- 1.7 تريليون دولار إيرادات الحكومات الخليجية مجتمعة بين 2004 و2008 وقطاع النفط والغاز والبتروكيماويات شهد إلغاء ما قيمته 87 ملياراً
- 261 مشروعا بالخليج جرى إلغاؤها تشمل مشروع «نخيل هاربر آند تاور» وبرج جدة السعودي
قال تقرير بنك الكويت الوطني ان القطاع العام يستحوذ على أكثر من نصف قيمة المشاريع القائمة في دول الخليج والبالغة 2.1 تريليون دولار، وقد يكون ذلك من مصلحة قطاع المشاريع في ظل التدهور الاقتصادي، إذ من شأنه أن يحمي نشاطه من تزايد درجة العزوف عن المخاطر ومن صعوبة الحصول على التمويل التي تواجه القطاع الخاص.
وأوضح «الوطني» انه رغم ذلك، تركت الأزمة الاقتصادية بصمتها إذ جرى تعليق أو إلغاء ما نسبته 19% من إجمالي حجم المشاريع في الخليج، وهذه النسبة قد ترتفع بمرور الوقت إثر تزايد الصعوبات التي تواجه المستثمرين مع تردي البيئة الاقتصادية، وذلك سيكون مكلفا للاقتصاد في المدى القصير. لكن في الوقت نفسه، من شأنه أن يقوض الاستثمارات عديمة الجدوى وأن يخفض التكلفة، ما قد يفضي إلى تحقيق نمو أكثر استدامة وتوازنا في المدى الطويل.
وأشار «الوطني» إلى أن إجمالي حجم المشاريع في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ نهاية الربع الثاني من العام الحالي بلغ نحو 2.1 تريليون دولار، تركز معظمها في قطاع الإنشاء، واستحوذت الإمارات على الحصة الأكبر منها. أما الجزء الثاني من النشرة، فيتناول تأثر المشاريع بتدهور البيئة الاقتصادية في المنطقة.
المشاريع الجديدة
كما يتناول توزع هذه المشاريع بين القطاعين العام والخاص، وهو أمر متزايد الأهمية في ظل البيئة الحالية، لاسيما مع تزايد درجة العزوف عن المخاطر لدى شركات القطاع الخاص، وفي ظل صعوبة الحصول على تمويل. ومن هنا، يمكن القول انه كلما كانت حصة القطاع الخاص أكبر، تزايدت الشكوك حول إرجاء أو إلغاء المزيد من المشاريع.
من الجدير ذكره بداية أن قاعدة بيانات «ميد» لا تميز بين نشاطي القطاعين العام والخاص في تنفيذ المشاريع، كما أن فصل هذين النشاطين ليس دائما سهلا. ففي العديد من دول الخليج، تتداخل الملكيات الحكومية والخاصة في عدد من شركات «القطاع الخاص».
تصنيف المشاريع
ولتميزها، قام الوطني بتصنيف المشاريع وفقا لثلاث شرائح هي: المشاريع التابعة للقطاع الخاص، وتلك التابعة للحكومة، والمشاريع التي يتشارك فيها القطاعان العام والخاص. وقد اعتمد الوطني في تصنيفه على أحكامه الخاصة في هذا الخصوص. فالشريحة الثالثة مثلا، لا تتضمن المشاريع التي تقوم على شراكة معلنة بين القطاعين العام والخاص فحسب، بل أيضا تلك التابعة لشركات مدرجة تملك فيها الحكومة حصصا.
ويشمل هذا النوع من الشركات شركة إعمار للتطوير العقاري الإماراتية مثلا، والتي تملك فيها حكومة دبي حصة 32%، لكن شركات مثل نخيل، التابعة لشركة دبي العالمية التي يملك الحصة الأكبر فيها حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فإنها تصنف كشركة خاصة. بالطبع، لا يمكن القول ان هذه الأحكام والتصنيفات دقيقة تماما، لكنها توفر بالحد الأدنى دليلا مقبولا على ملكيات المشاريع. وبشكل عام، قد يكون من الأجدى اعتبار المشاريع التي تقوم على شراكة بين القطاعين العام والخاص مشاريع يقودها القطاع الخاص، أكثر منه القطاع العام.
ومن هذا المنطلق، أشار الوطني إلى أن حصة القطاع الخاص في إجمالي حجم المشاريع في جميع مراحل التنفيذ والتخطيط، تبلغ نحو 833 مليار دولار، أي ما نسبته 39%. كما يستحوذ القطاع العام على حصة متقاربة تبلغ 822 مليار دولار، بواقع 39% أيضا (هذه المشاريع لا تشمل تلك المعلقة حاليا).
ولاحظ «الوطني» أن حجم المشاريع التي يتشارك فيها القطاعان العام والخاص قد وصل إلى 479 مليار دولار، شكلت ما نسبته 22% من الإجمالي. ما يعني أن الحكومة تملك حصصا مباشرة في أكثر من 60% من المشاريع الرئيسية التي تطلق في المنطقة. ومما لا شك فيه أن قدرة الحكومات على إطلاق والمشاركة في هذا الحجم من المشاريع قد دعمها ارتفاع الإيرادات طوال السنوات الخمس الماضية بفضل ارتفاع أسعار النفط.
الإيرادات المجمعة
وأشار «الوطني» الى انه بين العامين 2004 و2008، بلغت إيرادات الحكومات الخليجية مجتمعة نحو 1.7 تريليون دولار، متجاوزة ضعف مستواها المسجل في السنوات الخمس السابقة. ويلاحظ كذلك أنه مع استثناء المشاريع المخطط لها، فإن مساهمة الحكومات في إجمالي حجم المشاريع قيد التنفيذ حاليا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص، إذ تصل إلى 40%.
لكن الوضع كان مختلفا في السابق، ما يشير إلى أن المشاريع التابعة للقطاع العام قد أثبتت صلابة أكبر في مواجهة الأزمة.
وبالنظر إلى مساهمة الحكومة في المشاريع وفقا لكل بلد على حدة، لحظ الوطني أن قيمة مشاريع القطاع الخاص في الإمارات، البالغة 486 مليار دولار، تفوق جميع مشاريع هذا القطاع في جميع دول الخليج الأخرى مجتمعة. وفي المقابل، تستحوذ المشاريع الحكومية على حصة متدنية نسبيا من إجمالي المشاريع قيد التنفيذ والمخطط لها في الإمارات، إذ تبلغ 28%، مقارنة مع ما متوسطه 39% خليجيا.
كذلك الحال، فإن حصة المشاريع الحكومية في عمان لا تتجاوز 33% من إجمالي قيمة المشاريع في السلطنة والبالغ 95 مليار دولار. ويعود ذلك في جزء منه إلى حث الحكومة العمانية القطاع الخاص على المشاركة في قطاع الطاقة. ومن جهة ثانية، يستحوذ القطاع العام على معظم المشاريع في كل من الكويت والبحرين وقطر.
ونظرا إلى أن متوسط (الموزون) مدة تنفيذ المشروع يتراوح بين 5 و6 سنوات، فذلك يشير إلى أن متوسط مساهمة المشاريع في نمو الناتج المحلي الإجمالي الخليجي على نحو مباشر يتراوح بين 10 و15% سنويا. وتبلغ حصة القطاع الخاص وحده في هذه المساهمة نحو 40%، بينما تتوزع النسبة المتبقية بين الحكومة والمشاريع القائمة على شراكة بين القطاعين العام والخاص.
التقديرات غير دقيقة
وأكد الوطني على أن هذه التقديرات غير دقيقة بالكامل، إذ أنها لا تأخذ بعين الاعتبار مثلا السلع والخدمات المستوردة من أجل تنفيذ هذا المشاريع، ما قد يقلص من مساهمة الأخيرة في الناتج المحلي الإجمالي. لكن في الوقت نفسه، هناك عوامل مقابلة من شأنها أن ترفع هذه المساهمة، كأثر هذه المشاريع على النشاط العام والشركات المنخرطة في تنفيذها، والذي من شأنه أن يعزز المساهمة الإجمالية لكل مشروع على النشاط الاقتصادي العام. كما أننا لم نأخذ بعين الاعتبار المشاريع المخطط لها والتي لم يبدأ تنفيذها بعد.
لكن إلى أي حد تهدد الأزمة الحالية المشاريع في دول الخليج في ظل ضعف الطلب المتوقع عليها، وصعوبة الحصول على تمويل وتباطؤ نشاط السوق العقاري في المنطقة؟ في هذا الإطار، لحظ الوطني أن قيمة المشاريع التي جرى إلغاؤها قد بلغت بنهاية الربع الثاني من العام الحالي نحو 9 مليارات دولار. وعلى الرغم من أن هذه القيمة تعتبر صغيرة نسبيا، إلا أنها مرجحة للارتفاع مع مرور الوقت. لكن الأهم هو قيمة المشاريع التي قد تعلق العمل بها، والتي بلغت 506 مليارات دولار بحلول الربع الثاني من 2009، مقارنة مع ما قيمته 26 مليار دولار فقط قبل عام. وعموما، تشكل قيمة المشاريع الملغاة والمعلقة ما نسبته 19% من إجمالي حجم المشاريع في المنطقة.
وبالنظر إلى توزع المشاريع الملغاة والمعلقة بحسب القطاعات، لحظ الوطني أن معظمها يتركز في قطاع الإنشاء، الذي يشمل القطاع العقاري وبعض أعمال البنى التحتية كالمرافق والجسور وسكك الحديد. فهذا قطاع وحده استحوذ على ما نسبته 80% من إجمالي قيمة المشاريع الملغاة والمعلقة في دول الخليج، مقارنة مع نحو 42% في يونيو 2008.
انكماش السوق
وتظهر البيانات أن نحو 261 مشروعا في قطاع الإنشاء قد جرى إلغاؤه أو توقف العمل به، ما يعكس انكماش السوق العقاري وهبوط الأسعار فيه.
وتشمل تلك المشاريع مشروع «نخيل هاربر أند تاور» (مرفأ وبرج نخيل) لشركة نخيل للتطوير العقاري الإماراتية والبالغة قيمته 95 مليار دولار، ومشروع برج جدة السعودي والبالغة قيمته 15 مليار دولار.
وعلى نطاق أصغر، أشار الوطني إلى أن قطاع النفط والغاز وقطاع البتروكيماويات شهد إلغاء ما قيمته 87 مليار دولار من المشاريع.
إذ بعد هبوط أسعار النفط في الربع الأخير من العام الماضي، جرى إلغاء أو إرجاء العديد من هذه المشاريع التي اعتبرت دون جدوى اقتصادية. وتشمل هذه المشاريع مصفاة النفط الجديدة في الكويت والبالغة قيمتها 13 مليار دولار، و«مجمع ناما- جبيل للبتروكيماويات» السعودي بقيمة 6 مليارات دولار، ومصفاة دقم في عمان البالغة قيمتها 5 مليارات دولار. لكن من شأن ارتداد أسعار النفط مؤخرا، في حال استمراره، أن يعيد الاهتمام إلى بعض هذه المشاريع.
المشاريع المعلقة
وعلى نحو غير مفاجئ، فإن أكثر من ثلثي المشاريع الملغاة والمعلقة هي مشاريع تابعة للقطاع الخاص، وبنسبة تفوق بشكل ملحوظ حصة هذا القطاع من جميع المشاريع قيد التنفيذ حاليا. وفي المقابل، تبلغ حصة القطاع العام من المشاريع الملغاة والمعلقة نحو 29%، بينما تشكل المشاريع المشتركة بين القطاعين العام والخاص نحو 3% فقط. وقد تعكس هذه النسب في جزء منها الصعوبات الجمة التي تواجه القطاع الخاص في تمويل المشاريع مع تشدد سوق الائتمان. لكنها قد تعكس في الوقت نفسه واقعا أن المشاريع الحكومية قد تكون أقل خطورة أو طموحا في طبيعتها، ما يجعلها أكثر صلابة في مواجهة التدهور الاقتصادي. وفي حال صح ذلك، فالوجود القوي للحكومة في قطاع المشاريع من شأنه أن يوفر دعما مهما لنشاط هذا القطاع في الفترة المقبلة.
وفي الواقع، فإن بعض المشاريع الملغاة أو المعلقة، والتي أطلقت في فترة الطفرة، قد يتبين عدم جدواها الاقتصادية، وبالتالي من الأفضل التخلي عنها. فخسارة هذا النوع من المشاريع من شأنها أن تشكل عاملا إيجابيا للاقتصاد. كما أن إلغاء المشاريع التي لا جدوى اقتصادية منها قد يفضي إلى خفض التكلفة، ما يتيح المجال أمام تنفيذ المشاريع الأخرى بوتيرة أسرع أو بتكلفة أقل. ويرجح أن يحسن ذلك من استغلال المصادر في الاقتصادات الخليجية بمرور الوقت.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )