عمر راشد
مع احتدام الجدل الدائر حول ضرورة تعديل بعض مواد مشروع قانون تعزيز الاستقرار المالي والنقاش حوله، تباينت رؤى المحللين الاقتصاديين حول القانون وضرورة إنقاذه من براثن المقايضة التي قد تعصف بالمقدارت الاقتصادية للدولة، بعد أن فقدت البورصة ما يزيد على 30 مليار دينار منذ شهر سبتمبر الماضي إلى اليوم، وارتفاع مديونيات الشركات العاملة إلى مستويات باتت غير قادرة على تحملها ما يعني أن مرحلة الإفلاسات تدق أبوابها بشدة في انتظار من ينقذها بعيدا عن حوار الطرشان والتأزيم الذي لن يخلق سوى مزيد من التعقيد لتلك الشركات والعاملين فيها.
مصلحة الاقتصاد
رئيس مجلس إدارة شركة كي جي إل بتروليوم ووزير التجارة والصناعة الأسبق د.يوسف الزلزلة أشار إلى ضرورة صدور قانون الاستقرار المالي وبسرعة قبل أن تتفاقم الأزمة إلى مستويات غير مسبوقة، لافتا الى أن القانون وإن كان فيه بعض النقص إلا أنه يمكن تلافيه والعمل على تصحيحه وتصويبه بعد التطبيق من أجل مصلحة الاقتصاد.
وأكد في حواره مع قناة الـ cnbc أن القانون ناقص ويحتاج إلى تعديل إلا أن عدم صدوره يعني مزيدا من الانهيار للبورصة والقطاعات الاقتصادية ستعاني مزيدا من التدهور إذا استمر الوضع على حاله ولم يتم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل إنقاذ الاقتصاد، مشيرا الى أن الحكومة تملك الأغلبية في مجلس الأمة لصدور القانون رغم وجود أقلية تعارضه على أساس المقايضة بين إسقاط القروض وإنقاذ الشركات الاستثمارية.
ولفت الى أن الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الحكومة هو خفض الإنفاق العام بنسبة 36.5% في موازنة 2009/2010، مستدركا بالقول ان دولا مجاورة رفعت الإنفاق لمستويات قياسية في تاريخ موازناتها العامة للدولة وصلت إلى 42% في الإمارات و30% في السعودية، مشيرا الى أن الخبراء الاقتصاديين وكذلك التجارب الاقتصادية العالمية والإقليمية تؤكد أن مواجهة الركود لا تتأتى إلا بزيادة الإنفاق.
وبين أن الكويت مرت بمرحلة كانت أسعار النفط أقل من ذلك بكثير، ومع ذلك فإن البنية التحتية التي أنفقت عليها الكويت هي ما تعمل عليها القطاعات الاقتصادية حاليا، مستدركا أن الخروج من الركود لن يتأتي إلا بزيادة الإنفاق.
وفي مداخلته على كلام الزلزلة، قال نائب رئيس مجلس إدارة «إيفا» ونائب رئيس اتحاد الشركات الاستثمارية صالح السلمي ان الوقت لم يعد هو الفيصل في صدور قانون الاستقرار المالي وإنما الخروج بقانون متكامل يعالج العيوب والخلل الناجم عن الأزمة المالية الحالية.
سونامي الأزمة
وقال إننا حذرنا من تداعيات الأزمة منذ سبتمبر الماضي ولم يستمع أحد إلينا وكنا نعرف أن الأزمة ستطبق بخناقها على الجميع دون هوادة إن لم تتعامل الحكومة معها بسرعة.
وأشار إلى أن البورصة فقدت ما يقارب 30 مليار دينار في الـ5 شهور الماضية بعد اندلاع سونامي الأزمة المالية العالمية، فما المانع من الصبر أسبوعا آخر للخروج بقانون متكامل لأن العجلة ستؤدي بلا شك إلى مزيد من الخسائر والنقص سيضع القطاعات الاقتصادية في ورطة عما هي عليه الآن.
ولفت السلمي إلى أن اتحاد الشركات الاستثمارية قدم ورقة بتعديلاته المقترحة على قانون الاستقرار المالي إلى اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، لافتا الى أن تلك التعديلات جاءت لتتوافق مع أوضاع الشركات الاستثمارية حاليا.
المال العام
وتطرق نائب رئيس مجلس إدارة شركة الأولى للتأمين حسين العتال إلى أن القانون لا مبرر له إن لم يساعد الشركات الاستثمارية من خلال تدخل المال العام، مبينا تعجبه من تصريح محافظ بنك الكويت المركزي بأن المال العام لن يكلف الدولة شيئا، مستدركا إن لم يحم قانون الاستقرار القطاعات الاقتصادية من آثار وتداعيات الأزمة الحالية فما هي ضرورته؟
وأشار إلى أن القانون جاء ليحمي الدائن بدلا من المدين ووضع الشركات في مسألة عسيرة لأنها، وكما ذكر المحافظ، عليها أن تحمي أوضاعها دون الاعتماد على أحد ومن ثم فإن القانون لم يأتي لحمايتها وإنما لحماية دائنيها.
ونبه إلى أن القانون أغفل الكثير من الجوانب الضرورية لتحقيق ما يسمى التوازن والاستقرار المالي وارتكز على حماية القطاع المصرفي من خطر المديونيات المتعثرة دون أن يحمي الشركات من السقوط في بئر الإفلاس.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )