فواز كرامي
بلغة المتمرس الأكاديمي العتيق حدد رئيس جامعة imd السويسرية د.جون ويلز ست توصيات ونصائح رئيسية تساعد الشركات على الوقوف في مواجهة الأزمة المالية العالمية التي اعتبرها أزمة ثقة بالدرجة الأولى تشكلت وتراكمت وانتشرت على مستوى العالم من الولايات المتحدة الأميركية مرورا بأوروبا وانتقالا إلى باقي انحاء العالم.
رئيس الجامعة الأوروبية والعالمية الأولى في مجال الدراسات الاقتصادية قال «انه على الشركات ألا تفوت الأزمات الجيدة» كالأزمة التي يمر بها العالم حاليا في إشارة اقتصادية واضحة إلى الفرص الهائلة التي ولدتها الأزمة والتي يمكن الاستفادة منها بصورة غير طبيعية لتطوير هذه الشركات وتوسعها، معتبرا أن الأزمات المالية ليست بالحالة الطارئة والفريدة إنما هي حالة دائمة يجب على الشركات مواجهتها بصورة مستمرة، مشيرا إلى أن نصائحه الست التي استخلصها بعد مراقبة كبيرة لحالة الأسواق العالمية تحاول التركيز على عدم وصول الشركات والمؤسسات الاقتصادية إلى أزمة أخرى بعد تجاوز الأزمة الحالية.
«الأنباء» في لقائها مع د.ويلز على هامش الندوة التي اقامتها شركة مشاريع الوطنية القابضة أمس تحت عنوان «إعادة التفكير في استراتيجيات العمل» التي حاضر فيها د.ويلز بحضور الإدارات العليا في الشركة اضافة إلى مجموعة من الضيوف حاولت أن تبرز أهم نقاط الندوة.
وفي البداية أكد د.ويلز ان معظم الشركات تواجه العديد من الصعوبات في الوقت الحالي بسبب الأزمة المالية العالمية تحاول بذل الجهود لتجاوز هذه الأزمة مشيرا إلى أن العديد من الشركات تعاني من أزمات وتراكمت عبر الزمن وساهمت الأزمة المالية العالمية في إظهارها على السطح في هذه الشركات، مشددا على أن المقترحات عبارة عن أفكار حاول من خلالها مساعدة الشركات على مواجهة أزماتها وكيفية عدم الوقوع في أزمات أخرى مستقبلا.
النصائح الست
أكد د. ويلز انه على الشركات في الوقت الحالي لتجاوز الأزمة أن تأخذ بعين الاعتبار ست توصيات رئيسية تتجلى في:
أولا ـ تركيز هذه الشركات على أهدافها طويلة الأمد التي وضعتها سابقا، وثانيا ـ محاولة الصمود والبقاء والاستمرارية في ظل الظروف الصعبة التي تواجه الاقتصاد العالمي، وثالثا ـ «صاحب الكاش هو الملك»، ورابعا ـ عدم الاعتماد على الأمل ووقف النشاط بانتظار زوال الأزمة «الأمل لا يعتبر إستراتيجية» وخامسا ـ مواصلة التوسع والتركيز على الفرص الكبيرة التي ولدتها الأزمة، وأخيرا تعزيز الاتصالات بين الإدارات المختلفة داخل الشركات لاسيما تلك الاتصالات بين الإدارات العليا وموظفي العمليات في الأرض.
الأهداف طويلة المدى «الإستراتيجية»
أوضح د.ويلز أن العديد من الشركات تفقد البوصلة اثناء الأزمات بسبب المشاكل التي تواجهها الناتجة عن الأزمة مما يدفعها للابتعاد عن الأهداف الإستراتيجية التي وضعتها، مؤكدا على ضرورة تمسك هذه الشركات بأهدافها البعيدة التي وضعتها والتركيز عليها خصوصا اثناء الأزمات، ومؤكدا على أن تتمتع إستراتيجية الشركة بالمرونة والتحديث لان معظم الشركات المنافسة تقوم بتحديث إستراتيجياتها بناء على الوضع الراهن وتأخذ بعين الاعتبار كل الشركات المنافسة لها بما فيها الشركة المذكورة.
الصمود والبقاء
وأضاف د.ويلز انه في ظل التركيز على الأهداف الطويلة والبعيدة للشركات يجب أيضا أن تحافظ هذه الشركات على بقائها وصمودها خاصة ان الأزمات تولد العديد من المشاكل التي تؤدي في بعض الأحيان إلى انهيار الشركة وخروجها من السوق لذا يتوجب على هذه الشركات الصمود ومواجهة النتائج المترتبة على الأزمة أولا بأول كي يتسنى لها البقاء في السوق وعدم انهيارها.
صاحب السيولة الملك
ولفت د.ويلز إلى الفرص المذهلة التي تقدمها الأزمات قائلا «لا تفوت أزمة جيدة»، مشيرا إلى أن أسعار الأصول تلعب دورا كبيرا في هذه الفرص إذ إن الأزمات تدفع أسعار الأصول للنزول إلى أرقام خيالية تتيح المجال لاغتنامها بشرط امتلاك الشركة للسيولة الكافية مما يجعل الشركة التي تمتلك السيولة صاحبة الأفضلية في هذه الفرص.
الأمل ليس في إستراتيجية
وأشار د. ويلز إلى عدم اعتماد الشركات على الأمل، معتبرا أن «الأمل ليس بإستراتيجية للشركة»، موضحا أن وقف الشركات أنشطتها وتوسعاتها وعملها على أمل أن تنتهي الأزمة لا يعتبر عملا صائبا سيؤدي في النهاية إلى خروج هذه الشركات من السوق حاثا الشركات على متابعة نشاطاتها بصورة طبيعية والاستفادة من الأزمة من خلال تخفيض نفقاتها واقتناص الفرص المتاحة ومؤكدا على ضرورة عدم خروج الشركات من خلال الفرص الجديدة عن مجالات نشاطاتها بل اقتناص جميع الفرص المتاحة في مجال عمل الشركة دون الخروج إلى نشاطات أخرى غير نشاطها الطبيعي.
الاتصالات.. الاتصالات
وأكد على ضرورة تعزيز الشركة لاتصالاتها الداخلية لاسيما الاتصالات بين الإدارات العليا وموظفي العمليات في الأرض الذين هم على تماس مباشر مع العملاء لافتا إلى أن الإدارات العليا ستفاجأ من قدر المبادرات والمقترحات التي يمتلكها هؤلاء الموظفون وقدرتهم على تجاوز الأزمة، مشيرا إلى ضرورة قيام الشركة بتشجيع المبادرة عند موظفيها وتحفيزهم للمساعدة في اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تساعد الشركة على الصمود في ظل الأزمة واكتشاف الفرص الكبيرة المتاحة أمام هذه الشركة لاغتنامها واقتناصها اضافة إلى إعطاء جرعة من التفاؤل لهؤلاء الموظفين.
التركيز في الشركات
وأشار د.ويلز إلى أهمية التركيز في الشركات على الفرص الكبيرة المتاحة في مجال عمل الشركات دون الخروج عن مجال نشاط الشركة في اغتنامها لأي من الفرص المتاحة ومواصلة الشركة للتوسع في مجال نشاطها وحيز عملها لاسيما أن العديد من الشركات تتاح أمامها فرص إثناء الأزمات لم تكن تتوقعها جراء انخفاض أسعار الأصول.
الأزمة المالية العالمية
واعتبر د.ويلز أن الأزمة المالية العالمية أظهرت خللا في النظام المالي العالمي ألا أن هذا لا يعني إن تقف الشركات العالمية وتندب حظها كون الخلل جاء من النظام بل عليها العمل على تشكيل لوبي يعمل على دفع الحكومات في كافة إنحاء العالم على سن تشريعات تمنع المؤسسات المالية من القيام بنشاطات أدت إلى الأزمة المالية العالمية مشيرا إلى أن الكثير من التشريعات مضر والقليل منها مضر أيضا.
وقال أن التشريعات التي يجب القيام بها يجب أن تمنع الشركات والمؤسسات المالية من القيام بالنشاطات التي كانت تعلم هي نفسها انه يجب عدم القيام بها وذلك كي لا تتكرر الأزمة بصورتها الحادة الحالية اضافة إلى التشريعات التي تساعد المؤسسات المالية إلى القيام بدورها الطبيعي.
وبالنسبة للتدخل الحكومي لمواجهة الأزمة المالية العالمية أيد ويلز التدخل الحكومي في المؤسسات المالية وذلك بهدف حماية النظام المالي من الانهيار ألا انه فضل التدخل من خلال استخدام أموال دافعي الضرائب في شراء أسهم الشركات لمساندة هذه الشركات بدلا من التدخل المباشر فيها.
لافتا إلى أن الأزمة المالية العالمية سببها الرئيسي فقدان الثقة الذي حصل على مستوى عالمي لاسيما بين المؤسسات المالية والبنوك التي أوقفت الإقراض الداخلي فيما بينها، معربا عن أسفه على الشركات التي كانت تتبع سياسات متحفظة في استثماراتها وتوسعاتها وتواجه الآن الصعوبات الجمة التي قد تخرجها من السوق وتؤدي إلى إفلاسها بعكس تلك الشركات التي اتبعت سياسات غير مكترثة وغير واعية أدت لانهيارها وإفلاسها.
ويذكر أن شركة مشاريع الوطنية القابضة نظمت مساء أمس الأول ندوة تحت عنوان «إعادة التفكير في إستراتيجية عملك» بحضور إدارات الشركة حاضر فيها د.ويلز وتخللها العديد من المداخلات والأسئلة من العاملين في الشركة عن آليات مواجهة التحديات اليومية التي تعترض عملهم جراء الأزمة المالية العالمية وكيفية التغلب عليها.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )