تناول تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي مشروع الخطة التنموية الخمسية 2009/2010 ـ 2013/2014 موضحا انه وبعد مخاض دام 9 سنوات قدمت الحكومة مشروع خطتها التنموية الخمسية، بتأخير يقارب 3 اشهر عن بداية نفاذها، واكثر من نصف عام، اذا افترضنا انها ستناقش، وتقر، من قبل مجلس الأمة بحلول شهر نوفمبر 2009، وهو امر غير مؤكد، وبالطبع، فإن هذا التأخير مؤشر غير طيب.
والخطة، في اهدافها السبعة، لا تخرج عن تسمية الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد وإصلاحها، مثل سيطرة القطاع العام على ثلثي الناتج المحلي الاجمالي، وسيطرة النفط الخام على 54.5% من ذلك الناتج و95% من حصيلة النقد الاجنبي، والاختلال في التركيبة السكانية، حيث لا تزيد نسبة الكويتيين على نحو 31.6%، كما في 31/12/2008، واختلال تركيبة قوة العمل، حيث لا تزيد نسبة الكويتيين فيها على نحو 16.1%، بزيادة فرصها في القطاع الخاص وخفضها في القطاع العام، وزيادة ساعات التعليم العام في مراحله الثلاث الابتدائي والمتوسط والثانوي بما نسبته 40% و27% و37%، على التوالي، أسوة بالعالم، وتجربة تخصيص بعض مدارسه، لتحسين مستواه، ورفع مستوى التعليم العالي بفتح جامعات مستقلة وتحسين مستوى الخدمات الصحية وزيادة الطاقة الاستيعابية لمراكزها.
الفجوات والاختلالات
واضاف التقرير ان أي مختص او متابع لأداء الاقتصاد الكويتي يعرف ان الخطط ومشروعاتها، منذ 40 عاما لا تخرج عن مثل هذا المحتوى، وان معظم الدراسات التي تمت بتكليف حكومي لا تخرج عن المطالبة بتعديل تلك الاختلالات، والفارق الوحيد هو ان الفجوات او الاختلالات كانت تزيد، بمرور الزمن، رغم معرفة الجميع بخطورتها. لذلك، لن يكون لنا اي تحفظ على الخطة، فهي ان لم توفر شيئا، فإنها ستصدر بقانون، يفترض انه ملزم، وستضع بعض وسائل القياس لمدى الالتزام الحكومي بالقانون والخطة، بما يسهل عملية المراجعة والمحاسبة.
وأوضح التقرير ان التحدي الذي تفرضه الخطة ـ فيما لو اقرت بقانون ـ يتلخص في تقديم تقرير دوري حول تحقيق اهدافها، مثل خفض مساهمة القطاع العام في الانتاج السلعي والخدمي، وفي الغالب الاعم، عن طريق تسهيل زيادة مساهمة القطاع الخاص في العملية الانتاجية، لأن المطلوب من القطاع الخاص استيعاب 65% من القادمين الجدد الى سوق العمل، من الكويتيين، مع خفض استيعابهم، في الحكومة الى ما دون نصف المعدل الحالي، وهو أمر تسهل متابعته.
وبالتوازي مع هذا التعديل، تتضمن الخطة خفضا في الاعتماد شبه الكامل على النفط، وخفضا في نمو العمالة الوافدة، والهامشية منها تحديدا ـ خدم المنازل مثلا ـ لترتفع مساهمة العمالة الكويتية ثلاث نقاط مئوية، اي في الاتجاه المعاكس لاتجاه منحنى مساهمة الكويتيين في قوة العمل (من سالب الى موجب). ولضبط النمو السكاني وزيادة مساهمة السكان الكويتيين من 31.6% الى 34% في نهاية الخطة، يتطلب الامر تبني مواقف، قد لا تكون شعبية، كالحد من انفلات استقدام العمالة، اجتماعيا، والحد من اغراءات العمل في الحكومة، ماليا، وهو العمل الذي يتسم بعلو المكافأة وقلة الانتاج.
وهذا نموذج من التحديات المرتبطة برقم وزمن، وهو ما سيضع الحكومة ومجلس الامة معا على المحك، في اختبار نتمنى ان يجتازاه، رغم ان لنا رأيا منشورا وسلبيا، في فريق الحكومة الاقتصادي، لضعف تجانسه وعدم اختصاص رئيسه وهزال سجل انجازاته، فالخطط لابد ان تنطلق اولا من قناعة راسخة بضرورتها، من قبل واضعيها، اي مجلس الوزراء، وهو امر يصعب علينا الجزم به، ولكي تصيب النجاح، لابد ان يكون الفريق الاقتصادي الذي يضعها، ويشرف على تنفيذها، محترفا وكفؤا فالخطط تتطلب ان تعمل كل وحدات الاقتصاد بتناغم وانسجام لتحقيقها، لا ان تعطل احداها الاخرى، وما لم يتحقق ذلك، فلن تتعدى الخطة انجازا اجرائيا، يستثمر لبعض الوقت، حتى نكتشف ان الواقع يسير عكس اتجاه المخطط، وهو أمر سبق ان مررنا به كثيرا.
التعداد السكاني
من جهة اخرى تناول تقرير الشال نتائج تعداد سكان الكويت لعام 1957 حيث قال ان العدد 211 للسنة الخامسة من الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» ملخص لاحصاء السكان الذي جرى في اوائل عام 1957 وقد كان الوعي آنذاك متقدما باهمية الارقام والاحصاءات، وكانت ارقام الاحصاء تفصيلية ودقيقة خلافا لاحصاء السكان في عام 2005، وتشير ارقام ذلك الاحصاء الى ان عدد سكان الكويت قبل 52 سنة كان 206.473 نسمة، نحو 113.622 منهم كويتيون، اي ما نسبته نحو 55% من مجموع السكان، وفيما بلغ عدد العرب من غير الكويتيين 62.567 نسمة، اي نحو 30.3% من مجموع السكان، منهم نحو 26.035 نسمة من العراقيين (41.6%) كان اكبر تجمع سكاني غير عربي للايرانين، حيث سجل عددهم انذاك 19.919 نسمة وذلك قبل ان تضطرب العلاقات مع دول الجوار الجغرافي.
وكان المجتمع الى جانب غلبة الصبغة العربية فيه بنحو 85% من المجموع اكثر توازنا ما بين الجنسين اي الرجال والنساء فقد بلغ عدد الرجال نحو 132.058 نسمة اي نحو 64% و36% للاناث، اي ان السمة الغالبة للسكان كانت عائلية وكان التركيز شديدا على السكن في مدينة الكويت التي بلغ عدد السكان فيها 104.551 نسمة اي نحو 50.6% من مجموع السكان، فيما كان نحو 10.4% اي نحو 21.378 نسمة يقطنون ما يسمى نواحي الكويت اما ثالث اكبر تجمع سكاني فقد بلغ عدده 14.784 نسمة، وكان مستقرا في النقرة وحولي وسجلت جزيرة فيلكا استقرار نحو 1.2% من اجمالي السكان فيها.
صفات السكان
وننقل حرفيا فقرة من مقدمة جداول الارقام فيها نص حضاري متقدم لمن قاموا باول عملية احصاء في الكويت، وفيه: «ولما كانت هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها هذه المعلومات التفصيلية عن اهم صفات سكان الكويت، فان الدائرة (الشؤون الاجتماعية) ترجو ان يستفيد منها ويسترشد بها جميع المسؤولين والمختصين في عمليات التخطيط وتصميم المشروعات التي تهدف الى رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي لسكان الكويت، ويسر الدائرة ان تتلقى اي اسئلة او استفسارات بخصوص عملية التعداد والنتائج التي تشتمل عليها هذه النشرة وستنشر الاسئلة والردود عليها في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم»
والمبادرة بالاحصاء ودقته وتفصيلاته والغرض منه والتواصل مع الناس، بفتح الجدل حوله على موقع الحكومة الالكتروني في ذلك الوقت «الكويت اليوم» ومقارنة دقة واسلوب التخاطب، حول ذلك الاحصاء بما حدث في عام 2005، يوحي انه كانت لدينا حكومة الكترونية مبكرة، ولكنها تلاشت بمرور الزمن، والحكومة اليوم بصدد تبني خطة تنمية خمسية، والارقام والمعلومات متأخرة ومتخلفة من حيث النوعية وعدد الكويتيين من السكان تضاعف 10 مرات واجمالي السكان تضاعف 17.4 مرة، ومعها ستتضاعف الاحتياجات بالنسبة نفسها ودون التركيز على المستوى المتفوق للادارة واسبقية ودقة المادة الخام او الرقم والمعلومة والحفاظ على التفكير بعقلية الدولة كما بدأنا في خمسينيات القرن الماضي، فلا امل في انجاز وتفوق.
الوقت مازال مبكراً للحكم النهائي في نجاح التدخل لوقف «الأزمة»
ذكر تقدير الشال ان الجدل في ادبيات الازمات في العالم حسم تقريبا حول جدوى التدخل المباشر لوقف تداعيات الازمات في اسواق المالي، والحسم جاء قاطعا ورافضا لارتفاع كلفة هذا النوع من التدخل وعدم عدالته ونتائجه السلبية في الغالب الاعم، اما في اسواق المال الخليجية غير الناضجة فمازال الجدل دائرا والدول الخليجية منقسمة الى مدرستين، فيما اتخذته من اجراءات حيال تداعيات الازمة المالية الاخيرة والوقت مبكر على اصدار حكم نهائي بنجاح احدى هاتين المدرستين او حتى التنبؤ به، وان كانت مساوئ التدخل المباشر محسومة من تجارب الكويت القديمة.
ومدرسة التدخل المباشر جاءت من الامارات ـ وان بعون من ابوظبي وقطر ـ بينما اكتفت كل من السعودية وعمان والبحرين بالتدخل على نحو متفاوت ولكن غير مباشر ووقفت الكويت وسطا بتدخل غير مباشر مع آخر مباشر محدود.
وصيغ التدخل المباشر في الامارات وقطر تراوح بين دعم رأسمال المصارف ودعم اوضاع بعض الشركات الكبرى في الامارات والمساهمة في زيادة رأسمال المصارف وشراء محافظ الاسهم المحلية وشراء بعض المحافظ العقارية من المصارف في قطر، بينما انحصر التدخل غير المباشر في الدول الست في السياسات الكلية مثل السياسات المالية والنقدية التوسعية وتوفير السيولة بالايداعات او شراء السندات لدى القطاع المصرفي، وهي الوصفة الصحيحة في زمن الازمات، وانفردت الكويت ـ الى جانب مشاركة الكل في سياسات التدخل غير المباشر ـ بدعم فكرة الشراء المباشر المحدود للاسهم، من قبل مؤسسات حكومية، وتبني قانون احترازي للاستقرار المالي، ونحن نعتقد ان الشراء المباشر اجراء خطأ لكن قانون الاستقرار المالي صحيح.
اما انطباقات ونتائج سياسات التدخل الحكومية على اداء اسواق المال فمازالت مسألة جدواها غير محسومة، فحتى اقفالات يوم الاربعاء الموافق 24/6/2009، مازالت الاسواق تعطي قراءات متناقضة، والجدول رقم 1 يقارب بين اداء مؤشري دبي وابوظبي، من جانب والدوحة (قطر) من جانب آخر للفترة بين بداية العام الحالي ويوم الاربعاء الفائت.
وواضح من الجدول التناقض الشديد بين اداء اسواق خضعت للاجراءات نفسها اي مدرسة التدخل المباشر ويفترض ان اداء الاقتصاد القطري افضل وسيكون افضل حتى في عام 2009.
وفي الجدول الثاني بقية الاسواق الـ4 اي مدرسة التدخل غير المباشر وواضح الفارق الكبير بين اداء السوق السعودي واداء السوق البحريني، ولكن لا يمكن ايضا تفسير وقوع اداء السوق العماني وسطا بين البحرين والسعودية، اما السوق الوحيد الذي يخضع في تفسير حركته لبعض المنطق فهو السوق الكويتي اذ يقع وسطا بين السوقين السعودية والبحريني، واجراءاته جاءت وسطا ايضا ويبقى عامل الوقت حاسما لاننا قد نرى اختلافا جوهريا في المواقع بين الاسواق بمرور الوقت.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )