عمر راشد
أكد المشاركون في ندوة «تداعيات الأزمة المالية العالمية: حلول وبدائل» التي نظمها معهد الدراسات المصرفية أول من أمس، على أن مشروع قانون الاستقرار المالي والاقتصادي يعد أحد الأسس الداعمة للاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة.
وقالوا إن القانون لابد من دراسته بشكل شامل ومدروس من خلال مشاركة كافة الجهات دون استثناء في الفترة المقبلة، متوقعين أن يصدر القانون قريبا بعد إحالته من اللجنة المالية والاقتصادية إلى مجلس الأمة.
وأقر المشاركون بأن المشروع جيد، إلا أنه يحتاج إلى حلول أخرى وعلى رأسها تنفيذ المشروعات التنموية الاقتصادية ذات المردود الجيد، مشيرين إلى أن القانون حرص على حماية العمالة الوطنية وكذلك المال العام.
وطالبوا بضرورة تحرك المشرعين لصدور القانون في أسرع وقت ممكن قبل أن تتحول التكلفة إلى مخاطر لا يمكن تحملها، موضحين أن العمل الاقتصادي يحتاج إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية الضيقة.
وأوضحوا أن القانون ضمن حماية القطاعات الاقتصادية «المنتجة» مثل حمايته للقطاع المصرفي، وأن البنك المركزي بحاجة إلى وسائل تدعم خططه الإنقاذية.
وقالوا إن القانون لا يجب «سلقه» وإنما لابد من أخذ آراء جهات النفع العام والجهات المعنية للخروج بتصور شامل وواضح.. وفيما يلي التفاصيل:
التكلفة مؤلمة
في البداية، أكد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في البنك التجاري الكويتي ورئيس مجلس إدارة اتحاد مصارف الكويت عبدالمجيد الشطي، أن قانون الاستقرار المالي المقدم من فريق العمل الاقتصادي ممتاز ويعالج جميع القطاعات، موضحا أن التأخر في صدور القانون من قبل مجلس الأمة سيرفع تكلفة العلاج بصورة «مؤلمة» للاقتصاد، قائلا إن القانون هو الأكثر جدوى والأقل تكلفة.
وأوضح في رده على سؤال «الأنباء» حول بدائل اتحاد المصارف إذا ما تم رفض القانون أو تأخر في الصدور، أن الاتحاد سيدعم القانون بقوة لأنه يلبي متطلبات الاقتصاد في الوقت الراهن.
وأشار إلى أن البنوك المحلية تهدف لزيادة نسبة العمالة الوطنية بها إلى 60% من إجمالي عدد العاملين بها نهاية العام الحالي، مشددا على أن البنوك لن تقوم بتسريح العمالة الوطنية أو المساس بها، موضحا أن البنوك اتخذت إجراءات لزيادة تواجدهم في فروعها المختلفة بمناطق الكويت.
وعن إلغاء مادة شراء الأصول واستبدالها بضمان الأصول أجاب الشطي، باقتضاب، إنهما يعطيان التأثير نفسه في القانون دون تفاصيل.
وبين أن البنوك بانتظار التشريعات لإصدار أدوات الدين العام طويلة الأجل، موضحا أن هناك شركات استثمارية ستحتاج إلى سداد التزاماتها نهاية الربع الأول وإن لم تجد التمويل فستواجه بمشكلات خطيرة تهدد بقاءها.
وفيما يتعلق بالبنوك الأجنبية الموجودة في الكويت واستفادتها من القانون الجديد قال الشطي إنها ستستفيد من خلال سداد الشركات المدينة 25% من التمويل الجديد لها، كما أنها ستستفيد من خلال ضمان بقاء الشركات والاستمرار في العمل.
وعدد الشطي مزايا القانون الأخرى المتمثلة في تمويل وتشجيع الأنشطة المنتجة الصناعية والتجارية والخدمية، ما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي، موضحا ان القانون يدعم الشركات الاستثمارية ذات الملاءة ويعطي الفرصة أمام الشركات المتعثرة التي تملك أصولا بتعديل أوضاعها من خلال إعادة هيكلتها المالية والإدارية.
وشدد على ان مقترح مشروع القانون جزء من الحل، مشيرا الى أن تنفيذ المشروعات الإسكانية والدفع بمشروعات الـ b.o.t وتعزيز قدرات القطاع الخاص الذي يهدف إلى تدشين مشروعات تنموية جادة هي حلول لابد من تنفيذها، إذ انه لا يمكن الاعتماد فقط على القانون لإخراج الاقتصاد من كبوته، موضحا أن أثر المضاعف multiplier effect سيعمل في تحريك الدورة الاقتصادية بكل القطاعات وبشكل غير مباشر، وعلى الحكومة زيادة الإنفاق الاستثماري.
السلطة التشريعية
وقال على السلطة التشريعية ألا تتأخر في صدور القانون لأن تأخره يعني زيادة التكلفة التي ستكون «موجعة» للجميع.
واستعرض الشطي أسباب حدة الأزمة في الشركات الاستثمارية بالقول إن هناك شركات كانت لديها خطوط ائتمان خارجية وأخرى كانت تملك استثمارات في الخارج خاصة في إمارة دبي قد تعرضت لخسائر فادحة بسبب انكشاف الإمارة على العالم، الأمر الذي أوقع الشركات في مأزق كبير، مضيفا أن انسحاب بعض الصناديق الاستثمارية، ورغم عددها الصغير ساهم في تدهور الأسعار بالبورصة وأوجد فجوة الثقة، الأمر الذي جر السوق إلى تدهور في قيمة الأصول.
القطاع المصرفي
وأشار إلى أن فريق العمل الاقتصادي الذي تشكل في أكتوبر 2008 بقرار مجلس الوزراء رقم 1094/3 استطاع حماية القطاع المصرفي من خلال قانون ضمان الودائع في نوفمبر من العام نفسه وقام بعدد من الخطوات لحماية الاقتصاد والقطاع المصرفي منها اقتراح برنامج تمويل الشركات والمحفظة المليارية لشراء الأسهم، موضحا أن تلك المقترحات وإن قوبلت بمشاكل عديدة إلا أنها تعد محاولات جادة لمواجهة تداعيات الأزمة.
وتطرق الشطي للمواد المتعلقة بالضمان من قبل الدولة، حيث أشار إلى أن الدولة ستقوم بضمان 50% من التمويل ولمدة 5 سنوات لتمويلها المقدر بحوالي 4 مليارات دينار كحد أقصى للأنشطة الاقتصادية ذات المردود الإنتاجي كالصناعة والتجارة، مشيرا إلى أن المستثمرين في القطاعات الاقتصادية يمكنهم أن يناقشوا مدة السنوات الـ 5 أو الضمانات المطلوبة في التمويل سواء بتغيير المدة أو زيادة الضمان المطلوبة.
وتناول الشطي تداعيات الأزمة المالية العالمية وتطورها، موضحا أن سقوط «ليمان براذرز» سرع من وتيرة الأزمة الاقتصادية.
من جانبه تناول رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس الأمة النائب عبدالواحد العوضي الخطوات التي ستقوم بها اللجنة للإسراع في صدور القانون، حيث ذكر أن اللجنة تسلمت القانون أول من أمس الاثنين وستبدأ بمناقشة مواده أمس واليوم على أن تتم مناقشته بصورة مفصلة بحضور وزير المالية ومحافظ بنك الكويت المركزي ووزير التجارة والصناعة وأعضاء اللجنة المالية والاقتصادية غدا، مشددا على أن اللجنة ستجتهد للانتهاء من القانون في غضون 10 أيــام، كاشفــا النقاب عن أن في 3 مارس المقبل سيكون القانون أمام مجلس الأمة لمناقشته.
وقال للمرة الأولى سنقوم باستدعاء مؤسسة مالية عالمية وأخرى محلية لمناقشة مواد القانون والمساعدة في وضع التقرير النهائي الصادر عن اللجنة المالية بخصوص مواد القانون.
وبين أن استعجال صدور القانون ليس في مصلحة أحد وأن قانون الاستقرار المالي سيحدد مصير البلد خلال الفترة المقبلة ووقت الأزمة الحالي ويحتاج وقتا لتمريره، موضحا أنه يمكن تسريع مناقشة القانون من خلال طلب 10 أعضاء لجلسة خاصة لمناقشة القانون أو طلب من الحكومة.
المحفظة المليارية
وانتقد العوضي دور المحفظة المليارية في دعم السوق وقال إنها كانت تحتاج إلى خطوط متوازية للعمل معها في دعم الاقتصاد الوطني بشكل جيد.
وفيما يتعلق بنسبة الضمان، أشار العوضي إلى أن تلك النسبة تم وضعها من قبل فريق محترف يراعي المصلحة الوطنية وحماية المال العام، متوقعا ألا تؤجل الاستجوابات ومقترحات النواب التصويت على القانون في التوقيت المحدد.
قدرات الشركات
وقال إن القانون أقر في مواده العمل على تعزيز قدرات الشركات المتعثرة للوفاء بتعهداتها وإعادة هيكلتها المالية والإدارية، مشيرا الى أن القانون شدد على حماية العمالة الوطنية بما لا يقل عن 50% في الشركات التي سيقوم «المركزي» بإمهالها لتعديــل أوضاعهــا ومساعدتها علــى الخروج من نفق الركود.
وعلق على طول مدة الشهر بالقول إنها قد تكون طويلة إلا أن اللجنة لن تسمح «بسلق القانون»، إنما ستقوم بدراسته بشكل مفصل.
وطالب العوضي المستثمرين بتكوين «لوبي» من خلاله يتم تبصير أعضاء مجلس الأمة بأهمية القانون وفوائده وضرورة الإسراع فيه بعيدا عن لغة «المقايضة» التي تمرر القانون مقابل إسقاط أو تخفيض أو جدولة القروض الاستهلاكية.
وأشار إلى أن تكلفة الإنقاذ الواردة في القانون أقل بمقدار 3 أضعاف تكلفة القروض الاستهلاكية وهو يضع التكلفة في أقل حدودها الدنيا.
وأكد أن القانون يضع مصلحة الكويت فوق أي مساومة ويجعلها أهم من القروض الاستهلاكية، موضحا أن القانون لن تعرقله الاستجوابات، واستفسارات أعضاء مجلس الأمة سيتم الإجابة عنها من فريق المحافظ واللجنة المالية.
مشروعات تنموية
واتفق العوضي مع ما أكد عليه الشطي من أن القانون بحاجة إلى مشروعات تنموية جادة، وطرح مشروعات أمام القطاع الخاص والتي منها مشروع المساكن منخفضة التكلفة بمقدار 6 ملايين دينار والتي سيتم طرحها لحوالي 10000 وحدة سكنية.
وأضاف أن الاقتصاد الكويتي يتمتع بأداء جيد، وإجازة المشروع في المرحلة الراهنة ضرورة قصوى ستحمي الاقتصاد من الوقوع في فخ الركود الاقتصادي.
وقال سندعو جمعيات النفع العام والمتخصصين لمناقشة القانون ووضع تصوراتهم ضمن تعديلات اللجنة المقترحة، كما سيتم تعيين مؤسسة مالية عالمية وأخرى محلية لدراسة جميع التفاصيل الفنية للمشروع.
وتطرق العوضي لمزايا المشروع بالقول إن المشروع هو الأول من نوعه على مستوى العالم العربي الذي يشمل إنقاذ القطاع المالي والمصرفي والعقاري ويعالج الوضع الحالي بتكلفة أقل وجدوى أكثر.
وأضاف أن القانون لم يفرض وصاية على البنوك كما تدعي بعض البنوك، وهناك بنوك مركزية أوروبية قامت بإزالة إدارات تنفيذية لشركات ولابد من إعطاء «المركزي» كافة الضمانات للعمل الاقتصادي، قائلا إن من يستحق الدعم سيحصل عليه ومن لم يستطع فيمكنه التحرك إلى القضاء لإعادة الهيكلة، موضحا أن المشروع موجه إلى تحقيق الاستقرار المالي.
وقال إن تخفيض الحكومة للإنفاق الاستثماري بمقدار 25% في الموازنة العامة للدولة سيكون له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد، وعلى الحكومة الإسراع بطرح مشروعات تنموية أمام القطاع الخاص، وسيشجع ذلك البنوك المحلية على العمل بحرية في إقراض الشركات، خاصة أن الضمان سيكون معززا بأداء اقتصادي إنتاجي.
الـ b.o.t
واشار إلى أن هناك 100 مشروع مقدم في مجال الـ «b.o.t»، وهي فرصة للتحرك في هذا الموضوع خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح العوضي أن الأزمة فرصة لتحريك العجلة الاقتصادية في المرحلة المقبلة وتجــاوز الأزمــة بشكــل يبعــد الاقتصاد عــن شبــح الكســاد.
وتطرق العوضي إلى تأثير الأزمة المالية العالمية على أداء الاقتصاد العالمي، حيث قامت شركات في كاليفورنيا باعتماد إجازة يوم واحد في الأسبوع من دون أجر لتقليل النفقات، إضافة إلى توقعات بوصول عجز الموازنة العامة في أميركا إلى 800 تريليون دولار خلال العام المقبل.
الأزمة تحتاج إلى حل
وقال مدير معهد الدراسات المصرفية د.رضا الخياط إن الأزمة تحتاج إلى مزيد من الوقت لتفعيلها وفق معايير تساعد على الحل ويحتاج هذا الحل إلى وقت للحيلولة دون وقوع الاقتصاد في مأزق أكثر عمقا.
وأوضح: من وجهة نظري مشروع القانون يعد خطوة جيدة ويحتاج إلى مزيد من الجهود لصدوره في أقرب وقت ممكن.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )