قال تقرير مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية عن سوق الكويت للأوراق المالية ان متوسط التداول اليومي لسوق الكويت للأوراق المالية خلال يونيو الماضي قفز بمعدل 15%، ليبلغ 167.6 مليون دينار مقابل 145.8 مليون دينار لشهر مايو.
وأرجع التقرير هذا الارتفاع الملحوظ إلى التداول اللافت على سهم «زين» حيث استأثر بـ20% من إجمالي تداول مجمل السوق خلال يونيو، ناهيك عن التداول النشط على سهم بنك بوبيان، والذي شكل 8% من إجمالي تداول السوق وذلك على خلفية النوايا المعلنة من بنك الكويت الوطني للسيطرة عليه وتملكه حتى الآن نحو 14% من رأسماله، بالإضافة إلى إعلان الهيئة العامة للاستثمار عن نيتها بيع حصتها في بنك بوبيان والبالغة 20% من رأسماله، وذلك بناء على طلب تقدم به بنك الكويت الوطني.
وأوضح التقرير انه من حيث مؤشرات الأسعار كان الأداء متباينا بشكل ملحوظ ما بين الوزني والسعري، فقد ارتفع الوزني بمعدل 2.1% خلال يونيو الماضي، بينما كان أداء السعري سالبا بمعدل 1%، كما كان التفوق ملحوظا لصالح الوزني بالنسبة لأداء الربع الثاني الذي كان بمعدل 25.3% مقابل 19.5% للسعري، وأيضا منذ بداية العام 2009 بمعدل 10.4% للوزني بالمقارنة مع 3.8% للسعري.
وذكر التقرير ان التفاوت يرجع ما بين المؤشرين إلى نمو أسعار الأسهم الكبيرة على حساب الصغيرة، وهذا أمر طبيعي، إن لم نقل بديهيا في بداية أي دورة للارتفاع، حيث يهتم المتداولون بالأسهم الكبيرة، والتي هي محل ثقتهم كونها أسهما تشغيلية، بينما ينحسر الاهتمام بالأسهم الصغيرة، وهي المضاربية في معظمها والورقية في شريحة منها، وذلك بعد أن انكشفت عيوبها خلال فترة التصحيح القاسية والمفيدة أيضا، والتي كانت خلال الربعين الرابع 2008 والأول 2009.
وأشار التقرير الى أن تحرك الشركات المتعثرة نحو معالجة أوضاعها أمر مطلوب وبديهي حتى يمكن انقاذ ما يمكن انقاذه، لكن المهم من وجهة نظرنا عدم قيام الحكومة بمساعدة من لا يستحق من الشركات المتعثرة، والتي بالغت في الفساد وسوء الإدارة بشكل منقطع النظير، حيث نرى عدم مساهمة الدولة ومؤسساتها في ضخ السيولة في تلك الشركات بأي شكل من الأشكال، لكون ذلك يشكل مخاطرة كبرى على المال العام، نظرا لعدم وضوح مصير تلك الشركات، حيث إن مساهمة الهيئة العامة للاستثمار أو التأمينات الاجتماعية، وكذلك أمانة الأوقاف وغيرها من المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية في انقاذ تلك الشركات يعتبر تشجيعا لها على الاستمرار في نهج الفساد وسوء الإدارة.
من جهة أخرى، فإن التفاف بعض الشركات المتعثرة على تردد الدولة في انتشالها من المأزق من خلال طرح آليات مختلفة مثل الصناديق والمحافظ والسندات وغيرها، يجب ألا ينطلي على الجهات الاستثمارية الرسمية المعنية، حيث ترغب بعض تلك الشركات في بيع أصولها المسمومة من خلال تلك الآليات على حساب المال العام.
وذكر التقرير انه لا شك في أن نفي «السمية» عن تلك الأصول هو ضحك على الذقون، كونها مقومة بأعلى من قيمتها، وهي غير قابلة للتسييل بأسعارها المسجلة بها، ناهيك عن الشركات الورقية التي تشكل جانبا رئيسيا من تلك الأصول، وذلك مهما بلغت جهود البعض في تسمية الأصول المسمومة بغير مسمياتها، والأخطر من كل ذلك ان بعض الشركات المتعثرة ليس لديها تقرير إيجابي من جانب مدققي حساباتها، حيث أنهم لم يبدوا رأيا في البيانات المالية السنوية أو المرحلية، أي أن مصير هذه الشركات في حكم المجهول ورهن بإجماع موافقة الدائنين على خطة الإنقاذ، وهذا لم يتم حتى الآن في معظم الشركات المتعثرة.
وأشار التقرير الى أنه اذا كانت الشركات المتعثرة جادة في تصحيح أوضاعها بنوايا سليمة، فعليها الدخول ضمن مظلة قانون الاستقرار المالي، حيث أبدت جميع المصارف استعدادها وحماسها لتمويل تلك الشركات وفق مقتضيات القانون، لكن حقيقة الأمر هي أن الشركات المتعثرة تهرب من الانضواء تحت مظلة قانون الاستقرار، لأنه يرتب إجراءات رقابية مشددة وحوكمة واضحة على تلك الشركات وعقوبات رادعة للمتلاعبين فيها، بالتالي فإن الشركات الفاسدة ليس لها حظ بموجب متطلبات هذا القانون، والذي يفسر بشكل واضح هروبها منه ولجوءها إلى الأموال السهلة، أي أموال الدولة ومؤسساتها لإنقاذها، حيث لا مساءلة ولا رقابة فعلية ودقيقة على تلك الأموال، وإن كانت فهي على طريقة ذر الرماد في العيون لا أكثر.
وأوضح التقرير ان بعض الشركات المتعثرة تقوم حاليا بجهود حثيثة لإعادة هيكلة اوضاعها، وذلك في ظل الانتعاش النسبي للوضع الاقتصادي سواء على صعيد سوق المال او اسعار النفط وغيرها من المحفزات الاقتصادية، وذلك بعد مرور العالم بأشد العواصف المالية بما في ذلك اقليم الخليج، الا انه كما ذكرنا في عدة مناسبات ان الوضع المحلي كان مهيأ لاستقبال عدوى الازمة الاقتصادية العالمية بشكل كبير للغاية وبكل ترحيب، كون الوضع الاقتصادي الكويتي كان متورما بشكل خطير جدا جراء ضعف التنظيم والرقابة وطغيان الفساد وسوء الادارة، حتى كانت الازمة العالمية هي القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال.
وذكر التقرير ان الحديث عن الشركات المتعثرة يقودنا الى وضع ادراجها في البورصة حاليا، حيث انها مجهولة المصير ويتم تداولها في البورصة وبشكل مكثف في كثير من الاحيان، وفي هذا المقام ليست لدينا توصية محددة حول هذا الموضوع، حيث يجب ان يتم بحثه بشكل مهني ودقيق من النواحي المالية والقانونية من جانب سوق الكويت للاوراق المالية وبنك الكويت المركزي، وذلك لتحديد ما اذا كان تداول مثل تلك الاسهم يشكل مخاطرة مقبولة للمتداولين، ام انه مخاطرة غير مقبولة وربما ترتفع الى مرتبة المقامرة، وذلك بالنظر الى الشك الكبير في استمراريتها؟ ناهيك عن التداعيات القانونية المرتقبة على تلك الشركات.
وذلك على خلفية القضايا العديدة والمتنوعة المرفوعة ضدها، والتي قد تتمخض عن آثار جسيمة ومفاجأة ايضا، هذا من جهة، ومن جهة اخرى يجب تكثيف مراقبة تداول تلك الاسهم من حيث احتمال وجود عمليات وهمية وتصعيد للاسعار بهدف اغواء المساهمين بالاكتتاب بسعر منخفض نسبيا، وكذلك لاستدراج مستثمرين خارج قائمة المساهمين الحاليين، حيث ان شريحة كبيرة من الملاك الحاليين قد ذاقوا مرارة خسائرهم القياسية في تلك الشركات والتي ستلقي بظلالها على رغبتهم في زيادة رساميلها بكل تأكيد.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )