لا شك ان عام 2008 كان قياسيا بالخسائر التي تكبدتها الشركات المدرجة بكل تأكيد، وذلك على أثر الأزمة المحلية المرتبطة بالشركات الورقية والمتعثرة، ناهيك عن انحراف شريحة ساحقة من الشركات عن نشاطها الأساسي التشغيلي وانغماسها في المضاربات، إن لم نقل تورطها في سوء الادارة والفساد.
وقد نجا قطاع البنوك من «الحوسة البورصوية» إلى حد ما، وذلك على خلفية «العين الحمراء» لمحافظ البنك المركزي، حيث كان تأثير الأرباح غير التشغيلية البالغة 80 مليون دينار «رقيقا» على الأرباح التشغيلية البالغة 230 مليون دينار، لتبلغ أرباح القطاع 310 ملايين دينار، والتي كانت حصة الأرباح غير التشغيلية منها 26%، علما ان قطاع البنوك كان من القطاعات القليلة جدا التي أعلنت عن أرباح غير تشغيلية موجبة، حيث سنوضح أدناه وتباعا أثر «البلاوي» غير التشغيلية على القطاعات الأخرى.
أما في قطاع التأمين، فكادت الخسائر غير التشغيلية البالغة 15.5 مليون دينار أن «تبلع» كامل الأرباح التشغيلية البالغة 17.2 مليون دينار، حيث بلغ صافي ربح القطاع 1.7 مليون دينار كنتيجة حتمية «لقضم» الأرباح غير التشغيلية لـ 90% من الأرباح التشغيلية.
وفيما يتعلق بقطاع العقار، فقد استنفدت الخسائر غير التشغيلية الأرباح التشغيلية البالغة 146 مليون دينار بالتمام والكمال، حيث لم يتبق منها إلا «الفتات» والبالغ 68 ألف دينار فقط لا غير.
أما «الطامة الكبرى»، فقد تمثلت في قطاع الصناعة، حيث بلغت الخسائر غير التشغيلية 421 مليون دينار، وهي أكثر من أربعة أضعاف الأرباح التشغيلية البالغة 99 مليون دينار، ليصبح ذلك القطاع «المغلوب على أمره» خاسرا بمقدار 322 مليون دينار.
إلا أن «آلية التخريب» غير التشغيلية قد ضعفت في مواجهة قطاع الخدمات «الشامخ»، حيث لم تستطع تلك الآلة إلا «جرف» 11% فقط من الأرباح التشغيلية التي بلغت 580 مليون دينار مقابل خسائر غير تشغيلية بمقدار 62 مليون دينار، لتتبقى أرباح صافية لقطاع الخدمات «المحظوظ نسبيا» بمقدار 517 مليون دينار.
وتطبيقا للمثل الشعبي «راعي النصيفة سالم» ولو بالتقريب، فقد تبخر 58% من أرباح قطاع الأغذية جراء «هجوم» الأرباح غير التشغيلية بمقدار 43 مليون دينار على الأرباح التشغيلية البالغة 74 مليون دينار، ليتبقى أقل من النصف البالغ 42%، وذلك بما يعادل 31 مليون دينار على طريقة «العوض ولا القطعية».
أما القطاع غير الكويتي، فكونه بعيدا جغرافيا إلى حد ما عن «بلدوزر التخريب الكويتي» والذي يعتبر ابتكارا حصريا «للكوايتة» على قول الاخوة المصريين، فقد كانت نتائجه غير التشغيلية إيجابية بمقدار 93 مليون دينار، والتي شكلت 32% من صافي ربح القطاع البالغ 288 مليون دينار، وقد كانت حصة الأرباح التشغيلية 68% منها بما يعادل 195 مليون دينار، وربما المؤشر السلبي المقلق في هذا القطاع، يتمثل في تفشي ظاهرة «النحشة» أي الهروب السريع للشركات المدرجة به، وذلك بدأ «بالزوج السعيد» سوليدر أ و ب مرورا بشعاع كابيتال، وأخيرا وليس آخرا بنك ب ب ك «ليمتد» على قول حسين بن عاقول! أما القطاع الموازي «الناشئ»، فإنه يستحق التشجيع، حيث كانت النتائج غير التشغيلية ـ ولو أنها فاقت التشغيلية ـ إيجابية بمعدل 60% بما يعادل 10.5 ملايين دينار، وذلك من إجمالي نتائج القطاع البالغ 17.7 مليون دينار، في حين بلغت الأرباح التشغيلية 7.1 ملايين دينار بنسبة 40% من أرباح القطاع، ونتمنى لهذا القطاع «الفتي» الاستمرار في الطريق الصحيح، وعدم مصاحبة القطاعات التي هي أكبر منه خاصة قطاعي العقار والصناعة، وهما من أرباب السوابق والسوالف أيضا، وذلك حتى لا يفسدوا سلوكياته مستقبلا وقد تم استثناء قطاع الاستثمار من تحليل نتائجه التشغيلية وغير التشغيلية كونه قطاعا «ما يترقع» ولا يتحلل إطلاقا.
من جهة أخرى، فإنه يتوافر لدينا كشوف «سرية» لكل شركة مدرجة على حدة بما يتعلق بالنتائج أو «بالخرابيط» غير التشغيلية، كما نهدد بنشرها في الوقت المناسب، وذلك على طريقة نواب «التأزيم»، وفي الختام، نود أن نشير إلى أن الأرقام أعلاه صحيحة وحقيقية وليست «خرطية»، فعلا إن شر البلية ما يضحك!
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )