منى الدغيمي
اقتراب نهاية فترة الربع الأول من العام الحالي واستعداد الشركات لإعداد ميزانياتها لتقديمها في الآجال المنصوص عليها قانونيا جعل الآراء تتباين بين مدققي الحسابات والشركات فيما يخص تقييم الأصول والآلية التي سيعتمدونها فهل ستتم بناء على السعر السوقي أم على السعر العادل وأيهما أفضل؟
«الأنباء» توجهت بالسؤال إلى مدققي الحسابات وخبراء في هذا المجال ومسؤولي شركات لترصد آراءهم حول هذا الموضوع.
في البداية أوضح رئيس جمعية المحاسبين والمراجعين محمد الهاجري أن عملية احتساب القيمة العادلة لأصول الشركة تتم ضمن جهات محايدة وتعتمد في ذلك على وضع الشركة الحقيقي من حيث الملاءة المالية أو أهمية الأصول.
وعن رفض بعض الشركات لاعتماد السعر السوقي وليس العادل في تقييم الأصول في إعداد ميزانيات الربع الأول، بين الهاجري أن المحاسبين والمدققين يتبعون معايير دولية متفق عليها، مشيرا في ذات الوقت إلى انه ما لم يصدر قرار رسمي من الجهات المختصة، لاسيما وزارة التجارة فإن احتساب الميزانيات سيتم ضمن المعايير المعتمدة والمتعارف عليها.
وحول آليات تقييم السعر العادل أوضح أنها تعتمد على عدة أسس لاسيما قيمة الدخل، لافتا إلى انه هناك أكثر من طريقة تعتمد في العمليات المحاسبية والنتائج فيها تتفاوت.
في السياق ذاته أكد الهاجري على ضرورة توحيد آلية خاصة لعملية التقييم، مشيرا إلى انه إذا تم أخذ قرار تقييم الأصول لإعداد الميزانيات بالاعتماد على السعر السوقي وليس العادل فيجب اتباع آلية يتم الإجماع عليها حتى لا يكون هناك ظلم للآخرين.
وقال أحد المدققين الذي فضل عدم ذكر اسمه انه في احتساب الميزانيات يؤخذ عادة بالسعر السوقي ورأى أن هذا هو السعر المنطقي، مشيرا إلى أنه بالاعتماد على السعر العادل سيدخلون إلى متاهات.
الحد من الانحراف
وفي المقابل بين الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور أن الظروف الحالية التي يمر بها سوق الأوراق المالية تشهد تراجعا في الثقة يؤثر على القيمة السوقية التي تنخفض متأثرة بأزمة الثقة، رغم أنها يفترض أن تكون أكثر من القيمة الدفترية.
ومن هذا المنطلق واستنادا إلى الوضع الراهن للسوق، أوضح بوخضور أن عملية تقييم الأصول على أساس السعر السوقي لن تعكس الصورة الحقيقية للشركات ولا إجمالي توقعات الأداء إضافة إلى انها لن تشجع الإقبال على الاستثمار فيها.
وبين بوخضور أن انخفاض القيمة السوقية عن الدفترية يؤدي إلى عملية تسييل الأصول وسيؤدي إلى زيادة حدة الأزمة المالية على المستوى المحلي.
وعن المعايير المحاسبية المعتمدة في احتساب الميزانيات المالية لاسيما المعيارين 39 و40 أكد بوخضور على ايجابياتها، مشيرا إلى أنها ستعمل على الحد من الانحراف وأضاف أن المعايير لئن كانت مؤلمة للبعض إلا أنها بمنزلة «الكي للعلة» و«البتر للمشكلة» مشددا على منافعها لافتا إلى أنها تقلل من بيئة المخاطر وتشجع على تحقيق استثمارات جيدة.
وعن الشركات غير المدرجة وكيفية تقييم أصولها في احتساب الميزانيات أفاد بانه سيتم احتساب ميزانياتها بنفس طريقة الشركة المدرجة، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تخضع إلى آلية مغايرة تفتقر إلى الفاعلية.
القواعد المحاسبية حسب طبيعة الأصول
من جانبه أكد رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لمجموعة الأوراق المالية علي الموسى أن تقييم الأصول يجب أن يكون وفق السعر العادل وليس السعر السوقي، مشيرا إلى أن عملية تقييم الأصول يجب أن تتم بموجب معايير معروفة حسب طبيعة الأصول.
وأوضح في ذات الصدد أن الأصول تختلف باختلاف مجال نشاط كل شركة مبينا أن عملية التقييم ستكون مقيدة بطبيعة النشاط في اعتمادها سواء على القيمة السوقية أو العادلة، مضيفا أن الأساليب المحاسبية تختلف من حيث القطاعات وكذلك من حيث نشاط وأداء الشركة وحجمها.
ورأى رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات الصناعية د.طالب علي أنه عند احتساب الميزانيات وتقييم الأصول هناك معايير لا يمكن الخروج عليها.
وأوضح أن عملية تقييم الأصول بالنسبة للشركات المدرجة في البورصة تتم على أساس السعر السوقي، مشيرا إلى أن المعيار المحاسبي ترك الموضوع على أساس القيمة السوقية.
ورأى في ذلك أن الاعتماد على القيمة السوقية دون غيرها في المعايير المحاسبية له ايجابيات أكثر من السلبيات وعزا ذلك إلى أن القيمة السوقية تكون أفضل من العادلة في حالة انخفاض الأسواق.
و بالنسبة للشركات غير المدرجة بين د.طالب علي أن احتساب الأصول تكون بالاعتماد على القيمة العادلة وحسب التكلفة لأن هذه الشركات تكون خارج رقابة البنك المركزي من ناحية كما انها لا تخضع إلى قوانين الإدراج من ناحية أخرى.
وعن أهمية المعايير الدولية خاصة «39» و«40» أفاد بأنها مجدية وتخدم بصفة مباشرة وايجابية لتقييم الأصول في حالة انخفاض السوق ولها دور مهم ورئيسي في خدمة الأصول.
واتفق رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة الخليج للوساطة خالد ناصر الصالح مع ما أفاد به د.طالب علي واعتبر أن أفضل شيء في تقييم الأصول لاحتساب ميزانيات الشركات هو السعر السوقي، مشيرا إلى أن السعر العادل يعتمد عليه في احتساب ميزانيات الشركات غير المدرجة.
وأضاف الصالح أن السعر السوقي يعتبر أفضل آلية لاحتساب قيمة الأصول، لافتا إلى أن كل شركة من الشركات غير المدرجة تعتمد أسلوبا مغايرا من حيث المعايير يصعب تحديده وأضاف أن مجلس الإدارة هو الذي يحدد المعايير والمسؤولية في عملية الاحتساب ترجع إلى مدققي الحسابات دون غيرهم ويتحملون المسؤولية بالكامل.
أكثر من آلية
وأكد كذلك نائب رئيس مجلس إدارة شركة رساميل عصام الطواري أن المعايير المحاسبية محكومة بمعايير دولية، مبينا في ذات السياق أنها بالرغم من ذلك لا تعتمد آلية واضحة تخضع لها كل الشركات دون استثناء وإنما تخضع إلى المناخ الاقتصادي العام إضافة إلى نشاط كل شركة.
وكشف الطواري أن من منطلق الأوضاع العامة للسوق في الوقت الراهن فإن الطريقة المعمول بها على المستوى المحلي هي متحفظة من حيث أساليب التقييم، مشيرا إلى أن هناك تحفظا كبيرا على مستوى البيانات المالية للشركات ولاسيما منها الاستثمارية وأوضح أن عملية تقييم الأصول عامة في احتساب الميزانيات تكون من منطلق السعر السوقي لا العادل.
وضــع مطمئن
وأفاد الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة شركة وربة للاستثمار وليد العصفور بأن التقييم العادل للأصول يتم حسب القيمة السوقية، مؤكدا على ضرورة اعتماد القيمة السوقية دون غيرها، لافتا إلى أن الاختيار يعود بالأساس إلى إدارة كل شركة وتوجهها الخاص مع مراعاة الجهات الرقابية لاسيما المركزي وكذلك احترام المعايير الدولية.
وتعقيبا على المعيارين المحاسبين الدوليين 39 و40 أكد على أهميتهما مشيرا إلى أنهما سيساعدان على خلق واقع مطمئن للمستثمرين على المستوى المحلي والدولي ودعا إلى أن تتفق جميع الشركات وتتوحد في معاييرها المحاسبية لإعطاء ثقة أكبر للمستثمر ومزيد من الشفافية للميزانيات.
تعريف السعر العادل
يتم احتساب السعر العادل للسهم على أنه السعر المفترض أو الذي يجب أن يكون، ويتعين أن يكون عليه السهم.
ويعبر عما يجب أن يتم التعامل به وهو سعر يتمتع بقدر كبير من الاستقرار لخضوعه لعوامل مستقرة لا تتغير كثيرا أو لخضوعه لعوامل موضوعية بشكل رئيسي، وهو في الواقع يتحدد من خلال معرفة نصيب السهم الواحد من إجمالي «الأصول ـ الالتزامات الخارجية للشركة» أي مقدار ما يخص السهم من أصول معبر عنها بقيمة نقدية عند اتخاذ قرار تصفية أو بيع الشركة.
واصطلاحا يستعمل السعر العادل لتقدير القيمة السوقية لسهم يتم تداوله في السوق وذلك بناء على عوامل عديدة لعل أهمها ربح الشركة المعنية وقدرة الشركة على زيادة هذه الأرباح.
ولكن يجب الأخذ في عين الاعتبار أن هذا السعر العادل لا يمثل إلا السعر النظري للسهم بينما في الحقيقة يتم تحديد السعر في السوق على أساس عوامل العرض والطلب والتي قد لا تكون مصطنعة أحيانا.
كما أن السعر السوقي يتحدد في كثير من الأحيان على حسب حركة تدفق الأموال إلى السوق أو خروجها حسب نفسيات المتعاملين وحساباتهم التي قد تكون خاطئة أو صحيحة.
وعلى هذا الأساس فإن السعر العادل يجب ألا يؤخذ وكأنه سعر حتمي وإنما يستعمل كأداة استرشادية لتحديد اتجاه السعر في المستقبل.
فمثلا إذا كان السعر العادل أعلى من السعر السوقي فان هذا يعني أن هناك فرصة طيبة لتحقيق أرباح رأسمالية في المستقبل عند شراء هذا السهم والعكس صحيح فعندما يكون السعر العادل اقل من السعر السوقي فإن هذا لا يعني أن فرصة تحقيق أرباح رأسمالية تصبح أقل.
والمعروف عن الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم أنها غير فعالة في تقييم الأسعار خلال المدى القصير فكثيرا ما تحدث مبالغات في أسعار الأسهم أو العكس فيتم تداول الأسهم بأسعار منخفضة في أحيان أخرى.
والسعر العادل على ذلك هو محاولة لإيجاد سعر منطقي مبني على أساس علمي لا يكون منخفضا ولا مبالغا فيه ولذلك فانه يفترض أن تكون الأسعار السوقية مقاربة للسعر العادل.
آليات احتساب السعر العادل والسوقي للسهم
القيمة السوقية هي القيمة التي يتم تداول أسهم الشركة في أسواق الأوراق المالية على أساسها وتؤثر قوى العرض والطلب في السوق على القيمة فكلما كان الطلب أكثر من العرض أي إقبال المساهمين على أسهم الشركة أكثر ارتفعت القيمة السوقية للشركة.
وللحصول على القيمة السوقية لأسهم الشركة تؤخذ الأسهم الصادرة والمتداولة في السوق مضروبة في القيمة السوقية في ذلك التاريخ.
أما القيمة العادلة فهي تمثل التقييم الاقتصادي لسعر السهم والتي يجب أن يكون عليها سعر السهم الحقيقي المبني على أساس القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية المتوقع أن يجنيها المساهم لامتلاكه أسهم الشركة ويجب مراعاة الظروف التالية في حالة عدم النمو في الأرباح الدورية الموزعة كذلك في حالة نمو الثابت في الأرباح الدورية الموزعة وفي حالة النمو المتغير في الأرباح الدورية الموزعة أيضا.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )