عمر راشد
«المتشائل» قد يكون الوصف الأدق للحوار الذي أجرته «الأنباء» مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في شركة التمدين العقارية محمد جاسم المرزوق فهو وبرغم الواقعية التي أبداها في رؤيته الاقتصادية تجاه الأوضاع الراهنة، إلا أنه تفاءل بإمكانية التغيير في تركيبة الشركات القائمة وتصحيح الأوضاع، معتبرا الأزمة ترمومترا حقيقيا ظهر من خلاله الأوضاع الحقيقية للكثير من الشركات.
فقد دعا المرزوق بورصة الكويت للتدخل بكشف اوضاع الشركات الحقيقية حماية لحقوق صغار المتداولين والحفاظ على حقوق الأقلية وتحقيق مبدأ الشفافية، مستدركا بالقول ان الدولة يجب عليها أن تضع يدها على الشركات المتعثرة لأن ما يحدث يعد جريمة بحقوق المساهمين.
وقال يجب على «المركزي» ان يعمل على كشف أوضاع الشركات الاستثمارية في السوق خلال المرحلة المقبلة لحماية المتداولين. وأوضح المرزوق أن الكويت لا تعاني أزمة مالية ولكن ما تواجهه أزمة سياسية تحتاج إلى التعاون بدلا من التنافر من أجل مصلحة البلد.
وبواقعية شديدة، أشار المرزوق الى أن الوضع الاقتصادي حاليا سوداوي ويحتاج إلى رؤى ثاقبة لبدء استثمارات جديدة في السوق حيث ان الوضع «مغيب» ويجب انتظار فرز الجيد من الرديء لاتخاذ قرارات استثمارية. وقال إن من الأمور التي تدعو للعجب هو أن هناك شركات تعاني من النزع الأخير بسبب أوضاعها المالية الصعبة، وعلى الرغم من ذلك تعلن عن تخارجات واستثمارات جديدة وهي لا تستطيع توفير السيولة لها.
واشار الى أن هناك الكثير من الشركات على وشك الإفلاس ولكن «العيب» هو ما يجعلها تمتنع عن إشهاره، موضحا أن الاقتصادات الناضجة التي تعتمد قانون البقاء للأقوى لم تتأثر بإعلان إفلاسات، وإن ما يحدث في السوق مجرد كلام خال من المنطق وجريمة في حق المساهمين.
وبين أن قانون الاستقرار المالي لم يخدم سوى القطاع المصرفي، متوقعا عدم استفادة أي شركة منه، واصفا إياه بأنه «كلام في كلام».
وعن التزامات التمدين مقابل أصولها، قال المرزوق إن استثمارات الشركة كلها تشغيلية باستثناء جزء بسيط من الأسهم لم يتأثر كثيرا بتداعيات الأزمة الراهنة ويمثل جزءا من استراتيجية الشركة.
وأفاد المرزوق بأن الشركة ستتجه لتدشين استثماراتها الحالية، بعيدا عن الدخول في استثمارات جديدة مستقبلا وتعزيز حقوق المساهمين، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
بعد أن وضعت انتخابات مجلس الأمة أوزارها بتشكيلة رآها البعض أنها قوية ومؤثرة، باعتقادك هل يمكن للمجلس المساعدة في التنمية الاقتصادية؟
الكويت لم تكن تعاني من أزمة مالية، ويمكن للحكومة أن تحقق ما تريده من إنجازات اقتصادية خاصة ما يتعلق بالمشروعات التنموية، وباعتقادي الكويت تعاني من فراغ في السلطة عبرت عنه موجة التأزيم السياسي الذي عاشته الكويت وأثر على كل مقدراتها التنموية وعطل الكثير من مشروعاتها.
قاع الأزمة
باعتقادك هل وصل السوق إلى قاع الأزمة؟
السوق حاليا وصل إلى القاع والوضع الحالي سيكون سيد الموقف خلال المرحلة المقبلة، بمعنى أن أسعار الفترة الممتدة من 2002 حتى 2007 لن تعود مرة أخرى، وأؤكد لك أنها «ولت أدراج الرياح» وما شهدته الكويت ودول المنطقة يعود في جزء منه لما عاناه السوق الأميركي من تراجع، إلا أن الحكومة تخلت عن مسار السوق الحر وبدأت في حماية مصارفها وشركاتها الكبرى من الانهيار بالشراء وعلى الحكومة في الكويت أن تحذو حذو الولايات المتحدة الأميركية وتعدل من مسار الاقتصاد بشراء الشركات التي تعاني من النزع الأخير.
إذن الدخول في استثمارات جديدة تعتقد أنها «مغامرة»؟
وضع السوق الحالي يكتنفه الغموض ولاتزال أوضاع الشركات غير واضحة المعالم لاتخاذ قرار بالعمل فالبيئة الاقتصادية غير مشجعة إلى الآن.
الإفلاسات «صحية»
تحدثت عن شركات تعاني من النزع الأخير، فلماذا لا تعلن الإفلاس؟
الإفلاس في الكويت والدول النامية يعتبره البعض «عيبا كبيرا» ضد الشركات رغم أن قانون السوق يعلن أن البقاء للأقوى، وهذا ما يحدث في الاقتصادات الناضجة كالولايات المتحدة الأميركية والتي لم يتأثر اقتصادها بانهيار مؤسسات كان التفكير في إفلاسها يعد ضربا من الجنون، ولكنه حدث لأن البقاء للأقوى في الاقتصاد، ومن العجيب أن تجد شركات تعاني من أزمات مالية حادة وتعلن عن تخارجات ومشاريع جديدة، وهذا يعني غياب الشفافية ومعايير الحوكمة التي تنادي بها الكثير من الشركات وهذه قضية كبيرة يقع ضحيتها صغار المساهمين.
وهل تعتقد أن قانون الاستقرار سيكون له دور كبير في دعم الاقتصاد؟
القانون لن تستفيد منه شركة واحدة، وأنا أراه مجرد كلام «حكي في حكي» ولن يستفيد أحد منه وإيجابيته الوحيدة أنه حمى البنوك وخاصة في الفترات الماضية وهو لن يوفر قنوات تمويلية للشركات.
تجربة بنك الخليج
هل تعتقد أن «المركزي» عليه أن يعيد تجربته مع بنك الخليج بالتدخل لحماية المساهمين؟
بلا شك، فالبنك المركزي عليه التدخل لحماية حقوق المساهمين في الشركات وما يحدث حاليا من خسائر فادحة تكبدها المساهمون باعتقادي جريمة، وهنا أود الإشارة الى أن بعض وسائل الإعلام ساهمت وبشكل رئيسي في بث أخبار من شأنها تضليل الرأي العام وكذلك صغار المساهمين الذين لا يملكون من وسيلة لمعرفة أخبار الشركات سوى تلك الوسائل ومن ثم فهم مشاركون في تلك الجريمة، وللأسف في الإعلام الغربي درجة الاعتماد على الخبر عالية جدا لوجود مسؤولية على الشركات تجاه الإعلام ومسؤولية تقع على الإعلام تجاه المجتمع.
مـا وضـــع «التمدين» في ظل البيئة الاقتصادية الحالية؟
«التمدين» ورغم تداعيات الأزمة المالية الحالية، إلا أنها استطاعت تحقيق نتائج مالية متميزة على خلفية تحقيق 35.5 فلسا معدل ربحية وبزيادة قدرها 5.5 فلوس للسهم عن العام السابق، كما تمكنت المجموعة من المحافظة على نفس معدلات العام السابق لإيرادات التشغيل وفي حدود 11.6 مليون دينار، على الرغم من بيع مجمع الفنار خلال النصف الأول من عام 2008، كما تمكنت من المحافظة على نمو الأصول المتداولة وإجمالي الأصول مقارنة بالعام السابق وبما نسبته 29% و3% على التوالي، كما أقرت الشركة توزيع 15% نقدا على المساهمين عن نتائج عام 2008 وهو أمر يعد جيدا بكل المقاييس.
وهل تواجه الشركة مشكلة في سداد التزاماتها وتأثير ذلك على إستراتيجيتها المستقبلية؟
مؤشرات الميزانية العمومية الخاصة بالشركة جيدة، فأصولنا ومن واقع ميزانيتها تبلغ 500 مليون دينار موظفة في استثمارات استراتيجية ومع أسوأ الظروف التي مرت بها الشركة لاتزال تلك الاستثمارات ذات جدوى عالية.
وم-ا وضع استثماراتكم في البنك الأهلي المتحد؟
استثماراتنا في الأهلي المتحد لم تتأثر كثيرا، فالبنك أعلن عن مخصصات كبيرة بلغت حدود 50 مليون دولار، وأرباحه لم تنخفض سوى بـ 8% فقط، ووجود التمدين كمستثمر في البنك لم يتأثر وأعتقد أن البنك سيشهد تطورات كبيرة في المرحلة المقبلة.
سهم التمدين
ولكن سهم التمدين تأثر بوجود استثمارات متداولة في السوق؟
لاشك أن سعر أي سهم يتأثر بالاستثمارات المتداولة بالشركة وعلى الرغم من هبوط أسعار تلك الأسهم إلا أنها لم تتأثر كثيرا بسبب السياسات التحوطية التي تقوم بها الجهات التي نساهم فيها والتي خفضت من قيمة الأسهم كثيرا.
ومـاذا عـن مشروع الكوت؟
قبل الحديث عن المشروع أود التأكيد على أن بقية استثمارات الشركة تشغيلية وأغلبها عقارات في ملكية مباشرة وهي لا ترتبط أي ارتباط مباشر مع عقود أملاك الدولة وقد قمنا بأخذ مخصص بالكامل على المشروع حماية للشركة من تعسف الدولة مع القطاع الخاص ومن ثم ارتأينا وحماية لحقوق المساهمين أخذ مخصص بالكامل على المشروع.
ولكن ما حجم مديونياتكم مقارنة بالأصول؟
الشركة الأم عليها التزامات تقدر بنحو 26 مليون دينار وهي نسبة تعد بسيطة جدا مقارنة بالأصول وخلال العام الحالي نحاول إدارة وتنفيذ شركات الشركة القائمة بعيدا عن الدخول في استثمارات جديدة.
في ظل الأوضاع الحالية، هل ستعمل التمدين على الدخول في استثمارات جديدة؟
خلال مسيرة عمل التمدين العقارية حققت الشركة انجازا غير مسبوق تتمثل في المحافظة على الاستثمارات والتحوط لأي استثمارات مقبلة، وما يمنعنا من الدخول هو عدم وضوح الصورة في السوق إلى الآن، ونحن سننتظر حتى نعرف الإيجابي من السلبي ونتخذ الخطوات المناسبة، إلا أننا ما زلنا نعيش مرحلة تشاؤم معظمها ناتج عن الأوضاع المحلية.
لا مجال للتخارجات
هل انتهيتم من تسليم جميع أموال الفنار؟
تسلمناها بالكامل ولا يوجد على المشتري أي أموال تجاه الشركة.
هل ستسعى التمدين للتخارج من بعض استثماراتها في المستقبل؟
السوق ليس فيه مجال للتخارجات ومن يتحدث عن التخارجات، فهو في واقع الأمر واهم، فالسوق وضعه لا يسمح بإجراء من هذا النوع حاليا.
مراكز التسوق
ما الهدف من زيادة حصة الشركة في التمدين لمراكز التسوق؟
الشركة قامت بزيادة حصتها في رأسمال شركة التمدين لمراكز التسوق لتصل إلى 30%، حيث تملك الشركة مجموعة من الأصول المتميزة والتي من أهمها مشروع مول 360 والذي تم الانتهاء من مراحله النهائية لتطويره وتأجيره، حيث من المتوقع الانتهاء منه خلال النصف الأول من 2009.
هل تتجه الشركة إلى دمج بين كياناتها في الفترة المقبلة؟
قال المرزوق ان اتجاه الشركة إلى إعادة هيكلة أنشطتها والاتجاه إلى دمج بعض الشركات التابعة في إطار سياسة الشركة التحوطية، وأجاب الشركات الموجودة مكملة لنشاط الشركة الأساسي ووجدنا أنها تخدم نوعية المشروعات التي تعمل فيها الشركة حاليا، وأود الاشارة الى أن الشركة تتجه إلى زيادة تواجدها في قطاع التسوق من خلال تأسيس مراكز متخصصة في هذا الأمر، مستدركا أن الشركة قامت بتأسيس شركة إماراتية برأسمال 100 ألف دينار لإدارة مراكز التسوق في الإمارات.
ما السر وراء تركيز الشركة على قطاع التسوق بالكويت ودول المنطقة؟
شركة التمدين ركزت على قطاع التسوق بسبب تعطش السوق الكويتي والخليجي إلى مثل هذا النوع من الاستثمارات، حيث ان كل شخص في الولايات المتحدة الأميركية يقابله 25 متــرا مربعــا، بينمــا هــذه المساحة في دول الخليــج والكويــت هي الأدنى على المستوى العالمي، وسوف تقوم بافتتاح مول 360 في نهاية الشهر المقبل (soft opening) وسيكون الافتتاح بشكل كامل في سبتمبر المقبل.
القطاع العقاري، كيف تراه في الأزمة الراهنة؟
العقار تأثر سلبا بتداعيات الأزمة الراهنة، حيث شهد القطاع تباطؤا خلال الربع الأخــير من العام الماضــي وبمعــدلات انخفــاض قاربــت 33%، وقوانيــن 8، 9 والـ b.o.t من اهم اسباب ازمته، وأضاف أن الشركة تقوم حاليا بتطوير مجموعة متميزة من الأراضي التجارية فــي مناطــق السالميــة والجهراء والصليبخات، بالإضافة إلــى امتلاكهــا قطعة أرض ضمن مشروع العرين التطويري.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )