استأنفت قمة مجموعة الثماني اجتماعاتها لليوم الثالث والأخير امس بمدينة لاكويلا الايطالية حيث تتركز مباحثاتها الختامية على قضايا التنمية في القارة الأفريقية والأمن الغذائي العالمي.
وبدأت اجتماعات اليوم الختامي على افطار عمل حضره جميع الزعماء ورؤساء المنظمات المشاركة ببحث آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على القارة الأفريقية وكيفية تخفيف هذه الآثار السلبية ودفع عجلة التنمية في القارة لمساعدتها للخروج من مشكلاتها المستعصية.
وتخصص القمة أعمال اجتماعها الثاني الموسع والأخير اليوم على قضايا الأمن الغذائي العالمي والتقدم المحرز نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة الانمائية للألفية بهذا الخصوص حيث ينتظر أن يصدر الاجتماع بيانا مشتركا يتضمن اطلاق مبادرة جديدة لدعم الزراعة وجهود مكافحة الجوع والفقر في العالم.
وتعهدت الدول الكبرى بتقديم 20 مليار دولار لدعم القطاع الزراعي في الدول الإفريقية الأشد فقرا خلال السنوات الثلاث المقبلة.
كما وافقت على المساهمة في هذه الميزانية التي ستقدم أغلبها الولايات المتحدة واليابان الدول الخمس النامية الكبرى وهي جنوب أفريقيا والمكسيك والهند والصين والبرازيل.
وقال خبراء إن هذه الحزمة الجديدة من المساعدات تشير إلى تحول الدول الغنية من تقديم المساعدات العاجلة لمواجهة الأزمات في الدول الأشد فقرا إلى تمويل مشروعات تنموية طويلة المدى.
وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الذي يدعم المبادرة: «علينا أن نظهر للعالم أننا سنتخذ الإجراءات اللازمة لتجنب القحط والمجاعات».
وبحسب مصادر حكومية ألمانية، ستتناول مشاورات زعماء الثماني الكبار مشكلة المياه في أفريقيا حيث يعاني أكثر من 800 مليون شخص من انعدام مصادر مياه الشرب النظيفة كما يعيش هناك 8ر2 مليار شخص دون مصدر ثابت للمياه.وتحذر وكالات الإغاثة من أن الأزمة الاقتصادية العالمية دفعت بمائة مليون نسمة يعيشون في الدول النامية مرة أخرى إلى ما تحت خط الفقر، كما صعدت من مخاطر حدوث مجاعات وثورات جوع في أنحاء العالم.
وكانت الدول الغنية استجابت لمثل هذه الأزمات في الماضي بإرسال شحنات غذائية تقدر بمليارات الدولارات من فائض احتياجاتها القومية لتوفير المواد الغذائية للجوعى.
وتعهد قادة مجموعة الثماني خلال قمتهم التي عقدت عام 2005 في جلينيجلز باسكوتلندا بتوفير مساعدات للقارة السمراء بقيمة 22 مليار دولار حتى عام 2010، غير أنها لم توفر سوى ثلث تلك القمية حتى الآن.
وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان قادة مجموعة الثماني اجمعوا على ان الانتعاش الاقتصادي الكامل لايزال بعيدا وانه من المبكر جدا البدء في تقليص اجراءات التحفيز.
وقال اوباما «فيما تتحسن اسواقنا، ويظهر اننا تجنبنا انهيارا عالميا، نحن نعلم ان العديد من الناس مازالوا يعانون».
واضاف «ولذلك اتفقنا على ان الانتعاش الكامل لايزال بعيدا، وانه سيكون من المبكر البدء في تقليص خطط التحفيز وان علينا ان نواصل دعمنا لهذه الخطط لارساء اسس لانتعاش قوي ودائم».
ووصف الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يحضر اول قمة لمجموعة الثماني، ذلك بانه «توافق تاريخي». وقد اتاح الالتزام الاميركي اقناع اليابان وكندا وروسيا التي لم تلتزم ابدا في الماضي بمثل هذا الهدف.
وترأس اوباما في موازاة ذلك منتدى ابرز الاقتصادات حول المناخ والطاقة (16 دولة بينها مجموعة الثماني وكبرى الدول الناشئة اي التي تمثل 80% من الانبعاثات العالمية) وقد ايد المنتدى ايضا مستوى الدرجتين.
ورحب رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو بذلك قائلا ان «هذا الهدف اصبح محفورا في الرخام»، وكانت دول الاتحاد الاوروبي وحوالى مائة دولة وافقت على ذلك.
لكن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي رحب ايضا بالالتزام بمستوى الدرجتين قال ان «نتائج قمة مجموعة الثماني غير كافية».
وقال «يجب ان يكون لدينا هدف على المدى المتوسط يؤكد اننا على الطريق الصحيح لبلوغ اهداف العام 2050» مضيفا «كان لدى قادة مجموعة الثماني فرصة فريدة قد لا تتكرر».
واعتبر المسؤول البرازيلي عن مفاوضات المناخ لويس البرتو فيغيريدو ماتشادو أن عدم تحديد التزامات للمستقبل القريب خيب آمال الدول الناشئة مثل البرازيل قائلا «لا يمكننا القبول بهذا الهدف للعام 2050 دون التزام متين على المدى المتوسط»، واعتبر ان القضية هي «مسألة مصداقية» الدول الغنية.
ذلك هو السبب الذي كان وراء عدول الدول الناشئة مثل الصين التي اصبحت اول ملوث عالمي من حيث انبعاثات ثاني اكسيد الكربون، عن المصادقة على هدف خفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول العام 2050.
لكن باراك اوباما اعتبر ان الدول النامية الكبرى عليها ايضا ان تشارك في الاتفاق المقبل حول المناخ، واضاف «لان التوقعات تعتبر ان الدول الناشئة ستكون مسؤولة عن القسم الاكبر من الانبعاثات في المستقبل، فان مشاركتها الكثيفة هي شرط مسبق للحل».
واعلن ايضا ان وزراء مجموعة الثماني سيقدمون اقتراحات حول تمويل مكافحة الاحتباس الحراري خلال قمة مجموعة الثماني المرتقبة في سبتمبر في الولايات المتحدة.
وقال «يجب ان نساعد الدول الاكثر تضررا على التكيف وخصوصا الدول التي لا تستطيع القيام بذلك بسبب نقص الموارد»، كما «نسعى الى تقديم مساعدة مالية كبرى لها» معوضا بذلك عدم صدور بيان عن مجموعة الثماني حول هذه النقطة الحساسة للدول النامية.
وقال الدن ماير مدير «اتحاد العلماء المعنيين» وهي منظمة غير حكومية اميركية، ان «عدم التوصل الى هدف بالارقام في اعلان منتدى الاقتصاديات الكبرى يثبت ان الدول النامية لا تثق بالدول الصناعية».واضاف ان «قمة مجموعة العشرين هي الاخيرة قبل قمة كوبنهاغن. واذا اتاح هذا الاجتماع احراز تقدم جدي حول مسالة التمويل فذلك يمكن ان يغير المعطيات».
من جهته يراهن بان كي مون الذي «يرفض احتمال الفشل في كوبنهاغن»، على قمة المناخ التي ينظمها في سبتمبر في نيويورك على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة لانتزاع التزامات جديدة من الدول الصناعية.
وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إن العالم يجب ألا يبدأ في سياسات الخروج من اجراءات التحفيز الاقتصادي إلا بعد المضي قدما بالفعل على طريق الانتعاش الاقتصادي.
وقالت في مؤتمر صحافي في قمة مجموعة الثماني في ايطاليا «بلوغ ذروة التراجع ليس الوقت المناسب للخروج من سياسات التحفيز. نحتاج لاختيار وقت نكون قد قطعنا فيه شوطا على طريق الانتعاش»، وأضافت انها تعتقد ان اقتراحا صينيا لبحث عملة احتياطية عالمية جديدة «ليس ذا صلة عملية» في الوقت الراهن.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )