فواز كرامي
انخفضت حصة هيئة الاستثمار الكويتية في أسهم شركة دايملر بنز الى 6.9% في أعقاب زيادة رأس المال التي قامت بها الشركة في الفترة الماضية لتحتل المرتبة الثانية بعد «آبار» الإماراتية التي احتلت المرتبة الاولى بحصة تبلغ 9.1%، بعد أن كانت «الهيئة» المستثمر الاول في الشركة لمدى عقود، وبينما تراوح المفاوضات لشراء حصة في «بورشه» شركة صناعة السيارات الألمانية ايضا في جو من السرية لم تخجل قطر من خلال هيئة استثمارها من الإعلان عن نيتها شراء حصة من هذا الشركة، عازية السبب الى وجود فرص استثمارية هائلة خلفتها الازمة المالية العالمية دفعت بقيم الأصول للانخفاض بدرجة كبيرة. كما أعلنت هيئة الاستثمار الكويتية صراحة عن نيتها بيع مصنع البيتومين للعوازل الإسفلتية في سورية.
ولم تعلن الهيئة التي تعتبر من اعرق وأقدم الصناديق السيادية في المنطقة حيث تم تأسيسها في عام 1953 عن الدخول في أي من الاستثمارات او شراء لحصص في العديد من الفرص المطروحة في السوق العالمي على النقيض من باقي الصناديق السيادية في المنطقة التي أسست بعدها بثلاثة عقود على اقل تقدير. مما دعا العديد من المحللين الاقتصاديين للاعتقاد أن هيئة الاستثمار الكويتية خففت من استثماراتها في الأسواق العالمية للتصدي لتداعيات الازمة المالية العالمية على السوق المحلي والتي نجحت نوعا ما في التصدي لتداعياتها محليا وذلك من خلال تأسيس المحفظة المليارية التي لعبت الهيئة فيها دروا رئيسيا وضخت سيولة في السوق المحلي الذي يعاني أساسا من شح السيولة وساهمت في استقراره وفي موجة من الصعود سجلها مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية.
الا ان طرح الهيئة لبيع حصتها في بنك بوبيان التي تبلغ 20% والأرباح التي ستحققها دفع الكثير من الأوساط الاقتصادية الاستثمارية الى دعوة الهيئة الى بيع ما لديها من حصص مؤثرة في الشركات والاستفادة من العوائد في مشاريع التنمية الداخلية لاسيما انها متوقفة عن الاستثمارات الخارجية حيث استطلعت «الأنباء» رأيين مختلفين في هذا المجال الاول يرى أن الهيئة توقفت عن الاستثمار في الأسواق الخارجية نتيجة للأجواء السياسية السائدة في الكويت في ظل الاستجوابات المتكررة للوزراء مما يجعل عملها في الأسواق الخارجية محفوفا بالمخاطر التي قد تعرض وزراء المالية المتعاقبين لاستجوابات مجلس الأمة إضافة الى أن الهيئة ستحقق من استثمارها في السوق المحلي وبنك بوبيان تحديدا عوائد تقدر بـ 450% في فترة خمس سنوات الأمر الذي لا يمكن لأي سوق من الأسواق العالمية أن يحقق هذا القدر من العوائد بينما رأى الرأي الثاني أن لدى الهيئة قدرة كبيرة وكفاءة عالية وخبرات واسعة.
ترى ما الأنسب والذي يصب في مصلحة الكويت ليبقى السؤال التالي:
هل العوائد المحققة من الاستثمارات المحلية تبرر تراجع استثمارات «الهيئة العامة للاستثمار» في الأسواق العالمية؟
وفي هذا الموضوع رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مجمعات الاسواق توفيق الجراح قال انه فيما أغلقت جميع قنوات التمويل في الكويت وأصبح السوق المالي الكويتي يعاني من شح السيولة كانت هيئة الاستثمار الوحيدة التي بعثت في هذا السوق السيولة وساهمت في نموه واستقراره خلال الفترة الماضية والأخص منذ أن أسست المحفظة المليارية التي ساعدت الكويت وسوق الكويت على تجاوز المرحلة الصعبة جدا من الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي لافتا إلى الكفاءات العالية والخبرات الواسعة التي تتمتع بها هيئة الاستثمار الكويتية التي لها باع طويل في الاستثمار وبناء وتشييد المشاريع في الكويت وخارج الكويت.
وعن تقلص دور هيئة الاستثمار الكويتية في الاستثمارات الخارجية قال الجراح إن الهيئة على علم بمجريات الاسواق الخارجية والفرص المتاحة أكثر من غيرها في هذا المجال لاسيما ان العالم يشهد أزمة عالمية خانقة ولابد أنها تقوم بدراسات واسعة في هذا الصدد ويعود اختيار هذه الاستثمارات إلى الهيئة وحدها فيما اذا ستقوم بها أم لا.
وناشد الجراح الهيئة الدخول في الاستثمار في الأبراج في مدينة الكويت كما تفعل في دول العالم الأخرى كطوكيو ولندن وغيرهما بما ينعكس إيجابا على القطاع العقاري الكويتي بصورة خاصة وعلى الاقتصاد المحلي بشكل عام وعلى المنظر الجمالي لمدينة الكويت.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور انه وفيما يتجه العالم إلى التأميم وزيادة تحكم الحكومات والدول باقتصاداتها بسبب الأزمة المالية العالمية فان هيئة الاستثمار الكويتية تتجه إلى الخصخصة رغم أن العالم يشهد تحولا كبيرا من نظام الرأسمالية غير المقيدة إلى الرأسمالية المقيدة في دليل واضح على سير الحكومة بعكس التيار العالمي الأمر الذي لا يصب في مصلحة الاقتصاد المحلي.كما أن بيع أسهم الهيئة في بنك بوبيان لايساير قانون الاستقرار المالي الذي حمل بين سطوره معاني بعدم تسييل الأصول خوفا من انخفاض قيمتها السوقية يتبعه انهيار في الاسعار لاسيما أن الهدف الرئيسي من قانون الاستقرار المالي هو منع تسييل الأصول وبالتالي إعطاء الضمان للبنوك حتى لا يكون هناك أي سير بعكس هذا التوجه.مشيرا إلى التناقض الكبير الذي تقوم به الهيئة ودورها الرئيسي في المحفظة الوطنية حيث إن الهدف الرئيسي من تأسيس هذه المحفظة هو الشراء وليس البيع.
وتساءل بوخضور عن السر وراء هذه الخطوة وفيما اذا كانت الهيئة بحاجة إلى السيولة رغم امتلاك الحكومة لفوائض مالية تقدر بـ 116 مليار دولار لافتا إلى أن هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة والتوقف عنده.
أما فيما يخص استثمارات الهيئة في الاسواق الخارجية فقال بوخضور إن من يرى الكويت ومسارها التاريخي في الصناديق السيادية يدرك وجوب أن تكون قيمة الاستثمارات الخارجية لهيئة الاستثمار الكويتية حاليا ثلاثة اضعاف ما هي عليه الآن حيث إن الكويت كانت المبادرة والأولى بين دول المنطقة في طرح صناديقها السيادية في عام 1953، تبعتها الامارات العربية المتحدة بصناديقها المختلفة والتي احتلت المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات الخارجية لصناديقها السيادية في وقتنا الحالي والتي قامت بتأسيسها بعيد ثلاثة عقود على تأسيس هيئة الاستثمار الكويتية أي في ثمانينات القرن الماضي والأمر ذاته بالنسبة للصناديق السيادية الأخرى في الدول الخليجية كقطر وغيرها.مضيفا انه، بتقييم موضوعي للفرص الاستثمارية الضائعة والتي كانت متاحة أمام الهيئة وفرص تنمية هذه الاستثمارات في حال لو تمت، كان من المفروض أن تصل حجم استثماراتها إلى ثلاثة اضعاف ما هي عليه في الوقت الحالي. لافتا إلى ضرورة التوقف أيضا عند أسباب عدم قيام الهيئة بتنمية استثماراتها الخارجية وخصوصا بعد الأزمة المالية العالمية التي فتحت الباب واسعا أمام العديد من الفرص الاستثمارية الخارجية من ناحية انخفاض قيمة الأصول وحاجة العديد من الدول إلى السيولة المتوافرة لدى الحكومة ولدى الهيئة.
واختتم بوخضور حديثه قائلا ان هيئة الاستثمار الكويتية تزخر بالكفاءات والكوادر الفريدة من نوعها على مستوى العالم والصناديق السيادية إلا أن حالة الخوف والرعب التي ولدها عدم استقرار الوزراء وكثرة الاستجوابات ساهمت بصورة كبيرة في تقليص دور الهيئة وبصورة كبيرة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )