المحرر الاقتصادي
يدخل الاقتصاد الكويتي اعتبارا من اليوم مرحلة جديدة مع إقرار المرسوم بقانون الخاص بالاستقرار المالي والاقتصادي، الذي سيساعد البلاد على مواجهة احتمال إعلان بعض الشركات تعثرها في سداد ديونها، ما يستوجب تكوين مخصصات لدى البنوك لتغطي العجوزات الناتجة عن هذا التعثر.
من هنا، كانت أهمية إقرار المرسوم كضرورة ملحة واحترازية كما سبق وأعلن كل من وزير المالية مصطفى الشمالي ومحافظ البنك المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز.
الأهمية الكبرى لهذا المرسوم بقانون لا يمكن فهمها إلا إذا تخيلنا سيناريو فشل الشركات قبل إقراره، فلا سمح الله لو حصل أي انهيار قبل إصدار المرسوم كانت البنوك ستواجه كارثة فعلية، نظرا لاستحالة توفير المخصصات الكافية لمواجهة تعثر الشركات وعدم انتظامها بالتسديد، خاصة في حالة تعثر أكثر من شركة في الوقت نفسه.
أما اليوم فالوضع مختلف، لأن المرسوم بقانون جاء ليحصن النظام المصرفي، وهذه فكرة سديدة لا تقلل من أهميتها وحيويتها بعض الانتقادات الفنية والتقنية التي كنا نوجهها الى المرسوم بقانون من وقت الى آخر خلال المراحل التي مر بها.
الأمن المصرفي
وتكمن أهمية المرسوم بقانون الذي استُكمل بصدور لائحته التنفيذية(التي تنشر رسميا اليوم) ايضا في أنه إضافة لكونه «قانونا للأمن المصرفي» فهو يمد الجسور أمام الشركات التي تملك القدرة على النجاة والخروج من المأزق ويوفر لها المنافذ ـ وان الضيقة ـ لكي لا تكون عرضة للإفلاس إذا كانت تملك ملاءة كافية تمكنها من الصمود.
ولم يغفل القانون عن احتمال اضطراب حركة التمويل التي تعتبر المحرك الأساسي للاقتصاد، من هنا وبالفلسفة الاحترازية نفسها تمت صياغة باب مساعدة القطاعات المحلية المنتجة.
جهد كويتي
المراحل التي مر بها القانون ولائحته لغاية صدورهما وعشرات التعديلات التي أدخلت لتحصينهما دستوريا وقانونيا ولتوفير الضوابط لحماية المال العام تؤكد ان الصيغة النهائية للقانون جاءت بجهد كويتي مهم يستحق الإشادة.
ورغم ان واضعي المرسوم بقانون رفضوا الرقابة المسبقة التي نادى بها بعض النواب المطالبين بإصدار قانون خاص بكل بنك وشركة أو جهة مستفيدة من أحكامه، إلا ان الحكومة رفضت واكتفت بالرقابة اللاحقة للمجلس وديوان المحاسبة، وسدت الثغرات الدستورية، حيث حصرت عملية مساعدة الشركات في الهيئات والمؤسسات الحكومية التي يسمح قانون تأسيسها بذلك.
هيمنة الرقابة
من يقرأ نص المرسوم بقانون ونص اللائحة التنفيذية، يلمس بوضوح هيمنة الرقابة المشددة عليه، وبينما ينظر الى الرقابة الشديدة على أنها عامل تقييد للحركة الاقتصادية في الأوضاع العادية بأي اقتصاد حر، إلا أنها تكون ضرورية في ظروف كالظروف الحالية والأزمة العالمية التي كانت لها انعكاساتها السلبية جدا على الاقتصاد العالمي والاقتصادات المحلية، ولم تسلم الكويت من آثارها، خاصة مع التراجع الحاد في أسعار النفط.
الأدوات الجديدة
من أهم وأبرز الايجابيات في المرسوم بقانون هو الأدوات المالية الجديدة التي يوفرها، وهي السندات الملزمة والقابلة التحويل لأسهم والأسهم الممتازة والصكوك الإسلامية التي ستصدر لأول مرة في تاريخ الكويت عن الجهات والهيئات الحكومية التي تدخل بتطبيق القانون بحسب المادتين 52 و53 من اللائحة التنفيذية.
هذه الأدوات ستزيد مستقبلا من مرونة العمل الاقتصادي وتعطي عمقا وبعدا جديدا للسوق المالية، خاصة في ظل سعي الكويت لأن تتحول الى مركز مالي وتجاري.
ومما لا شك فيه ان استحداث الصكوك الإسلامية سيكون خطوة مهمة في اتجاه تشجيع العمل الاقتصادي الإسلامي الذي يستمر في التوسع حول العالم وسيفتح آفاقا جديدة أمام العمل المالي الإسلامي.
الشركات ذات الغرض الخاص spv
يشكل إدخال الشركات ذات الغرض الخاص أيضا تغيرا جديدا في العمل التجاري ومدخلا الى عمليات التوريق والمشتقات وغيرهما رغم ان اللائحة منحت حق إنشاء هذا النوع من الشركات للهيئات الحكومية كمدخل لتوفير الصكوك الإسلامية التي تسمح بمعالجة وضع الشركات والبنوك الإسلامية كون الأخيرة لا تتعامل بالسندات والأوراق المالية العادية.
الحماية من الإفلاس
يوفر باب الأحكام القضائية في المرسوم واللائحة آلية جيدة وسريعة للشركات التي تواجه مشاكل مع دائنيها بما يهدد فرص إعادة هيكلتها، وقد حرص القانون على توفير الآلية اللازمة والشفافة لإتمام العملية بما يخدم في النهاية مصلحة الجميع، الشركة والدائنين والاقتصاد الوطني.
وزارة التجارة
إضافة الى الرقابة القضائية ورقابة البنك المركزي على كل شاردة وواردة خلال تطبيق أحكام المرسوم بقانون، وهو ما سيتطلب تشكيل فريق عمل مهم لهذه الغاية، هناك رقابة وزارة التجارة التي أسند إليها مهمة الحصول على الإقرارات حول العمليات المصرفية التي تمت بين أصحاب الشركات وملاكها وإدارييها وأقاربهم من الدرجة الأولى من تاريخ 1/1/2008 لضمان أكبر قدر من الشفافية.
خارطة تطبيق القانون التي رسمتها «الأنباء» في ملف ( pdf )