ذكر تقرير استراتيجي جديد صادر عن شركة المركز المالي الكويتي «المركز» أن حجم المكاسب المحققة في أسواق الأسهم في غضون الأشهر القليلة الماضية، كانت بمثابة المفاجأة للمستثمرين في القطاعين المؤسساتي والتجزئة.
ويقول تقرير «المركز» إنه في أغلب الحالات وصل المستثمرون لمستويات نقدية عالية، وذلك في الفترة ما بين يناير ومارس 2009، وهو ما قد يؤدي إلى الإخفاق في إيجاد تحسن قوي ما بين إبريل ومايو. أما الارتداد الحاد في أسواق الأسهم، خاصة بالنسبة للهند والأسواق الناشئة فقد نتج عنه انتعاش بنسبة 75% تقريبا من الخسائر المحققة إبان تحرك الأسواق من أعلى مستوياتها إلى أدناها.
وكانت الأسواق الهندية شهدت انخفاضا من أعلى مستوياتها والتي بلغت 20687 المسجلة في يناير 2008، وصولا إلى 8160 في مارس 2009. إضافة إلى هذا، شهد المؤشر تقييما بنسبة 72% خلال شهرين ونصف الشهر.
ومع ذلك، هناك بعض الأسواق التي لاتزال تضع بصماتها في هذا ظل هذا التحسن. على سبيل المثال السوق الإماراتي الذي شهد تراجعا بنسبة 70% سيما وان مستوى القمة التي وصل إليها ومن ثم الهبوط السابق ارتفع بمعدل 15% فقط، وبذلك يكون أداؤه قد انخفض بشكل كبير.
الأمر كذلك ينطبق على السوق الكويتي الذي كان قد وصل إلى ذروته في يونيو2008 مسجلا 15655 نقطة ثم شهد خلال مارس الماضي انخفاضا، مسجلا 6392 نقطة، وبذلك تكون نسبة الانخفاض 59%. أما المؤشر فقد شهد انعكاسا بنسبة 21% فقط.
من جانب آخر، يشير التقرير إلى أسئلة ملحة، يسعى مديرو الصناديق ومستثمرو التجزئة لإيجاد أجوبة عنها، وهي: هل نمر بمرحلة ظهور سوق صاعد جديد؟ وهل علينا الشراء الآن، وهل لازلنا بعيدين عن التحسن حتى الآن؟
ويقول التقرير إن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة انتقائية. إذ ينظر التقرير إلى السوق الإماراتي على أن قيمته أفضل من بقية قيم الأسواق الأخرى، في حين ينظر إلى بقية الأسواق الأخرى التي يركز عليها باستثناء الأسواق الناشئة والسوق الهندي نظرة حيادية.
في سياق آخر، يرى التقرير أن جاذبية التحسن الحالي واستمراريته على المديين القصير والمتوسط يمكن أن تتحقق بالعودة والنظر إلى التاريخ.
ولهذا استخدم تقرير «المركز» أربعة عوامل لتحديد جاذبية السوق وهي كالتالي: المخاطر، وحجم الخسائر(نظرة متعمقة)، والحجم، والسرعة.
وقد شهدت مستويات المخاطر في كل الأسواق تراجعا منذ وصول مستويات التقلبات أوجها خلال فترة انهيار ليمان بروذرز. ومعيار اختيار مستويات التقلب خلال فترة انهيار ليمان هو تحديد تصورات المستثمرين.
إذ إن تصورات المستثمرين أثناء انهيار بنك ليمان كانت حافلة بالتنبؤات بشأن المؤسسة التي ستنهار بعده وحجم القصور التنظيمي الذي قد ينشأ. وانخفاض مستويات التقلب من هذا المعيار يكشف بأن تلك المخاطر شهدت انخفاضا.
من جانبه أيضا، عاد الفرق بين معدلات الفائدة على قروض الإنتربنك وسندات الخزينة الأميركية قصيرة الأجل إلى المستويات التي شهدها قبل انهيار ليمان بروذرز. أما مؤشر(cboe vix) فقد انخفض بنسبة 20% تقريبا على الأساس السنوي. وعلى الأساس الكلي، يرى التقرير أن مستويات المخاطر المنخفضة في الأسواق إيجابية. في غضون ذلك، وبهدف قياس وتقييم مستويات المخاطر في أسواق مختلفة، استخدم التقرير «مؤشر المركز للتقلب». للتعرف على هذه المنهجية وقراءة الرسوم البيانية حول الأسواق والمخاطر.
وعلى صعيد آخر، شهدت الأسواق الناشئة، وسوقا الإمارات وستاندرد آند بورز 500 أكبر انخفاض لها في مستويات التقلب مقارنة بالمستويات التي كانت أثناء أزمة ليمان براذرز. وكان مؤشر مورغان ستانلي كابيتال انترناشيونال للأسواق الناشئة سجل أعلى معدلاته ضمن مؤشر المركز للتقلب في الثلاثين من أكتوبر 2008، إذ وصل إلى 10.242. في حين شهد المستوى الحالي له ضمن مؤشر المركز للتقلب الذي يبلغ 3.418 انخفاضا بنسبة67%.
وبسبب العلاقة المعكوسة بين مؤشر المركز للتقلب وبين المؤشر الأساسي، فإن المؤشر سجل انخفاضا بلغ 454 في الثامن والعشرين من أكتوبر 2008، في حين وصل حاليا إلى 756، أي بارتفاع قدره 66%.
من جانبها، سجلت السعودية والهند أقل انخفاض بين الأسواق المستخدمة في هذا التقرير للمقارنة. إذ سجل السوق السعودي انخفاضا بنسبة 55% من أعلى مستوى له في الرابع عشر من أكتوبر 2008.
ومع ذلك، لم يكن الارتفاع الكبير الذي حققه السوق السعودي ضمن مؤشر المركز للتقلب في الفترة ما بين سبتمبر وديسمبر 2008 طويل المدى، عندما بلغ 11.386. إلى هذا، كان السوق السعودي وفق مؤشر المركز للتقلب قد وصل إلى ذروته وبلغ 13.578 في مايو 2006. من ناحية أخرى، يميل التصنيف للأسواق ذات الانخفاض الذي يتجاوز 60% وفق مستويات مؤشر المركز للتقلب. في غضون ذلك، تم تخفيض جميع الأسواق التي يتراوح هبوطها ما بين 50 و60% في مستويات مؤشر المركز للتقلب.
رؤية متعمقة
واضاف التقرير ان توافر الرؤية المتعمقة معيار لحجم الخسائر التي يتعرض لها مستوى المؤشر ومقارنتها بموجات الانخفاض السابقة في أســواق الأسهم.
كذلك يوفر المعيار مدى الارتفاع المطلوب للتفوق على الارتفاعات السابقة.
وكلما كانت الخسائر أكبر، كانت المسافة المطلوبة لبلوغ السطح أطول، وفي هذه الحالة يعد الارتفاع السابق أكثر جاذبية. أما الارتفاع السريع من المستويات المنخفضة والمسافة البطيئة نسبة إلى الارتفاعات السابقة فتعتبر غير جاذبة إذا أخذنا بعين الاعتبار الركود الاقتصادي الحالي.
من جانبه، يقيس العامل الأول الفترات الزمنية التاريخية للهبوط من الذروة إلى القيم المنخفضة ومقارنة الفترات الزمنية الأخيرة من الصعود إلى الهبوط. وتوفر الفترة الزمنية الطويلة مقارنة بالفترات التاريخية إمكانيات ضعيفة لحدوث انخفاض في الأسواق.
أما الفترة الزمنية لرحلة الانخفاض من أعلى مستوى إلى أدناه فتعد أشد من موجات الانخفاض السابقة بالنسبة لأغلب الأسواق. لكن هناك بعض الاستثناءات القليلة جدا. فالكويت شهدت أكثر من موجة هبوط حادة استمرت 17 شهرا كمتوسط، وذلك في الفترة الماضية مقارنة بالوقت الحالي الذي استمر 9 أشهر.
وكانت موجة الانخفاض الأخيرة بدأت في يونيو 2008 وانتهت في مارس 2009، أما أكبر موجة انخفاض حادة شهدها السوق الكويتي فكانت في أكتوبر من عام 1997، واستمرت حتى يناير 2001، وخلال 39 شهرا وصل الانخفاض إلى أدنى قيمه.
أما العامل الآخر المتمم والمستخدم في تقييم السرعة فهو المدة التي تمتد من فترات الهبوط إلى الصعود.
ويرى التقرير بشكل عام أن التحركات الأخيرة للأسواق من مستوياتها الدنيا ستكون في مراحلها الأولى، وكانت دورات السوق الأخيرة طويلة للغاية، إلى هذا، تمر أغلب الأسواق حاليا بأشهرها الثانية أو الثالثة من فترات هبوطها إلى المستويات الدنيا. ولايزال عمر الدورة الأخيرة شهرين.
في أعقاب ذلك، شهد سوق ستاندرد آند بورز 500 آخر هبوط له في أكتوبر 2002، وامتدت فترة الصعود بعد ذلك التاريخ حتى أكتوبر من عام 2007، الأمر ذاته ينطبق على السوق الكويتي الذي شهد هو الآخر دورات سوق صاعد طويلة وصل متوسطها إلى 26 شهرا.
إلى هذا، يصنف التقرير جميع الأسواق ضمن سياق هذا العامل على أنها إيجابية، ويؤكد التقرير من خلال وجهة نظر على المدى الطويل، أن الدورة الأخيرة في مراحلها الأولى.
وبالنسبة للسوق الإماراتي، فإن الفجوة بين المتوسط التاريخي والتحركات الحالية للسوق ضيقة جدا، نسبة إلى السوق الهابط الممتد، وكان السوق الإماراتي قد سجل أعلى مستوياته في نوفمبر 2005، وبعدها واجه فترات هبوط امتدت حتى فبراير 2009، وتبعا لهذا، شهدت جميع الأسواق الإماراتية، سوقا صاعدا واحدا فقط من يوليو 2005، وحتى نوفمبر 2005.
الأسواق الناشئة
يرى التقرير أنه وفقا للنظرة المستقبلية على المديين القصير والمتوسط، تبدو بعض الأسواق محمومة نظرا إلى أن التحسن الحالي جاء أقوى من فترات التحسن السابقة.
وذكر التقرير أنه ومن خلال منظور اقتصادي شامل، فإن فترة الركود العالمي الأخيرة لاتزال أفضل من فترة الكساد العظيم التي مر بها العالم من قبل، ولذا يميل التقرير إلى تفضيل الأسواق التي تشهد تقييم أسعار أقل مقارنة بفترات الركود السابقة.
ومن بين جميع الأسواق، شهد السوق الهندي أعلى متوسط عوائد شهري خلال فترة الهبوط والصعود الأخيرة.
وفي غضون شهرين ونصف، وبعد فترة الهبوط، استطاع المؤشر المعياري أن يرتفع بنسبة 72%، ونتج عن الأمر ارتفاع يبلغ متوسطه شهريا 36%، في حين أن المتوسط التاريخي لمثل هذه الارتفاعات عن الفترة ذاتها لم يبلغ سوى 9%.
الأمر كذلك ينطبق على سوق ستاندرد آند بورز 500 الذي كان ارتفاعه أعلى من متوسط مستوياته التاريخية إذ كان متوسط ارتفاعه الشهري التاريخي من فترات الهبوط إلى الصعود 3%، في حين أن الارتفاعات الأخيرة كانت 17%.
ومع ذلك، وبالنسبة للسوق الصيني، فإن فترات الصعود الأخيرة كانت أقل من مستويات الارتفاع التاريخية، وبلغ متوسط الارتفاع الشهري الحالي 9%، وهو أقل من المتوسط التاريخي بنسبة 24%.
ووفقا للتواصل الأخير من التحسن الذي يتراوح ما بين شهرين وثلاثة أشهر لأغلب الأسواق، فإن التقرير يصف العوائد المحققة ما بين فترات الهبوط وصولا إلى الصعود بانها تحسن قوي.
ويعتقد التقرير أن هذه المقارنة توفر نموذجا أفضل لوضع الفترة الحالية تحت المجهر بعد تسجيل الأسواق فترات هبوط.
وحتى في مثل هذه المقارنات، فإن الأسواق الهندية لاتزال ممتدة بالنسبة للمستويات الحالية، وفي هذا الصدد يميل التصنيف إلى الأسواق التي شهدت عوائد أقل مقارنة بالمعدلات التاريخية. وفي هذا، تصنف الكويت والإمارات والصين ضمن مستويات مرتفعة على أساس السرعة، في حين تصنف الأسواق الناشئة وقطر والهند وسوق ستاندرد آند بورز 500 ضمن مستويات منخفضة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )