على الرغم من آثار الأزمة المالية العالمية والتي ألقت بظلالها على الكويت، واتسمت بانخفاض ثقة المستهلك للمرة الثانية على التوالي وسجلت تراجعا قدره 16.7 نقطة على مقياس المؤشر، فان فئة كبيرة من الباحثين عن عمل لاتزال متفائلة تجاه المستقبل الوظيفي.
ففي دراسة أجراها موقع bayt.com بالتعاون مع yougov توقع 33% من المجيبين تحسنا في ظروف العمل و28% رأوا ان الاقتصاد الوطني يتجه نحو الأفضل وذلك خلال العام المقبل.
وقالت الدراسة ان مشهد انخفاض ثقة المستهلكين تكرر في جميع أنحاء منطقة الخليج والمشرق العربي، وكانت الامارات العربية المتحدة الثانية من الدول الأكثر تضررا حيث تراجعت الثقة بنسبة 15 نقطة.
أما البحرين فسجلت انخفاضا بلغ 12 نقطة، و8.9 نقاط في قطر، واللافت أن ثقة المستهلكين في المملكة العربية السعودية تراجعت أقل من 0.91 نقطة مئوية واحدة، في حين أن الثقة في سورية ولبنان تراجعت بنسبة 9.7 و8.0 نقطة على التوالي.
ويتناقض التراجع الذي سجل في لبنان في فبراير من هذا العام مع ارتفاع المؤشر 25.5 نقطة في دراسة أجريت في نوفمبر من العام الماضي.
ولفتت الدراسة الى ان دول شمال افريقيا بدت في وضع أفضل من الشرق الأوسط، حيث سجلت مصر تراجعا بلغ 4.4 نقاط فقط، في حين كانت الجزائر البلد الوحيد الذي سجل ارتفاعا في ثقة المستهلكين بلغت 1.5 نقطة.
ثقة المستهلك
وعن مؤشر ثقة المستهلك الذي يقيس توقعات المستهلك ورضاه تجاه مسائل عديدة متعلقة بالاقتصاد مثل التضخم النقدي وفرص العمل وتكلفة المعيشة قال المدير الاقليمي في موقع bayt.com عامر زريقات: «ان نتائج هذه الدراسة تشير الى ان اثار التدهور الاقتصادي العالمي لا يمكن ان تؤخذ بمعزل عن غيرها، فهي تؤثر سلبا على المنطقة، ودول الشرق الاوسط على وجه التحديد، والتي تأثرت أكثر من غيرها.
هذا النوع من البحوث مهم جدا، فهو يسلط الضوء على الشعور السائد حاليا نحو قطاع الاعمال والبيئة الاقتصادية، حيث ان الارقام تأتي من مستوى القاعدة الشعبية الاكثر تضررا».
وأضاف زريقات: «ان اجراء هذه البحوث باستمرار ودراسة آراء الناس وتوقعاتهم وتغيراتها مع الوقت، يسمح لأصحاب الشركات، والعاملين في قطاع الموارد البشرية بالاستفادة من المعلومات الدقيقة حول كيفية تفكير المستهلكين، وتعطي الشركات القدرة على التكيف وتغيير الاستراتيجيات المتبعة لتتلاءم مع الوضع الاقتصادي».
وقد سلطت الدراسة الضوء على الوضع المالي للمشاركين، واذا كانوا يشعرون بأنهم أفضل أو أسوأ حالا مقارنة بالأشهر الـ 12 الماضية.
في هذا النطاق، كانت النتائج إيجابية نسبيا على عكس التوقعات، واشارت الى ان الازمة المالية العالمية لا تؤثر سلبا على الجميع في الكويت حيث أقر 18% من المجيبين ان اوضاعهم تحسنت عن العام الماضي.
اما على المستوى الاقليمي فإن ربع من شملتهم الدراسة شعروا بأنهم افضل حالا، ورأى 34% انها اسوأ، في حين رأى 35% من المشاركين ان وضعهم المالي لم يتغير.
وقد تحسنت الظروف المالية الشخصية في كل من الجزائر، وقطر، والمملكة العربية السعودية حيث ان نسبة 31% و29% و28% على التوالي من المشاركين أكدوا ان ظروفهم المالية قد تحسنت، في حين ان المشاركين في سورية كانوا الاكثر تضررا حيث ان 48% منهم أكدوا تدهور حالتهم المالية.
من جهة أخرى، ركزت الدراسة على توقعات المستهلكين ودرجة تفاؤلهم حيال المستقبل وأظهرت نتائج ايجابية في الجزائر.
وكانت الكويت من اكثر الدول تضررا حيث انخفض المؤشر بنسبة 14.7 نقاط. أما في الامارات العربية المتحدة، فقد انخفض المؤشر بنسب 12.3 نقاط، وأتت من بعدها كل من قطر والبحرين مع انخفاض بنسبة 9.5 و8.6 نقاط على التوالي حسب مقياس المؤشر الخاص.
واتت سورية بعد الجزائر حيث سجلت انخفاضا بلغ 1.9 فقط، مما يوحي بالتفاؤل على الرغم من انخفاض ثقة المستهلك.
توقعات جيدة
وافادت الدراسة بأن نحو 28% من الذين أدلوا بإجاباتهم توقع تحسنا في الوضع الاقتصادي في بلادهم خلال سنة، بينما توقع 20% من المشاركين ان الاوضاع الاقتصادية لن تتغير، وفي الكويت، توقع 28% من المجيبين ان الوضع الاقتصادي سيتحسن.
وحيال توقعات الناس بخصوص تبدل أوضاعهم المادية خلال سنة، اكدت الدراسة ان 38% رأوا انها ستتحسن مقابل 12% فقط من الذين يعتقدون ان اوضاعهم المادية ستكون اسوأ خلال عام، وقد سجلت تونس أكبر درجة من التفاؤل في هذا النطاق، بنسبة 55% من الناس الذين يتوقعون تحسنا في أوضاعهم.
وفي الخليج، سجل المجيبون في المملكة العربية السعودية أعلى نسبة للتفاؤل مع 46% من المشاركين يتوقعون تحسنا في احوالهم المادية، وقد انقسم المشهد في الكويت حيث رأى 29% ان الاوضاع ستتحسن مقابل 13% توقعوا الاسوأ، و21% قالوا ان الاوضاع المادية ستبقى على حالها.
وقد سجلت سورية انخفاضا كبيرا في مؤشر القابلية على الاستهلاك بلغ 18.2 نقطة، وتبعتها الامارات العربية المتحدة بنسبة 12.2 نقطة.
اما في باقي دول الخليج والمشرق العربي فلم تكن الصورة قاتمة تماما. فقد سجلت كل من الكويت وقطر انخفاضا بلغ 7.8 و0.1 على التوالي، كما سجلت كل من المغرب ومصر انخفاضا بنسبة 2.5 و0.7 على التوالي.
ومن المدهش ان نصف الدول سجلت ارتفاعا في مؤشر القابلية على الاستهلاك، فقد سجلت كل من السعودية ولبنان ارتفاعا بنسبة 6 نقاط، والبحرين بنسبة 4.5 نقاط، والجزائر بنسبة 2.4 نقطة.
وردا على سؤال حول انفاق المستهلكين أكدت الدراسة ان نحو 19% من أفراد العينة فقط يعتقدون أن الآن هو الوقت المناسب للقيام بالاستثمار مقابل 46% يعتقدون العكس.
وقد كان كل من لبنان وتونس والجزائر الأكثر إيجابية حول انفاق النقود، مع قول 24% من المجيبين في لبنان و23% في كل من تونس والجزائر انه الوقت المناسب للانفاق.
أفكار ومعتقدات
وعلى الصعيد ذاته قال المدير التنفيذي في نسيم غريب yougov: «يوفر مؤشر ثقة المستهلكين مجموعة من الأفكار ذات الصلة في كيفية شعور المستهلكين خلال فترة معينة، وعلى الرغم من أنه ليس سوى مؤشر، ولكنه يعكس صورة واضحة حول آراء الناس في بعض البلدان واعتقادهم بأنه الوقت المناسب للشراء والاستثمار.
ومن هنا فهذا المؤشر لا يزود المسوقين والشركات بمعلومات مهمة تمكنهم من بيع منتجاتهم وحسب، بل ويبعث برسالة لكل العاملين في قطاع التجارة مفادها ان الناس لا يميلون كثيرا الى الشراء، لذلك فإن العلامات التجارية التي تقدم افضل الخدمات سوف تنجح في هذه الأوقات العصيبة».
ومن جهة أخرى، ان ثقة الموظفين بسوق العمل المحلية ومواقفهم تجاه وظائفهم تشكل جزءا مهما من مؤشر ثقة المستهلكين.
وقد سجلت البحرين الانخفاض الاكبر في هذا المؤشر بنسبة 20 نقطة.
وقد تبعتها الكويت والامارات العربية بسنة 19.5 و18 نقطة على التوالي. وقد لوحظ الارتفاع الوحيد في لبنان حيث سجل 0.8 نقطة ما يدل على ان سوق العمل في لبنان تتحسن.
وكانت دول الخليج الأكثر تضررا من المناطق التي شملتها الدراسة مع انخفاض بنسبة 13 و6.5 نقاط في كل من قطر والمملكة العربية السعودية.
وتدل البيانات على أنه، وباستثناء لبنان، هناك قلق عالمي حول أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط.
وشرح زريقات قائلا: «تسمح هذه الدراسة بالاستعلام عن آراء الناس بخصوص رواتبهم، وان كانوا يجدون أنها تعادل مستوى تكاليفهم المعيشية، وقد وجد 64% أن الرواتب في المنطقة لم ترتفع مع ازدياد تكاليف المعيشة. وفي الكويت قال 68%من المشاركين ان الرواتب لا تتناسب مع مصاريفهم.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )