محمود فاروق
اجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين على امكانية ارتفاع حدة تدهور الوضع الحالي للقطاعات المالية في البلاد بعد تأجيل مناقشة قانون الاستقرار المالي نظرا لما تعانيه القطاعات من تبعات سلبية ستؤثر على قواعد وركائز الاقتصاد الوطني ومنها الشركات الاستثمارية وسوق الكويت للاوراق المالية وجميع المؤسسات المالية والصناعية نظرا لما قد تشهده من شلل وان كان مؤقتا في عملها وادائها، الامر الذي سيغير الخارطة الاقتصادية ويوجهها الى اتجاه لا احد يعرف مصيره، سواء الجهات المعنية بمشروع القانون او نواب مجلس الامة ذاتهم.
واوضح الاقتصاديون، في تصريحات لـ «الأنباء» على خلفية تأجيل مناقشة قانون تعزيز الاستقرار المالي، ان اي مشروع قانون لابد ان تعتريه بعض اوجه القصور، حيث انه لا يوجد مشروع قانون سواء في الكويت او اي دولة اخرى خال من اي قصور، ولا بد من تكاتف جميع الجهات والسلطتين التنفــــيذية والتــــشريعية لتمرير القانون، وان كانت به عيوب، نظرا لارتفاع قيمة المـــــعالجة يوما بــــعد يوم، مــــما يزيد الامر ســـوءا وتصبح العواقب وخيمة على جمــــيع القطاعات الاقتـــــصادية وتتعطل عــــجلة الاقتصاد الوطني، ومما لا شك فيه ان مصير الوضع الاقتصادي الحالي للبلاد اصبح مرهونا بتمرير قانون الاستقرار المالي الذي من شأنه ان يعالج الاوضاع المالية للشركات ذات الملاءة المالية بأصولها وتحتاج الى المزيــــد من السيولة لسداد مديونياتها، مما يغيــــر الحالة النفسية للمستثمرين التي سيطرت عليهم منذ بداية الازمة حتى الآن، وفيما يلي رصد لآراء اقتصاديين حول تبعات تأجيل مناقشة قانون الاستقرار المالي:
بداية قال نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة الاستشارات المالية الدولية صالح السلمي ان هناك تبعات سلبية ستحدث على كل القطاعات الاقتصادية لم يكن احد يتوقعها نظرا لسرعة توغلها في جميع الانشطة الاقتصادية، وذلك نتيجة تأجيل قانون الاستقرار المالي.
وبين أن ذلك سيساهم في توجيه نظرة مستقبلية سلبية وتشاؤمية للاقتصاد الوطني مما يفقده هويته بين الدول الأخرى والتي بدأت في استعادة عافيتها نتيجة اسراعها في تشريع قوانين ساعدت في الحد من تداعيات الأزمة وعالجت اوضاع الشركات والمؤسسات المالية.
وأضاف أن تأخر اقرار القانون سيؤدي الى تدهور الوضع الاقتصادي خاصة الشركات المتعثرة والتي لم تحظ بشمولية كافية من القانون وايضا لم تلاق ردا حيال طلبات اقراضها من البنوك.
حراك سياسي
ومن جانبه، قال رئيس مجلس ادارة مجموعة الأوراق المالية علي الموسى ان تأخير اقرار القانون ليس في مصلحة احد نظرا لأن الوضع الحالي للاقتصاد الوطني يهدد مصلحة المواطنين والاجيال المقبلة ومن المفترض ان يمرر القانون بأسرع وقت وبعدد كاف من الاصوات البعيدة عن المصالح الشخصية، الا ان ما نراه اليوم يؤكد ان المصالح بات لها دور كبير في تمرير القانون من عدمه فالأمور الحالية باتت في حراك سياسي قوي لا يمكن تداركها وعلى السلطتين التنفيذية والتشريعية وكل الجبهات الشعبية التكاتف من اجل تمرير المشروع بشكل سريع حتى لا تزداد تكلفة المعالجة، بشكل يصعب معالجتها فيما بعد ويتعرض الاقتصاد الوطني نتيجة ذلك للانهيار.
وطالب الموسى بل سرعة مناقشة القانون واقرار التعديلات التي يحتاجها القانون واقراره حتى يتسنى للاقتصاد الوطني النهوض من ازمته الحالية.
أبعاد خفية
وفي ذات السياق، اكد رئيس مجلس ادارة شركة ياكو الطبية حامد حمادة ان الأزمة الاقتصادية بالكويت بدأت تأخذ ابعادا خفية وغير مرئية نظرا لأن جميع الجهات المعنية اختلفت فيما بينها على مواد القانون فالخلافات اصبحت تحدث نتيجة نظرة الاغلبية للمكاسب الشخصية التي فرضت نفسها على الساحة السياسية فالسجالات التي تحدث حاليا بين السلطتين رهنت الاقتصاد الوطني تجاه تمرير القانون من عدمه مما ادخل البلاد في نفق مظلم يصعب الخروج منه بأقل التكلفة كما كان يعتقد الكثيرون من المسؤولين بالدولة.
فلابد من توحيد الرأي حول مشروعية القانون واقراره بشكل سريع حتى يتعافى الاقتصاد الوطني من ازمته قبل دخوله منحنى الركود والانكماش الاقتصادي والذي بات قريبا من الحدود الاقتصادية للبلاد.
«مناخ ضبابي»
ومن جانب آخر ذكر مدير عام شركة الصناعات الوطنية لمواد البناء د.سعود الفرحان ان تأجيل مشروع قانون الاستقرار المالي سيزيد من حدة المناخ الضبابي والذي سينتج أرضا خصبة لظهور عدد من الشركات المتعثرة والتي تنتظر بدورها الافراج عن السيولة لمعالجة اوضاعها المالية.
وأضاف أن الوضع الحالي يعتبر الاخطر على الاطلاق في ظل غياب الافصاح والشفافية، خاصة تقاعس الشركات عن الاعلان عن بياناتها المالية للعام الماضي مما خلق أزمة ضخمة على المستوى المحلي وهو ما سيزيد من حالة الضبابية، نظرا لأن القانون يعتبر بمثابة الامل الاخير الذي تتعلق به القطاعات الاقتصادية سواء المالية أو الاستثمارية للخروج من كبوتها في أسرع وقت وقبل أن يحين موعد تصفية من لا يستطيع الاستمرار.
وأوضح الفرحان أن الجميع يتمنون سرعة اقرار قانون تعزيز الاستقرار المالي والابتعاد عن السجال النيابي والعمل على التكاتف بين جميع الجهات المعنية لمصلحة البلاد دون إدخال المصلحة الشخصية في الاعتبار حتى يتعافى الاقتصاد الوطني من أزمته دون ان تمثل تكلفة العلاج هدرا للمال العام، وطالب بضرورة اعادة طرح المشاريع التنموية التي توقفت جراء تلك الأزمة، مؤكدا أن الاقتصاديين والخبراء أجمعوا على أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى التكاتف حتى تبتعد البلاد عن شبح الركود والانكماش الاقتصادي الذي بات قريبا، هذا بالاضافة ايضا الى انهاء حالة الخلافات الداخلية بين السلطتين وتوحيد الرأي حول تعديلات القانون والتصويت عليه في الجلسة القادمة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )