- حريصون على سياسات نقدية احترازية مع تشديد الرقابة والإشراف على البنوك
- مخاطر كبيرة تفرضها اتجاهات أسعار النفط على دول التعاون
- علينا رفع القدرات التنافسية لاقتصادنا وتقليص الاعتماد على النفط
- دول الخليج ستتخذ قرارات لترسيخ استقرار أسعار النفط العالمية
قال محافظ بنك الكويت المركزي د.محمد الهاشل ان هناك تحديات جلية لحساسية المرحلة الراهنة بالنسبة لدول المجلس، نظرا لما تنطوي عليه هذه المرحلة من مخاطر جمة وتحديات صعبة، سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي، وما يمكن ان يكون لها من آثار وتداعيات على دول المجلس، وما يستدعيه ذلك من ضرورة التعاطي مع تلك التطورات والتصدي لتداعياتها بالحصافة اللازمة، من خلال إجراءات وتدابير احترازية تنبع من رؤية شاملة وإدراك واع لما تنطوي عليه تلك التطورات والمستجدات من تحديات.
واضاف الهاشل خلال إلقاء كلمته الافتتاحية لأعمال الاجتماع الـ 60 للجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية لدول مجلس التعاون أمس: ان الدافع الأساسي لأستهل بالإشارة الى حساسية المرحلة الراهنة بالنسبة لدول المجلس، هو ما نلمسه جميعا من سرعة تفاعل العديد من المتغيرات والمستجدات التي يفرزها زخم الأحداث والتحولات الإقليمية والعالمية، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يفرض علينا المزيد من الأعباء والمسؤوليات في سبيل ترسيخ دعائم الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، وتقوية قدرات الأنظمة النقدية والمالية بدول المجلس على امتصاص الصدمات ومواجهة المخاطر والتحديات، وبما يساهم في ترسيخ الأجواء الداعمة لمواصلة مسيرة النمو الاقتصادي على أسس مستدامة.
وقال: ان أداء الاقتصاد العالمي في المرحلة الراهنة وما يرتبط به من توقعات بشأن آفاق اتجاهاته المستقبلية يتأثر بتضافر مجموعة متنوعة من العوامل والمتغيرات، ومن أبرزها تزايد حدة التوترات والمخاطر الجيوسياسية واتساع رقعتها، لاسيما مع تسارع وتيرة الاضطرابات السياسية لتمتد من هونغ كونغ شرقا الى بعض دول غرب افريقيا غربا، ومن أوكرانيا شمالا وحتى اليمن جنوبا، فإلى جانب ما تشهده بعض الدول العربية المحيطة، والتي تعاصر تحولات في أنظمتها السياسية، من اضطرابات وصراعات عنيفة، خاصة تلك الأوضاع في كل من العراق وسورية واليمن، وبما قد يؤدي الى مزيد من التدهور في الأوضاع المالية والاقتصادية في تلك الدول، وما يحمله ذلك من انعكاسات سلبية على استقرار الأوضاع في المنطقة بأكملها، فإلى جانب ذلك، تتعالى ايضا وتيرة الاضطرابات والتوترات السياسية في هونغ كونغ، وما يقترن بها من آثار سلبية محتملة على أداء الأسواق المالية الآسيوية، اضافة الى ذلك، تتفاقم التداعيات الناجمة عن استمرار أزمة أوكرانيا، وما يترتب عليها من مردود سلبي على أداء اقتصاد منطقة اليورو بصفة خاصة، يضاف الى تلك المخاطر الجيوسياسية المؤثرة على اتجاهات أداء الاقتصاد العالمي، ما يرتبط بظهور وانتشار فيروس ايبولا في بعض دول غرب أفريقيا من مخاطر جمة، لسنا بمعزل عن تداعياتها.
وتابع قائلا: «علاوة على تحديات الأوضاع الجيوسياسية حولنا، تبرز من جهة اخرى تحديات اتجاهات السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة، وما قد يترتب عليها من إرباكات محتملة في مختلف مناطق العالم، لاسيما التخلي تدريجيا عن السياسات النقدية غير التقليدية، وما قد يترتب على تلك الإرباكات من آثار سلبية على وتيرة الانتعاش الاقتصادي في أسواق الاقتصادات الناشئة والاقتصادات النامية نتيجة لتزايد احتمالات حدوث تقلبات في مستويات التدفقات الرأسمالية وأسواق المال، وعلى خلفية تضافر تلك المعطيات التي ألقت بظلال ثقيلة على الأوضاع الاقتصادية العالمية، اتجه صندوق النقد الدولي مؤخرا الى تخفيض احدث توقعاته بشأن معدل نمو الاقتصاد العالمي ليصل الى 3.3% في العام الحالي 2014 وليبلغ نحو 3.8% في عام 2015».
وأشار الهاشل الى انه في ظل هذا الزخم من التطورات والتحديات المتعاظمة، تبرز بعض المخاطر الأخرى ذات الطبيعة والأهمية الخاصة، لاسيما بالنسبة لدول المجلس، وأعني هنا تحديدا ما يتعلق بالتحديات والمخاطر التي تفرضها التطورات الأخيرة في اتجاهات أسعار النفط في أسواق النفط العالمية، والتي تأثرت بشكل واضح ببعض التطورات التي أشرت اليها سلفا، وتتضافر هذه المستجدات لتفرض تحديات ملحة أمام جهود دول المجلس في سبيل تعزيز مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتهيئة مناخ الاستثمار ورفع القدرة التنافسية لاقتصاداتنا، فضلا عن دعم الجهود الرامية الى التنويع الاقتصادي وتقليص الاعتماد على الموارد النفطية، وتطوير قدرات الكوادر الوطنية لتواكب متطلبات العمل في القطاع الخاص، لينهض بدوره الأساسي في دفع عجلة النشاط الاقتصادي في دول المجلس.
وقال إن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية جزء لا يتجزأ من خارطة النظام الاقتصادي العالمي، نؤثر ونتأثر بكل تلك التطورات والمتغيرات التي يعاصرها العالم من حولنا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي خضم تلك الأمواج المتلاطمة، يظل تكتل مجلس التعاون لدول الخليج العربية مرتكزا صلبا للاستقرار الاقتصادي، معززا بمجموعة من العوامل والمقومات الإيجابية، والتي يأتي في مقدمتها انتهاج دول المجلس لسياسات اقتصادية كلية حصيفة، داعمة للنمو الاقتصادي المستدام، في ظل بيئة اقتصاديــة تتسم بالاستقــرار النقـدي والاستقرار المالي.
وأضاف انه انطلاقا من محورية الدور الذي تلعبه منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دعم الجهود الدولية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي، تحرص دول المجلس على اتخاذ التدابير والقرارات الكفيلة بترسيخ استقرار أسواق النفط العالمية والحيلولة دون حدوث تقلبات حادة في أداء تلك الأسواق، إضافة إلى ذلك، وبالتوازي مع ذلك الدور الفاعل، تتواصل جهود دول المجلس في مجال دعم ومساعدة الدول العربية الشقيقة والدول النامية بشكل عام على تجاوز أزماتها المالية والاقتصادية والتخفيف من معاناة شعوبها، وتقديم مختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي للمحتاجين والمتضررين ليس بالمنطقة العربية فحسب، بل في مختلف أنحاء العالم، وذلك من منطلق إيمان دول المجلس بواجبها الإنساني، حتى أصبحت دول المجلس نبراسا ومنبرا للمساعدات الإنسانية، ولقد تمت ترجمة هذه الجهود المضيئة في صفحات مسيرة العمل الإنساني لدول المجلس باحتفاء منظمة الأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2014 بمنح صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لقب «قائد للعمل الإنساني» استحقاقا لجهود سموه السباقة والمتواصلة في مسيرة الخير والإنسانية، وتقديرا لدور سموه البارز على الصعيدين الإنساني والتنموي، ولتتبوأ الكويت مكانة عالمية «كمركز عالمي للعمل الإنساني»، يكون مدعاة لنا جميعا للشعور بالفخر والاعتزاز بهذه المكانة الرفيعة في مد يد العون والمساعدة للإنسانية جمعاء في مشارق الأرض ومغاربها.
واكد ان إدراكنا حجم وأبعاد التطورات والمستجدات المتسارعة التي تشكل واقع المرحلة الصعبة والحساسة التي تعيشها دول المنطقة بشكل عام، وفي ظل تعاظم حجم وعمق التحديات والمخاطر وضبابية آفاق الأداء الاقتصادي في العديد من مناطق العالم، يتزايد عبء المسؤولية الملقاة على عاتق مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعلى لجنتكم الموقرة في مجال قيادة وتوجيه دفة الأوضاع النقدية والمصرفية بدول المجلس، وذلك ضمن مسار تعزيز القدرة على التصدي لمختلف المخاطر والتحديات، وبما يضمن تكريس أجواء الاستقرار النقدي والاستقرار المالي.
وقال: «مما لا شك فيه ان مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس قد لعبت دورا أساسيا في ترسيخ أسس الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، سواء من خلال السياسات النقدية الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على استقرار المستوى العام للأسعار، او من خلال العمل على تطوير نظم وبرامج الإشراف والرقابة لتتماشى مع أفضل المعايير والممارسات المتعارف عليها دوليا. وفي واقع الأمر، فإن مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس قد تعاملت بمهنية وكفاءة مع العديد من التحديات والمخاطر المختلفة خلال الفترة الماضية، وهو ما عكسه الحرص المستمر على انتهاج سياسات احترازية يتم تفعيلها ضمن إطار عام من النظم والتدابير الرقابية والإشرافية المحكمة، ومع استمرار تلك الجهود والسياسات الحصيفة المستمدة من رؤى وتوجيهات لجنتكم الموقرة، تمكنا بحمد الله من تكريس متانة وسلامة أوضاع الأنظمة المصرفية والمالية بدول المجلس، وذلك في خضم محيط اقتصادي عالمي لايزال فيه العديد من الأنظمة المصرفية والمالية تئن تحت وطأة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، وتركز جميع إمكانياتها ومجهوداتها على معالجة آثار تلك التداعيات.
الزياني: نعمل على دعم برامج التكامل والتقارب الاقتصادي الخليجي
قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني ان اللجنة ساهمت ولاتزال في دعم برامج التكامل والتقارب الاقتصادي في المجال النقدي والمصرفي بين دول المجلس من خلال تبنيها للمعايير المشتركة في مجالات الرقابة المصرفية وفق المتطلبات والمعايير الدولية، والبدء في وضع اطار لآلية تبادل المعلومات الائتمانية بين مراكز المعلومات الائتمانية (او ما يعادلها) بدول المجلس، والعمل على دراسة افضل الاستراتيجيات المتاحة لربط انظمة المدفوعات بين الدول الأعضاء، حيث يتم تنفيذ الدراسة حسب خطة العمل الموضوعة، ويجري حاليا انجاز المرحلة الثالثة قبل الأخيرة من مشروع الدراسة «مرحلة تصميم نموذج التشغيل» بعد استكمال المرحلة الثانية «مرحلة تطوير استراتيجية الربط» والمعروض بشأنها تقرير من اللجنة المشرفة على الدراسة وتقرير من الشركة المكلفة بإعدادها، ومن المتوقع استكمال الدراسة منتصف عام 2015.