عمر راشد
.. ويبقــى مشــروع قــانون تعزيز الاستقرار المالي يراوح مكانه بين تعديلات كانت اقترحتها بعض الكتل النيابية واعتراض بعض الشركات، في مقابل موافقة بعض الاقتصاديين عليه باعتباره بداية النجاة من الأزمة الاقتصادية التي تزداد حدتها يوما بعد آخر، إلا أن مصادر مطلعة ذكرت لـ«الأنباء» أن القانون لايزال يحتاج الى الدراسة والتمحيص.
وفي المقابل رأت مصادر اقتصادية أن الأزمة الاقتصادية ذات أبعاد ثلاثية في الكويت والتي تستحكم يوما بعد آخر ناتجة عن غياب الثقة التي تعد عماد أي اقتصاد ناجح، مستدركة بالقول إن إدمان الفوضى وانقلاب المعايير وغيابها السبب الرئيسي في اشتعال الأزمة رغم بساطة الحلول المطلوبة.
واستعرضت المصادر أبعاد الأزمة الاقتصادية الثلاثية التي تمر بها الكويت حاليا في الآتي:
الخلل في هيكل الاقتصاد الذي يعتمد على أكثر من 90% من دخله على النفط، وأن أكثر من 90% من القوى العاملة تتركز في القطاع الحكومي وتستهلك رواتبها ما مقداره 60% من الإنفاق العام للدولة، إضافة إلى أن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 23% مع عجز الحكومات المتعاقبة عن تحقيق استراتيجية تنويع مصادر الدخل رغم امتلاكها لمشروعات تنموية يمكن أن يؤدي تنفيذها إلى توطين مفهوم المجتمع الإنتاجي وزيادة درجة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج.
تأثر الكويت بتداعيات الأزمة المالية العالمية لارتباط استثماراتها الخارجية بعمل وآلية الأسواق العالمية التي تزيد حدة انخفاضاتها يوما بعد آخر، الأمر الذي ترتب عليه فقدان تلك الاستثمارات ما مقداره 40% من قيمتها وفقا للبيانات المنشورة حديثا، مستدركة بالقول ان التخوف بات أكثر احتمالا من تحولها من خسائر غير محققة إلى خسائر محققة وذلك بالضغط على الحكومة بتسييل أصول محلية وخارجية لتنفيذ مشروعات قد تكون بمثابة كارثة حقيقية.
ركزت المصادر على البعد الثالث المتمثل في التطبيقات التنظيمية للاقتصاد مشيرة إلى عدد من أوجه القصور المتمثلة في:
-
غالبية الشركات الكويتية تعوم على أصول «ورقية» في أدائها التشغيلي والاستثماري وبالتالي فهي لا تحقق نتائج تشغيلية في أدائها.
-
هناك مفارقة كبيرة في الرقابة على أداء البنوك التجارية مقارنة بالشركات الاستثمارية التي تعتبر وفقا للمعايير الدولية بنوكا استثمارية، في حين يتشدد البنك المركزي في الرقابة مع البنوك التجارية لا تتعدى رقابته نسبة الـ 5% من تلك الرقابة على الشركات الاستثمارية، في الوقت الذي يتجاوز فيه عدد الشركات الاستثمارية 100 شركة، لا يتعدى عدد البنوك التجارية 10 بنوك فقط.
-
الإشكالية الحقيقية تكمن في الشركات المساهمة المقفلة التي نسبتها 90% من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية والتي لا تحمي حقوق المساهمين ولا تؤدي إلى مساءلة الملاك عن أفعالهم ولا تمتد إلى أموالهم الخاصة في الوقت الذي لا تتعدى نسبة الشركات المساهمة العامة 10% والتي تعطي للمساهمين الحق في مساءلة الملاك عن أموالهم والعمل في الوقت نفسه، موضحة أن العمل في سوق الأوراق المالية وآلية التداول يسيران وفق المثل القائل «من أمن العقاب أساء الأدب».
-
هناك درجة كبيرة من التلاعب بأموال المساهمين خاصة في مسألة الإقفالات الأخيرة في الشركات الاستثمارية وشركاتها التابعة والتي تتم من خلال التحرك على موجة الدعم وجني الأرباح من خلال أموال المساهمين.
وقالت المصادر لا حاجة لنا لقانون استقرار مالي وإنما مطلوب تعزيز رقابة المركزي ووزارة التجارة وإدارة السوق وإجراء إصلاحات جذرية على وضع معظم الشركات الموجودة من خلال تحويلها من مساهمة مقفلة إلى مساهمة عامة، مستدركة بالقول ان هناك ضرورة ملحة لوقف التشنجات السياسية الخاصة بالمشروع ومقايضته بشراء المديونيات أو التخفيف من حدة القروض على المواطنين.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )