالية على الاقتصاد المحلي، والهدف الرئيسي للمشروع هو حصر الأزمة في مرحلتها الأولى، اي هبوط اسعار الأصول وايجاد السياسات والادوات التي تمنع انتقالها الى المرحلة الثانية الأكثر خطورة، بما لا يقاس، اي اصابة القطاع المصرفي، ورغم اننا مازلنا عند رأي سابق لنا خلاصته ان القطاع المصرفي المحلي آمن، وان الاقتصاد الكلي ـ المرحلة الثالثة للأزمة ـ ليس مهددا، على نحو خطير، في نموه او عمالته، الا انه من الحصافة التحوط حيال اسوأ سيناريو والأمل بأفضل سيناريو، فالدولة قد ضمنت الودائع البالغة 24.7775 مليار دينار بقانون، ولا معنى اطلاقا لعدم العمل والتحوط المبالغ فيه، حتى لا تضطر لتطبيق قانون الضمان على التكاليف.
وللمشروع مزايا، كما له مخاطر، واولى مزايا المشروع انه شامل، فهو يغطي كل القطاعات ويغطي الحاضر والمستقبل، ولأن الجانب النفسي لتداعيات الأزمة هو الأهم فالمشروع لجهة شموليته قد ينجح في دعم الجانب النفسي، على نحو يقلل كثيرا من الآثار السلبية المحتملة، وربما ينجح دون تكاليف عالية، في تخطي مرحلة الأزمة الأولى.
وثانية مزايا المشروع تكمن في تعمده استخدام اقل ما يمكن من الأموال السائلة في العلاج، فهو ينص على اصدار سندات واذونات وصكوك ومعظمها طويلة الامد وقد لا تُستحق الا بعد ان تكون الاصول قد استعادت قيمتها، وربما حققت بعض الفوائض.
وثالثة المزايا تكمن في اتاحة سلطات وادوات للبنك المركزي للتدخل، في حال حدوث الاسوأ، مثل ازمة لدى احد المصارف، اذ يمكنه شراء بعض الاصول بالقيمة الدفترية ودون انتظار استصدار قانون أو المرور بقنوات اتخاذ القرار السياسي، أي قبل تحولها الى أزمة ثقة في النظام المصرفي كله، وهو أخطر وآخر ما في المرحلة الثانية.
أما المزية الرابعة فهي تتمثل فيما يتيحه المشروع من سلطات استثنائية للبنك المركزي، مثل تعيين مقومين للشركات، وتحديدا عندما يتعلق الامر بالمراكز المالية الحقيقية للشركات، وما يتيحه، ايضا، من حماية مؤقتة من الدائنين للشركات المتعثرة ـ chapterii في القانون الاميركي ـ وهو نص غائب في التشريع، ومثل السندات القابلة للتحويل الى أسهم واشتماله على مفهوم الاسهم الممتازة.
وللمشروع، حتما، مخاطر ومحاذير، اولها واهمها احتمال ان يفتح باب المقايضة، فالبلد، حتى اللحظة، يسوده منهج الاقتسام، الذي يتفوق على مبدأ التنمية للجميع ولصالح الجميع، والحديث عن اسقاط قروض المواطنين الاستهلاكية، أسوة بالبنوك والشركات، نموذج لما يمكن ان يحدث.
والواقع انه حق مشروع للمشرع والدولة ان تتدخل في ممارسات أي جهة تستفيد من المال العام، مثل تحديد سقف الرواتب ومزايا الكبار، ووقف قرارات تسريح الصغار، ولا يقف هذا التدخل عند حل طلب تغيير الادارات اذا ارتكبت أخطاء.
وثاني المحاذير يكمن في ضرورة سلامة التطبيق، بعدم انحيازه لهذا الطرف أو ذاك، فالاصل هو حماية الاقتصاد الكلي، واي تدخل لابد ان يكون الفيصل فيه هو مصلحة ذلك الاقتصاد وليس نفوذ أو ثقل هذا الطرف أو ذاك.
ولتخفيف احتمالات الانحراف في التطبيق نقترح الالتزام بالشفافية، فما دام العميل ـ أي عميل ـ استفاد من ضمان أو شراء من مال عام لابد ان ينشر، وعلى نحو دوري، كل التفاصيل عن استفادته، حتى يسدد التزاماته كاملة، فالشفافية الملزمة بالقانون، في بلد دستوري يتمتع بهامش حرية مرتفع، فإن نشر المعلومة كاملة يحمي المنفذ والمستفيد، والاهم يجعل طلب الافادة من التدخل في حدودها الدنيا والقصوى.
وثالث المحاذير يتلخص في الافتقار الى الدقة والمهنية عند الرغبة في الوصول الى القيم العادلة للاصول.
ونود التأكيد ان الازمات، في معظمها، صناعة بشرية، وان اختلاف الآراء بشأن مواجهتها امر صحي ومطلوب.
لقد أخطأت السياسة العامة في الكويت عندما أعلنت عن صندوقها الملياري لشراء الاسهم، فالتدخل لدعم الاسعار اسلوب لم ولن ينجح، وهو يؤخر اجراءات الحل التلقائية.
النمو العالمي الأقل منذ 64 عاما
في تقرير حديث نشر في 28 يناير الماضي، عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لاداء الاقتصاد العالمي في عام 2009 الى الادنى، وعلى نحو كبير، مقارنة بتوقعاته لشهر نوفمبر من عام 2008، فبعد ان كان يتوقع نموا في اقتصاد العالم بحدود 2.2%، وقف توقعه على ما لا يزيد على 0.5%، وهو ادنى معدل نمو للاقتصاد العالمي، منذ الحرب العالمية الثانية، اي قبل نحو 64 عاما.
ويتوقع الصندوق ان تنكمش الاقتصادات المتقدمة، في عام 2009، بنحو -2%، وكانت توقعاته، في نوفمبر الماضي، ترجح نموها بالسالب، ايضا، ولكن بنحو -0.3%، فقط، اي انها ستفقد، وفقا للتوقعات الجديدة، نحو -1.7% اضافية، وستكون بريطانيا الأسوأ اداء بانكماش يقارب -2.8%، تليها اليابان بانكماش يقارب -2.6%، ثم ألمانيا بما نسبته -2.5%، بينما يظل الاقتصاد الاميركي (مصدر الازمة) ثاني افضل اقتصاد، لجهة الاداء، بعد كندا، بانكماش محتمل تقارب نسبته -1.6%.
ما تقدم يستحق ان نستخلص منه أمرين، الاول: ان ازمة العالم المالية هي ازمة كبرى وحقيقية وغير مسبوقة، والتوقعات بشأن آثارها وتداعياتها تتغير على نحو حاد بين يوم وآخر، وعلينا الا ننتظر حتى يصيبنا اسوأ ما فيها، بينما نحن، حاليا، قادرون على احتواء اسوأ آثارها، والثاني: ان هذا الاداء للاقتصاد العالمي سيبقى الضغط كبيرا على استهلاك النفط واسعاره، وعلينا بالحصافة في التعامل مع مواردنا المالية، حتى لا نكرر خطايا ثمانينيات القرن الماضي.
مقارنة بين المؤشرات
وأوضح التقرير في تحليل له لمؤشرات الأسواق العالمية وأسواق الإقليم ان حركة المؤشرات
للأسابيع القليلة الفائتة من عام 2009 اشارت الى ان الاتجاه ظل واحدا لكل تلك المؤشرات، ولكن يلاحظ بعض التفاوت الذي لا نجرؤ على تفسيره تفسيرا كاملا وثابتا، ولكنه ـ ان استمر ـ فقد يعني بداية خفوت الأثر النفسي للارتباط بين العالم والاقليم، مع بقاء اثر المتغيرات الاقتصادية الحقيقية، وحتى نهاية الاسابيع الـ 5 الاولى، الى جانب مؤشر سوق الاسهم الصيني الوحيد الذي حقق اداء موجبا، ويعطي مؤشر سوق الاسهم السعودي ذلك الايحاء بالانفصال النفسي ايضا، ولبضعة ايام، بدا ان ذلك هو حال سوق الكويت للاوراق المالية، ولكن الامر يحتاج اكثر من بضعة اسابيع لاعطاء رأي اكثر دقة.
والجدول يشمل 15 مؤشرا، مرتبة طبقا لافضلية ادائها، بين نهاية عام 2008 ونهاية يومي الاربعاء او الخميس في الاسبوع الاول من الشهر الجاري، وهو يوضح تفوق سوق الاسهم السعودي، في الاداء، على المدى القصير المذكور.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )