سامي الجدعان
عـمـر راشــد
اوضح وزير المالية مصطفى الشمالي ان انخفاض قيمة الدينار مقابل عدد من العملات العربية والاجنبية مؤخرا تحكمه عوامل فنية مرتبطة بأسعار صرف العملات، مشيرا الى ان قوى العرض والطلب هي اساس تحرك اسعار الصرف صعودا وهبوطا.
ولفت الشمالي في رده على سؤال وجهه النائب م.عبدالعزيز الشايجي حول انخفاض سعر صرف الدينار مقابل بعض العملات وعما اذا كان الانخفاض نتيجة سياسة واجراءات متعمدة من المركزي، لفت الى ان ارتفاع سعر الصرف مقابل العملات الاخرى ليس بالضرورة امرا صحيا للاقتصاد الوطني في كل الاوقات، كما لا يؤدي انخفاضه الى التأثير سلبا على الاوضاع الاقتصادية لبلد ما، وفيما يلي التفاصيل:
انخفاض قيمة الدينار
في البداية اشار الوزير الشمالي الى ان ما ورد في السؤال عن انخفاض قيمة الدينار مقابل عدد من العملات العربية والاجنبية يحتاج الى المزيد من التحديد نظرا للطبيعة الفنية لمفاهيم قياس تحركات اسعار الصرف في اسواق العملات.
وانطلاقا من ذلك قد يكون من المفيد في البداية توضيح بعض النواحي الفنية المرتبطة بأسعار صرف العملات، وعقب ذلك يمكن تناول ما ورد في السؤال بشأن سعر صرف الدينار مقابل العملات الاخرى، حيث سيتم التركيز في ذلك على الفترة منذ اعادة العمل بنظام سلة العملات في تحديد سعر صرف الدينار وفقا للمرسوم رقم 147 لسنة 2007 بشأن ربط سعر صرف الدينار الصادر في 20 مايو 2007.
قوى العرض والطلب
واضاف انه كما هو معلوم، تتحرك اسعار صرف العملات العالمية الرئيسية مقابل بعضها البعض صعودا وهبوطا استنادا الى قوى العرض والطلب.
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن تقلبات اسعار صرف العملات العالمية الرئيسية صعودا وهبوطا تعتبر واقعا لابد من الاقرار به والتعامل مع ما ينطوي عليه من تأثيرات ضمن منظومة السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للدولة بصفة عامة، وسياستها في تحديد سعر صرف عملتها الوطنية بصفة خاصة.
سعر الصرف بين التثبيت والتعويم
وبين ان الدول المختلفة تتبنى نظما متنوعة في مجال تحديد سياسة سعر صرف عملاتها الوطنية، وتتراوح تلك النظم بين الربط المطلق (التثبيت الصارم) مقابل احدى العملات العالمية كالربط مقابل الدولار الاميركي على سبيل المثال، والتعويم الكامل اي ترك سعر صرف العملة الوطنية يتحدد وفق مقتضيات قوى العرض والطلب.
وبصفة عامة، ليس هناك نظام سعر صرف مثالي صالح لجميع الدول في كل الأوقات، حيث ان لكل نظام مزاياه وتكاليفه التي ينبغي اخذها في الاعتبار عند اختيار نظام معين دون غيره.
واشار الى ان الاقتصاديين يتفقون في هذا الصدد على ان ارتفاع سعر صرف العملة الوطنية لدولة ما مقابل العملات الاخرى لا يعتبر بالضرورة امرا مفيدا للاقتصاد الوطني لتلك الدولة في كل الاوقات.
وبالمقابل ليس بالضرورة ان يؤدي انخفاض سعر صرف العملة الوطنية لدولة ما مقابل العملات الأخرى الى التأثير سلبيا على الأوضاع الاقتصادية لتلك الدولة.
وايضاحا منه للموضوع، قال هناك العديد من الدول العربية والاجنبية التي اختارت نظم الربط المطلق (التثبيت الصارم) لاسعار صرف عملاتها الوطنية مقابل احدى العملات العالمية كالربط مقابل الدولار الاميركي على سبيل المثال.
ولذلك فان اسعار صرف العملات الوطنية لتلك الدول مقابل العملات الاخرى بخلاف الدولار الاميركي (عملة الربط) تتحرك صعودا او هبوطا في ذات اتجاه ودرجة تحركات سعر صرف الدولار الاميركي مقابل تلك العملات الاخرى.
فك الارتباط
وتطبيقا للمرسوم رقم 147 لسنة 2007 الصادر بتاريخ 20 مارس 2007 في شأن ربط سعر صرف الدينار، قام بنك الكويت المركزي بفك الارتباط الذي كان قائما بسن سعر صرف الدينار والدولار منذ بداية عام 2003 وحتى 17 مايو 2007، والعودة في تحديد سعر صرف الدينار اعتبارا من 20 مايو 2007 الى اساس سلة خاصة موزونة من عملات اهم الدول التي ترتبط معها الكويت بعلاقات تجارية ومالية ملموسة.
تحركات سعر الفائدة
واشار الى انه في الواقع العملي فان سعر صرف الدينار مقابل العملات الأخرى (كالدولار على سبيل المثال) منذ 20 مايو 2007 يتحرك (ارتفاعا وانخفاضا) بموجب تحركات اسعار صرف العملات المكونة للسلة مقابل بعضها البعض في الاسواق العالمية أخذا في الاعتبار الأوزان المختلفة لتلك العملات في تكوين تلك السلة، وذلك بما يضمن المحافظة على الاستقرار النسبي لسعر صرف الدينار مقابل عملات تلك السلة مجتمعة.
ويعتبر الرقم القياسي لسعر الصرف الفعلي المقياس الأكثر استخداما لدى المختصين لرصد تحركات سعر صرف عملة ما مقابل العملات الأخرى مجتمعة، اي انه بمنزلة المتوسط لسعر صرف عملة ما مقابل مجموعة من العملات الأخرى.
القوة الشرائية للدينار
وتشير البيانات الى انه مع إعادة العمل بنظام السلة لتحديد سعر صرف الدينار اعتبارا من 20 مايو 2007 ارتفع الرقم القياسي لسعر الصرف الفعلي الاسمي للدينار والمعبر عن القوة الشرائية للدينار مقابل العملات الاخرى، حيث سجل ذلك الرقم ارتفاعا بلغت نسبته 1.3% في نهاية ديسمبر عام 2007 مقارنة بمستواه في 17 مايو 2007، وواصل الرقم القياسي لسعر الصرف الفعلي الاسمي للدينار ارتفاعه بما نسبته 3% في نهاية ديسمبر 2008 مقارنة بنهاية ديسمبر 2007.
أما خلال الفترة المنقضية والمتاحة من عام 2009 فقد سجل الرقم القياسي لسعر الصرف الفعلي الاسمي للدينار انخفاضا بلغت نسبته 1.7% في نهاية يناير 2009 مقارنة بنهاية عام 2008، ثم عاد للارتفاع مرة اخرى بما نسبته 0.3% في نهاية يوم 12/2/2009 (آخر بيانات متاحة) مقارنة بنهاية شهر يناير 2009 كما يعتبر مستوى ذلك الرقم في نهاية يوم 12/2/2009 مرتفعا بما نسبته 3% مقارنة بمستواه في نهاية يوم 17/5/2007.
متابعة دورية
أما فيما يتعلق بما جاء في البند الثاني من السؤال حول ماهية الاجراءات المتخذة للمحافظة على القيمة الشرائية للدينار مقابل العملات الاخرى، فأود الاشارة في هذا الصدد الى ان بنك الكويت المركزي يقوم برصد ومتابعة يومية للتطورات في اسعار صرف العملات في اسواق العملات الرئيسية، واثر تلك التطورات على تحركات سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية وتحليل اتجاهاتها وانعكاساتها، واتخاذ ما يلزم من تدابير واجراءات لضمان المحافظة على الاستقرار النسبي العام لسعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.
وقد قام بنك الكويت المركزي بتكثيف جهوده في هذا الشأن خصوصا مع زيادة حدة الازمة المالية العالمية اعتبارا من النصف الثاني من عام 2008، وما صاحبها من تداعيات مؤثرة على القطاعات المصرفية والمالية في معظم دول العالم التي امتدت لتشمل ايضا اسواق الصرف العالمية، حيث تشهد تلك الاسواق تقلبات ملموسة في اسعار صرف العملات العالمية الرئيسية وبشكل غير مسبوق، ونود التأكيد في هذا الخصوص على ان نظام سلة العملات المتبع حاليا لتحديد سعر صرف الدينار مقابل العملات الاخرى يؤدي الاغراض المنشأ من اجلها بما يوفره من مساحة اكبر نسبيا من المرونة لبنك الكويت المركزي في استخدام ادوات السياسة النقدية لتعزيز دعائم الاستقرار النقدي في الاقتصاد الوطني ومكافحة الضغوط التضخمية المستوردة المرتبطة بالتقلبات في اسعار صرف العملات الرئيسية.
إشادة من صندوق النقد
وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان صندوق النقد الدولي الذي يعتبر الجهة الدولية المعنية بالرقابة على سياسات ونظم وترتيبات اسعار الصرف في الدول الاعضاء بالصندوق، اشاد بصفة متكررة في تقاريره الدورية التي يعدها عن الاقتصاد الكويتي بسياسة سعر صرف الدينار، مبرزا بشكل خاص دور تلك السياسة في مجال تحقيق الاستقرار النسبي لسعر صرف الدينار مقابل العملات الاخرى بما يخدم الاقتصاد الكويتي.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )