هشام أبوشادي ـ منى الدغيمي
أكد رئيس مجلس إدارة مجموعة الصفوة القابضة والرئيس التنفيذي لشركة وربة للاستثمار وليد العصفور أن الرؤية لاتزال ضبابية وغير واضحة، ولايزال السوق الكويتي يعاني الآثار النفسية للأزمة المالية التي ظهرت جلية في البيانات المالية للشركات. ورأى العصفور انه عندما ظهرت نتائج ميزانيات الشركات في الربع الأول من العام الحالي انقشع الضباب نسبيا الذي كان مسيطرا على السوق وبينت النتائج المعلن عنها مؤخرا أن شبح الإفلاس قد غادر قرابة 95% من الشركات، وبذلك أدرك السوق أن الذي حصل هو ناتج عن انخفاض في قيمة الأصول بالشركات.
وأضاف في حوار شامل لـ «الأنباء» أن الأزمة كشفت أن هناك قصوراً في إدارات بعض الشركات وعزا ذلك لاعتمادها على إستراتيجية غير واضحة وعدم التحوط للأزمات.
وعن الدروس التي يمكن أن يستفاد منها والتي يجب أن تدركها الشركات الاستثمارية خاصة ولا تغيب عن استراتجياتها لتلافي أي تداعيات لأي أزمة قادمة، أوضح العصفور أن أهم درس يمكن أن تكون قد استفادت منه الشركات الاستثمارية هو إحداث إدارة جيدة للمخاطر. وأشار إلى أن الحكومة ومجلس الأمة ملامان في تعطيل حركة التنمية داخل الكويت، مطالبا السلطتين بالاستفادة من دروس الأزمات السابقة وأن يسرعا في طرح برامج التنمية وخلق الفرص وأن تركز الحكومة على الإنفاق الرأسمالي ومساعدة القطاع الخاص في المساهمة في هذا الإنفاق إذا أرادت أن تتلافى المشاكل السابقة.
وبخصوص الحلول المقترحة للخروج من الأزمة وانتعاش الاقتصاد من جديد، شدد على ضرورة تبني الحكومة ومجلس الأمة برامج لدعم القطاع الخاص وان يتحملوا مسؤولية امن الاقتصاد الوطني وأن يبتعدوا عن المهاترات الجانبية مشيرا إلى أن هذه الأمنية لخصها صاحب السمو في خطابه.
وشدد على النظر إلى مستقبل الكويت، لافتا إلى انه في فورة السيولة المالية في عام 2006. عطلت الخلافات بين السلطتين مشاريع التنمية والكثير من القوانين ذات الشأن الاقتصادي، الأمر الذي زاد من حدة تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الكويتي.
وقال ان مشكلة قانون الاستقرار المالي انه يدعم الشركات ذات الملاءة والتي ليست في حاجة للقانون فيما انه لا يساعد الشركات التي تأثرت بشدة من الازمة، لذلك فهو لا يصلح للتطبيق.
وأعرب عن تفاؤله بوزير التجارة الحالي ودعاه إلى إقرار قانون هيئة سوق المال ووضعه من ضمن أولويات أجندته، ورأى أنه في الفترة الحالية يجب أن يواصل السوق في مسار الصعود، مشيرا إلى ان هذا أمل كل الشارع الكويتي حيث انه لا مجال للاستثمار إلا في البورصة.
وعن شركة الصفوة للاستثمار والشركات المرتبطة بها وإمكانية خروجهم من الأزمة أكد العصفور أن مجموعة الصفوة خرجت من الأزمة بأقل حدة وقدر من الخسائر رغم صعوبة الأزمة ورأى ان المجموعة بدأت تحصد النتائج الايجابية لسنة 2009 في الوقت الحالي.
وفيما يلي نص الحوار:
هل ترون أن النشاط الذي شهده سوق الكويت للأوراق المالية قلل من حدة الأزمة على الشركات المدرجة وغير المدرجة؟
أرى أن الفترة الأخيرة شهدت تطورا على مستوى التداول في سوق الكويت للأوراق المالية لاسيما بعدما ظهرت نتائج السنة المالية المنقضية من قبل الشركات وهذه النتائج في اعتقادي بينت حجم الخسائر التي تكبدتها الشركات خلال 2008 وبينت كذلك مدى المراكز المالية لكل شركة على حدة. وأشير من هذا المنطلق إلى أن السوق شهد هلعا كبيرا من قبل المتداولين في الفترة الأخيرة من 2008 وبداية السنة المالية 2009 وهذا الهلع كان ناتجا عن الأزمة المالية العالمية، وكان هناك تخوف كبير من إعلان شركات لإفلاسها وهذا التخوف كان مسيطرا على معظم قرارات المتداولين في عمليات البيع والشراء واحدث إرباكا داخل السوق واثر تسرب الشائعات حول وضع الشركات على استقرار السوق. لكن اعتقد انه عندما ظهرت نتائج ميزانيات الشركات في الربع الأول من العام الحالي انقشع الضباب الذي كان مسيطرا على السوق وبينت النتائج المعلن عنها مؤخرا أن شبح الإفلاس قد غادر قرابة 95% من الشركات وبذلك أدرك السوق أن الذي حصل ناتج عن انخفاض في قيمة الأصول بالشركات، وهذا عزز من وضعه إضافة إلى عدة عوامل أخرى كالانتعاش النسبي في الأسواق العالمية وكذلك النتائج الأخيرة لانتخاب مجلس الأمة التي رآها البعض ايجابية جدا إضافة إلى قانون الاستقرار المالي، كل هذه مجموعة من العوامل التي اعتقد أنها قد منحت روحا من جديد لتحرك السوق في الفترة الأخيرة بعد مرحلة النزول الحاد في الأشهر الماضية.
وأرى أن بعض الشركات قد استفادت من ارتفاع قيمة الأصول التي كانت في السابق تعاني من انخفاض أثر سلبا على مجرى السوق وأي ارتفاع في قيمة الأصول سينعكس إيجابا على أي شركة من الشركات المدرجة.
أسباب أخرى
هناك شبه إجماع بين الأوساط الاقتصادية على أن الأزمة التي تعرضت لها البورصة جراء الأزمة العالمية والخسائر الضخمة التي لحقت بالعديد من الشركات في عام 2008 كشفت سوء الإدارة لدى العديد من الشركات واعتمادها في أرباحها على نشاط البورصة كيف ترون ذلك؟
لا اعتقد أن هذا هو السبب الوحيد بل هناك أسباب أخرى قد أثرت على البورصة حيث ان هناك بعض الشركات العقارية إضافة إلى البنوك يبقى اعتمادها قليلا على الاستثمار في السوق، لكن الأمر يتعلق بالشركات الاستثمارية أكثر من غيرها بما أنها هي المستثمر سواء في القطاع العقاري أو عبر التركيز على الصناديق الاستثمارية في البورصة. وأرى أن هذه الأزمة قد أثرت بصفة كبيرة على الشركات الاستثمارية أكثر من غيرها وبصفة غير مباشرة على بقية الأنشطة.
وأؤكد من ناحية أخرى أن الأزمة كشفت عن بعض القصور في تسيير الإدارات لبعض الشركات وأفسرذلك شخصيا باعتمادهم على إستراتيجية غير واضحة أو عدم التحوط للأزمات مثل الأزمة التي مرت علينا، كذلك يعود ذلك إلى اندفاعهم الكبير من ناحية القروض واعتمادهم عليها في تمويل استثماراتهم دون أخذ الحيطة أو الحذر وأشير هنا الى بعض الشركات التي عانت من القصور في الإدارة.
فورة السوق
لكن في إطار هذا السؤال يمكن القول ان الشركات باختلاف نشاطها كانت خسائرها ناتجة من غياب الرؤية الإستراتيجية لطبيعة نشاطها واعتمادها على الربح السريع؟
نعم أنا أرجح قولكما، وقد اشرت الى القصور في بعض الإدارات التي شهدت عيوبا خاصة في مسألة التحوط والتي أغرتهم فورة السوق وحجبت عنهم عدة مبادئ واتجهوا إلى تحقيق الربح السريع على حساب الأرباح التشغيلية. واعتقد أن التعميم في هذه المسألة فيه ظلم لشركات أخرى لأن بعض الشركات مازالت تعتمد على أنشطتها التشغيلية ونحن قد رأينا أن بعض نتائج 2008 كانت جيدة بالنسبة لهذه الشركات وحققت أرباحا في حين أن غيرها اتجهت نحو تحصيل الربح السريع وغامرت بأموال مساهميها وهذه الإدارة نصفها بسوء التصرف ومن المفروض أن تحاسب.
أهم الدروس
تعقيبا على هذه النقطة بالنسبة لشركات الاستثمار بعد الأزمة ما الدروس التي يمكن أن يستفاد منها والتي يجب أن تدركها ولا تغيب عن استراتيجياتها لتلافي أي تداعيات لأي أزمة قادمة؟
اهم درس يمكن ان تكون قد استفادت منه الشركات الاستثمارية هو احداث ادارة جيدة للمخاطر. وهناك مسألة اخرى من المهم أن أركز عليها، أول شيء لا نلوم الإدارات في الشركات الاستثمارية حيث انه خلال 2006 كانت هناك سيولة هائلة وهذه السيولة للأسف لم تجد منافذ للاستثمار داخل الكويت وهذا نتيجة للمعوقات والمشاكل التي كنا نعانيها في ضيق دائرة الاستثمار أو الفرص الاستثمارية خاصة بعدما تم تجميد قانون الـ bot إضافة إلى عدم تفعيل قانون التخصيص وعدم تفعيل مشاريع حكومية حيث ان الحكومة لم تستفد من ارتفاع أسعار النفط وذلك بخلق مشاريع انفاقية للبلد ليكون لها دور فاعل في استقطاب رؤوس الأموال.
وأشير في هذا الإطار الى أن الحكومة مسؤولة على تضييق الخناق على القطاع الخاص وعلى نشاط الاستثمارات، لكن لا ألوم الحكومة فقط بل كذلك مجلس الأمة واحملهما مسؤولية هذا العزوف عن استغلال كل الاستثمارات والمشاريع التنموية داخل البلد. وأشير في هذا الشأن كذلك الى أن هذه الأموال كانت مضطرة للهجرة خارج الكويت سواء كان ذلك في السوق الإقليمي أو السوق العربي لهذا السبب أكرر قولي إن الحكومة والمجلس هما الملامان في تعطيل حركة التنمية داخل الكويت وأتمنى أن تعي الحكومة والمجلس الحالي العيوب السابقة والمشاكل الناتجة عنها وأن تسرع بطرح برامج التنمية وخلق الفرص وأن تركز الحكومة على الإنفاق الحكومي وأن تساعد القطاع الخاص في المساهمة في هذا الإنفاق إذا أرادت أن تتلافى المشاكل السابقة فعلا وبجدية.
ليس قرآنا
كيف تفسرون إعلان العديد من المسؤولين في الشركات المدرجة أنهم غير راغبين في الانضمام إلى قانون الاستقرار المالي؟
سؤال جيد، وأنا أعقب عليه بقولي إن قانون الاستقرار المالي ليس بالقرآن المنزل من السماء وهو قابل للنقد والتعديل والتغيير وأنا اعتبره قد أتى في ظروف معينة ناتجة عن ردود فعل لوضع خاص وللأسف هذا القانون يعتبر من ناحية جيدا لكن لو طبق قبل الأزمة ربما كانت له فائدة كبيرة لكن بعد الأزمة فوائده قد تقلصت وأنا ألخص هذا القانون في كلمتين: قانون الاستقرار المالي في الأساس يعتمد على ملاءة الشركات وأنا أتساءل هنا أن الشركة التي تتمتع بملاءة ليست في حاجة إلى دعم القانون والتي لا تتمتع بملاءة القانون لا يدعمها ولا يشملها لعدم الإيفاء بالشروط التي وضعها، اعتبر أن هذه هي المشكلة الأساسية لقانون الاستقرار المالي.
عامل نفسي
لكن هل هناك أسباب أخرى وراء العزوف عن الدخول تحت مظلة القانون؟
هنا أوجه لكما سؤالا: لو فرضنا أن الأوضاع في البورصة كانت جيدة وكانت حركة التداول داخل السوق طبيعية ومستقرة فهل سيكون هذا القانون فاعلا؟
أنا شخصيا اعتبر أن هذا القانون عبارة عن عامل نفسي وحتى ردود الفعل على السوق كانت نفسية لكن فكرة قبوله أو رفضه هي عبارة عن تحد سياسي وفي الحقيقة القانون ليس لديه أدنى تأثير على السوق لأنه لا يوجد من طبقه حتى الآن وأنا اعتبر أن قرارات مجلس الأمة نفسية سياسية وهي بمنزلة جس نبض لمعرفة أن المجلس قادر على أن يمرر القانون أم لا.
مرحلة تذبذب
هل تعتقد أن البنك المركزي قد قام بالدور الذي يجب أن يقوم به؟
اعتقد أن «المركزي» قام بالدور لكن بصفة متأخرة وقد عشنا في مرحلة تذبذب وعدم وضوح الرؤية وكنا نجهل من هو صاحب القرار حيث شكلت لجنة وألغيت لجنة الى أن ظهرت فكرة المحفظة «المليارية» على السطح وطال انتظار دخولها إلى السوق وضخها للسيولة التي كان في حاجة لها، وللأسف فإن مجلس الوزراء حاول أن يحل مشكلة السوق لكن اكرر أسفي أن الآلية كانت خاطئة.
غياب آلية واضحة
كيف تقيم إذن المحفظة «المليارية» أو الوطنية؟
بصراحة إلى الآن أنا لا اعرف ما إذا كانت المحفظة شغالة أم لا، حيث انه يوجد من يقول انها فعلا دخلت السوق وآخرون يفندون هذا القول وحتى الآن لا وجود إلى آلية واضحة لدخولها وأنا شخصيا لا أؤيد فكرة المحفظة منذ البداية ولا اعتبرها من الحلول الجيدة لدعم السوق، حيث انها إذا ما وضعت بأطر قانونية ستستمر وتحافظ على استقرار السوق ومن هنا يمكن للحكومة أن تتدخل خاصة إذا توافرت السيولة كأن تبيع بعض الملكيات. وأتساءل هنا لما كانت هناك سيولة في البلد، لماذا لم تقدم الحكومة على البيع حيث كان سهم بيت التمويل في حدود 4 دنانير؟ ماذا كان يمنع الحكومة إذن آنذاك أن تبيع؟
وأرى أن دخول المحفظة بطريقة عشوائية مرفوض وكنا نتمنى لو وجدت إجراءات أفضل من المحفظة، لاسيما مجموعة من التشريعات التي تكون في خدمة السوق.
شبح الكارثة
رغم أن هناك قناعة لدى الأوساط الاقتصادية بأنه لم يطرأ تطور ملحوظ في شأن الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد إلا أن السوق الكويتي حقق مكاسب كبيرة في الشهور الماضية، كيف تفسرون أسباب وطبيعة هذا النشاط في الوقت الذي يراه الكثيرون أنه صعود هش؟
أقول هنا أن السوق تجاوز شبح الكارثة وتجاوز شبح الإفلاس مع بروز بعض الايجابية والعوامل الايجابية كما سبق ان ذكرت الانتعاش في الأسواق العالمية وارتفاع أسعار النفط مرة ثانية وعوامل محلية منها النتائج الايجابية لانتخابات مجلس الأمة وأضيف أن ظهور نتائج الربع الأول زادت من قناعة المستثمر بأن أسباب نزول السوق كانت مرتبطة أساسا بانخفاض قيمة الأصول وفي الوقت الحالي ليس أمامنا إلا الانتظار وزيادة ارتفاع الأصول مع تمنياتنا للحكومة الحالية والمجلس الجديد استيعاب الدروس السابقة وتحريك عجلة الاقتصاد من جديد.
العودة التدريجية
إذا كانت الخسائر الضخمة التي تكبدتها الشركات ناتجة عن هبوط قيم استثماراتها في السوق فهل صعود البورصة يمثل الخيار الأفضل والأسرع لخروج الشركات من أزمتها؟
أرى أن الانخفاض الكبير الذي حصل في قيمة الأصول كان ناتجا عن الهلع الذي أصاب المستثمرين دون أي أسباب مقنعة أو دوافع تعكس حقيقة هذا الفزع او الارتباك وارى أن العودة التدريجية لارتفاع الأصول تخلق ثقة مرة ثانية مع ضرورة فك الخناق عن الفرص الاستثمارية التي ستدفع عجلة البورصة مرة ثانية للدوران وهذا ما لاحظناه في الفترة الأخيرة.
يد واحدة
في ظل تشدد البنوك في منح تسهيلات للشركات أو إعادة هيكلة المديونيات القديمة ما الخيار الأفضل الذي ستتبناه الشركات كحل للخروج من الأزمة؟
إذن من حيث الحلول يمكن أن أدون كتابا كاملا لكن المشكلة ليست في صياغة الحلول بل في تطبيقها على أرض الواقع والتطبيق للأسف يجب أخذه من عدة جوانب يجب أن تدخل فيها الحكومة والمجلس والقطاع الخاص كل هذه الأطراف يجب أن تكون فاعلة وتكون يدا واحدة في تطبيق الحلول.
وباعتبارنا نصنف على أساس أننا دولة نفطية فنحن لسنا كدول أوروبا نعيش على الضرائب من الشركات والأفراد حيث انه من المفروض أن يكون تأثير الأزمة اقل حدة.
ونظرا لأن دخلنا يعتمد على نحو 95% من الموارد النفطية والكويت تتميز بأنها غير مدينة ولديها احتياطيات وعندها استثمارات خارجية وكثافتها السكانية ضعيفة كل هذه عوامل تخدمنا ويجب ألا نعاني من نفس التداعيات التي تعاني منها الدول الأخرى لأنه من المفروض ان لدينا حصانة متمثلة في مجموعة من المميزات التي سبق ان ذكرتها. وأشير هنا إلى أن تدخل الحكومة الأميركية أو تحركها لإنقاذ شركات كبيرة لاسيما جنرال موتورز أمر منطقي لأن هذه الشركة خدمت الدولة في السابق بحجم مهم من الضرائب التي كانت تدفعها للحكومة فمن واجب الدولة أن تدعمها لأنها تمثل موردا من مواردها وسقوطها فيه ضرر كبير على الصرح الاقتصادي.
«الكاش» سيد الموقف
في اعتقادكم هل فورة السوق الأخيرة كانت فرصة جيدة للشركات للتخلص من أصولها؟
الكل يريد التخلص من الأصول لكن من لديه الاستعداد للشراء؟.. نحن عشنا في الأشهر الثلاثة الماضية على مبدأ يقول «الكاش هو سيد الموقف.. والذي يملك الدينار هو الملك» وبالتالي الكل كان متمسكا بالسيولة التي بحوزته وينتظر الوقت المناسب فلم يكن هناك أي استعداد للمجازفة. لقد عشنا في فترة كان فيها العرض أكثر من الطلب وهذا قد لاحظناه خاصة في قطاع العقار حيث كان هناك عرض لعقارات مشجعة للشراء بنصف قيمتها الحقيقية ومع ذلك لوحظ أن هناك عزوفا عن الشراء.
غير قابل للتطبيق
هناك قناعة لدى الكثير من الأوساط الاقتصادية بان سياسة تفريخ الشركات التي اتبعتها الكثير من المجاميع السياسية في السنوات الماضية ساهمت في حدة الأزمة داخل البورصة بشكل عام وداخل المجاميع بشكل خاص هل تتفقون مع هذه الآراء؟
هذا الأسلوب يعتبر من الأدوات الاستثمارية المتبعة ليس فقط في الكويت بل حتى في دول العالم خاصة دول الاقتصادات المتقدمة وهذا جزء من الأدوات الاستثمارية التي تتبع في الكويت حيث انكم تلاحظون أن في الأسواق العالمية عدة قنوات وأدوات استثمارية تطبق عندها لكنها في الكويت غير قابلة للتطبيق وذلك لمحدودية القوانين والتشريعات وهنا أشير إلى أن القوانين الاستثمارية وكذلك القوانين التي تحكم البورصة هي تقليدية لا تتعدى مبدأ بيع وشراء الأسهم فقط ومع ذلك قد تضع قيودا على هذه العملية وخاصة في مسألة الإدراج التي لاحظناها قبل الأزمة المالية العالمية والأزمة التي عاشتها بعض الشركات الاستثمارية مع إدارة البورصة فيما يتعلق بالإدراجات والاندماجات وزيادات رؤوس الأموال مع أن هذا حق للشركات، فالأساليب المتبعة في الأسواق العالمية مفتوحة ومتاحة منها التفريخ والاندماجات والاستحواذ أكثر من آلية وكلها لا تطبق في الكويت هنا نصطدم بالقانون في عملية التطبيق وأنا اعتقد أن مثل هذه الأدوات ولاسيما التفريخ تستخدم عندما يكون هناك انتعاش اقتصادي ووفرة مالية تصبح أسلوبا متبعا والعكس عندما يكون هناك انكماش تصبح عمليات الاندماجات متاحة أكثر والاستحواذ واعتقد أن هذا وضع طبيعي لكن الآلية هي التي تختلف لكن من حيث الفكرة مقبولة لاسيما أن هناك ضيقا لفرص ثانية.
أساليب التمويه
لكن لاحظت أن الشركات التي اعتمدت التفريخ كأسلوب ليس لها نشاط تشغيلي واضح؟
أنا أؤيد هذا القول لكني أؤكد أني اختلف على المبدأ وليس على المضمون صحيح ان بعضهم ضحكوا على الناس واستخدموا أساليب تمويه وهنا يقع اللوم على إدارة السوق ووزارة التجارة وهما من المفروض أن يتحققا ولا يمكن معاقبة الجيد بالسيئ. إدارة البورصة عندما منعت الإدراجات لم تأخذ بعين الاعتبار الشركات الجيدة، لماذا يقع منعها إذن؟ أتذكر في سنة 1996 عندما عشنا في انكماش اقتصادي وكان التداول ضعيفا وكانت إدارة البورصة تبذل جهدا لإعادة النشاط ومن ضمن هذه الجهود أنها سهلت عملية الإدراج وشجعت القطاع الخاص ثم فجأة وقع وقف كل التشجيعات بعد أن هيأت معظم الشركات استراتيجياتها بناء على هذا القانون ثم تم إلغاؤه فجأة دون سابق إنذار.
الطريقة خاطئة
لكن القانون يصنف على انه من التشريعات الوقتية؟
اعتبر أن هذه الطريقة خاطئة في التصنيف يمكن أن نضع حلولا ولا نلجأ إلى إلغاء القانون نحن لسنا ضد تغيير القوانين لكن يجب منح فرص تبلغ فيها الشركات لتكون مهيأة، يجب إعطاء فترة زمنية للتطبيق عملا بأسلوب الدول الأوروبية التي نعتبرها نموذجا يقتدى به. من حق إدارة السوق تغيير أي قرار لكن بشروط تراعي فيها الشركات.
إن إدارة البورصة في هذه الفترة تدرس الكثير من المقترحات منها تحول الشركات من السوق الموازي إلى السوق الرسمي ومن السوق النقدي إلى السوق الموازي ما رأيكم؟
ليس بالشيء الجديد فكل قراراتنا عبارة عن ردود فعل ليست مبنية على دراسات بعيدة المدى وهذه الأشياء من شأنها أن تؤثر على السوق.
في ضوء الأزمة التي تعرضت لها البورصة جراء الأزمة العالمية ما الدروس المستفادة من هذه الأزمة؟
كما سبق وأشرت الى أن قانون الاستقرار المالي يعتبر جيدا ويعتبر واحدا من الدروس المستفادة من الأزمة وأنا تحفظي على القانون انه لا يعالج المشكلة التي وقعت فعلا لكن من الممكن أن يحل مشاكل مستقبلا ونتمنى أن تكون هناك جملة من القرارات تحد من الأزمة ونتعلم من دروس الدول الاخرى مع الاخذ بالاعتبار ظروف اقتصادياتنا.
إذا قارنا أنفسنا بالدول الخليجية الأخرى التي اتخذت إجراءات كانت حاسمة ومؤثرة بشكل ايجابي لاسيما قطر الإمارات وغيرها؟
اعتقد أننا نختلف كذلك عن دول الخليج حيث ان نظامنا السياسي له خاصيته ومثلما تفضل المحافظ في احد تصريحاته الصحافية بقوله: نحن نحتاج الى تشريعات حيث ان الكويت في الوقت الراهن تحتاج الى اكثر من تشريع وهي مرتبطة بمدى توافق مجلس الأمة والحكومة.
تضافر الجهود
يمكن القول إذن ان الآلية السياسية في البلد هي التي تحدد وبيدها اتخاذ القرار؟
أنا شددت سابقا على ضرورة تضافر الجهود والتعاون بين المجلس والحكومة والجهات المختصة لوضع إستراتجية فاعلة تخدم الصالح العام وهذه هي رغبة كل الشعب الكويتي ونتمنى أن يتبنى أعضاء مجلس الأمة مسؤولية امن الاقتصاد الوطني وابتعادهم عن المهاترات الجانبية وهذه الأمنية لخصها صاحب السمو الأمير في خطابه وشدد على النظر إلى مستقبل الكويت «ما يصير أن نظل نعيش على البركة» نتمنى من الإخوان في مجلس الأمة أن يتعلموا الدرس.
هناك اتفاق بين الأوساط الاقتصادية على أن ضعف الرقابة من قبل البنك المركزي على الشركات الاستثمارية وسوء الإدارة والافتقار إلى إدارات المخاطر كان وراء استفحال الأزمة على شركات الاستثمار كيف ترون ذلك؟
أقول ان محافظ بنك الكويت المركزي حاول جاهدا السيطرة على الوضع المالي بالكويت وعلى شركات الاستثمار وذلك حسب الرقابة الدورية التي يجريها لكن الأزمة كانت شديدة وفاقت كل التوقعات وهي أكبر من ان يتحملها المركزي فنحن لا نستطيع أن نلوم المركزي أو إدارته على أي قصور فيه أخطاء من قبل شركات، بصراحة المركزي وضع سياسات وضوابط لإدارة الشركات لخلق نوع من الشفافية لكن المشكلة كانت مفاجأة وكبيرة وسريعة ولا اعتقد أن المركزي بإمكانه تحملها.
كيف تقيمون سياسة البنوك في تعاملها مع الشركات التي تواجه أزمة مالية بشكل خاص ومع الأزمة بشكل عام؟
البنوك لا تلام لاسيما أنها مملوكة من القطاع الخاص حيث ان البنوك مرت في بداية الأزمة المالية العالمية بالارتباك وهذه حالة أي جهة.والبنوك عليها ضغط من المركزي من ناحية سياسة الضمانات حيث اتصف تعامل البنوك مع الدائنين في بداية الأزمة بالحذر واخذ الحيطة، وأرى أنه في الوقت الراهن البنوك متساهلة في ظل قانون الاستقرار المالي.
ملك خاص
إجابتكم عذرا فيها الكثير من الديبلوماسية فانتم كعضو في الصفاة واجهتم العديد من الصعوبات في هيكلة الديون؟
أنا لا ألوم البنوك في تشددها فهي تطالب بحقها خاصة أنها ملك خاص وليست حكومية. فهي لا تريد الضغط كثيرا ولكن تهمها مصلحة الدائنين بقدر الإمكان فتحاول مساعدتهم وبالنهاية هي في حاجة إلى تحصيل مستحقاتها من الديون. فالبنوك مضطرة للتأقلم مع الأزمة حيث أن موردها الأساسي القروض والودائع ولا يمكن أن تجمد الخطوط التمويلية طويلا.
التأثير محدود على وربة
ما مدى تأثر وربة للاستثمار بالأزمة وما الإجراءات الاحترازية لتلافي أزمات أخرى؟
وربة كغيرها من الشركات تأثرت من الأزمة المالية وتأثرنا بشكل مباشر لاسيما أننا شركة جديدة تأسست في أوج انتعاش السوق ولم يكتمل نضوجنا حتى اصطدم بتداعيات الأزمة ولاسيما ان رأس مالنا صغير ونحن لم نعتمد على اصول حيث دخلنا السوق بداية 2006 حيث كانت الأسعار جدا عالية ولما نزلت الأسعار تأثرنا تأثيرا مباشرا، لكن مع ذلك فنحن قادرون على تجاوز هذه الأزمة ونأمل تحسن الأمور.
تنويع الاستثمارات
ما الدروس التي استفادتها وربة للاستثمار من هذه الأزمة؟
بشكل شخصي المفروض أن يكون التنويع في الاستثمارات هو الدرس المستفاد لكن مع ذلك الأزمة المالية العالمية جاءت على كل الاستثمارات في كل مكان، لكن الدرس المهم الذي يمكن أن يستفاد منه هو التسلح من اجل مواجهة اي هزات قادمة غير متوقعة.
هل لك أن تكشف لنا عن إستراتيجية وربة للاستثمار المستقبلية؟
«وربة» تعتمد على تنويع استثماراتها داخليا وخارجيا ولاسيما في الصين ونحن شركة صغيرة مقارنة بشركات استثمارية أخرى وحجم استثماراتنا مقارنة بشركات أخرى تعتبر قليلة والأزمة أثرت بنسبة كبيرة على وربة. بالنسبة لاستثماراتنا بالصين نأمل أن تعطي نتائج ايجابية للشركة.
ما الايجابيات والسلبيات الموجودة في قانون هيئة سوق مال؟ وهل تحقق الطموحات في تطوير سوق الكويت للأوراق المالية؟
أتوقع إقرار قانون هيئة سوق المال في الدورة القادمة وأنا متفائل بوزير التجارة الحالي وبحرصه على وجوب إقرار هذا القانون ووضعه من ضمن أولويات أجندته لاسيما أن القانون مشبع من الدراسات والتعديلات، أتوقع أن يقر هذا القانون خلال هذه السنة وأرى انه سيحقق طموح وضع آلية معينة للسوق وتكون هناك جهة محددة وواضحة المعالم تشرف على تحرك السوق واعتقد أن هذا أمر مهم على اعتبار أن اغلب أموال القطاع الخاص في البورصة وسوق الكويت للأوراق المالية يمثل قطاعا حيويا ومهما بالنسبة للاقتصاد الكويتي، لذلك من الضرورة خلق جهة تنظمه وتحافظ على استقراره. وأرى ان هيئة سوق المال تعتبر الأمل الكبير نفسيا وستمنح دفعة كبيرة لسوق الكويت للتقدم للأمام وتخلق فرصا لجذب الاستثمارات الخارجية وهذا القانون سيكون منطلقا مهما وخطوة مهمة في تحقيق رغبة صاحب السمو الأمير في جعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا وهذا ما نتمناه جميعا.
توقعاتك للبورصة بالنسبة للعام الحالي؟
أرى أنه في الفترة الحالية يجب أن يواصل السوق في مسار الصعود وهذه غاية أمل كل الشارع الكويتي حيث انه لا مجال للاستثمار إلا في البورصة. والكل يلاحظ في الفترة الأخيرة أن وضع الشركات قد تحسن تدرجيا والصورة أصبحت واضحة ولا مجال لانعدام الثقة من جديد داخل السوق وأنا أتوقع أن الزخم الذي شهدناها مؤخرا داخل السوق سيستمر وستسترجع البورصة عافيتها.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )