فواز كرامي
مع تزايد الضغوط الاقتصادية على المؤسسات المالية والاقتصادية بسبب تداعيات الازمة المالية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد بشكل عام والقطاع الخاص بشكل خاص، التأم امس الاجتماع الـ 45 للهيئة العامة لغرفة تجارة وصناعة الكويت في مقر الغرفة برئاسة رئيس الغرفة علي الغانم واعضاء ومنتسبي وادارات الغرفة المختلفة.
وفي كلمته الافتتاحية، كشف الغانم عن ان عدد منتسبي الغرفة بلغ في العام الماضي 34 الفا منهم 5600 عضو جديد، كما تم انجاز قرابة الـ 270 الف معاملة مختلفة في الغرفة، ووصل حجم ايراداتها الاجمالية إلى 5.3 ملايين دينار، فيما بلغ اجمالي المصروفات 4.5 ملايين دينار، لافتا الى المساهمة الفعالة التي قامت فيها الغرفة بتطويق انعكاسات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي والوقوف على الخطوط الأمامية لمواجهتها ومعالجة آثارها من خلال مشاركة الغرفة في الفريق الذي شكل من قبل مجلس الوزراء لمتابعة اوضاع سوق الكويت للاوراق المالية، خصوصا من حيث التنبيه الى عمق الازمة والى الصعوبات والتحديات التي تواجه شركات الاستثمار بالذات.
الغانم اكد ايضا خلال الاجتماع انه وفي اطار الفريق الفني الذي ترأسه محافظ البنك المركزي لمواجهة الازمة، شاركت الغرفة بالفاعلية ذاتها، وقامت بجهود على ارفع المستويات لتوضيح موقف القطاع الخاص الوطني ومؤسساته، مع الالتزام الكامل بعدالة وجدوى استخدام المال العام. كما شاركت الغرفة في اجتماعات اللجنة المالية والاقتصادية لمجلس الامة التي خصصت لتدارس الازمة، وعقد مجلس ادارة الغرفة ومكتبها ولجنتها المالية اكثر من 14 اجتماعا للغرض ذاته، واصدرت الغرفة في 25 يناير الماضي مذكرة تضمنت رؤيتها للمنطلقات الاساسية والملامح العامة لمعالجة الازمة، ومن دواعي الاعتزاز فعلا ان المرسوم بقانون تعزيز الاستقرار المالي الذي استند اساسا الى مقترحات الفريق الفني المشار اليه جاء متوافقا الى حد بعيد مع هذه الرؤية.
مؤكدا حرص الغرفة على تكاتف كل الجهود لتوفير اسباب وأجواء نجاح هذا القانون، فهي لا تدعي أبدا أنه تشريع جامع مانع لا يشكو عيبا ولا قصورا، ولكنها ترى فيه انطلاقة جيدة لإدارة هذه الازمة العميقة والخطيرة التي لا يمكن ان تكتمل معالجتها من خلال قانون وحيد، بل لابد من متابعته وتطويره ودعمه تبعا لمراحل المعالجة وافرازات التجربة. وفي اعتقادنا ان اخطر معيقات هذه المعالجة لا تكمن في مواد القانون ذاته، بل في القصور الناجم عن عدم مواكبته بالتوسع الفاعل والكافي، ليس في اعتمادات الانفاق العام الرأسمالي فقط، بل في التنفيذ الفعلي لهذه الاعتمادات.
قانون العمل
كما تطرق الغانم الى مشروع قانون العمل في القطاع الاهلي، الذي أنجز مجلس الامة السابق قراءته الاولى، ثم جاء حل المجلس ليقدم لجميع الاطراف المعنية بهذا المشروع فسحة من الوقت، لإمعان النظر في مرتكزاته، ومراجعة التفكير في غاياته وحساباته، ملقيا الضوء على منطلقه الاساسي، وبنيته الاقتصادية والمالية المتضخمة، ففي الكويت تمثل العمالة الوافدة قرابة 95% من العمالة في القطاع الخاص. بينما تساهم العمالة الكويتية بالنسبة الباقية 5%. وانطلاقا من هذه الحقيقة، حاول واضعو المشروع، بإحساس وطني صادق، وبأداة تشريعية غير موفقة، ان يجعلوا منه أداة لاجتذاب العمالة الوطنية الى القطاع الخاص. وهو هدف لا ينازع أحد في أهميته الوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، غير ان الوصول اليه لا يكون من خلال قانون العمل في القطاع الاهلي، الذي يفترض به ان ينظم حقوق وواجبات اكثر من 1.3 مليون عامل، لا يتجاوز عدد الكويتيين منهم ستين ألفا فقط.
واضاف قائلا: نحن نساند وندعم كل ما من شأنه اجتذاب العمالة الوطنية الى القطاع الخاص، كما نؤيد اعطاء العمالة الوافدة كل حقوقها، وندعو الى ان تحكمها والعمالة الوطنية قواعد قانونية واحدة. ولكننا ـ في الوقت ذاته ـ نرى ان هذه الحقوق يجب ان تبقى في اطار ما تقدمه التشريعات الحديثة في الدول الاخرى، النامية منها والمتقدمة، وألا تخرج عن مفاهيم الحق والعدل، والتكلفة والمردود، الى مجال الحوافز الاستثنائية.
وهي حوافز تقتضي المرحلة الراهنة تقديمها لاجتذاب المواطن الكويتي الى القطاع الخاص، في اطار معالجة الاختلال الخطير في البنية السكانية، والنسيج الاجتماعي، والامن القومي للبلاد.
وتعتقد الغرفة، ان مشروع قانون العمل في القطاع الاهلي يجب ان يعاد بناؤه التشريعي بحيث يضمن للعمالة الوافدة حقوقها الكاملة، وعلى أحدث الاسس والمعايير، وبحيث تتحول كل «الحوافز الاستثنائية» الرامية الى تشجيع العمالة الوطنية، من هذا القانون، الى قانون دعم العمالة الوطنية، باعتبار ان هذه الحوافز تتعلق بحقوق المواطنة، وبمعالجة قضية اجتماعية واقتصادية وسياسية كويتية. أما ان يبقى مشروع القانون بصيغته الحالية، فهذا يعني ارتفاعا حادا في التكلفة، يضعف القدرة التنافسية للاقتصاد الكويتي كله، دون أن تكون له قيمة اضافية حقيقية في الوصول الى الهدف المنشود، وهو اجتذاب العمالة الوطنية الى القطاع الخاص.
مجلس الأمة
وفيما يتعلق بانتخابات مجلس الامة التي ستعقد بعد عدة ايام اشار الغانم الى تطلع الغرفة لانتخابات حرة نزيهة واعية، يتوسع فيها حوار المرشحين في كل اتجاه، ولكنه يبقى ضمن حدود الاحترام المتبادل والالتزام الاخلاقي. ويرتقي فيها الاعلام من مستوى الاعلان والاثارة، الى صعيد الحقيقة والانارة. ويقترع فيها الناخب لمصلحة الوطن والمستقبل، فلا يكون انتخابه عائليا أو طائفيا أو قبليا. ولا يكون في مجلس الامة والامل، نائب سني ونائب شيعي، بل كلهم مسلمون، يستلهمون شريعة الله وسماحة الاسلام، ويحترمون دستور الكويت. ولا يكون في مجلس الامة والامل، نائب حضري ونائب قبلي، بل كل واحد منهم يمثل الشعب الكويتي بكل شرائحه، والدوائر الانتخابية الخمس بكل مناطقها. ولا يكون في مجلس الامة والامل، نائب موال ونائب معارض، بل كلهم يقفون حيث تملي قناعاتهم، متحررين من كل الولاءات غير الولاء للكويت، ومن كل الضغوط عدا املاءات العقل والضمير.
واوضح الغانم ان نجاح مجلس الأمة، في اداء دوره التشريعي والرقابي، مرهون بكفاءة وتوجهات الحكومة القادمة التي سيتعاون معها، فإن الغرفة تتمناها حكومة، تعكس تغييرا جذريا في المناهج والسياسات، فلا تكون مجرد تبديل بالاسماء والشخصيات. وتتمناها حكومة شجاعة لا تجزع من الخطأ فتؤجل القرار، ولا تخضع للضغوط فتحيد عن الحق، ولا تدخل في سباق تلبية الرغبات، على حساب تأمين الاحتياجات. وتتمناها حكومة تملك من وضوح الرؤية والمصداقية الشعبية، ما يمكنها من اقرار وتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي. ومع قناعتنا بأن الوزراء يجب أن يكونوا رجال سياسة في المقام الأول، وبأن دورهم السياسي في اجتماعات مجلس الوزراء اهم من دورهم الفني في مكاتب وزاراتهم، نرى أن زخم وخطورة التحديات الاقتصادية الراهنة، تقتضي ان يكون وزراء الادارة الاقتصادية القادمة من اصحاب الخبرة والاختصاص.
كما استعرض الغانم بعض المؤشرات التي تضع الخطوط العريضة لنشاط الغرفة خلال 2008، حيث تقدمت بعدد من المذكرات والمقترحات حول العديد من التشريعات والمواضيع منها؛ اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة، ومشروع قانون المناقصات العامة، وربط استخدام الفوائض المالية بتصور استراتيجي متكامل، ومقترح بتوفير مساحات تخزينية وتأسيس شركات لتطوير وتنفيذ المستودعات، ودراسة تنمية الصادرات غير النفطية، وتوضيح الخطأ القانوني والاقتصادي لقرار وزارة التجارة والصناعة بمراقبة ارتفاع الاسعار المصطنع. هذا كله بالاضافة الى جهود الغرفة الفاعلة والمستمرة للمساهمة في معالجة انعكاسات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي.
لافتا الى اللقاءات التي حظيت فيها الغرفة بعرض ارائها وتصوراتها على صاحب السمو الأمير وعلى رئيس مجلس الوزراء كما نظمت الغرفة اجتماعات مع عدد من السادة الوزراء، ومحافظ بنك الكويت المركزي، وحرصت على التعاون الدائم مع لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الامة. وعززت تواصلها مع اعضائها ومنتسبيها، من خلال اللقاءات القطاعية المتخصصة، لتلمس المشاكل والمعوقات التي تواجه انشطتهم، والسعي لمعالجتهم وتذليلها.
التكامل الاقتصادي
مؤكدا على اعتزاز الغرفة بمؤتمر التكامل الاقتصادي العربي من منظور القطاع الخاص الذي نظمته في نوفمبر الماضي ليقدم رؤية القطاع الخاص العربي إلى القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، خاصة ان المؤتمر قد حظي برعاية صاحب السمو الأمير التي كان لها دور كبير في فكر ونتائج القمة المذكورة، كما كان له صدى رائع على امتداد الوطن العربي كله. وقال ولو كنتم معنا في القاهرة قبل أيام، وسمعتم ما سمعنا من كبار المسؤولين ومن المواطنين في مصر، وما تردد عن اجتماعات مجلس ومؤتمر الاتحاد العام للغرف العربية وعن مبادرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وعن جهود الكويت العامة والخاصة في مجال التعاون الاقتصادي العربي، لتذوقتم حلاوة النجاح، وزدتم افتخارا واعتزازا بهذا الوطن وشرعيته ومؤسساته.
ولفت الغانم الى مشاركة الغرفة في عضوية 84 هيئة ومجلسا ولجنة دائمة ومؤقتة. كما نظم مركز عبدالعزيز الصقر للتدريب 16 برنامجا تدريبيا لتأهيل وزيادة كفاءة العاملين في القطاع الخاص. وحقق المركز خطوة كبيرة في تعزيز موقعه وتطوير جهوده، حين استكمل شروط اعتماده لدى ديوان الخدمة المدنية.
وفي مجال العلاقات الدولية قال الغانم: التقت الغرفة قادة ورؤساء حكومات 16 دولة، ونظمت او شاركت في وفود زارت خمس دول، وفي اجتماعات اللجان الاقتصادية المشتركة بين الكويت و15 دولة، كما شاركت في 60 نشاطا اقتصاديا خليجيا وعربيا ودوليا، واستقبلت 116 وفدا اقتصاديا من اكثر من 53 دولة.
كما استعرض الغانم بعض مؤشرات النشاط الاقتصادي للكويت في 2008 التي وردت في التقرير الاقتصادي الذي اصدرته الغرفة الشهر الماضي منها بلوغ الناتج المحلي الاجمالي للكويت بالاسعار الجارية، الى ما يناهز 42 مليار دينار مقابل 31 مليارا عام 2007، اما الصادرات السلعية الكويتية فتشير التقديرات الى ارتفاعها من 17.7 مليارا عام 2007 الى 23.4 مليارا عام 2008 منها 22.3 مليارا صادرات نفطية و1.1 مليار صادرات وطنية واعادة صادرات وتقدر قيمة الواردات السلعية بمبلغ 6.2 مليارات لتترك فائضا في الميزان التجاري السلعي للعام 2008 يناهز 17 مليار دينار، مقابل 12 مليارا عام 2007، وتشير التوقعات ـ ايضا ـ الى ان ايرادات ميزانية الدولة للسنة المالية 2008/2009 تناهز 21 مليارا، بزيادة 11.2% عن السنة المالية السابقة، وبفائض يتجاوز 4.5 مليارات دولار.
وقال من المؤشرات المهمة ايضا ان معدل نمو توظيف الكويتيين في القطاع الخاص قد حافظ عام 2008 على ذات النسبة العالية التي حققها عام 2007 وهي 16% ما رفع عدد الكويتيين العاملين في القطاع الخاص الى ما نسبته 17.8% من اجمالي القوة العاملة الكويتية، التي بلغ حجمها نهاية 2008 قرابة 336 الفا مقابل 1.75 مليون من العمالة غير الكويتية.
ومن جهة اخرى، ارتفع حجم الميزانية المجمعة للبنوك المحلية من 27 مليارا عام 2006 الى 35.5 مليارا عام 2007، ثم الى 39.3 مليارا عام 2008، كما ارتفع حجم التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك الى القطاع الخاص من 16.1 الى 21.8 ثم الى 25.4 مليار دينار في السنوات الثلاث المذكورة على التوالي.
وفي السنوات ذاتها ارتفع حجم ودائع القطاع الخاص من 15.2 الى 18.3 ثم الى 21.2 مليار دينار، وهكذا، يكون النمو الائتماني قد سجل في عام 2008 معدلا يقارب الـ 17% وهو معدل يتوقع ان يرتفع الى اكثر من 20% عام 2009، وبالنسبة لشركات الاستثمار، ارتفعت ميزانيتها المجمعة بين عامي 2007 و2008 من 16 الى 17.3 مليار دينار، وسجل حجم الاموال التي تديرها لحساب الغير مبلغ 22.2 مليار دينار.
مشيرا الى ان سوق الكويت للاوراق المالية الذي اقفل مؤشره السعري نهاية عام 2008 عند 7783 نقطة، بانخفاض بلغ 4776 نقطة، او ما يعادل 38% عن مثيله في نهاية 2007، وبانخفاض وصل الى 7871 نقطة أو اكثر من 50% عن المستوى القياسي الذي سجله يوم 24 يونيو 2008.
اما حجم التداول، فقد ارتفع بين عامي 2007 و2008 من 70 الى قرابة 81 مليار سهم، بينما سجلت قيمة الاسهم المتداولة انخفاضا بسيطا نسبيا من 37 الى 35.7 مليار دينار، اما القيمة السوقية لاجمالي الشركات المدرجة فقد انخفضت من 58.7 مليار دينار في آخر يوم تداول عام 2007 الى 31.2 مليارا في اليوم المقابل من عام 2008.
الحكومة الذكية
وردا على سؤال عضو الغرفة فهد الصقعبي حول عدم انتهاء الحكومة من مشروع الميكنة الالكترونية (الحكومة الذكية) المنوطة بإنهاء جميع الاعمال بين الوزارات ومختلف الدوائر الحكومية بطريقة آلية، حيث قال الصقعبي اننا انتظرنا طويلا تنفيذ هذا المشروع بتعاون من غرفة التجارة الا اننا فوجئنا بأن ذلك نصب ولم ير المشروع النور الى الآن.
قال علي الغانم ان هناك اكثر من مذكرة تقدمت بها غرفة التجارة الى وزير الشؤون والعمل تتعلق بتعاون الغرفة مع الحكومة لتنفيذ هذا المشروع، مضيفا: اعتقد ان هذا الموضوع في طريقه الى الحل.
وبدوره افاد احمد الهارون في السياق نفسه بأن الغرفة ساهمت في انشاء مركز الحكومة مول في المحافظات وهو المعني بتنظيم العمليات تنظيما آليا، مشيرا الى ان الغرفة تكفلت بالانشاء والادارة مجانا.
واشار الهارون الى ان هناك 11 جهة حكومية وافقت على ما طرحته الغرفة لانشاء الحكومة مول، غير انه عزا تأخير الانجاز الى البيروقراطية وتغيير الوزارات من حين لآخر.
واضاف: منذ سنوات ونحن نطرح هذا المشروع الحضاري للتنفيذ والذي من شأنه توفير الوقت والجهد.
ودعا الهارون الحكومة الى ان تطرح مساحات من الاراضي في المحافظات حتى يتم التنفيذ، آملا ان يبدأ تنفيذه خلال الاسبوع المقبل. وحول الوضع السيئ للموانئ وانها لا ترقى الى مستوى الكويت، قال الغانم ان الغرفة وصل عدد اجتماعاتها مع الحكومة بهذا الشأن الى اكثر من 30 اجتماعا لمناقشة ما يخص سعة الموانئ وقدرتها الاستيعابية، لافتا الى انه مازال الحوار قائما مع الحكومة للعمل على حل هذه المشكلة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )