أحمد سمير
مع دخول المرسوم بقانون الخاص بالاستقرار المالي للدولة حيز التنفيذ حين عمم البنك المركزي على البنوك تفاصيل نماذج التسهيلات الائتمانية التي بموجبها ستقدم تسهيلاتها الى الشركات، ومع تلقي شركات الاستثمار تعليمات «المركزي» في شأن عمليات التقييم التي ستقوم بها لأصولها، ووسط مزيج من الأجواء التفاؤلية التي انعكست بوضوح على أداء سوق الكويت للأوراق المالية، برزت على السطح الاقتصادي مشكلة تتعلق بعدد غير قليل من الشركات العاملة في قطاع العقار والتي تكشفت أبعادها مع دوران دولاب التطبيق الفعلي لقانون «الاستقرار».
وعلى هذا الصعيد تشير مصادر اقتصادية الى انه اذا كان الهدف الرئيسي المعلن من وراء إقرار قانون «الاستقرار» تحقيق الانتعاش الاقتصادي، فإن هذا الهدف لن يتحقق بمعناه الواسع والشامل، وإنما سيقتصر أثره على الحماية التي يوفرها المرسوم لقطاع البنوك من ناحية وشركات الاستثمار المتعثرة التي تقع تحت المظلة الإشرافية لـ «المركزي» من الناحية الأخرى، ويبقى خارج هذه الرعاية القطاعات الأخرى، لاسيما قطاع العقار الذي يــشكل مرتكزا ثانيا في منظومة الاستثمار في البــلاد، ويشكل محورا رئيسيا في مكونات الاقتصاد الوطني فضلا عن البعد الاجتماعي والمكانة التي يحظى بها العقار في نفوس الكويتيين.
فمن الثابت حتى اليوم ـ وفقا لتأكيدات مسؤولين في شركات عقارية لها وزنها ـ ان البنوك المحلية لا تمنح اي تسهيلات ائتمانية لتمويل عمليات شراء اصول عقارية مدرة كشكل من أشكال الاستثمار طويل الأجل الذي تمارسه شركات العقار.
وفي هذا الإطار، تؤكد المصادر لـ «الأنباء» ان هذا هو واقع الحال بين البنوك وشركات العقار، ومع التسليم بأن عملية شراء الأصول المدرة هي إحدى الأدوات التي تشجع التجار والمواطنين على البيع والشراء، ومن ثم تحريك سوق العقار الراكد، فإنه وبوضوح كامل يمكننا تلمس الدور السلبي للبنوك في هذا الشأن والذي لم يدحضه قانون الاستقرار الذي عزز مبدأ التعاون مع القطاعات المنتجة مثل المصانع والمشروعات الصغيرة والانتاجية والتشغيلية، اما شراء اصل وتطويره والاستثمار فيه فيبقى خارج دائرة الاهتمام حتى الآن!
ويرى مسؤولون في شركات العقار ان قانون الاستقرار قد أغفل بشكل واضح تسهيل وتشجيع عمليات البيع والشراء العقاري، مع انها من اكثر الأمور التي تحرك الاقتصاد وتنشطه، ويقول احد المصادر ان البنوك مازالت تتعنت بشكل واضح قد أجبر بعض الشركات العقارية على تغيير استراتيجيتها اذ انه على سبيل المثال فإن بعض البنوك تريد أصلا يغطي 200% من قيمة الأرض المطلوب تمويل عملية شرائها رغم صعوبة ذلك.
وتقول مصادر اخرى انه اذا استمرت البنوك على موقفها المتشدد فإن ذلك سيؤدي الى آثار سلبية جدا، خاصة ان بعض الشركات لديها اصول تواجه عمليات نزول مستمرة في اسعارها وتتسبب في خسائر متراكمة، وقد أصبح هذا السيناريو ينطبق في ظل اقرار قانون الاستقرار الذي لن يحمل من مضمونه غير اسمه لأنه سيحقق ما يحققه للبنوك وشركات الاستثمار فقط اما قطاع مؤثر مثل العقار فهذا شأن آخر ربما لا يعني القانون في شيء!
ولا يتوقف الحديث المر عند هذا الحد بل يرى اقتصاديون ان الدولة مطالبة مثلها مثل كثير من دول العالم بالتدخل لتعزيز اصول الشركات المرهونة لدى البنوك، الأمر الذي سيرفع قيمة المحافظ لدى البنوك، وبذلك تكون الحكومة ساعدت البنوك وشركات العقار في آن واحد.
واذا كنا نتحدث عن تحريك عجلة الاقتصاد الوطني فهل هذا الأمر سيتحقق فقط من خلال زيادة حجم الودائع في البنوك؟! بالطبع لا، فالبنوك متخمة بالسيولة (الودائع لدى البنوك تصل الى نحو 22 مليار دينار) فهل من صالح الاقتصاد ان تكون البنوك متخمة الى هذا الحد بالسيولة؟! اذ لاحظنا كيف تبخرت السندات التي طرحها البنك المركزي في السوق المصرفي لأن السيولة عالية والفائض لديها سيسبب لها الخسارة وليس الفائدة.
وتنتهي السطور عند هذا الحد ولكن لا تنتهي القضية ولن تتوقف مطالب ممثلي احد القطاعات المؤثرة في الاقتصاد الوطني والمكونة له والتي ترى ان البنك المركزي مطالب ايضا مثلما تبنى ايجاد الحلول للشركات الاستثمارية وحماية من سيساعدها بأن يحث البنوك المحلية على تفهم أبعاد مشكلة الشركات العقارية وان من حقها المساعدة اذا كنا نسعى بالفعل لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتنشيط كل قطاعاته.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )