هشام أبو شادي - منى الدغيمي
أكد رئيس مجلس الإدارة لشركة مينا العقارية د.فؤاد العمر أن الكويت تفتقر إلى الوضوح السياسي والتنموي ولا تملك خطة تنمية واضحة، رغم أن خطة التنمية تعد من الأسس الرئيسية لتطوير أي سوق مالي.
وكشف العمر في حوار شامل مع «الأنباء» من منطلق قراءته للوضع الاقتصادي المحلي ومدى مساهمة قانون الاستقرار المالي في حل الأزمة المالية التي تمر بها الشركات الكويتية أن القانون هدفه المساعدة في تشجيع البنوك على تسهيل عملية الائتمان وهو يمثل خطوة من خطوات حل الأزمة ولكنه لا يعتبر حلا للأزمة. واعتبر أن قانون الاستقرار متوازن لكنه في حاجة إلى إضافة بعض «الرتوش» الخفيفة التي يختلف فيها البعض، مشيرا إلى انه حتى وان لم تستفد منه الشركات فهو يعتبر جيدا.
وأكد انه في غياب الاستقرار السياسي إقصاء لأي حركة تنموية، مشيرا إلى أن الكويت تعاني من عيب كبير وهو ما أطلق عليه بـ «ترهل» الجهاز التنفيذي وعدم قدرته على التفعيل، وعزا ذلك إلى أن القائمين على هذا الجهاز لا يملكون لا الخبرة ولا التخصص.
وطالب العمر بوجود قوانين تشجع وتدعم عملية التخصيص في الكثير من القطاعات، مشيرا إلى انه توجد عدة قطاعات تمثل عبئا على الدولة.
وعن قراءته للواقع السياسي الحالي وتأثيره على الحركة الاقتصادية، رأى العمر أن السلطتين ليستا قادرتين على تحقيق الأمن الاقتصادي في ظل التجاذب المتواصل، معتبرا أنهما مازالتا في مرحلة الرمال المتحركة وستستمران على نفس الوتيرة السابقة.
ولفت إلى أن الأزمة المالية العالمية لم تنبع من منطقة الخليج بل مصدرها كان خللا نابعا من النظام المالي العالمي سبب اهتزازا في الثقة في النظام العالمي وعدم قدرته على الإيفاء بالتزاماته إزاء المؤسسات العالمية المالية.
ورأى أن الأزمة أتت من الخارج مولدة آثارا «مقيمة» في دول الخليج مثل المرض، مشيرا إلى أن كل دولة ارتأت علاجا خاصا لهذه الأزمة. وبين انه رغم أن الأزمة واحدة لكن العلاج كان مختلفا، لافتا إلى أن هناك دولا استطاعت أن تعالج اقتصادها وتسترجع الثقة من جديد وهناك دول عجزت عن ذلك.
وعن مدى تأثير الأزمة على دولة الكويت رأى العمر أن الأزمة أثرت على الكويت كباقي الدول حيث يبقى حجم التطوير العقاري في الكويت ضعيفا مقارنة بدول أخرى خليجية، مشيرا إلى أن الكويت لا تملك مشاريع للتطوير العقاري لكي تتأثر فالتأثر الذي لحق بالشركات العقارية نابع من خارج الكويت.
ورأى العمر أن الالتزام بشروط الحوكمة وتطبيق إجراءات الحكم الصالح من أساسيات تطوير أداء الشركات والتحصين ضد الأزمات المفاجئة، معتبرا أن حوكمة الشركات الجيدة تساعد على جذب الاستثمارات سواء الأجنبية أو المحلية، وتساعد في الحد من هروب رؤوس الأموال، ومكافحة الفساد الذي يدرك كل منا مدى ما يمثله من إعاقة للنمو الاقتصادي.
وبخصوص «مينا العقارية» ومدى تأثرها بالأزمة، أوضح أنها لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية وعزا ذلك لإستراتيجيتها الاستثمارية المتنوعة جغرافيا، وحضورها الواسع في دول مجلس التعاون الخليجي ودول شمال افريقيا والمغرب، مشيرا إلى أن معدل الطلب على عقاراتها التي تسوقها في أسواقها يشهد استقرارا ملحوظا فضلا عن تمتع استثماراتنا بمواقع إستراتيجية جذابة وبالتالي فان الشركة حتى الآن لم تتأثر بالتداعيات السلبية للأزمة المالية لأنها تعتمد على مشاريع طويلة الأمد.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
بعد مرور 9 أشهر على الأزمة المالية العالمية كيف تقيمون تداعياتها على الاقتصادات الخليجية بشكل عام والكويت بشكل خاص في الفترتين الحالية والمستقبلية؟
الأزمة لم تنبع من المنطقة بل مصدرها خلل نابع من النظام المالي العالمي وسبب الخلل هو انه حدث اهتزاز في الثقة في النظام العالمي وقدرته على الإيفاء بالتزاماته إزاء المؤسسات العالمية المالية وهذا أدى إلى نوع من التأثر المتولد مما أدى إلى شح في الائتمان وانخفاض قيمة الأصول نتيجة اهتزاز ثقة المستثمرين في الأسواق المالية سواء كانت أسواق رأس المال أو أسواق السندات وغيرها وهذا قد ولد مشاكل أخرى على مستوى الشركات أصبحت غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها بسبب ضعف الائتمان وبالتالي أصبحت هناك خسارة محققة بسبب انخفاض قيمة الأصول وعدم قدرتها على تسويقها.
أما على مستوى دول الخليج فهي تختلف باختلاف المناطق فإذا ارتأينا المقارنة بين المملكة العربية السعودية والإمارات فسنجد أن تأثير الأزمة مختلف، فمثلا في السعودية الأزمة أثرت على سوق الأوراق المالية بسبب اهتزاز ثقة المستثمرين فيها لكنها لم تؤثر على الطلب على الأصول العقارية بل زادت الأصول العقارية في مناطق معينة. أما في المقابل في دولة الإمارات فقل الطلب على العقارات رغم وفرة العرض، ما أدى إلى تداعيات سلبية للأزمة على الإمارات وبالتالي أصبح هناك العرض أكثر من الطلب مما أدى إلى تحول الاستثمار في القطاع العقاري إلى استثمارات خارج نطاق الإمارات سواء في أبوظبي او دبي أو في قطاعات أخرى غير العقار وبدأت الدول الخليجية تستثمر خارج دولها هربا من انخفاض قيم الاستثمارات، فالأزمة أتت من الخارج وولدت لنا آثارا «مقيمة» مثل المرض، وهنا أشير الى أن كل دولة لها علاجها الخاص لهذه الأزمة فالعلاج لا ينطبق على كل الدول رغم ان الأزمة واحدة لكن العلاج مختلف فهناك دول استطاعت ان تعالج اقتصادها وتسترجع الثقة من جديد وهناك دول عجزت عن ذلك.
وقع الأزمة على الكويت
بالنسبة إلى الكويت ما مدى وقع الأزمة عليها؟
الكويت أثرت عليها الأزمة كباقي الدول حيث يبقى حجم التطوير العقاري في الكويت ضعيفا مقارنة بدول أخرى خليجية، مثالا في البحرين التطوير العقاري أكثر من الكويت في حجم الوحدات التي تشيد لفائدة القطاع الخاص، أشير الى أن الكويت لا تملك مشاريع للتطوير العقاري لكي تتأثر فالتأثر بالنسبة للشركات العقارية نابع من خارج الكويت ليس من داخلها هنا اعني الاستثمارات الخارجية فهذا جانب من جوانب التأثر من الأزمة، أما الجانب الثاني سوق الأسهم فقد تأثر من جراء تعثر الشركات الاستثمارية نتيجة للعديد من العوامل إضافة إلى شح الائتمان حتى الشركات التي حاولت إعادة ترتيب أوراقها فإنها وجدت صعوبة في تحصيل التمويل اللازم، والجانب الثالث يتمثل في عدم الوضوح السياسي والتنموي بما أن الكويت لا تملك خطة تنمية واضحة وأنا اعتبر أن خطة التنمية تمثل من الأسس الرئيسية لتطوير أي سوق مالي وانا اعتقد أن هذه الجوانب أو العوامل الثلاثة الأساسية في تفسير تأثير الأزمة على الكويت.
كيف تقرأون الوضع الاقتصادي في الكويت بعد إصدار قانون الاستقرار المالي بمرسوم أميري؟ وهل القانون ساهم في حل الأزمة المالية التي تمر بها الشركات الكويتية؟
قانون الاستقرار المالي هدفه المساعدة في تشجيع البنوك على تسهيل عملية الائتمان دون تأثير كبير على المال العام ودون مساهمة من الدولة أو المال العام في دعم الشركات أو دعم الائتمان والقانون هو خطوة من خطوات حل الأزمة ولا يعتبر حلا للأزمة.
لكن الشركات تروج أن قانون الاستقرار المالي قد خدم البنوك وأهمل مصلحة الشركات، ما ردكم على ذلك؟
القانون يحاول أن يوجه الائتمان إلى قطاعات معينة وشركات دون أخرى تمتلك أصولا والقانون في عملية انتقائه للشركات فيها حماية لاستنزاف المال العام وهذه تعتبر الفلسفة العامة للقانون وأي شركة تكون مؤهلة للدخول تحت مظلة القانون يجب أن تكون مستوفية لكل شروطه. وأنا أرى أن تقييد حرية مجلس الإدارة يحمل ايجابيات ربما كانت خفية لكنها تهدف الى حث الإدارة على اتخاذ القرارات المناسبة وتجريمهم إذا اتخذوا قرارات خاطئة، فالقانون اعتبره شخصيا متوازنا مع إضافة بعض «الرتوش» الخفيفة التي يختلف فيها البعض.
عزوف الشركات
بماذا تفسر عزوف الكثير من الشركات عن الدخول تحت مظلة القانون؟
آخر شيء أفكر فيه هو القيود حيث ان الشركة التي تلجأ إلى القانون يكون هو الملاذ الأخير لها في النهاية وحتى وان لم تستفد الشركات من القانون فهو يعتبر جيدا.
كيف ترون تأجيل مجلس الأمة إقرار قانون الاستقرار المالي إلى الدورة المقبلة وتأثير ذلك على مشاريع التنمية؟
3 أمور أساسية تهم المستثمر بالدرجة الأولى كما سبق ان أشرت أولا توفر الائتمان والجانب الثاني موضوع الأصول، والقانون يوفر هذا الجانب ويمنح الشركات أو البنوك قدرة على توفير الائتمان للشركات لتحل مشاكلها والجانب الثالث الذي يخدمه القانون موضوع مدى سلامة البنوك الكويتية، والقانون يمنح هذا الجزء بمنح حماية للبنوك بنسبة 50% فبالنسبة لي أي مستثمر خارجي يفكر في كل هذه الجوانب.
والجانب الرابع الذي اعتقد انه مهم هو خطة التنمية وتوفر موارد مالية حيث انه ان لم توجد موارد مالية تكون الدولة مستنزفة وليست لها قدرة على اتخاذ القرار أو سن تشريعات جديدة أو إجراءات تساعد على تنمية الاقتصاد خاصة في ظل عدم استقرار سعر البترول والتنمية مرتبطة بالاستقرار السياسي وإن لم يكن هناك استقرار سياسي فلا وجود لتنمية.
الكل كان متوقعا انه في ظل تشكيل مجلس الأمة الجديد سيعود الاستقرار من جديد إلى البلد، كيف تقيم الوضع الحالي من منطلق موقعك كرجل اقتصاد وبماذا تنصح السلطتين؟
اعتقد أن الوضع الحالي الذي نعيشه هو ناتج عن عدة جوانب أول جانب عدم فهم المشاكل وحدتها التي يعيشها المجتمع وأنا لا أتكلم فقط عن الكويت، والجانب الثاني يتمثل في عدم وجود رؤية متفق عليها للخمس سنوات المقبلة، وأشير هنا إلى انه إذا كانت مثل هذه الرؤية موجودة والمجلس يعمل عليها ويوافق عليها باتفاق مع الحكومة فسيكون هذا عاملا من العوامل التي تساعد على تفادي الخلاف السياسي.أما الجانب الثالث فهو مدى قدرة الجهاز التنفيذي على تطبيق الإجراءات التي تم الاتفاق عليها فهذا أيضا أمر مطلوب وأنا شخصيا لست متأكدا هل عندنا رؤية واضحة وخطة متفق عليها على مدى خمس سنوات، ولست متأكدا أيضا من أن الجهاز التنفيذي قادر فعلا على التنفيذ وهذه اعتبرها ضرورية قدرة الجهاز على التنفيذ يرجع إلى القدرة المؤسسية بل بالعكس هذه القدرة تتلاشى وتضمحل بسبب الكثير من الأشياء. ومن هنا ألفت نظركم إلى مسألة هامة وهي أنه حين تسعى القيادة العليا للدولة إلى جعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا فهذا المركز المالي يستوجب عدة أشياء منها توفير التشريعات اللازمة باعتبارها تشجع على بلوغها هذا الهدف، ثانيا الإجراءات وعملية تبسيطها وقدرة الجهاز على تنفيذها ونحن في الكويت نعاني عيبا كبيرا وهو ترهل الجهاز التنفيذي وعدم قدرته على التفعيل وهذا يرجع بالأساس الى أن الناس القائمين على هذا الجهاز لا يملكون لا الخبرة ولا التخصص وهذا يستوجب وقتا.
وأنا اقترح أن نجعل من الكويت مركزا تسويقيا كما كانت في السابق بين العراق وإيران أكبر كتلتين والكويت أقدر من دبي في هذا المجال لكن للاسف هناك عدة تحديات تحتاج إلى التغيير وأنا بدوري اشك في أن الجهاز الحكومي قادر على التغيير الفعلي والسريع وأعتقد أن التغيير يكون من خارج الجهاز الحكومي.
البيئة الاستثمارية
كيف تقيمون البيئة الاستثمارية في الكويت قياسا بالخليج وانطلاقا من تجربتكم الشخصية في دول التعاون الخليجي؟
أرى أن البيئة الاستثمارية في الكويت تعتبر بيئة غير مناسبة ومنفرة حيث ان أي مستثمر يريد أن يقيم مشروعا في الكويت فإن الإجراءات التي يقوم بها تتطلب وقتا طويلا فمجرد فتح شركة يتطلب 5 أشهر فالمعاناة شديدة يتكبدها أي مستثمر في مباشرته لأي مشروع خاص، في حين أننا نلحظ انه في الدول الخليجية الأخرى هناك تسهيلات كبيرة تشجع على الاستثمار وانجاز المشاريع أما في الكويت فللأسف هناك الكثير من التعقيدات لا تقتصر فقط على البيئة التشريعية.
في الوقت الذي شهدت فيه الكويت وفرة مالية في السنوات الماضية لم تقم بتنفيذ مشاريع تنموية ورغم الأزمة التي دفعت العديد من الدول الخليجية الى زيادة الإنفاق الحكومي إلا أن الكويت قامت بخفض ميزانية الأموال المخصصة للمشاريع، كيف تفسرون هذا التناقض؟
احد الحلول للأزمة المالية التي لجأت إليها الدول الخليجية أنها أعلنت عن خطة خماسية للتنمية وبالتالي يكون أمام القطاع الخاص صورة واضحة عن حجم الأعمال واتجاهاتها ونأخذ مثال السعودية التي أعلنت عن خطة من خمس سنوات شاملة اتجاهات الاستثمار وعن حجم الأموال التي سوف تضخها في السنوات الخمس و100 مليار دولار وهذا ساعد في البداية على انتعاش السوق وعالجت بعض النواقص التي كانت في السوق لاسيما على مستوى التشريعات التي تنظم السوق العقاري فخلال سنة أو سنتين أصدرت تشريعات جيدة ومفيدة للتشجيع على الاستثمار العقاري.
أما بالنسبة للكويت فنحن نلحظ ان هناك ترهلا في الجهاز التنفيذي على تنفيذ المشاريع ناهيك عن الرؤية فهي غير موجودة وبالنسبة لي عندي خياران، المشاريع الاستثمارية يمكن أن تكون مشاريع خدمات مثل البنية التحتية، الطرق والمجاري، وهذه تساعد على رفع المستوى المعيشي، ليس فقط هذه مشاريع تنمية بل يجب أن تركز الدولة على قطاعات أخرى مثل قطاع البتروكيماويات والصناعات التحويلية وكذلك التركيز على السياحة والعمل على تحقيق مشروع المركز المالي كبناء مدينة اقتصادية حديثة وهذا يجعل الكثير من المستثمرين يأتون إلى الكويت وبالتالي يحل الكثير من المشاكل في الكويت من ناحية تطوير الموارد البشرية وخلق موارد جديدة للقطاع الخاص وعدم الاعتماد على النفط أما المشاريع العادية التي ليست لها فوائد فليست كافية.
عمليات التخصيص
هل ترى أنه من المفروض وجود قوانين تشجع وتدعم عملية التخصيص في الكثير من القطاعات؟
نعم أنا أشجع وجود قوانين تشجع وتدعم عملية التخصيص في الكثير من القطاعات وآمل ذلك لأن هناك عدة قطاعات تمثل عبئا على الدولة وهي في حقيقة الأمر إذا خصخصت ستكون مصدرا للربح.
هل ترى أن السلطتين حاليا لديهما القدرة على أن يغيرا من الواقع الاقتصادي الحالي؟
في الحقيقة الظاهر للعيان لا يعكس ذلك وأنا شخصيا لا اعتقد أن السلطتين قادرتان على التغيير في ظل هذا التجاذب وأنا أرى أنهما مازالا في مرحلة الرمال المتحركة، أنا لا اعتقد أن مجلس الأمة قادر على تغيير الوضع الاقتصادي والرقي به إلى الأفضل ولا السلطة التنفيذية قادرة على ذلك وأرى أنهما سيستمران على نفس الوتيرة السابقة.
ما تقييمكم للسياسة المالية والنقدية للكويت وبماذا تطالبون في الفترة المقبلة؟
بالنسبة للسياسة النقدية في الكويت، أرى أن البنك المركزي قام بدوره في العموم ولا خلاف في ذلك حيث ان دوره كان جيدا في الفترة السابقة في السياسة المالية ونحن بدورنا نعول ونأمل من «المركزي» بأن يطور من أدواته المالية أكثر ويساعد المؤسسات المالية أن تطور من أدواتها ولاسيما السندات والصكوك والعمل على وجود سياسة نقدية مناسبة بالنسبة للمؤسسات وبالتالي البنك المركزي سيكون له دور نشط في هذا المجال.
وأنا أرى أن السياسات المالية أكثرها مرتبطة بميزانيات وأقول في هذا الخصوص انه يوجد داء في ميزانيات الكويت من فترة طويلة ألا وهو الباب الأول وهو الخاص بالرواتب وهو الطاغي على الميزانية والباب الخامس المتعلق بالمشاريع الاستثمارية وهو عبارة عن طموحات لكن على المستوى الواقع لا ينفذ منه إلا 50%، وأشير هنا إلى أنه كأنك تصرف بالكامل في الباب الأول لكن في الخامس أقل بكثير وهو ما يستوجب الإنفاق، وأشير في هذا السياق إلى الخلل الموجود في الميزانية المقترحة حيث ان هناك خللا موجودا في التنفيذ اكبر واشد وهو انه حتى المبالغ المرصودة في الباب الخامس الخاص بالتنمية لا تصرف وبالتالي تأثيرها التنموي غير موجود.
ما أسباب ذلك؟
أنا اعتقد أن هناك خللا في الإجراءات والروتين والسياسة البيروقراطية فالمشروع المفترض تنجز إجراءاته خلال سنتين ويستوفي إجراءاته خلال 6 سنوات فالإجراءات الموجودة حاليا تستوجب إعادة النظر لأنها تنتج أكثر من إشكال على المدى البعيد.
التعافي حقيقي أم وهمي
هناك من يرى أن في صعود السوق الكويتي في الفترة الماضية مؤشرا على التعافي والخروج من الأزمة وهو يعبر عن مؤشر حقيقي لتطور الشركات أو يمكن أن نصفه انه مجرد نشاط هش نفسيا؟ كيف ترون ذلك؟
سوق الكويت للأوراق المالية فيه عدة شرائح مثل الصناديق والمضاربين. من وجهة نظري ان السوق على المدى الطويل يجب أن يتحسن لكن هذا سيحصل بين جذب وشد. وأرى أن السبب وراء ذلك أن هناك أناسا ترغب في الدخول السريع والخروج السريع فلذلك نلحظ أن السوق كالبحر يشهد عملية المد والجزر.
ما تقييمكم لوضع سوق العقار في الكويت في الفترة الراهنة وهل الشركات العقارية قادرة على الوفاء بالتزاماتها؟
من وجهة نظري الشخصية ولغياب المعلومات والإحصائيات لا يمكن تقييمه بصفة دقيقة حيث في عملية التقييم يجب ان ننطلق أولا من تصنيفه إلى 3 أنواع، أولا: التجاري وهو عبارة عن مجمعات وهذه الأخيرة مرتبطة بالدورة الاقتصادية فإذا كانت الدورة الاقتصادية في انحسار أو انحدار فإن هذا النوع من العقار سيتأثر بالضرورة وبصفة مباشرة وأكيد أن تأثيره سيظهر جليا في ظل انخفاض وتيرة إنشاء الشركات فسيقل الطلب على المكاتب وبالتالي انخفاض الأسعار وأنا اعتقد أن هناك تصحيحا فعليا لأسعار المساحات التجارية، لاسيما المكاتب منها.
أما على مستوى النوع الثاني فهو المتعلق بالسكن وهذا مرتبط أكثر شيء برقعة محدودة من الأراضي وهذه الأخيرة كلما تبنى ارض خرجت من دائرة التداول. واعتقد أن الأسعار في السكن انخفضت نسبيا والذي جعل الناس تبيع هو عدم وجود القدرة على التمويل لكن إذا انطلقنا من قاعدة العرض والطلب فالطلب سيزيد على المنشآت السكنية لذلك لحظنا لما صدر حكم «التمييز» بإمكانية تمويل البنوك الإسلامية المجمعات السكانية ارتفع السعر.
ومن هذا المنطلق نفسر ارتفاع الأسعار بمدى توافر التمويل وإن كان هذا النوع من العقار (السكني) مرشح لأن يستقر لا أن ينخفض. أما بالنسبة للعمارات السكانية فهي مقسمة إلى أقسام حيث ان ما تسمى بالعمارات الفاخرة وأول من سيتأثر هو هذا السوق الفاخر وهذا طبيعي والسبب هو أن أي إنسان يسكن في السكن الفاخر سواء كان كويتيا أو غير كويتي يشعر بأن هناك أزمة يحاول أو يلجأ إلى تقليل المصاريف وآخر ما يتأثر السكن العادي بين 150 دينارا و200 دينار تأثيره سيكون بسيطا جدا في حدود 5% انخفاض لأن السبب في ذلك ان الموجودين في السكن العادي لن ينتقلوا إلى سكن آخر أما الفاخر والمتوسط فستطرأ عليهما تغييرات.
كانت هناك مخاوف من حصول أزمة عقارية في الكويت في ظل وجود حجم من المديونية على شركات العقار تقدر بحوالي 6 مليارات دينار وصعوبة تواجه هذه الشركات في السداد؟
شخصيا اعتقد أن المديونية في حدود 6 مليارات دينار كما ذكرتم وإن الشركات التي عليها مديونية عقارية 40% منها داخل الكويت فيما ان 60% منها خارج الكويت وإذا افترضنا أن هذه المديونية داخل الكويت فإن كانت الشركة شارية على التكلفة لا اعتقد انها ستواجه مشاكل ولن يكون لها تأثير كبير باعتبار أن أصولها أكثرها أدخلوها على أساس تكلفة معينة.
لشركة مينا العقارية العديد من المشاريع العقارية في العديد من الدول الخليجية والعربية هل لكم أن تتحدثوا عن حجم هذه المشاريع وطبيعتها وما الدول التي ترون أنها جاذبة للاستثمار العقاري؟
بالنسبة لمينا العقارية الأزمة كان لها تأثير بسيط جدا عليها والسبب أن العديد من مشاريعها تدخل في إطار دورة اقتصادية متكاملة حيث ان الشركة لديها عدد من المشاريع ستنتهي بعد سنة أو سنتين وستكون بذلك الأزمة قد خفت تداعياتها ومرت. ولدينا مشاريع ستنتهي خلال 6 أشهر وسنباشر في عملية البيع دون أي مشكلة وهذا سبب من الأسباب المفسرة لعدم تأثر الشركة. والجانب الثاني المفسر لعدم تأثر شركتنا أنها ليست لديها التزامات مالية في الحد الأدنى ومديونياتها بسيطة ولا تمثل إلا 15% من رأسمالها والسبب الآخر ان الشركة لم تدخل في أصول سواء كانت أسهما او عقارا تعتبر قد تأثرت من السوق فالحمد الله لا نملك مثل هذه الأصول، فأصولنا عبارة عن أصول مأخوذة عن التكلفة ومازالت التكلفة اقل بكثير من السعر السوقي والشركة لم تستخدم ما يطلق عليه إعادة التقييم وليس لدينا أرباح ناتجة عن إعادة التقييم. لذلك هذه السنة تعتبر شركتنا من الشركات القليلة التي أعلنت أرباحا حيث أنهت ميزانيتها في 30 مارس 2009 وميزانيتنا مرت في فترة الأزمة ومع ذلك لم نحقق خسائر ووزعنا أرباحا على المستثمرين في حدود 10%. وليس لدينا إشكال.
يعني ان مينا العقارية لديها مشاريع مستقبلية في ظل الأرباح والسيولة التي تتمتع بها؟
طبعا لدينا مشاريع منها مشروع سنتخارج منه بعد شهر ولن اذكر لكما أين.
إذن الأرباح المتوقعة منه في حدود كم؟
لا أستطيع أن أطلعكم على التفاصيل فقط أعلمكم ان المشروع خارج الكويت في دولة من الدول الخليجية ونحن نتوقع ربحا جيدا منه وأنا أشير الى ان الجانب الآخر الذي يفسر عدم تأثر الشركة هو موضوع توزيع الأصول وحسن اختيارها.
حجم الأصول
على ذكر الأصول هل يحضر في ذهنكم كم حجم الأصول العقارية بالنسبة للشركة؟
في الشركة إذا أخذنا الجانب التمويلي يمكن ان نصل إلى فوق 200 مليون دينار. وأفضل الدول للاستثمار العقاري المملكة العربية السعودية، والشركة منذ فترة تركز مشاريعها على المملكة ولدينا عدة مشاريع داخل المملكة وكلها، الحمد الله، مشاريع جيدة. كذلك بحوزتنا مشاريع في عمان ونحن نركز على قطاعات معينة وليس كل القطاعات، والحمد الله، أداؤنا فيها جيد ونركز كذلك على دولة البحرين وقطر.
أليس لديكم توجه إلى الدول العربية الأخرى غير الخليجية؟
طبعا لدينا هذا التوجه ونعمل على تطويره لاسيما مشاريع في سورية بالتعاون مع شركة إسلامية تابعة لمجموعتنا ومشاريع أخرى في دول المغرب العربي لاسيما في ليبيا وبالنسبة لتونس هناك دراسة نحن بصدد النظر فيها مع بيت التمويل الخليجي وعندنا مشروع حاليا في الجزائر في طور الإعلان عنه وهو عبارة عن مشروع عقاري سكني وتجاري، وإن شاء الله إذا انتهينا من التفاوض مع الدولة بخصوص الأرض فسنعلن عن تفاصيله.
أما بالنسبة لمصر فلدينا عدة أفكار نسعى إلى تحقيقها حيث اننا وصلنا الى طور تملك الأرض لكن لم ننته لندخل في عملية الانجاز نظرا لبعض الإجراءات الروتينية التي سنسعى الى استيفائها خاصة ان الاستثمار في مصر يعتبر مغريا. وأشير في هذا السياق الى ان ما شجعنا على الدخول إلى أكثر من دولة ان الطلب على العقار لم يتأثر داخلها لاسيما مصر والسعودية الهند وكذلك الجزائر وهذا يفسر المميزات التي تتمتع بها وأهمها الكثافة السكانية. وقد لاحظنا في المغرب لاسيما في تونس ان هناك انفتاحا أكثر على الاستثمار والتشجيع على جذب الاستثمار الخليجي الإسلامي وبداية فهم لطريقة عمل الشركات الإسلامية والعمل على استقطابها وخاصة في السنوات الأخيرة.
الأزمة والمؤسسات الإسلامية
على ذكر المؤسسات الإسلامية، كيف تقيمون انعكاسات الأزمة على الشركات التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية؟
بالنسبة لي لا أرى فرقا كبيرا في التأثير سواء بالنسبة للشركات الإسلامية أو غيرها فالشركات التي استطاعت أن تتجاوز الأزمة هذا يرجع إلى حسن إدارتها التنفيذية ووجود إجراءات الحكم الصالح يعني وجود إجراءات واضحة لكيفية إدارة الشركة ودور مجلس الإدارة والعلاقة مع المؤسسين والشركاء الأساسيين والشركات الزميلة وكيفية التعامل معها والتعاون وطريقة نقل الأصول بين الشركات وطريقة التقييم كل هذه الأمور شركات كثيرة تفتقدها وهي تعتبر ضرورية سواء بالنسبة للشركات الإسلامية أو التقليدية لكن الشركات الإسلامية التي أخذت مديونية عالية تأثرت.
ذكرتم في التقرير السنوي لشركة مينا العقارية انه سيتم تشكيل لجنة لإدارة الأصول وأخرى للمخاطر هل تم تشكيل اللجنتين وما الأهداف وراء ذلك؟
المجلس ناقش قبل الأزمة مبادئ الحكم الصالح تقريبا من سنة وثلاثة أشهر وإحدى المسائل المهمة التي ركز عليها مجلس إدارة الشركة هل لديه دور في وضع اليد على نشاط الشركة وهل يعرف كل المشاكل التي تمر بها الشركة وهل يعتمد على الإدارة التنفيذية اعتمادا كليا أم على رئيس مجلس الإدارة إذا كان متفرغا؟ فالمجلس قرر أن يخلق إدارة من شأنها أن تحد من أي مشاكل مستقبلية مثل إدارة الأصول والخصوم، وأرى أن تكون هناك إدارة تلحظ وتتوقع أي مخاطر بخصوص نشاط الشركة وتقيها من أي مخاطر تضر باستثماراتها وأوضح بهذا الخصوص أن إدارة المخاطر تعمل صمن لجنة تجتمع كل ربع سنة وتقدم تقريرا حول المخاطر ومدى حدتها وليست مخاطر كل مشروع وإنما مخاطر عامة مثلا مخاطر سمعة الشركة من أين تأتي هذه المخاطر كيف يمكن معالجتها وما الأسلوب الأنجع في عملية المعالجة. وهذه الإدارة للمخاطر موجودة وفاعلة في الشركة.
هل مثل هذه الإدارات متوافرة في كل الشركات؟
اعتقد أن كل شركة يجب أن تتوافر فيها إجراءات الحكم الصالح ويجب أن يكون لديها الفصل بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة وعلى مجلس الإدارة أن يفهم مسؤولياته وما الذي من الممكن أن يوافق عليه ولابد أن يكون هناك تعاون بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة وبقية الإدارات المتفرعة عنهما لهدف مصلحة الشركة. وأنا اعتقد أن كل الشركات المتعثرة تشكو من غياب إجراءات الحكم الصالح.
هذا الجواب يحيلنا إلى سؤال اخر وهو المتعلق بتطبيق شروط وآليات الحوكمة فهل باعتقادكم ومن منطلق تجربتكم في تطبيق إجراءات الحكم الصالح أن الشركات الخليجية والعربية تلتزم بهذه الشروط للحكومة الإدارية وما أهميتها في تطوير أداء الشركات خاصة في ظل الأزمة الراهنة؟
بالنسبة للحوكمة تعتبر مهمة وأساسية ولابد أن تكون معممة لا مقتصرة فقط على «المركزي»، حيث اصدر البنك المركزي بعض الإجراءات الخاصة بالحوكمة بالنسبة للبنوك لكن في المقابل الشركات الأخرى لا توجد إجراءات مفعلة بخصوص مبادئ تسييرها وفقا لأسس الحوكمة.
وأرى أن حوكمة الشركات الجيدة تساعد على جذب الاستثمارات سواء الأجنبية أو المحلية، وتساعد في الحد من هروب رؤوس الأموال ومكافحة الفساد الذي يدرك كل منا مدى ما يمثله من إعاقة للنمو الاقتصادي.
وأرى كذلك ان من إجراءات الحكم الصالح أن تكون هناك لجنة تدقيق وهذه اللجنة تكون من جهة مستقلة ومن أناس لديهم قدرة مالية وعندهم استقلالية في الرأي ويمكن في هذه الحالة أن يكون تدخلهم سليما في نقض أي رأي غير مسؤول تجاه الشركة.
وما نلحظه أن هناك فرقا بين إجراءات الحوكمة في الكويت وإجراءاتها في المملكة حيث اننا في المملكة نجدها أفضل بكثير لأنها حازمة في تطبيقها لشروطها وتعمل على تعميمها في كامل إداراتها الخاصة والحكومية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )