أوصى المشاركون بملتقى التكامل الاقتصادي الخليجي بفك ارتباط العملات الخليجية بالدولار كون هذا الارتباط أضر بالعملات الخليجية من جهتي سعر الصرف وأسعار الفائدة، مطالبين بالتحرر من الارتباط الثابت بالدولار في ظل الأزمة المالية الراهنة والتحول لأنظمة صرف مرنة تراعي المصالح المحلية لاقتصادات دول المجلس، مع السعي لتنسيق السياسات النقدية وسعر الصرف بين هذه الدول وإكمال المتطلبات الهيكلية والتنظيمية لإنشاء المصرف الخليجي المركزي والعملة الموحدة، وإزالة المعوقات أمام الاتحاد الجمركي الخليجي.
وطالب المشاركون بالملتقى بالمزيد من الترشيد في الإنفاق العام للعامين الحالي والمقبل في ظل الغموض الذي يكتنف الأزمة المالية الحالية، وإعادة النظر في تركيبة الاحتياطيات النقدية الخارجية، وإعادة الثقة للأسواق المالية بإحداث معايير وآليات واضحة وعادلة للتقييم والطرح والإفصاح وضخ السيولة الكافية للبنوك والأسواق، كما طالبوا باتخاذ إجراءات احترازية للآثار التي ستنجم عن السياسات التوسعية المنفذة حاليا في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إنها ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وانخفاض مستويات الفائدة مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية وما يصاحب ذلك من تدني الحافز على الادخار، فضلا عن أن معظم الأرصدة المستخدمة في عمليات المضاربة بعملات دول المجلس تم سحبها مع تحسن وضع الدولار إضافة لعدم الشفافية بخصوص حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية.
وكان الملتقى السنوي الـ 17 الذي انتهى أول من امس ونظمته جمعية الاقتصاد السعودية وعقد تحت عنوان «التكامل الاقتصادي ـ الواقع والمأمول» وافتتحه وزير المالية السعودي د.ابراهيم العساف قد ناقش على مدار ثلاثة أيام مضت برامج التكامل الخليجي بين دول المجلس والسوق الخليجية المشتركة وفرص الاستثمار والوحدة النقدية لدول مجلس التعاون وأسعار الصرف والسياسات النقدية وتداعيات الأزمة المالية العالمية والموارد البشرية والبطالة. وشدد المشاركون في الملتقى على أهمية توجيه الاستثمار الأجنبي صوب المشاريع المفيدة لاقتصادات دول المجلس خاصة مع الانتقادات الموجهة لتلك الاستثمارات وتذليل العقوبات التي تواجهها هذه الاستثمارات لحل مشكلاتها وخاصة التمويلية مع إلزامها بمساواة موظفيها المواطنين مع الموظفين الأجانب من جهة الأجور والمزايا خاصة أن البعض منها قد تؤثر سلبا على الموازنة العامة للدولة المضيفة بصفة خاصة في ظل قيام الدول المضيفة بتقديم إعفاءات ضريبية كبيرة على أنشطة تلك الاستثمارات حيث ان الإعفاءات السابقة لا تؤدي إلى تآكل إيرادات الدولة الضريبية مما يؤثر سلبا على الموازنة العامة وتقديم مزايا أكبر للمستثمرين من دول المجلس فيما بينها على المستثمرين الأجانب. وأوصى المشاركون بتوحيد الجهود بين دول المجلس فيما بينها وتوجيه الاستثمارات للمشاريع ذات العوائد العالية للحد من التنافس الإقليمي بين دول المجلس مما يقوي مركزها المالي العالمي كاستثمار خليجي مشترك، مع إعادة النظر في شكل المعونات التي تقدم للدول النامية من دول المجلس والتحول للمعونات العينية بدلا من النقدية لتنشيط الصناعات الخليجية ولتقديم الفائدة المباشرة للدول المحتاجة، وإنشاء صناديق سيادية فعالة بالاستفادة من تجارب دول ذات باع طويل في هذا المجال مع العمل على بناء مؤسسات استثمارية واستشارية وطنية.
وفيما يتعلق بالأمن الغذائي والأعمال التجارية المرتبطة بهذا القطاع أكد الملتقى على ضرورة اهتمام دول المجلس بتوجيه التنمية الزراعية، في حدود الموارد الزراعية المتاحة، نحو مجموعات السلع الغذائية ذات الأهمية النسبية سواء في الواردات أو الصادرات، والعمل على زيادة التكامل بين دول المجلس في القطاع الزراعي، بما يتاح من موارد زراعية، لخفض الواردات أو زيادة الصادرات من السلع الزراعية خاصة الغذائي واستخدام التقنيات الحديثة المختلفة في مجال الإنتاج الزراعي حتى يمكن زيادة الانتاج وتحقيق أقصى كفاءة ممكنة من الموارد الزراعية المتاحة المحدودة والتوسع في التصنيع الغذائي لما يحققه من قيمة مضافة للمنتجات الزراعية وتحقيق استغلال افضل للموارد وإعطاء أهمية اكثر لمجال الإنتاج السمكي في ظل عدم كفاية الانتاج عن تلبية احتياجات الافراد باغلب دول المجلس، على الرغم مما تتسم به كل دول المجلس من وجودها على سواحل بحرية.
وكان وزير المالية د.إبراهيم العساف قد أكد في افتتاح الملتقى على أن الوحدة النقدية الخليجية ستحقق فوائدها حتى وإن كانت الدول الأعضاء أقل من 6 أو 5 دول، كاشفا بذلك عن جاهزية المملكة في السعي نحو تكامل اقتصادي خليجي مأمول.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )