أكد د.عباس المقرن من جامعة الكويت ان الكويت تأخرت كثيرا في معالجة الازمة المالية، ما يزيد من تكلفة العلاج، مشيرا الى ان بداية المشكلة محليا كانت بسبب «الفتاوى المعلبة» خاصة ان هناك من قال انه ليست هناك ازمة في الكويت والاقتصاد الكويتي يتمتع بقوة ولديه ما يحصنه من آثار الأزمة.
وأشار الى ان هذا القول يحتمل جزءا من الصواب في جانب واحد فقط وهو جانب التوظيف في القطاع الحكومي.
وبين ان مجلس الأمة ايضا ابتعد عن دوره الرئيس في معالجة الأزمة، كما ان الحكومة لم تعط الاهتمام الكافي من خلال التسريع في عملية معالجة الأزمة، هذا الى جانب تعطل الخطة الخمسية، كما ان الميزانية العامة للدولة التي وضعت في السنة المالية الحالية التي بدأت في ابريل 2008 لم تأخذ في الاعتبار هذا التصور ونزول اسعار النفط.
وقال د.المقرن انه عندما اصبحت الازمة ملموسة في الكويت كلفت الحكومة فريق الإنقاذ برئاسة محافظ بنك الكويت المركزي بأن يجد علاجا للأزمة وقد وضع الفريق مشروع قانون الاستقرار المالي وذهب هذا المشروع الى أروقة مجلس الوزراء ومن ثم الى مجلس الأمة بالرغم من ان هذا القانون يعالج الأزمة معالجة جزئية ويتعلق بإنقاذ قطاع البنوك أولا.
واستطرد قائلا: أعتقد اننا كنا ضحية التردد في البداية بأنه ليست هناك ازمة في الكويت، والاقتصاد الكويتي اكثر عرضة من غيره تأثرا بالأزمة لعدة أسباب منها ان الاقتصاد الكويتي يعتمد في دخله الرئيسي على النفط بشكل اساسي والنفط لا يستهلك محليا وانما يصدر منه نحو 90% في صورة نفط خام او مشتقات الى العالم الخارجي، واذا كان العالم الخارجي في ازمة فمعنى ذلك اننا لا نستطيع ان نصدر النفط لا بالكميات ولا بالاسعار السابقة.
وزاد قائلا: وثاني أكبر مصدر للإيرادات العامة هو الاستثمارات الخارجية للدولة ومعظمها موجود في الاسواق الرأسمالية العالمية وهي مركز الازمة التي انتقلت لنا وبالتالي لابد ان تتأثر قيم الاصول لهذه الاستثمارات الخارجية وعوائدها خلال الأزمة.
وذكر اننا نعتمد كدولة على قطاع التجارة الخارجية لتوفير معظم حاجات الدولة من سلع وخدمات.
كما ان جزءا كبيرا من المؤسسات الاقتصادية الكويتية بسبب ضيق السوق المحلية اصبحت تعتمد استثماراتها على الاسواق الخارجية وكانت تلك الاستثمارات في صورة محافظ استثمارية في الاسواق الرأسمالية وهذه هي مركز الازمة مرة اخرى.
هذا الى جانب ان تلك المؤسسات بدأت تعتمد على الاقتراض من الخارج بسبب سهولة الحصول على القروض من الخارج وبالتالي اصبحنا مدينين وفق جداول زمنية لا ترحم ولا تقبل التمديد وهذه كانت جزءا من المشكلة الاساسية التي تعرض لها الاقتصاد الكويتي.
واشار الى ان 60 الى 70% من محافظ الشركات الكويتية الاستثمارية التي زاد عددها خلال فترة الرواج «قبل الازمة» هي عبارة عن استثمارات خارجية، وهناك ضعف في الثقة لدى المواطن في اداء الشركات الكويتية ليس لان اداء هذه الشركات ضعيف او سيء ولكن لان درجة الشفافية والافصاح في بيانات الشركات الكويتية ضعيفة والرقابة على اداء هذه الشركات ايضا ضعيف وهناك غياب للبيانات وكذلك غياب لآلية محايدة لادارة الاصول المالية في الكويت بسبب عدم وجود هيئة الرقابة على سوق المال.
واوضح ان مشكلة الازمة ليست في القطاع الخاص فقط لانها مشكلة مؤسسات عامة لان كثيرا من المؤسسات العامة في الكويت تستثمر من خلال الشركات المساهمة الكويتية وعلى سبيل المثال فان 76% من الشركة الكويتية للاستثمار مملوكة للهيئة العامة للاستثمار و24% منها مملوكة لبيت التمويل الكويتي و20% من بنك بوبيان مملوك للهيئة العامة للاستثمار، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تملك 17.5% من شركة التسهيلات التجارية و17.2% من شركة عارف و10.8% من بنك الكويت والشرق الاوسط و8.3% من المستثمر الدولي و7.7% من دار الاستثمار وكذلك الهيئة العامة لشؤون القصر والامانة العامة للاوقاف كلها مستثمرة من خلال الشركات الكويتية.
واستطرد قائلا: وبالتالي لا يمكن ان نقول اننا بعيدون عن الازمة، ونحن ليست لدينا مشكلة سيولة ولكن اذا اهتزت الثقة بالاقتصاد المحلي فستحجم المصارف عن تقديم السيولة وهذا هو الحاصل الآن من نقص السيولة سواء نقص حقيقي او مكتسب بسبب طبيعة الأزمة وهذا سيؤثر على الاقتصاد الحقيقي وبالتالي فان كثيرا من الشركات الخاصة التي لم تستطع ان تستكمل نشاطها التقليدي بسبب هذا النقص.
واشار الى ان البنوك الكويتية فيها درجة مخاطرة اعلى نتيجة انكشافها على القروض العقارية بدرجة اكبر من مصارف دول مجلس التعاون الاخرى، وبحسب الاحصائيات فان قروض قطاع البنوك الى القطاع العقاري من جملة قروض القطاع المصرفي في الكويت تمثل 30.1% وهذه نسبة عالية بينما نجد ان هذه النسبة يقابلها 5.8% في سلطنة عمان.
و7.1% في السعودية و11.1% في الامارات و17% في قطر و18.8% في البحرين.
وهناك تناقض بين هذه النسب وبالتالي فإن الكويت اكثر عرضة، فيما لو انهار ايضا سوق العقار فإن البنوك معرضة لازمة شديدة، ولهذا السبب حاول البنك المركزي بخصوص قانون الاستقرار المالي ان يؤكد ان اصول البنوك مضمونة كما هي بتاريخ 31 ديسمبر 2008.
وزاد قائلا: اعتقد اننا نحتاج لمعالجات اضافية الى جانب قانون الاستقرار المالي وعليه فإن هذا القانون لابد ان يصدر بمرسوم ضرورة لانه لا يمكن الانتظار لانتهاء انتخابات مجلس الامة والوضع الاقتصادي لا يحتمل التأخير.
وبين ان علاج الأزمة سياسي وليس علاجا اقتصاديا والعلاج السياسي يكمن في وجود نوع من الاستقرار السياسي، مشيرا الى ضرورة اقرار تشريعات اقتصادية جديدة، ضاربا مثالا على ذلك بالحاجة الماسة لوجود قانون ينظم عمليات الدمج والاستحواذ واستملاك الشركات وقانون السوق المالي والخصخصة وغيرها من القوانين الاخرى.
وشدد على ضرورة اطلاق حزمة من المشاريع التنموية وتحديث البنية التحتية واعادة هيكلة قطاع الشركات.
وزاد قائلا: نحن بحاجة لاعادة تقييم الاصول والافراد الذين يديرون هذه الاصول، لانه غير معقول ان تترك اموال الناس في محافظ استثمارية قد يديرها اشخاص غير محترفين واشخاص احيانا يديرون هذه المحافظ بنظام الهواية.
ومضى قائلا: لابد ان يكون هناك قانون يشرف عليه بنك الكويت المركزي لاجراء الاختبارات لمن يعينون في وظائف مديري المحافظ الاستثمارية وحتى مديري الشركات خاصة ان القطاع الاستثماري والمالي من القطاعات المهمة ويجب ان يخضع لنمط الرقابة التي تخضع له البنوك.
واكد اننا بحاجة الى تفعيل دور شركات مستقلة ومحايدة تقوم بعملية التصنيف الائتماني للشركات العاملة في الكويت وتطبيق معايير ومنهجية عالمية دولية في عمليات التصنيف تساند الدور الحكومي في عمليات الرقابة لمعرفة الاوضاع المالية للشركات.
وافاد بأنه يجب ان يكون هناك تنظيم جيد للاقراض العقاري لانه يجب ان يحسب معدل المخاطرة سواء من خلال القروض التي تعطى للافراد او المؤسسات.
وزاد قائلا: خلال الازمة هناك شركة رأسمالها 100 مليون دينار حصلت على قروض بـ مليار و400 مليون كما ان القروض «11 ضعفا» وهناك مثال آخر «14 ضعفا» وكذلك «7 أضعاف».
ويتضح من ذلك ان هناك خللا في عملية توفير الائتمان المصرفي ولابد من اعادة النظر في هذا الموضوع.
وفي نهاية المنتدى قام كل من الشيخ خالد الاحمد الخالد ورئيس تحرير جريدة الشرق فواز الشمري بتكريم المشاركين.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )