ذكر تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي ان وزراء خارجية اربع من دول مجلس التعاون الخليجي الست وقعوا في الرياض اتفاق مشروع العملة الموحدة في يوم الاحد الماضي 7/6/2009 ولا بأس في توقيع ثلثي الدول على المضي في المشروع لو كان مشروعا ناضجا وجادا، فعدد دول الاتحاد الاوروبي 27 دولة، والمنضوية تحت مظلة اليورو او العملة الموحدة 16 دولة فقط، ليس بينها بريطانيا – ثالث اكبر اقتصاد اوروبي – وانسحاب دولتين في تجمع تعاوني هش، مثل مجلس التعاون الخليجي، يمثل قلقا ولكنه ليس القلق الحقيقي على نجاح المشروع لو كانت كل الخطوات المبدئية للمشروع قد تم انجازها بين الدول الاربع التي تتبناه.
واوضح التقرير ان اول المتطلبات لنجاح المشروع يتمثل في عودة الكويت الى ربط عملتها بالدولار، كمثبت مشترك لعملات الدول لاستقرار اسعار الصرف بينها او تحرك الدول الاخرى باتجاه الكويت واعتماد سلة العملات نفسها في ربط عملاتها وذلك لم يحدث حتى اقل من 7 شهور على نفاذ المشروع، وثاني المتطلبات هو الاتفاق على معايير تحكم سياسات الدول المالية، مثل افتراض سقف اعلى لنسب العجز في المالية العامة او الفرق بين الايرادات والنفقات داخل وخارج الموازنات للسيطرة على حتمية انتقال الامراض في حال ارتفاع مستويات الخلل، وثالثها وضع قواعد صارمة للالتزام بسياسات نقدية موحدة يتم الاتفاق على اسسها وتجربتها مسبقا قبل اخضاعها لسلطة نقدية مركزية ورابعها – وليس اخرها – تعديل كل التشريعات القطرية، لضمان المواطنة الاقتصادية الكاملة لاي مواطن – اعتباري او طبيعي – في اي من الدول الاربع في كل الدول الاربع، وفيما عدا ذلك سيكون المشروع اكثر قابلية لانتقال الامراض من تبادل المزايا.
ولم يتم الاعداد الجيد لمشروع السوق الخليجية المشتركة بين الدول الست، لذلك هو معطل ولا يعمل ومشروع الوحدة النقدية يفترض ان يكون الخطوة السابقة للوحدة السياسية واعلانه قبل الاعداد له والايمان به لا يعدو كونه لافتة سياسية وحتى المردود السياسي لهذا لمشروع سلبي، فخسارة عمان ومؤخرا الامارات سيترتب عليها فتور متزايد في العلاقة الفاترة اصلا بين دول مجلس التعاون ونعتقد بضرورة العودة الى العالم الحقيقي ووضع برنامج زمني جديد لتحقيق المشروع ومن ضمنه اخذ تحفظات عمان والامارات على نحو جدي.
لقد ذكرنا في تقرير سابق لنا ان اهمية المشروع لا تكمن في وفرة متطلباته النظرية او ارتفاع معدلات التبادل السلعي والخدمي بين دوله كما في الادبيات الاقتصادية ولكنه يستمد اهميته من ثلاثة عوامل رئيسية استثنائية الاول هو ضعف اقتصادات الحجم لدى اكبر سوق ضمن دول مجلس التعاون الست، واي اضافة لحجم السوق ستعني الكثير للميزة التنافسية لاي مشروع، والثاني هو الوضع الاستثنائي لدول التعاون الغنية، بصورة مؤقتة بالموارد اللازمة لتمويل عملية تنويع مصادر الدخل في اقتصاداتها بما يجعل التعاون بينها عاملا مهما في اختصار الوقت لتفعيل نجاح تلك السياسات، اما العامل الثالث فهو ان وحدتها الاقتصادية عامل حاسم للعمل امام وحدة السوق العالمي في اتجاهات العولمة الجديدة من جانب، ومن جانب اخر تعزز هذه الوحدة من خفض هامش المخاطر على الهوية الوطنية لمعظم بلدان دول المجلس، بعد الاختلال الكبير في تركيبتها السكانية.
لذلك نحن مع اي مشروع تعاوني جاد وحريصون جدا على ان يكون الايمان بالمشروع هو الدافع الحقيقي له ولكي يكون مشروعا جادا وناجحا لابد من الاعداد التفصيلي والمبرمج لخطواته حتى بعد خسارة 10 سنوات في عمل لا شيء بين الاعلان عن مشروع الوحدة النقدية في بداية القرن وتاريخ النفاذ في عام 2010.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )