حمل التقرير الاسبوعي الصادر عن شركة الشال للاستشارات الاقتصادية «بشدة» على إعلان مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني مراجعتها للتصنيف الائتماني السيادي للكويت (aa2) مستندا في ذلك الى ان تلك المؤسسات لم تنجح في حماية نفسها من تداعيات الأزمة بل كانت جزءا من الأزمة نفسها، واضعا إياها في نفس مستوى الإدانة والمسؤولية عن الأزمة بقيامها بضخ الأصول دون قيمتها الحقيقية وتحقيق الأرباح الوهمية، مؤكدا ان الأوضاع السياسية بالكويت أفضل حالاً من دول عديدة.
وتوقع التقرير ان يؤدي هبوط نصيب القطاع المالي في الاقتصاد الأميركي ومن ثم العالمي الى تخفيض أهمية مؤسسات التصنيف الائتماني.
وقال التقرير ان على تلك المؤسسات مراجعة سياساتها من الداخل لا ان تنقل التهم الخطيرة الموجهة إلى دورها في صناعة الأزمة المالية بالهجوم على عملائها.
وأكد التقرير ان الكويت من أقل دول العالم التي تحتاج الى شهادة حول ملاءتها المالية، مضيفا انه مهما كان واقع الكويت السياسي وسخونته فإنه يعد الأفضل مقارنة بدول عديدة.
وفي تحليله عن سيولة العقار في ابريل، اشار التقرير الى ان الثلث الاول من العام الحالي، شهد انخفاضا في سيولة العقار بنسبة 50.5% بالغة 610 ملايين دينار، مقارنة بـ 1231.3 مليون دينار للفترة نفسها من العام الماضي.
واستدرك التقرير بأن قيمة بيوعات السكن الخاص من الاجمالي قد شهدت انخفاضا في الثلث الاول من العام الحالي بالغة 36% مقارنة بـ 47% للفترة نفسها من العام الماضي.
وبين التقرير ان سيولة العقار في ابريل بلغت نسبتها 141.5 مليون دينار مقارنة بـ 151.2 مليونا في شهر مارس بانخفاض قدره 6.4%. وتطرق التقرير الى سيولة الاسواق الخليجية السبعة في شهري مارس وابريل، حيث اشار الى ان الزيادة في القيمة الرأسمالية للأسواق السبعة بلغت في شهر ابريل 70 مليار دولار وان مؤشر السوق السعودي كسب 19.6% خلال شهر ابريل والكويتي 12% خلال نفس الشهر.
واشار التقرير الى ان اختيار «الرياض» كمقر للبنك المركزي الخليجي متعجل وكان من الافضل تأخيره قليلا، مشيرا الى ان دول الخليج الخمس ليست مؤهلة لاعلان العملة الخليجية الموحدة في 2010 رغم اعلانها عنها.
وفيما يلي التفاصيل:
من الطبيعي ان نهتم بأن يكون التصنيف السيادي للكويت هو الافضل، فالتصنيف السيادي الجيد يعني سمعة افضل وتكلفة اقل للاقتراض السيادي وللاقتراض على مستوى الوحدات الانتاجية في البلد، ايضا. ولكن تلك التصنيفات كانت اكثر اهمية قبل ازمة العالم المالية، وهي ايضا أكثر اهمية لدول مقارنة بأخرى، كما انها اتسمت، بعد الازمة المالية العالمية، ببعد غير مهني، لما تتضمنه من قسوة، غرضها الدفاع عن ماضي مؤسسات التصنيف. والمؤكد ان عالم ما بعد الازمة يحتاج الى مؤسسات تصنيف لتصنيف مؤسسات التصنيف الائتماني، ومؤسسات التصنيف الائتماني القديمة لا تملك الحق ولا القوة الأدبية في وضع الدول او الشركات تحت ضغط احتمال تخفيض تصنيفها.
وقال التقرير ان اكثر الشركات العالمية وصناديق التحوط ومنتجات المشتقات المالية كانت تتمتع بتصنيفات عالية، لدى تلك المؤسسات، وتلك الشركات والصناديق والمنتجات كانت اول من سقط في دوامة الازمة، وهو الامر الذي يضع مؤسسات التصنيف الائتماني، مع بنوك تجارية واستثمارية ومديري اموال عالميين، في نفس مستوى الادانة والمسؤولية عن الازمة، ثم تأتي بعدها ـ وليس قبلها ـ في المسؤولية، النظم المحاسبية اللينة، التي ساهمت في نفخ قيمة الاصول وتحقيق الارباح الوهمية، اي معيارا المحاسبة الدولية اللذان يحملان الرقمين 39 و40.
وأشار التقرير الى ان العالم وعندما يهدأ غبار الازمة سيشهد الكثير من القوانين والضوابط، التي تضع شركات التصنيف الائتماني على طريق الصواب، على الاقل، سيعمل على فصل مصدر ايراداتها عن مالية عملائها، ففي كثير من الاحوال، تقع تلك المؤسسات في معضلة تعارض المصالح بين التصنيف المهني المحايد وخسارة دخل من العميل. ومع انحسار مد سيطرة القطاع المالي على مكونات الاقتصاد ـ وهو ما يبشر به الرئيس أوباما ـ ستعمل زيادة الضوابط، من جهة، وهبوط نصيب القطاع المالي، من جهة أخرى، على تخفيض اهمية مؤسسات التصنيف الائتماني.
وجاء هذا تعليقا منه على الاهتمام غير العادي بإعلان مؤسسة «موديز» ـ او غيرها ـ مراجعتها للتصنيف الائتماني السيادي للكويت (aa2)، واحتمال تخفيضها له، ليس تحسبا لتضاؤل القدرة المالية للبلد، الذي لن يحتاج الى الاقتراض، وانما، هذه المرة، تحسبا لأزمة سياسية، وهو اختصاص لا تتفوق فيه تلك المؤسسات، في الأصل.
ثم ان انخفاض اثر التصنيف المشار اليه لا يستحق اهتماما غير عادي اساسا لان الكويت من اقل دول العالم التي تحتاج الى شهادة حول ملاءتها لسداد التزاماتها، والواقع انه مهما كان الوضع السياسي الداخلي – وهو افضل من مثيله في جميع دول المنطقة، رغم سخونته - فانه لن يؤثر من قريب او بعيد، على صادرات النفط، وبالتالي على حجم التدفقات النقدية الداخلية بالعملة الصعبة، ولن يؤثر ايضا على حجم احتياطيات العملة الاجنبية للدولة او القطاع الخاص ونعتقد ان على مؤسسات التصنيف الائتماني ان تحاول اصلاح حالها من الداخل، لا ان تنقل التهم الخطيرة الموجهة الى دورها في صناعة الازمة المالية بالهجوم على عملائها، لان ذلك سيرتد عليها بمرور الزمن.
العقار المحلي
أشار التقرير إلى آخر البيانات المتوافرة من وزارة العدل ـ إدارة التسجيل العقاري والتوثيق ـ إلى ان بيوعات شهر ابريل قد بلغت 141.5 مليون دينار، بانخفاض في سيولة الشهر بلغت نحو 6.4% مقارنة بشهر مارس، الذي بلغت قيمة بيوعاته 151.2 مليون دينار، وانخفضت قيمة بيوعات شهر ابريل الفائت بنسبة 44.5% مقارنة بقيمة بيوعات شهر ابريل 2008، التي بلغت 274.1 مليون دينار، ومرد هذا الانخفاض في تقديرنا انعكاسات ازمة اواخر العام الفائت على تداولات العام الحالي، وتوزعت بيوعات ابريل الفائت بنسبة 33.8% للسكن الخاص و39.6% للسكن الاستثماري و19.7% للتجاري، واستمرار انخفاض نصيب السكن يمكن تفسيره بالقوانين المقيدة لتمويل وتملك السكن الخاص للمضاربة، وترقب احتمال انخفاض الاسعار من قبل المشترين من اجل السكن.
وعند مقارنة اداء الأربعة شهور الأولى من العام الحالي بمثيلتها من عام 2008 نلاحظ انخفاضا في سيولة السوق بنحو 50.5% اذ بلغت للعام الحالي نحو 610 ملايين دينار، مقابل 1231.3 مليون دينار للفترة نفسها من العام الفائت. كما نلاحظ ايضا انخفاض نصيب السكن الخاص في قيمة البيوعات، من 49.7% لثلث السنة الفائتة، الى 36% لثلث السنة الحالية، ومع انخفاض السيولة الى النصف، لابد وان اسعار السكن الخاص قد انخفضت على نحو كبير ايضا وهو تطور ايجابي ولكن ليست هناك وسيلة لقياس حركة الاسعار.
ويساورنا بعض القلق حول دقة البيانات ونحاول الاتصال بإدارة التسجيل العقاري للتحقق منها، نظرا لأهميتها، فرغم الانخفاض الكبير في السيولة ظلت قيمة الصفقة الواحدة ترتفع، وهو ما لا يمكن تفسيره منطقيا، اذ ان قيمة الصفقة لما مضى من عام 2009، ارتفعت الى 436 الف دينار، من مستوى قارب 370 الف دينار للأربعة شهور الأولى من عام 2008 وهو ارتفاع تقارب نسبته 17.3%.
والمؤشر الآخر الذي يثير القلق، حول دقة البيانات، هو بلوغ الصفقة الواحدة، للسكن الخاص بالوكالات عن شهر مارس 2009 نحو 1.5 مليون دينار فهذا المعدل لا يمكن قبوله لصفقات السكن الخاص، ونأمل ان نتمكن من تدقيق هذه المعلومات مع الجهات الرسمية، في تقاريرنا المقبلة.
ولو افترضنا استمرار سيولة السوق، خلال ما تبقى من السنة 8 أشهر عند المستوى نفسه فسوف تبلغ قيمة تداولات السوق عقودا ووكالات نحو 1830.1 مليون دينار وهي ادنى بما قيمته 928.5 مليون دينار ونسبته 33.7% عن المستوى الفعلي لعام 2008 ومن الواضح ان سيولة السوق ماضية في الانخفاض بمرور السنة ولكن وضعها قد يتحسن اذا تعافى الاقتصاد العالمي، ومعه المحلي كما قد يتحسن ايضا اذا خففت قيود التمويل على شراء الوحدات العقارية للسكن الخاص، لأغراض لا صلة لها بالمضاربة.
سيولة أسواق الأسهم الخليجية
في زمن الأزمات المالية ـ والكبرى منها على نحو أوضح ـ يصبح أثر العامل النفسي كبيرا جدا ومساويا، ربما، للعوامل المالية والاقتصادية، لذلك يحتل العمل على استعادة الثقة الوزن نفسه لوزن الحلول والعلاجات الكمية للأزمة. وأحد مؤشرات تجاوز مرحلة الهلع الخطرة هو بدء المستهلكين والمستثمرين بالإفراج عن ارصدتهم النقدية، أي زيادة جرعات الاستهلاك أو الاستثمار، وأحد المؤشرات ولوج هذه المرحلة، هو ارتفاع سيولة الأسواق – وليس بالضرورة أسعار الأصول على المدى القصير ـ ولأن الوضع، في زمن الأزمة، سريع التغير، فالتركيز على متغيرات المدى القصير عالي الأهمية، ولكن، لابد من التحذير من أن استخلاص أحكام صلبة من مؤشرات المدى القصير خطأ أيضا لأن هذه المؤشرات تظل هشة وحساسة، ولا يفترض أن تستخدم سوى في رصد الاتجاه وليس القطع باستمراره.
ولقد أعطت أسواق الأسهم الخليجية السبعة مؤشرات على ارتفاع مستوى السيولة ـ الثقة -، ما بين شهري مارس وأبريل الفائتين، ومع ارتفاع مستوى السيولة، تحقق بعض الارتفاع في مستوى اسعار الأصول المالية ـ كما في الجدول اللاحق ـ وسيولة الاسواق تقاس بمعدل النمو في قيمة التداول، بين شهر وآخر، وتقاس أيضا بقيمة التداول المطلق، ولكن مقياسي المقارنة، بين سوق وآخر، هما نسبة قيمة التداول الى القيمة الرأسمالية للسوق، أو قيمة التداول إلى حجم الاقتصاد أو إلى حجم الناتج المحلي الاجمالي، مثلا. ويتضح من الجدول أن سوق الأسهم السعودي يتفوق، بالقيمة المطلقة للتداول، والسيولة النسبية مقاسة بقيمة تداول الشهر الى القيمة الرأسمالية للسوق، في نهاية الشهر نفسه، ويليه، في المركز الثاني وعلى المقياسين، سوق الاسهم الكويتي، وهو ما يعني تفوق مستوى الثقة والنضج في السوقين.
وفي التفاصيل، كان نمو السيولة، في ابريل الفائت، مقارنة بمثيله في مارس الفائت، موجبا، في الاسواق السبعة، الا ان التفاوت بينها كان كبيرا، فقد حقق سوق ابوظبي اعلى نسبة نمو في السيولة بلغت 112% ولكن، مع نمو ضئيل في الاسعار، مرد ذلك، ربما الى استمرار القلق حول اوضاع دبي.
وحقق سوق الدوحة 4%، وهو ادنى معدلات النمو في السيولة ـ باستثناء سوق البحرين ـ ولكنه حقق ثاني أعلى مستوى نمو في الاسعار، ويعزى ذلك، في جزء منه، إلى احتمال تحقيق الاقتصاد القطري أفضل أداء في المنطقة، في عام 2009، وفي جزء آخر، إلى حاجة هذا السوق لمزيد من النضج، بعد أن كانت خسائره في الأعلى، هي الربع الأول.
وكان نمو السيولة في سوق دبي عشرة أضعاف نمو الاسعار، وهو أمر مفهوم على المدى القصير، نتيجة انخفاض مستوى الثقة، إذ رغم الارتفاع المذكور، في السيولة، مازال السوق ضعيف السيولة، مقارنة بأدائه التاريخي. وبينما ظل سوق البحرين محايدا دون نمو، تقريبا، في مستويي السيولة والاسعار، كان أداء السوقين السعودي والكويتي متميزا، فقد كسب المؤشر السعري، للسوق السعودي، نحو 19.6%، ومثيله، للسوق الكويتي، نحو 12%، في شهر واحد، فيما بلغت الزيادة في القيمة الرأسمالية للأسواق السبعة، في شهر ابريل، نحو 70 مليار دولار أميركي (في شهر واحد) وكان الاداء الموجب هو سمة أسواق المال العالمية أيضا.
العملة الخليجية الموحدة
قررت القمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، في اجتماع لها الاسبوع الفائت اختيار العاصمة السعودية «الرياض» مقرا للبنك المركزي الخليجي، وحضر الاجتماع ثلاثة من قادة الدول وثلاثة ممثلين للقادة، ولا يبدو ان الاجتماع كان مخصصا لمثل هذا القرار، اذ يبدو ان الحراك السياسي الاميركي ـ الايراني كان محور ذلك الاجتماع، ولكن القرار كان حسما لما فشل محافظو البنوك المركزية الاقليميون في حسمه، في اجتماع سابق لهم.
ورغم اننا مع اي خطوة نحو الامام، في مشروع التعاون الخليجي، الا ان القرار، بحد ذاته، ليس مهما والواقع انه كان من الافضل ان يتأخر، قليلا، لانه تسبب في اعلان دولة الامارات العربية المتحدة تحفظها عليه، وكان محافظ بنك الامارات المركزي قد صرح، بعد اجتماع المحافظين السابق، بأن على كل دولة في المجلس، مواجهة تداعيات ازمة العالم المالية بطريقتها، ومع التحفظ الاخير على مقر البنك المركزي الخليجي، يصبح عدد الدول، التي لديها تحفظات جزئية او كلية على مشروع العملة الخليجية الموحدة، ثلاثا، اي 50% من دول المجلس الست، فالامارات ـ كما ذكرنا ـ تتحفظ على اختيار السعودية مقرا للبنك المركزي، والكويت خرجت من اتفاق ربط عملات الدول الست بالدولار الاميركي، وعمان انسحبت من مشروع العملة الموحدة، انسحابا كاملا.
ورغم الاعلان عن ان موعد تنفيذ مشروع العملة الموحدة هو عام 2010، وما يفصلنا عن الموعد 8 شهور فقط، الا اننا نعتقد ان الدول الست ابعد ما تكون عن تنفيذ وعدها هذا، لان الاهتمام مازال منصبا على الشكل، مع غياب شبه كامل لمضمون المشروع، فالمشروع يتطلب تنسيقا كاملا ومثبتا بالنتائج، للسياسات النقدية والمالية، بين الدول الست، لكي يصبح واقعا، كما ان حركة اسعار الصرف ومعدلات التضخم، وسياسات حركة اسعار الفائدة وعجز الموازنات وغيرها لابد ان تكون محكومة بسقوف حتى حلول موعد توحيد العملة، وهو ما لم يتحقق، ولابد من خضوع مجموعة كبيرة من التشريعات القطرية، التي تحد من تنفيذ وحدة المواطنة الاقتصادية، لتعديلات جوهرية، تمهيدا لتنفيذ مشروع العملة الموحدة، وهو ما لم يتحقق ايضا.
ومشروع توحيد العملة هو آخر مراحل التعاون الاقتصادي، وهو خطوة جوهرية في اتجاه الوحدة السياسية، ويحتاج تنفيذه بنجاح، الى الاهتمام التفصيلي بمضمونه، وحتى اجتماع القمة التشاوري، الاسبوع الفائت، لم يتعد الاهتمام مستوى القشور، وحتى القشور اضافت خلافا معلنا جديدا الى جملة الخلافات، ونتوقع ان يعلن في اجتماع القمة القادم في ديسمبر 2009، تأجيل تنفيذ المشروع بضع سنوات، ومن المحتمل ان يرحل الى عام 2015، لانها المهلة المطلوبة لتنفيذه بعض الاشتراطات الجوهرية لنجاح المشروع، وحتى بعد ترحيله، لسنا متفائلين بأن يتوافق القادة على المشروع، وان يقترن قرار التأجيل ببرنامج زمني لتنفيذ ملزم لمتطلبات نجاحه.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )