زكي عثمان
لاشك أن ما تشهده البورصة هذه الأيام من نشاط جيد مدعاة للتفاؤل بالمستقبل القريب الذي قد يعيد اليها القليل مما فقدته على مدار شهور طويلة وهو ما افقد المؤشر العام للسوق الكثير والكثير وقاده للتراجع من مستوى الـ 15 ألف نقطة إلى حاجز الـ 6 آلاف نقطة.
ومصدر عودة الثقة من جديد، قد لا يختـــلف عليه اثنان إلا انه يجب التشديد من جديد على حالة الثقة العامة التي بدأت تدب في نفوس المتداولين جراء توالي الأمور الايجابية وفي مقدمتها البدء الفعلي في تنفيذ قانون الاستقرار المالي الذي صدرت اللائحة التنــفيذية له منذ أيام قليلة ومرورا بقرارات لجنة السوق الأخيرة وأخيرا خطوة البنك المركزي بخفض سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس وذلك من 3.75% إلى 3.5%.
وقد اعتبرت أوساط مراقبة للسوق أن القرار جاء متأخرا بعد أن طالبت به الأوساط الاقتصادية منذ فترة طويلة كما أنها لاتزال تنادي بمزيد من الخصم على أسعار الفائدة كونها لاتزال الأعلى على مستوى المنطقة وهو الأمر الذي سيدعم عودة عمليات الاقتراض من جديد بين البنوك المحلية لصالح الأفراد وبالتالي ارتفاع معدلات السيولة بالسوق وهو أيضا عامل محفز لاستمرار وتيرة أوامر الشراء التي توقفت لفترات طويلة بسبب توقف قنوات التمويل وشح السيولة بالسوق بعد توالي تراجع أسعار الأسهم وعدم القدرة على بيعها.
تجدر الإشارة إلى أن سعر الخصم لدى بنك الكويت المركزي يعتبر سعرا محوريا ترتبط به ـ ضمن هوامش محددة ـ الحدود القصوى لأسعار الفائدة المحلية على معاملات الإقراض بالدينار لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي المحلي، وبناء على ذلك يؤدي خفض سعر الخصم لدى «المركزي» إلى تخفيض الحدود القصوى لأسعار الفائدة على معاملات الإقراض بالدينار الكويتي لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي المحلي بذات مقدار ذلك التخفيض.
وقد أكدت مصادر مراقبة للسوق أن معاودة المؤشر العام إلى اتجاهه التصاعدي بعد أسابيع طويلة بل وأشهر أطول من التراجع قد جاء كنتيجة طبيعية للعديد من العوامل التي يمكن إيجازها في:
قرار تخفيض سعر الخصم الذي أقدم عليه «المركزي» يمثل استمرارا لجهوده الرامية إلى تعزيز دعامات النمو في الاقتصاد المحلي في ظل تحديات الأوضاع الناجمة عن تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، كما سيساهم القرار في توفير جرعة إضافية لدعم عجلة النشاط الاقتصادي المحلي من خلال تقليص تكلفة التمويل في الاقتصاد الوطني وبما يعزز النهج التحفيزي للسياسة النقدية للبنك في المرحلة الراهنة لاسيما مع دخول المرسوم بقانون في شأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة حيز التنفيذ.
البدء الفعلي في تنفيذ قانون تعزيز الاستقرار
المالي وهو ما ظهر جليا من خلال اعتزام بنكي «الوطني» و«بيتك» لتقديم تسهيلات ائتمانية لبعض العملاء وهو ما يشير إلى عودة دوران عجلة التمويل من جديد وسعي البنوك المحلية لتفعيلها بقوة مستفيدة من السيولة الكبيرة المتوافرة لديها والتي ستسعى لتدويرها محليا من خلال قانون «الاستقرار».
ساهم إقرار اللائحة التنفيذية لقانون الاستقرار بسرعة ومن قبلها تمرير القانون من قبلها عبر مرسوم ضرورة يؤكد أيضا أن الجهود الحكومية الواضحة لتدعيم الحياة الاقتصادية من جديد والوقوف على العلاجات المناسبة لها بعد ان تعطلت لفترة طويلة بسبب التوتر السياسي بين السلطتين.
اتجاه العديد من الشركات المتعثرة للاستفادة من التمويل الجديد الذي سيتم وفق قانون الاستقرار المالي يبشر باقتراب انفراج الأزمة التي ضربت هذه الشركات على مدار أشهر طويلة.
ساهمت عملية توالــــي إعلان الشركات عن نتــــائجها المالية لـ 2008 ورغم أن معظم الشركات التي أعلنــــت عن نتائجها مؤخرا وتحـــديدا بعد قــــرار لجنة السوق توقيف الشركات التي تأخرت عن نتائجها قد جاءت محملة بخســـــــائر، إلا انه يمثــــل عنصر دعم للسوق كــــون هذه النتــــائج قد فتحـــت البــاب أمام المستثمرين والمساهمين في الوقــــوف على حقيقية الأوضــــاع الماليــــة لتلـــك الشركات وبالتالي في تحديد قنوات الاستثــــمار الجديدة خلال المرحــــلة المقبلة بعد اتضـــــاح الرؤية الخاصة بتلك الأسهم.
عودة صناديق الاستثمار والمحافظ المالية للتحرك من جديد وبقوة سعيا منها لتحسين أدائها وتحقيق أرباح جيدة خلال الربع الثاني بعد فترة توقف قصرية خلال الربع الأول بسبب ضبابية الرؤية حول مستقبل السوق وعدم التحرك لانتشاله من عثرته وهو ما تغير مؤخرا بعد إقرار قانون الاستقرار المالي وخفض سعر الخصم إلى 3.5%.
تدعيم الكثير من الشركات لأسهمها المتراجعة منذ فترة بعد ان بلغت تلك الأسهم مستويات متدنية للغاية وذلك من خلال شراء أسهم الخزانة سعيا منها لوقف نزيف الخسائر وتحقيق أرباح على المدى البعيد مع عودة السعر لسابق عهده.
ارتفاع قيمة التداولات أكد للجميع أن هناك سيولة «خامدة» قد عادت للتحرك من جديد وهو ما لاحظه اغلب صغار المستثمرين ودفعهم لمعاودة النشاط بعد إتمام عمليات بيع سريعـــــة من اجل جني الأرباح وتعديل الاتجـــاهات الاستثمـــــارية والتحرك على الأسهم ذات الأداء التشغيلي والابتعاد عن الأسهم المضاربية التي كانت وراء التراجع الشديد للسوق مؤخرا.
اقتراب موعد بدأ البنوك الاعلان عن أرباح الربع الأول وما سيعقبها من شركات سيمثل نقطة دعم جديدة للسوق لتجاوز الآثار السلبية للربــــع الأول وأيضا للربع الأخير من العام الماضي وهو عنصر ثقة جديد في مستقبل السوق وتداولاته خلال الفترة المقبلة.
ارتفاع أسعار النفط من جديد واستقرار النفط الكويتي تحديدا عند مستوى الـ 50 دولارا للبرميل وهو ما يبشر باستعادته لمستوياته القياسية القديمة والتي ستلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني وعلى مشاريع التنمية بشكل عام.
ويبقى التساؤل الهام حول إمكانية استمــــرار وتيرة دعم الاقتصاد الوطني بعد إقرار قانــــون «الاستقرار» وخفض سعر الخصم، وهو ما سيضمـــن على اقل تقدير تعويض جزء من خسائر الاقتصاد الوطني وتحديدا القيمة السوقية للشركات وحقوق المساهمـــين التي فقدت جزءا كبيرا بسبب الأزمة الماليــــة رغم ان كل التوقعات تشير الى ان آثار الأزمة ستطول حتى نهاية العــــام المقبــل ولكن الأمـــل الــــذي بدأ يدب من جديد في نفوس المتــــداولين من الخطوات الإصلاحية يبقى في النهـــاية الخطــــوة الأولى لتجاوز تلك الأزمة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )