منى الدغيمي
خيار الاندماج كان حلا تبنته بعض الشركات في الكويت للخروج من عنق الزجاجة لاسيما اندماج شركتي الديرة القابضة والدولية للمشروعات الاستثمارية وشركة الأولى للاستثمار وشركة بيت الاستثمار الخليجي، ووفقا لأحد المختصين الاقتصاديين فإن خيار الاندماج يعني اقتصاديا زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف وهو الأمر الذي تتطلبه المرحلة الحالية لمواجهة تكاليف فاتورة الأزمة المالية العالمية التي تزداد تداعياتها قسوة يوما بعد يوم.
ومنذ سنوات يطالب محافظ البنك المركزي بضرورة الاندماج بين البنوك والشركات بخلق كيانات اقتصادية قادرة على مواجهة الأزمات والتوسع الإقليمي، حيث حرص البنك المركزي ضمن قانون الاستقرار المالي على تشجيع الشركات على الاندماج كخيار للخروج من الأزمة الراهنة.
«الأنباء» رصدت آراء مجموعة من الاقتصاديين حيث اجمعوا على أن خيار الاستحواذ أو الاندماج قد يصبح طوق النجاة في حالة الركود الاقتصادي وتأزم الوضع الاقتصادي المحلي.
و من جهة أخرى أفادت أغلب المصادر لـ «الأنباء» بأن الاستحواذ سيشهد حركة رواج بعد أن توقف تداول أسهم 27 شركة في البورصة وتم إقرار قانون الاستقرار المالي ولائحته التنفيذية وفيما يلي التفاصيل:
بداية قال الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور: ان عمليات الاندماج أو الاستحواذ تعتبر احد الحلول في عملية التوفيق في المرحلة الاقتصادية التي ستكون عليها السوق في المرحلة القادمة وعلى ضوئها يؤخذ بالاندماج كمدخل للاستعداد للمرحلة الاقتصادية القادمة.
وأوضح بوخضور انطلاقا من منطلق تاريخي أن الاستحواذات والاندماجات بدأت تنشط عالميا بداية من 1996 حيث نشطت حركة الاندماجات في فترة التسعينيات، مشيرا إلى أن البنوك في تلك الفترة قامت برفع سعر الفائدة وذلك بهدف تخفيض أسعار السلع ومن ثم الأصول وبين أن هذه الخطوة ارتأتها البنوك في البداية ثم في مرحلة لاحقة خفضت من قيمة الفائدة حتى ترفع من قيمة الأصول.
وفي سياق متصل كشف بوخضور أن السيناريو السابق طرحه لا يختلف كثيرا عن الوضع الراهن حيث ان الأزمة الحالية فرضت الاندماج والاستحواذ كخيار للتخفيف من حدة الأزمة.
وبين بوخضور أن عمليات الاندماج أو الاستحواذ يجب أن تسبقها تهيئة أرضية، لافتا إلى ضرورة تهيئة السياسات النقدية الحادة وهيكلتها إداريا وتشغيليا واستثماريا ومن ثم العمل على تغيير الخطط التسويقية إما بالاستحواذ على أكبر شريحة من السوق لتدعيم صورة الشركة حتى يتم تقييمها التقييم الصحيح، داعيا عددا من الشركات الى أن تأخذ الاندماج مخرجا من الأزمة وتعزيزا لمكانتها داخل السوق.
ورأى بوخضور أن قانون الاستقرار المالي كان لابد أن يشمل بيانا لشروط عمليات الاندماج أو الاستحواذ ليساعد الشركات على توخي طريقة واضحة في اندماجاتها ولتتوخى خططا لإعادة هيكلتها ومن ثم تهيئتها، مذكرا بانه قد طالب بذلك في السابق.
و عن المعوقات القانونية التي تحد من الاندماج والاستحواذ داخل الكويت بين بوخضور أن الكويت لم تتخلص بعد من عدة معوقات سواء على مستوى البورصة أو قانون الشركات أو البيئة الاقتصادية، مشيرا إلى الإجراءات الروتينية وعدم الوضوح والشفافية وسوء الإدارة وعدم مصداقية الجهات الرقابية وانعدام فعالية إصلاحية والتي من شأنها أن تخل بأي مشروع سواء كان اندماجا أو استحواذا.
عائدات أعلى
و من جهته أكد رئيس مجلس إدارة الملا للاستثمار عبدالله نجيب الملا أن العمليات الاستحواذية أو الاندماج تمثل حلا جوهريا وعزا ذلك إلى أن السوق لا يتحمل في الوقت الحالي كما هائلا من الشركات بمختلف مجالاتها اضافة إلى أن ضيق حجم العمل داخل السوق أعاق من عمليات التطور والتوسع ولم يفسح المجال لتحقيق عوائد جيدة.
وعن آليات تنفيذ عمليات الاستحواذ بين أن هناك حالات تفرض الاستحواذ وأخرى تستوجب الاندماج مشيرا إلى أن الغرض من هذه العمليات البحث عن عائدات أعلى والتقليل من التكاليف والتغيير من إدارة الشركة.
وأضاف أن الاستحواذ أو الاندماج يساعد على التوسع الاستراتيجي والتوسع في السوق المحلي بشكل أفضل.
ورأى أن الاندماجات والاستحواذات لها إيجابيات أكثر من السلبيات لاسيما في الوقت الراهن، مبينا أن الاندماجات اذا تمت بين شركات من نفس حقل العمل سينتج عنها إيجابيات أما إذا لم يكن هناك توافق وتراض بين كبار الملاك فسيكون هناك نوع من التعثر سببه عدم التجانس بين فكر كلتا الإدارتين.
و نفى الملا وجود أي معوقات على مستوى القوانين داخل الكويت التي من شأنها أن تشل نشاط العمليات الاستحواذية أو الاندماج، مشيرا إلى أن الكويت تتطلع إلى ولادة اقتصاد جديد وإلى تشريع قوانين اقتصادية قادرة على حماية الشركات من أي تعثر في المستقبل.
وعن عزوف بعض الشركات المحلية التي تملك سيولة عن دخولها صفقات اندماج أو استحواذ عزا الملا ذلك إلى ضعف الشركات المتعثرة، مشيرا إلى أن أغلبيتها ورقية ومعظم أصولها قد تآكلت ومدى ربحية هذه الشركات على المدى القريب غير أكيد.
و أضاف: «أنا لا ألوم الشركات التي لجأت إلى البحث عن صفقات للاستحواذ أو الاندماج خارج الكويت» وعزا الملا هذا الاختيار إلى أن الشركات المستهدفة خارج الكويت لديها أصول باهظة ومكانة صلبة، مبينا أن جميع هذه الشركات الخارجية أزمتها كانت في السيولة والشركات المحلية وجدت فيها الفرص لامتلاك حصص داخلها.
عقد زواج
و بين نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة رساميل عصام الطواري أن طرح الاندماج والاستحواذ أصبح ملحا اليوم على الساحة الاقتصادية الكويتية نظرا لتأثير الأزمة المالية العالمية، مؤكدا على ضرورة تلاقي المصالح والأفكار في صفقات الاندماج أو الاستحواذ مشبها إياها بعقد الزواج.
و أضاف الطواري انه بالرغم من أن 60% من الاندماجات حسب إحصائيات عالمية لم تحقق الغايات المرجوة منها إلا أن هذا لا ينفي أهمية مثل هذه الصفقات في الوقت الراهن لأنها قد تمثل مخرجا من الأزمة، مشيرا إلى أن البنك المركزي قد شجع ودعا إلى حركة الاندماجات منذ 2001.
و بالنسبة لآليات تنفيذ عمليات الاندماج والاستحواذ داخل الكويت بين الطواري انه لا توجد طريقة ثابتة ونموذجية وعزا ذلك إلى أن أي صفقة اندماج تخضع بالضرورة إلى ظروف السوق وظروف الشركة وتركيبتها.
وأكد على ايجابيات العمليات الاستحواذية، مبينا أن الاندماجات من شأنها أن توحد من الجهد الإداري.
وأضاف في ذات السياق أن أكبر تحد يواجه صفقات الاندماج أو الاستحواذ هو تباين الثقافات في إدارة المؤسسات، مشيرا إلى أن هذا من شأنه أن يحول دون تحقيق الأهداف ويحل محلها الصراع الداخلي حول من له السلطة ومن له القوة في اتخاذ القرار.
الزيادة في الربحية
و أكد الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة «وربة للاستثمار» وليد العصفور، على أهمية أن تكون عملية الاندماج عبارة عن أداة تستخدمها الشركات بغرض التوسع في عملياتها التشغيلية وأن يراد منها الزيادة في الربحية وأن تكون بين شركة متعثرة وأخرى ذات ملاءة لغرض خلق كيان اكبر مشيرا إلى انه يوجد أكثر من طريقة في الاندماج، وشدد على ضرورة أن تتماشى صفقة الاندماج أو الاستحواذ مع القوانين الكويتية، مشيرا إلى أن اللائحة الفنية المطروحة والتي أقرتها الحكومة أخيرا تخدم عمليات الاندماج.
و رأى انه لئن كانت هناك بيئة اقتصادية لا تتسم بالشفافية وإطار تشريعي متأخر في الكويت إلا انه مادامت وجدت أفكار جادة في الاندماجات فهي ستكون طريقة إلى حلول فاعلة.
طبيعة الشركات
و من جهته بين رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الاستثمارات الصناعية د.طالب علي أن موضوع الاندماج أو الاستحواذ يعتمد على طبيعة الشركات الموجودة في السوق وعلى تناغم أصولها ومجال نشاطها وتشابه قاعدة مساهميها لافتا إلى أن كل هذه الشروط هي التي ستشجع على عمليات الاندماج.
وعن الطرق المتبعة في عمليات الاندماج أكد على انه في الكويت لا توجد آليات مختلفة إما تكون عملية الاندماج عن طريق زيادة رأس المال أو الزيادة في السندات والغاية منها الاستحواذ.
و بيّن د.طالب علي أن السوق في الوقت الراهن يشجع على تفعيل عمليات الاستحواذ أو الاندماج أكثر من أي وقت مضى، مبينا أنها ستفيد كثيرا الشركات والبنوك وتشجع على توفير السيولة وتخفيض التكاليف.
وأكد أن مبدأ الاستحواذ يعتمد على أصول الشركات ودعا إلى التمييز بين نوعين من الشركات تلك التي لديها أصول جيدة وقابلة للنمو في المستقبل والأخرى التي تفتقد الأصول وليس لها أمل في النمو، مشددا على مبدأ التمييز قبل تبني الاستحواذ كحل.
وأشار إلى أنه اذا كانت هناك إمكانية الاستحواذ أو الاندماج فان السلبيات ستكون اقل من الايجابيات لاسيما على مستوى السوق المالي.
وأكد أن الهدف من الاستحواذ يجب أن يكون تنويع النشاط الاقتصادي وتحقيق استمرارية الشركة وتركيز إستراتيجية معينة.
حل عملي
أما رئيس مجلس إدارة مجموعة الأوراق المالية علي الموسى فاعتبر أن الاستحواذ أو الاندماج هو حل جزئي من منظومة حلول متكاملة، مشددا على انه لا يمكن الاستناد إليه كحل، لافتا إلى انه يعتبر أداة وليس هدفا في حد ذاته.
وأوضح انه في الظرف الراهن من المفروض اعتباره أداة من مجموعة أدوات، مشيرا إلى انه حتى اللحظة لم يطرح الاستحواذ كحل عملي.
وأضاف الموسى أن الأصح أن يكون الاستحواذ بشراء الأصول التي تمتلكها الشركات.
و عن تصنيف عمليات الاستحواذ بين أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت للعلوم الإدارية د.احمد النجار أن الاستحواذ يفسر على انه مفهوم مالي أكثر منه اقتصاديا، مشيرا في الإطار ذاته الى انه وسيلة اندماج يراد به التوسع، مضيفا أن للاستحواذ أنواعا عدة كالاستحواذ الأفقي وذلك بالجمع بين شركتين من نفس النشاط والغاية منه التوسع على مستوى الاسواق، أما النوع الثاني فهو الاستحواذ العمودي الأمامي والخلفي، موضحا في هذا الصدد أن هذا النوع من الاستحواذ يمنح الشركات فرصة لتطوير إنتاجها عبر الاستيلاء على شركات أخرى تكمل نشاطها وتقلل من تكاليفها الإجمالية.
واعتبر النجار أن الاستحواذ اليوم يعتبر ظاهرة عالمية قد اعتمدته أغلبية الشركات والمصارف في العالم للتوسع داخل أسواق أرحب.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )