قال تقرير بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) ان الضائقة الائتمانية والتباطؤ الاقتصادي العالمي مقترنين تسببا بانخفاض أسعار النفط، وتقلص الإنتاج النفطي وتراجع الإنفاق الاستهلاكي في إلحاق ضرر بالغ بالاقتصاديات في المنطقة، وفيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، التي كانت تتمتع حتى وقت قريب بمعدلات نمو اسمية مرتفعة بفضل ارتفاع أسعار النفط، فمن المحتمل أن تواجه انكماشا اقتصاديا في العام 2009.
وتوقع التقرير أن ينخفض حجم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة والذي قدر أن ينمو بحوالي 26.4% في العام 2008 مسجلا 1.04 تريليون دولار إلى 923.6 مليار دولار في العام 2009، وعلى هذا الأساس بلغت مقايضات التخلف عن سداد الديون السيادية لاقتصادات المنطقة مستويات قياسية.
وبين التقرير ان عقود مقايضة العجز الائتماني تعد أحد الأنواع الشائعة من عقود المشتقات بغرض السداد في حالة العجز عن الوفاء بالالتزامات، وحينما تتسع هوامش مقايضات العجز الائتماني فإن ذلك يعني أن المستثمرين يرغبون في دفع المزيد لحماية أنفسهم من مخاطر التخلف عن السداد، ويشير هامش مقايضات قدره 250 نقطة أساس، إلى أنه يتعين على المستثمر الذي دفع مليون دولار نظير التأمين من احتمال القصور الائتماني أن يدفع 25 ألف دولار سنويا.
وأشار التقرير الى ان هوامش مقايضات العجز الائتماني السيادي أو علاوة الضمانات، تشهد ارتفاعا حادا في الدول التي لوحظ أنها تواجه صعوبات في إصدار ديون جديدة.
ووفقا لبيانات شركة cma datavision، لامست مقايضات العجز الائتماني الخاصة بالبحرين ارتفاعا قياسيا بلغ 474.2 نقطة أساس في الثالث والعشرين من شهر يناير من العام 2008 وهو يعد الأعلى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.
واشار التقرير الى ان أسعار عقود المقايضات ارتفعت مشيرة إلى تدهور جودة الائتمان وقفزت بمقدار 34.2 نقطة أساس خلال هذا الأسبوع و174.2 نقطة أساس خلال الشهور الثلاثة الماضية.
وكانت مؤسسة موديز قد خفضت في وقت سابق تقييمها الائتماني لمملكة البحرين من مستقر إلى «سالب» في السادس من شهر يناير الماضي جراء الهبوط المستمر في أسعار النفط وما قد تلاقيه الحكومة البحرينية من صعوبة في تمويل العجز في ميزانيتها.
وذكر التقرير ان مقايضات العجز الائتماني في سوق دبي أنهت الأسبوع الماضي عند مستوى 283.4 نقطة أساس، وهو يعد أعلى معدل تسجله الإمارة للمرة الثانية إلا أنه أقل بكثير مقارنة بالبحرين، وبالمثل بلغت مقايضات عجز الائتمان في قطر والمملكة العربية السعودية أيضا ذروتها بتسجيلها 278.3 و267.7 نقطة أساس على التوالي في حين لم تشهد الكويت وعمان أي تعاملات في عقود مقايضة العجز الائتماني.
وقال التقرير انه في السابع عشر من شهر ديسمبر العام 2008، خفضت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني من التصنيف الفردي الممنوح لعدد من بنوك دول مجلس التعاون الخليجي نظرا لتدهور أوضاع السوق والتي من شأنها أن تتسبب في تراجع ربحية القطاع المصرفي وارتفاع القيمة السوقية.
وأدت أزمة الائتمان إلى تقليص السيولة في القطاع المصرفي لدول مجلس التعاون الخليجي كما يتوقع أن تفضي إلى تدني معدل النمو الاقتصادي لدول المنطقة.
واشار التقرير الى انه من المحتمل أن يتسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط في تراجع إنفاق حكومات دول الخليج على مشاريع البنية التحتية، والتي قد تؤجل أو تلغى، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي.
وذكر التقرير ان مقايضات العجز الائتماني تعكس على نحو واضح الجدارة الائتمانية للدول كما أنها على خلاف سوق الصرف الأجنبي وسوق السندات، لا تتأثر سريعا بإجراءات حماية السوق مثل التدخل وتسوية الإصدارات، وتسببت المخاوف من العجز عن سداد ديون العملة الأجنبية في هبوط قيمة العملة واتساع هامش مقايضات العجز الائتماني.
ونتيجة لذلك، تأثرت القدرات التمويلية لدول المنطقة بالسلب مما أثار المزيد من المخاوف.
واشار التقرير الى ان الزيادة في مقايضات العجز الائتماني لدول مجلس التعاون الخليجي بدأت بصفة أساسية منذ بداية شهر سبتمبر عندما أخذت أزمة الائتمان العالمية منعطفا جديدا في ظل تدهور أوضاع الائتمان وتأثيرها الحاد على الاقتصاديات العالمية.
واستسلمت أسواق الأسهم الخليجية، التي وقعت بأي حال من الأحوال تحت ضغوط انخفاض أسعار النفط الخام وإقدام مديري الصناديق الأجنبية على تنفيذ عمليات بيع قسرية، إلى صدمة السيولة التي هزت الأسواق المالية في مطلع شهر سبتمبر الماضي، وحتى ذلك الحين، جرى تداول مقايضات العجز الائتماني في جميع اقتصادت دول الخليج عند مستويات منخفضة تبلغ قرابة 50 نقطة أساس باستثناء البحرين التي شهدت تداولات بمقدار 103 نقاط أساس.
ولاحظ التقرير ان الاندفاع الأول حدث نحو عقود المقايضات في نهاية شهر أكتوبر عندما قفزت مقايضات العجز الائتماني السيادي في البحرين، والإمارات، وقطر، والسعودية محققة ارتفاعات جديدة في ذلك الوقت، وشهدت أسواق الأوراق المالية هبوطا حادا في أعقاب إفلاس بنك ليمان، وقد ساعدت سلسلة من الجهود المتجمعة للحكومات والبنوك المركزية في المنطقة على تحسين ثقة المستثمرين، فقد كان هناك شعور بأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر بحدة مثلما تأثر نظراؤها الغربيون والمقاطعات النامية الأخرى في أوروبا.
ونتيجة لذلك، انخفضت هوامش مقايضات العجز الائتماني للدول الأربع جميعا ولكن الانخفاض المستمر في أسعار النفط من مستوياتها القياسية المرتفعة المسجلة في شهر يوليو إلى مستوياتها المنخفضة في شهر ديسمبر والتي تضاهي المستويات المسجلة في الثلاثينيات أدى إلى تفاقم الأوضاع.
وأدى ذلك مقترنا بهبوط أسعار العقارات في دبي، إلى بدء اتساع هوامش مقايضات العجز الائتماني.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )