أصابت الازمة المالية العالمية معظم القطاعات الرئيسية في اقتصادات العالم إلا أنها وفرت من خلال تراجع اسعار المواد الاولية وتكاليف البناء فرصة ذهبية لبناء مشاريع نفطية بأقل تكلفة ممكنة.
ورغم تراجع ايرادات الدول النفطية بشكل كبير نتيجة تراجع اسعار النفط من مستوى 147 دولارا في يوليو الماضي الى مستوى 50 دولارا حاليا الا ان معظمها مازال يتمتع بوضع سيولة جيد نظرا لتراكم الاحتياطيات خلال العام 2008.
تراجع الأسعار
في البداية قال رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة ناقلات النفط نبيل بورسلي لـ «كونا» ان وضع السوق الان يعتبر هو الأفضل لتوقيع عقود للمشاريع بشكل عام منها المشاريع النفطية نظرا لانخفاض تكاليف هذه المشروعات وتراجع اسعار المواد الاولية.
وأضاف ان هذا الوقت يمكن ان نحصل فيه على أفضل الأسعار، مشيرا الى أن هناك تعليمات حكومية للشركات والمؤسسات بان تقتنص فرصة تراجع اسعار المشاريع وتستفيد منها اقصى استفادة، موضحا ان الشركة وتنفيذا لهذه التعليمات تراقب في الوقت الحالي وبشكل حذر للغاية اوضاع السوق وتكاليف المشاريع أسبوعيا حتى تستفيد منها اقصى استفادة ممكنة.
وشدد بورسلي على ان الشركة تسير في خططها حسبما هو مخطط من قبل ودون تغيير وإنما المؤكد ان عمليــة المراجعة تتــم للحصول على افضل الاسعار وتقليل التكاليف وليس تغيير الخطط.
تراجع الطلب
من جانبه أوضح عضو المجلس الأعلى للبترول خالد بودي ان تراجع الطلب على النفط خلال الفترة الماضية كان بسيطا ومؤقتا وكل الدلائل تشير الى ان الطلب والاسعار سيعاودان الارتفاع مرة اخرى على المدى الطويل، مشيرا الى ان بوادر هذا الارتفاع ظهرت حاليا ولو بشكل نسبي.
وأضاف بودي ان الوقت الحالي يعتبر مناسبا للغاية للبدء بمشروعات نفطية كبرى سواء على صعيد استكشاف النفط او انتاجه او تكريره لمواكبة الطلب العالمي الكبير خلال السنوات المقبلة والذي يتوقع ان يزيد بنسبة 50% عما هو عليه حاليا بحلول عام 2030.
وأكد ضرورة سعي الدول المنتجة للنفط الى الاستفادة من الوضع الحالي وان تواكب التقدم التكنولوجي في عمليات الإنتاج والتكرير مشيرا الى ان اسعار بناء المشاريع كانت مرتفعة بشكل غير طبيعي خلال الفترة الماضية وقد تراجعت هذه الاسعار نتيجة للازمة المالية العالمية ومن هنا تبرز ضرورة الاستفادة منها بشكل كبير.
التكلفة العالية
من جانبه أوضح الخبير الاقتصادي جاسم السعدون ان المشاريع النفطية كانت اقل الحاحا وقابلة للتأجيل عندما كانت اسعار النفط مرتفعة للغاية وذلك بسبب التكلفة العالية لهذه المشروعات في تلك الفترة.
وأضاف السعدون ان الدول النفطية كان لديها من الاموال ساعتها ما يكفي ولم تكن في حاجة للمزيد لان هذه الاموال «اضرت باقتصاداتها أكثر مما نفعت» بخلاف تجربة النرويج التي جنبت اقتصادها اي تأثير للاموال النفطية على الوضع الداخلي.
وأوضح انه من المفترض ان يكون لدى الدول النفطية استراتيجية بعيدة المدى للمشروعات النفطية يتم التحرك فيها على المديين البعيد والمتوسط مع قابلية تعديل تفاصيلها في المدى القصير طبقا لما تفرضه الظروف ولكن دون تأثير على جوهر الاستراتيجية.
واعتبر ان دول الخليج لا يمكن وضعها في سلة واحدة من حيث درجة تقدم او تأخر قطاعها النفطي مشيرا الى ان دولة مثل السعودية حققت تقدما كبيرا في هذا المجال كما نجحت في عزل هذا القطاع عن التجاذبات السياسية كما ان عمان لديها تعاون كبير مع شركات عالمية وتحاول تطوير قدراتها الانتاجية في حدود امكانياتها بينما يوجد دول اخرى ليس لديها لا هذا ولاذاك.
وحول توافر السيولة لدى الدول النفطية للقيام بالمشاريع قال السعدون ان السيولة موجودة بالفعل فقد راكمت هذه الدول على مدى عشر سنوات فوائض مالية كبيرة بسبب ارتفاع اسعار النفط معتبرا ان المشكلة تكمن في وضع هذه السيولة في مكانها الصحيح وفي المشروعات الحقيقية وليس المكان الخطأ.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )