تناول التقرير الصادر مؤخرا عن شركة المركـــز المـالي الكويتي (المركز) تحليل ارتفاع وهبوط سوق العقار في دبي في محاولة لمعرفة درجة هذا الاتجاه المفرط الذي قاد إلى هبوط العقار، ومدى احتمال نشوء هذا الوضع في دول أخرى بالمنطقة.
وأثبت التقرير عن هذا النمو الاستثنائي في النشاط العقاري في دبي أن من ادعوا أن الوضع شهد ذروته في آخر ربعين من العام الماضي كانوا على خطأ.
كما أن ارتفاع أسعار الأصول الناتج عن توقعات الطلب السليمة والتمويل الملائم اللذين ساعدت عليهما السيولة المتوافرة تحول إلى فقاعة نتيجة للإفراط في توقعات بوجود طلب كبير والاقتراض والمضاربة.
انخفاض الأصول
وأضاف التقرير أنه يمكن للعدوى أن تنتشر فقط في البلدان أو المناطق التي يكون فيها إفراط في عمليات الإقراض والمضاربة والتوقعات بشأن وجود طلب كبير إذا كان الوضع فيها مشابها لما حدث في دبي.
كما أن إدراك المضاربة المدفوعة بارتفاع الأسعار في البلد أبعدت المستثمرين بانتظار اتضاح الصورة بين الأسواق المضاربية وبين الأسواق المدفوعة بالطلب الحقيقي.
ومن جانب آخر، في حال كانت الأساسيات قوية وتواجدت شروط مالية ملائمة، سيكون عدم الوضوح قصير الأجل.
ومع ذلك، فان عملية عزل السوق المضاربي عن السوق المرتكز على الطلب النشيط ليست سهلة وبالتالي فإن التوصل إلى نتيجة مفادها أن السوق مضاربي هو أمر تختلف حوله الآراء.
علاوة على هذا، وفي حين أن وجود جميع العوامل المذكورة في فقاعة أسعار الأصول ضروري لخلق فقاعة، فإن الانفجار يمكن أن يحدث تبعا لعوامل خارجية مثل هبوط النشاط الاقتصاد بشكل عام، وتدفقات رأسمال سلبية.. إلخ.
وقد يتم تنظيم عملية تصحيح الأسعار وجعلها أقل تضررا في حال سيطرت السلطات على هذه العوامل المفرطة أو من خلال تحكم قوى السوق فيها.
النشاط الاقتصادي المفرط
وقال إن ارتفاع النشاط الاقتصادي أدى إلى ارتفاع نسبة مساهمة قطاع العقار إلى إجمالي الناتج المحلي في دبي إلى 15% في 2006 من المتوسط المقدر عند 10% الذي كان سائدا قبل ست سنوات، ويتوقع التقرير أن ترتفع النسبة تقديريا إلى 18% في 2007.
وبحسب تقديرات التقرير فإن 50% من القوى العاملة في دبي والتي تبلغ تقديريا 1.2 ملـــيون عامل تتركز في قطاع العقار والإنشاء، وهذا الرقم يستثني 300 ألف موظف متواجدين في الشارقة لكنهم يأتون إلى دبي يوميا للعمل.
وقال التقرير إن هذا الاعتماد المبالغ فيه على القطاع مدفوع بتشييد البنية التحتية ومحاولة الإمارة جعل نفسها مركزا سياحيا وماليا وتجاريا في المنطقة على نهج سنغافورة في آسيا، الأمر الذي جعل دبي تنمو ذاتيا، وحساسة اتجاه المؤثرات الخارجية حتى لو كانت صغيرة الحجم.
وبعيدا عن قطر وأبوظبي، انخفضت نسبة مساهمة القطاع إلى إجمالي الناتج المحلي في دول مجلس التعاون الخليجي، وانخرط جزء كبير من التركيبة السكانية بقطاع العقار والإنشاء في عمان (73%)، وقطر (35%)، في حين كانت السعودية (8%) متوازية مع متوسط الدول المتقدمة، كما أن قطر تظهر اعتمادا متزايدا على القطاع وإن لم تكن وصلت إلى حد يستدعي دق جرس الإنذار.
الإفراط في عمليات الإقراض
وتطرق التقرير إلى التسهيلات الائتمانية وما أدت إليه من انخفاض في الرهون العقارية، حيث بلغ في الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب 85% من إجمالي التسهيلات الائتمانية المقدرة بنحو 6% والمقدمة للقطاع الخاص في 2005، في حين كانت النسبة المقدرة في 2007 حوالي 13.5%، بينما زاد الائتمان المقدم للقطاع الخاص بأقل من نصف ذلك المعدل عند 35%، أما البحرين وقطر والكويت فقد قدمت تسهيلات ائتمانية بحصة أكبر للقطاع الخاص بشكل عام.
في أعقاب ذلك، أدى تراجع مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي في الكويت والبحرين إلى جعل العقار مثقلا بالائتمان، وقد تم تصحيح ذلك الوضع بشكل طبيعي إلى مستويات معقولة في البحرين ومستويات أقل في الكويت خلال عام 2008، أما قطر فأظهرت ارتفاعا معتدلا في حصة الإقراض العقاري وهو ما تزامن معه النشاط المتنامي في العقار لمواكبة الطلب.
وفي أوج ارتفاع النشاط، وكما ذكرت التقارير الصحافية، تراوحت نسبة عمليات إقراض البنوك في دبي بين 80% و95% من قيمة سوق الأصول التي كانت في ذروتها هي أيضا، في حين تراوح المعدل في دول التعاون الأخرى بين 60% و90%، وبلغ حد الإقراض في الكويت 70 ألف دينار للفرد الواحد.
وعلى مستوى قطر، فكانت أعلى نسبة للإقراض الذي توفره البنوك تتراوح بين 65% و70% الأمر الذي شكل حماية ملائمة لهذه المصارف في حال حصل انخفاض حاد في الأسعار.
الإفراط في المضاربة
إن كل ارتفاع في السعر ليس ناجما عن المضاربة لكنه يمثل صعودا في الأسعار وسيشير إلى حجم النشاط المضاربي.
ويمكن استخدام متوسط قيمة الصفقات التجارية المرتبطة بالاراضي كمعامل محايد للأسعار، وفي البحرين، يتشابه سلوك السوق بذلك في دبي الأمر الذي يشير إلى وجود فقاعة.
على صعيد آخر، تسببت المعايير التنظيمية في الكويت بتجميد سرعة زيادة الأسعار التي تشير إلى توقف النشاط المضاربي المبالغ فيها في 2008.
لكن يمكن أن تقود المضاربة المفرطة للمتعاملين في عمليات الاحتيال والنصب إلى استغلال الفرصة الناتجة عن عملية تجميد النشاط.
إلى هذا، رمى تأثير الأزمة المالية وانعدام السيولة بظلاله على سوق العقار في بلدان أخرى كما في دبي، لكن حتى الآن لم يتم الكشف عن عمليات احتيال سواء من حيث الحجم أو الأهمية في بلدان أخرى كتلك في دبي.
يذكر أن المركز يدير أصولا مجموعها 1.2 مليار دينار وذلك كما في 30 سبتمبر 2008، وقد تأسس في عام 1974 ثم أصبح واحدا من المؤسسات المالية الرائدة على مستوى منطقة الخليج العربي في مجالي إدارة الأصول والاستثمارات المصرفية.
وقد تم إدراج «المركز» في سوق الكويت للأوراق المالية في عام 1997، ومنحته وكالة كابيتال انتليجنس تقييما ائتمانيا بمرتبة «bbb+».
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )