زكي عثمان
فواز كرامي
أكد وزير المالية مصطفى الشمالي ان الحكومة جادة في سعيها نحو تبني التشريعات وسن القوانين التي من شأنها ان تشجع مبادرات القطاع الخاص وتوفر المناخ الاستثماري المناسب للاستثمارات المحلية والأجنبية، مبينا ان الحكومة تعول في هذه المرحلة على خلق فرص للقطاع الخاص للمشاركة في تطوير خدمات الدولة بما يعود بالمنفعة العامة على الجميع.
كلمات الشمالي جاءت خلال افتتاح المؤتمر الثامن لدور القطاع الخاص في مشاريع التنمية والبنية التحتية والتي ألقاها نيابة عنه رئيس الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية عادل الرومي، حيث اكد ان سعي الحكومة الجاد نحو مشاركة القطاع الخاص بمشاريع التنمية سيكون داعما للتنمية الاقتصادية، فضلا عن اطلاق القدرات الإبداعية للقطاع الخاص وخلق أدوات فعالة تسهم في تحفيز الاقتصاد وتنشيطه، وتخفيف العبء عن الدولة في تنفيذ المشاريع الاستثمارية ذات الطبيعة التنموية أو الخدمية أو السياحية وغيرها.
وأضاف ان الدافع للحكومة في ظل الأزمة الحالية هو مساندة هذا القطاع وتهيئة الظروف المناسبة له لمواصلة دوره المعهود، مشيرا الى ان القانون رقم 7 لسنة 2008 والخاص بتنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل (b.o.t) يعد بمنزلة الانطلاقة الأولى والأرضية المناسبة لتفعيل دور القطاع الخاص نحو استغلال هذا البرنامج والاستفادة منه كفرص استثمارية متاحة، ولا يمنع ان تسعى الحكومة لسن تشريعات وقوانين اضافية للتغلب على أي صعوبات قد تظهر عند التنفيذ.
وأوضح ان المؤتمر يعقد في خضم المتغيرات الدولية والاقليمية المتمثلة في الأزمة العالمية التي عصفت بجميع دول العالم وطالت جميع القطاعات الاقتصادية الحيوية، مشيرا الى ان الكويت ليست استثناء من ذلك، كما ان انعكاسات هذه الأزمة تلقي بالمسؤولية المشتركة على الحكومات والقطاع الخاص مما يتطلب تضافر جميع الجهود والتعاون مع الأطراف المعنية لمواجهة الأزمة والتقليل من آثارها.
ظروف عصيبة
من جانبه، قال رئيس اتحاد العقاريين ورئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مجمعات الأسواق التجارية ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر توفيق الجراح ان الدورة الجديدة للمؤتمر تعقد في ظل ظروف عصيبة يمر بها الاقتصاد الوطني متأثرا بالأزمة العالمية والتي نجهل حتى الآن كيف ستنتهي، كما انها تعقد عشية مناقشة مشروع قانون الاستقرار المالي في مجلس الأمة وهو القانون الذي أعده محافظ البنك المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز وفريق عمله المكلف من مجلس الوزراء.
واضاف ان مشروع القانون المقترح قد جاء ليعالج اضطرابات حصلت في سوق الائتمان مما ادى الى حالات حرجة أصابت مصارف الكويت والشركات الاستثمارية بشكل خاص، مبينا ان تحفيز الاقتصاد لم نره بوضوح حيث انغمسنا في الحديث عن ثغرات القطاع المالي ولم نول الاقتصاد الحقيقي انتباها كبيرا خاصة ان الجميع انخدع بالأضواء التي ألقيت على مصرف خسر مبلغا ماليا وشركة تتعثر في السداد، فيما ان الأزمة تتمدد لتضع اقتصادنا على حافة ركود خطرة ستصل لنا جميعا.
وتساءل الجراح قائلا: اين نحن من برامج التحفيز الاقتصادي بالانفاق العام التي اعتمدتها معظم دول العالم المأزوم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية؟ واين نحن من تريليونات الدولارات التي ترصد للإنفاق على المشاريع، لاسيما البنى التحتية في قطاعات الاقتصاد الحقيقي لا المالي فقط؟ واين نحن من العلاج الجذري لمشاكلنا التي نجرها وراءنا منذ ما قبل الازمة؟ واين نحن من كل تلك الوعود الحكومية التي لم يحقق منها شيء على صعيد اطلاق التنمية الشاملة؟ وأين نحن من مشاريع قدرت في العام 2005 بنحو 50 مليار دينار لم ينفق منها حتى 5% فقط؟
أهمية قانون الـ b.o.t
وأكد الجراح ان ما سبق ذكره يتصل مباشرة بمؤتمرنا المتعلق بالـ b.o.t، مشيرا الى مرور اكثر من عام ونصف العام على صدور القانون الخاص بذلك ولم نر اي تفعيل للقانون الذي انتقدناه ومازلنا ننتقده لكننا اليوم نطالب بسرعة تفعيله لنرى ما يمكن تعديله لاحقا في ضوء ما يظهره التطبيق من ثغرات.
وذكر قائلا: «لا قيامة لاقتصادنا من دون هذا القانون»، مفندا الأسباب في ذلك إلى:
أولا: تراجع سعر برميل النفط الى مستوى أجبر الحكومة على خفض الانفاق على المشاريع في موازنة 2009/2010 بنسبة 26%، أي ان العالم يتقدم بالإنفاق العام الاستثماري ونحن نتأخر، لذا فلا يبقى الا الانفاق عبر القطاع الخاص وبمشاريع الـ b.o.t تحديدا.
ثانيا: الحكومة نفسها تعترف في مراسلات بين وزارتي المالية والاشغال بأن الدورة المستندية العقيمة للمشاريع تستغرق احيانا من 3 الى 4 سنوات، لذا فإن مشاريع الـ b.o.t هي البديل المرن المطلوب وبسرعة.
ثالثا: اذا كانت الحكومة جادة في تطبيق شعار دعم القطاع الخاص الذي نسمعه منذ سبعينيات القرن الماضي فما عليها الا اعطاء الدليل الساطع على ذلك بتسريع تفعيل قانون b.o.t بأقصى ما يمكنها من قوة والا سنبقى في الدوامة نفسها اي في العقم نفسه.
رابعا: لا حل حقيقيا لأزمة الائتمان الحالية الا بمنح القطاع الخاص فرصة كاملة في اعادة عملية التشغيل والانتاج الى دورتها الحقيقية وعندئذ تستطيع كل الشركات الوفاء بالتزاماتها المالية بتدفقات نقدية من مشاريع تنموية لا من مضاربات مالية جرت علينا الويلات.
وبين الجراح: اذا كان لابد من اجندة لمؤتمرنا هذا فلتكن الدعوة الحارة والملحة لوضع القانون موضع التنفيذ لنرى لاحقا ما يمكن فعله على سبيل التعديل لبعض بنوده لاسيما الآتي:
أولا: علينا ان نثبت لمجلس الأمة ان المبالغة بوضع بنود لحماية المال العام أتت لزوم ما لا يلزم لأن في القطاع الخاص من هو حريص ايضا على هذا المال وحرمته.
ثانيا: ضرورة اشراك ممثلين عن القطاع الخاص في اللجنة الحكومية العليا المكلفة بالنظر في المشاريع والبت بشأنها.
ثالثا: زيادة نسبة صاحب المبادرة في المشروع حفاظا لحقوق الملكية الفكرية ولإعطائه حافزا اضافيا لإنجاح استثماره.
ثالثا: معالجة شرط احتساب قيمة الارض ضمن القيمة الكلية للمشروع لأن لكل مشروع طبيعة تختلف عن غيرها.
رابعا: اعطاء اصحاب المشاريع القديمة فرصة التجديد.
خامسا: اعطاء الجانب الفني من العطاءات نفس أهمية الجانب المالي.
سادسا: منح الشركة المستثمرة للمشروع حق رهن الأرض للحصول على التمويل اللازم للتطوير.
سابعا: تعديل المادة التاسعة من القانون بخصوص جواز تخصيص مساحة من أملاك الدولة لأي مستثمر بغية اقامة مشروع الـ b.o.t مقابل قيامه بتنفيذ عمل استصلاح الأراضي وتأهيلها بيئيا بغية مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الاسكان.
التداعيات العالمية
من جانبه، قال نائب رئيس مجموعة الخرافي، لؤي الخرافي في كلمة الجهات الراعية للمؤتمر ان المؤتمر يعقد في خضم احداث مهمة يشهدها الاقتصاد العالمي، وأبرزها المالية العالمية التي كانت لها دون شك تداعياتها الاقتصادية الاقليمية والمحلية، وهي تداعيات يصعب تحديد نطاقها ومداها في هذه المرحلة، ولكن من المؤكد والمتفق عليه ان بطء المعالجة وتأخير او تأجيل معالجتها واحتواء نتائجها سيجعل آثار هذه الأزمة سيئة على اقتصادنا الوطني وستكبر ككرة الثلج، وستلقي بظلالها السلبية على نظامنا المالي والمصرفي وعلى أداء اقتصادنا الوطني.
واضاف أن هذه الأزمة أصبحت تتفاقم يوما بعد يوم، واصبح الاعلان عن افلاس المؤسسات المالية العملاقة حول العالم أمرا واقعا ويثير الاهتمام والقلق معا بشأن نتائجها وانعكاساتها على اوضاعنا الاقتصادية، الأمر الذي يتطلب من الحكومة والجهات المختصة سرعة التحرك، وشمولية المعالجة في اطار من التنسيق والفهم المشترك بين الدولة والقطاع الخاص، وعلى النحو الذي يكفل التوصل الى النتائج المطلوبة التي تؤكد الثقة باقتصادنا الوطني.
وأوضح الخرافي ان انعكاسات هذه الأزمة على اقتصادات العالم قد تفاوتت، وتمكن عدد من دول العالم من التحكم فيها، بل واحتوائها والمحافظة على معدلات نمو معقولة، وكان ذلك نتيجة متانة الاقتصاد، وجودة الأداء الاقتصادي العام، وفاعلية الأداء الاقتصادي التنفيذي، وسرعة المعالجة والقرار، ولاشك في ان اقتصادنا الوطني لم يكن بمنأى عن الانعكاسات السلبية لهذه الأزمة، وعلى الرغم من التحرك الحكومي واجراءات البنك المركزي التي تحاول اعادة الثقة والاطمئنان للمستثمر فإن واقع الحال يشير الى ان المعالجة المطلوبة تحتاج الى أكثر من ذلك، وكلنا شاهد ما حدث ولايزال يحدث في سوق الكويت للأوراق المالية والتي وصلت الى أدنى مستوى من الهبوط والانحدار والسقوط الحر، ربما لم يكن يتوقعه أشد المتشائمين.
ولاشك في ان اوضاعنا الاقتصادية لو كانت افضل مما هي عليه قبل الأزمة وخلالها لما كان لهذه الأزمة مثل هذه الآثار الكبيرة التي تكاد تشل الاستثمار الخاص في معظم القطاعات الاقتصادية، وتكاد تضع محددات كبرى على فعالية اداء نظامنا المصرفي في النشاط الاقتصادي.
فالأداء الاقتصادي الحكومي لا يبدو انه ينطلق من رؤية واضحة للمستقبل او خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، في الوقت الذي تباطأت فيه الجهود والبرامج لاصلاح الاختلالات الهيكلية والمالية في اقتصادنا الوطني ان لم تكن فقدت جديتها ومصداقيتها، ولم يتم عمل المطلوب لتوسيع القاعدة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل وتحفيز الاستثمار، وهذه من دون شك كانت لها آثارها على النمو والتنمية، كما أثرت بشكل سلبي على معدلات الاستثمار، وأسهمت في اضعاف قدرات المستثمر الوطني في التوسع والتنوع في ادوات وقطاعات الاستثمار.
دور القطاع الخاص
وبين الخرافي ان القطاع الخاص تقع على عاتقه مسؤولية يجب ان يتحملها في رفع معدل النمو ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي في نفس الوقت واجب والتزام وطني، ولكن أداء هذه المسؤولية يتطلب زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وتوفير المناخ الاستثماري الجاذب والمناسب، وبناء الاطر القانونية والتنظيمية الملائمة، وتوفير البنية التحتية الضرورية والطاقات البشرية المؤهلة، وتلك من واجبات الحكومة، خصوصا في ظل اقتصاد تهيمن عليه الدولة.
وشدد الخرافي على ان مشروعات التنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية في اطار نظام الـ b.o.t تمثل ركنا من اركان الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وهي من الادوات الرئيسية لتنشيط الاداء الاقتصادي، ووسيلة مهمة لاحتواء نتائج هذه الازمة في الاجلين المتوسط والطويل.
ان اعطاء القطاع الخاص الكويتي الفرصة من خلال هذا النظام، ومنحه التسهيلات التي يحتاج اليها، وتعزيز دوره في مشروعات الـ b.o.t وفق ضوابط قانونية معقولة ومنطقية، وفي اطار رؤية وطنية يكون فيها شريكا في التنمية، من شأنه ان يجعل الامور افضل وطرق الحل اسهل، علاوة على ما يسهم فيه ذلك من تخفيف الاعباء المالية على الدولة، ويزيد قدرتها على التوسع في مشروعات البنية الاساسية والخدمية التي اصبح تنفيذها أمرا ملحا لرفع معدلات الاستثمار والارتقاء بمستوى الاداء الاقتصادي.
وتساءل الخرافي قائلا: ماذا يمكن ان تكون النتائج لو ان الحكومة اطلقت الآن تنفيذ مشروع واحد من مشاريعها العملاقة التي نسمع بها ونقرأ عنها منذ فترة؟ وكم عدد الشركات التي يمكن ان تعمل في هذا المشروع؟ وما هو حجم فرص العمل التي يمكن ان يوفرها؟ وعدد كبار وصغار المقاولين والموردين الوطنيين الذين سيسهمون فيه؟ وما هي آثار ذلك في تحريك النشاط الاقتصادي؟ ان الاجابة على كل ذلك في تقديري: ستكون مثمرة ومفيدة وفي مصلحة اقتصادنا الوطني.
التجربة السعودية
هذا، وتناول نائب محافظ هيئة الاستثمار السعودي عبدالله حميد الدين في كلمته تجربة السعودية في موضوع المدن الاقتصادية الجديدة، مبينا ان المملكة قررت المضي قدما في تنفيذ بناء 4 مدن اقتصادية عملاقة مما يشكل نقلة نوعية في النشاط التجاري للمملكة التي تعتبر حلقة وصل بين دول العالم نظرا لموقعها المتميز بين منتصف قارات العالم.
واضاف ان اجمالي الاستثمارات المتوقعة في مشاريع الطاقة الجديدة بالسعودية ستصل الى 300 مليار دولار، فيما ان حجم مشاريع النقل المتوقعة قد تصل الى 100 مليار دولار، في حين ان حجم الاستثمارات المتوقعة في الصناعات القائمة على المعرفة قد تصل الى 100 مليار دولار.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )