- تخفيض عدد الشركات المدرجة بنسبة 20% على مدى العامين المقبلين قد يكون «صحياً» وعودة لمرحلة ما قبل «التفريخ»
- الأصول في الكويت لم تنخفض بأكثر من 50 ـ 70% نتيجة الأزمة العالمية وفي أميركا انخفضت بـ 99% في قطاع البنوك
- اختيار «الوطني» ضمن أكثر 50 بنكاً أماناً في العالم دليل على جاذبية البيئة الكويتية للاستثمارات الأجـنبيـةو20% الارتـفـاع المـتوقع لـلمـؤشر السعـري
- 95 دولاراً سعـر النفـط المتوقع نهـايـة العام الحـالي
عمر راشد
استعرض الخبير الاستثماري وعضو الجمعية الاقتصادية فوزي الصبيح في حواره الشامل لـ «الأنباء» وضع الاقتصاد العالمي وتداعيات الأزمة المالية الراهنة التي يمر بها على أداء الاقتصاد من خلال التطرق لجملة من الموضوعات اتخذ من خلالها أحداث الماضي والحاضر لوضع خارطة طريق للمستقبل. واتسمت رؤى الصبيح «التفاؤلية» بأسس موضوعية بناها على ما تحتفظ به دول المنطقة والكويت من سلعة استراتيجية وهي النفط الذي لا غنى عنه لدول المنطقة على امتداد 30 سنة قادمة، مشيرا إلى أن تلك الدول ومنها الكويت تتمتع بأعلى نسب ادخار بالنسبة لناتجها المحلي.
وبلغة الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل، أكد الصبيح على أن نبرته التفاؤلية لم تأت من فراغ، مشيرا وبالأرقام الى أن قيمة الأصول لم تنخفض بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية موضحا أن معظم القطاعات خاصة في الكويت لم تنخفض بأكثر من 50 ـ 70% من أعلى قيمة سجلتها وذلك مقارنة بـ 99% في قطاع البنوك و95% للعقار و98% للسيارات و75% للذهب بالولايات المتحدة خاصة والعالم الغربي عامة. وبين الصبيح أن العيب الهيكلي في عدم تبني سوق الكويت للأوراق المالية آليات تكرس سيولة وفيرة من خلال اصلاح نظام الآجل بشكل جذري وعملي كانت أحد الأسباب التي ساهمت في التدهور السريع لأسعار الأسهم بعد الأزمة.
وأوضح الصبيح أن صدور اللائحة التنفيذية لقانون الاستقرار المالي أدى لاسترجاع قدر مفقود وكبير من الثقة، دون هدر دينار واحد من المال العام بدليل أن القيمة الإجمالية للسوق تحسنت منذ صدور القانون بما يزيد على 9 مليارات دينار، مؤكدا أن عقلاء مجلس الأمة لن يسمحوا بسقوط القانون. واشار إلى أن اختيار البنك الوطني ضمن أكثر 50 بنكا امانا في العالم الأمر الذي يعزز جدارة القطاع في جذب الاستثمارات العالمية. ورأى أن دعوات الاندماج في السوق وتقليص عدد الشركات بنسبة 20% خلال العامين القادمين أمر «صحي» ويعيد السوق لمرحلة ما قبل التفريخ. وتوقع الصبيح أن يحقق المؤشر السعري ارتفاعا بـ 20% خلال الـ 3 شهور المقبلة.
وقال إن النفط يؤسس قاعدة فوق 55 دولارا ويستهدف 95 دولارا قبل نهاية العام التي عند تخطيها يكون سعر 145 للبرميل في متناول اليد قبل نهاية العام القادم. واشار الصبيح إلى أن الصناديق السيادية باتت ملزمة بالعمل على التخلص من أصولها المقومة بالدولار خاصة أدوات الدين أيا كانت في ضوء الانهيار الدولاري المرتقب والمتوقع حدوثه خلال العامين المقبلين ويمكن استبدالها في 3 قطاعات هي النفطي والذهب والزراعي، والصناديق عليها أن تغير إستراتيجيتها العامة خاصة على مدى الـ 20 أو 50 عاما القادمة من خلال زيادة وزن استثماراتها في الصين إلى أكبر قدر ممكن بحيث تكون الصين وشرق آسيا صاحبة الحصة الكبرى في محفظة استثماراتها الخارجية وبما يتجاوز 60% في هذه الأسواق، أما في الغرب ففي القطاعات الثلاثة المذكورة. وفيما يلي التفاصيل:
بداية، كيف تقيم تداعيات الأزمة المالية على أداء السوق؟
ارتباط السوق الكويتي بالأزمة المالية وتداعياتها قد لا يتعدى الـ 25% نتيجة الأصول المقتناة أو مستوى الانكشاف اقتراضا، لكن ما رأيناه من هبوط أسعار الأسهم بنسب تتراوح بين 70 و90% هو في واقع الأمر مبالغ فيه نتيجة الهلع، وانخفاض الضمانات بما يزيد 50% لدى شركات الاستثمار على ان إجمالي قروض القطاع في الخارج لا يتجاوز 3 مليارات دينار ولا يشكل أكثر من 15% من الائتمان المحلي.
ولكن انخفاض قيمة الضمان كان جزءاً من الأزمة؟
نعم، فتدني قيمة الضمانات على القروض الخارجية أدى لاستدعاء بيع محموم لتحصيلها في وقت لم يكن مستوى الطلب على الأسهم يتناسب وحجم العرض مؤديا لتدهور سريع في الأسعار خاصة في ظل فترة تردد اتخاذ قرار حكومي حاسم لتشكيل فريق الإنقاذ، إضافة إلى العيب الهيكلي في عدم تبني سوق الكويت للأوراق المالية آليات تكرس سيولة وفيرة من خلال اصلاح نظام الآجل بشكل جذري وعملي.
وهل تأخر الحل الحكومي فاقم من تكلفة العلاج؟
التأخر زاد من التكلفة التي تحملها القطاع الخاص والعام، ولكن تشكيل فريق العمل الاقتصادي برئاسة محافظ بنك الكويت المركزي كان له أثر كبير في التخفيف من وتيرة وحدة الهبوط، وصدور اللائحة التنفيذية لقانون الاستقرار المالي أدى لاسترجاع قدر مفقود وكبير من الثقة، دون هدر دينار واحد من المال العام بدليل أن القيمة الإجمالية للسوق تحسنت منذ صدور القانون بما يزيد على 9 مليارات دينار.
ولكن ومع وجود القانون، لم تتقدم شركة واحدة للاستفادة منه؟
هذا الأمر فيه شيء من المبالغة، وأتصور أن عددا لا بأس به من الشركات تقوم حاليا بتوفيق أوضاعه للاستفادة من القانون ولن تتاح استفادة من دون ثمن، والواضح أن وجود القانون سيخرج المال العام من كل تلك المعالجات «الرابح الكبير» فالقانون أعطى الاطمئنان اللازم اولا وأزال عنصر الهلع وكان العلاج المباشر مقابل ثمن يدفعه المستفيدون من بنوك اوشركات الاستثمار ضمن غطاء قانوني محكم.
هل القانون مرشح للسقوط؟
لا أتوقع ذلك، فالمجلس فيه حكماء وكثير من العقلاء المدركين لضرورة وأهمية اقرار حزمة من القوانين الخاصة بالشأن الاقتصادي.
وما ملاحظاتك على القانون؟
جوانب كنت أتمنى زيادتها، مثل عدم التوقف عند توظيف 50% من الكويتيين عددا بل أن تكون التكاليف المدفوعة تجاه التوظيف لا تقل عن 50%، كذلك من التعديلات الإيجابية رفع قيمة الضمانات إلى 8 مليارات دينار من 4 الموجودة حاليا ليس بالضرورة لاستخدامها ولكن بغرض إشاعة أجواء من الثقة بما يبرر الإنفاق الاستثماري في القطاع الخاص، ومن واجب المجلس حث الجهات الحكومية على الايداع في البنوك المحلية وهو الامر الذي سيؤدي الى تحقيق أكثر من هدف أهمها: حماية تلك السيولة من تقلبات الدولار، وحمايتها من أثر هبوط السندات في الخارج والمقدرة بخسارة 50% عدا تدعيم المواقف المالية للبنوك المحلية وتحصيل عوائد أفضل مما تجنيه في الأسواق الأخرى وصولا لتوفير البيئة المثالية المواتية للقطاعات الإنتاجية.
هل قانون ضمان الودائع دعم الجدارة الائتمانية للقطاع المصرفي؟
قانون ضمان الودائع حتما يعزز مكانة القطاع المصرفي وهو أصلا ذو ملاءة كما أكده اختيار البنك الوطني ضمن أكثر 50 بنكا امانا في العالم الأمر الذي يعزز جدارة القطاع في جذب الاستثمارات العالمية، كما انه كرس تصنيف البنوك الكويتية بشكل عام والوطني بشكل خاص ملاذا آمنا للودائع على المستوى العالمي.
هل وصل سوق الكويت للأوراق المالية إلى القاع؟
المؤشر سجل ارتفاعا وتصحيحا وفي طريقه للتحسن اكثر بقدر تحقق عنصرين: الأول تدعيمه بقوانين محفزة لزيادة الإنفاق الاستثماري وتعديل القوانين التي ولدت ميتة مثل قانوني 8 و9 المتعلقين بالرهن والتمويل العقاري، وقانون الـ b.o.t الذي يمنع صاحب المبادرة من جني ثمار مبادرته عدا أنه لا يتيح رهن الأصول المؤجرة وتمويلها من مصادر تجارية.
ذكرت أن السوق سيشهد زيادة في مؤشره السعري لأكثر من 20% خلال الـ 3 شهور المقبلة، فما الأسس التي بنيت عليها تلك التوقعات؟
هبوط الدولار هو احد اهم الافتراضات إذ ان انخفاضه عن مستويات فنية أمام العملات الرئيسية يؤدي حتما إلى تقليل هوامش الإقراض والتحوط، وهذا يعني تفاقم حالة هلع من امتلاك أصول دولارية والتحول إلى اقتناء أصول حقيقية كالنفط والذهب وهذه ستكون الخطوة الأولى تجاه تهتك فقاعة السندات المقومة بالدولار ومن ثم فإن الفقاعة القائمة ستؤدي إلى حدوث تحسن وبدرجات مختلفة، في قطاعات البنوك والأغذية محليا بنسبة تتراوح بين 20 و40% والعقارات والاستثمار بنسب تتراوح بين 40 و80% والخدمات من 20 إلى 60% وكذلك القطاع الصناعي، واعادة ترسخ قناعة لدى المستثمر المحلي والإقليمي وربما الأجنبي بأن أرخص الأصول المتاحة في العالم هي بمنطقة الخليج وخاصة في الكويت.
هل كان للمحفظة الوطنية دور في الحد من الأزمة؟
المحفظة الوطنية كانت محدودة الحجم والفعالية ولم تؤثر بوضوح على أداء السوق، ولكن قانون الاستقرار أعطى البنك المركزي صلاحيات ضرورية لاتخاذ إجراءات تزيل الداء وتوفر أدوات معالجة تستخدم وقت الحاجة عدا أن وقف بيع الرهون هو قرار عبقري وحجر الزاوية لوقف تدهور قيمة الأصول حيث كان اتخاذ هذا القرار من قبل البنك المركزي سبقا عالميا.
جدارة ائتمانية
كيف تقيّم ما ذكرته مؤسسات التصنيف السيادية مؤخرا؟
ما ذكرته وتذكره مؤسسات التصنيف السيادي للكويت أو الشركات بخصوص نيتها مراجعة تصنيفها على خلفية التأزيم السياسي ليس مهما، فالكويت ليست بحاجة لشهادتها وبرأيي لو كان لدى تلك المؤسسات الشفافية والرقابة السليمة أصلا أو حتى 10% منها لما وقعت خسائر في الاقتصاد العالمي تقدر بـ35 تريليون دولار منها 10 تريليونات خسائر «محققة» نتيجة تصنيف تلك الوكالات بررت إقراض البنوك ما يوازي 95% من قيمة تلك الرهون وهكذا نتائج أقل ما يقال عنها «غير مرضية ومحبطة» ولا تبرر الإصغاء إطلاقا مما تذكره تلك المؤسسات وتصريحاتها لا تعدو كونها محاولة «رخيصة» لرفع فواتير العملاء ذوي المنشأ المحلي، فالكويت ليست دولة مقترضة وجدارتها الائتمانية ليست بحاجة إلى شهادة من أحد هذا قبل أخذ ما تحت الأرض في الاعتبار.
عودة لمرحلة ما قبل التفريخ
شهد السوق دعوات للاندماج في الفترة الأخيرة، كيف تقيّمها؟
قد لا تكون هذه الدعوات للاندماج لحماية الشركات من التصفية بالضرورة وهو قرار أساسا يخص الجمعيات العمومية وهو أمر «طيب» وصحي وتخفيض عدد الشركات ربما بنسبة 20% على مدى العامين المقبلين قد يكون «صحيا» وعودة لمرحلة ما قبل «التفريخ». فهناك وعي لدى المتداولين أكبر مما كان في السابق والمتعاملون في السوق لديهم القدرة على انتقاء الأخبار وتحليلها مادامت توفرت درجة كافية من الشفافية.
بيئة استثمارية جاذبة
هل تتمتع دول الخليج بقدرة جذب استثمارية عن غيرها رغم الأزمة؟
أسواق المال الخليجية بشكل عام والكويت خاصة لديها قدرات تجعلها ذات جاذبية عالية للاستثمارات المحلية والعالمية، فمثلا نسبة الرفع المالي في الولايات المتحدة كانت تتراوح بين 25 و45 ضعفا أي أن كل دولار يقدم من مقترضا تمنحه المؤسسات المالية قروضا تجاهه ما بين 25 و45 ضعفا، فعلى سبيل المثال كان «ليمان براذرز» مقترض نحو 30 ضعف صافي حقوق المساهمين في حين أن أسواق المال في أبوظبي كانت تغري بإقراض من 5 إلى 6 أضعاف، إلا أن حجم المحافظة في النظام المصرفي الكويتي خاصة البنوك الكبرى مستوى رقابة البنك المركزي لم يتيحا درجة رفع تتعدى 3 ـ 1 والإجراء الذي قام به فريق الاستقرار المالي حصيف ومدعم كونه بوليصة تأمين لقانون ضمان الودائع يدفع ثمنها القطاع الخاص وارتباطهما مباشر.
وهل أدت الأزمة إلى رفع درجة المخاطرة في الاستثمار محليا؟
السوق الكويتي أكثر أمانا رغم وجود بعض التلاعبات، إلا أنه أفضل حالا من أسواق المال الأميركية التي تعد ولحد قريب أكثر الأسواق أفضلية في العالم، فعلى سبيل المثال ارباح الربع الأول لـ «سيتي بنك» بلغت 1.6 مليار دولار في حين ان تطبيق القواعد المحاسبية المعمول بها قبل سبتمبر الماضي، ينتج خسارة فعلية قدرها 2.5 مليار دولار بدلا من ربح 1.6 والتلاعب في البيانات المحاسبية الغرض منه إشاعة ثقة مزيفة تبرر ضخ رؤوس أموال جديدة من قبل المستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء وتجربة الصناديق السيادية في هذا الأمر معروفة.
680 تريليون دولار
نعود مرة أخرى لأسباب الأزمة المالية عالميا؟
بدأت الأزمة باشتعال حدة أزمة الرهونات العقارية والأزمة الحقيقية لا تتمثل فقط في وجود كم هائل من المشتقات المالية التي كان يعتقد أن حجمها حدود 60 تريليون دولار قبل سنة وانما اتضح بعد ذلك أنها في حدود 680 تريليون حاليا تشكل التزامات غير مدرجة على مؤسسات مالية ومصرفية، لكن الدين العام وشبه العام شكل عامل ضغط زاحم على حجم الائتمان المتاح ضمن معدلات النمو المتاحة. والكارثة تكمن في أن اجمالي الدين العام والخاص المقدر حاليا بـ 65 تريليونا لا يمكن بأي حال خدمته دع عنك امكانية تسديده أصلا.
وهل كان الدين العام الأميركي أحد الأسباب المهمة في الأزمة؟
حجر الزاوية في الأزمة هو حجم الدين العام للحكومة الفيدرالية البالغ 11 تريليون دولار بنهاية 2007، و24 تريليونا في نهاية 2008 منها 2.5 تريليون دينا حكوميا إضافة لتسهيلات ائتمانية مؤقتة قدمها الاحتياطي الفيدرالي التي لن تكون مؤقتة بل باقية مادامت لم تحدث معجزة إلهيه تجاه الموارد الضريبية او الاخرى بشكل عام.
واقع جديد
وكيف تقرأ سقوط مؤسسات مالية ضخمة مثل ليمان براذرز؟
سقوط ليمان براذرز في 16 سبتمبر 2008 مهد لواقع جديد في عالم المال لم يكن لأي مراقب مالي توقعه ومعالجة معاناة الدولار من انخفاض متواصل خاصة على مدى 13 سنة، اليورو عام 1995 بلغ 62 سنتا و82 سنتا في 2001 ثم 160 سنتا في يونيو 2008 وعليه انخفض مقابل اليورو بما يعادل 100% فالأمر لا ينسجم مع المتطلبات الفيدرالية وقناعات بنك الاحتياطي الفيدرالي بخلق بيئة مواتية لاقتراض متواصل تمويلا للعجز القومي، وخلق حالة الهلع في أسواق المال بررت هوامش اقتراض عالية في سوق اليورودولار أدت لارتفاعه من 160 سنتا إلى 123 سنتا لليورو أو نحو 20% خلال 10 أسابيع، والارتفاع لم يكن ليتم إلا من خلال خلق حدث غير متوقع على الإطلاق مثل ترك ليمان براذرز يسقط أو على الأقل هكذا يبدو الأمر.
ومن هم دافعو فاتورة علاج الأزمة؟
فاتورة العلاج يدفعها ولايزال كل من يقتني دولارا أو سندات الخزانة، فوجود 600 تريليون دولار التزامات غير مدرجة في الميزانيات الرسمية للبنوك يستدعي تمويلها من خلال الاقتراض وذلك بخلاف القروض الموجودة أصلا على ميزانيات القطاع الخاص والمقدرة بـ 40 تريليون دولار والتي يحتاج تمويلها إلى اقتراض ملح في ظل شح السيولة وانهيار قيمة الأصول.
نتائج الأزمة
هل ستؤدي الأزمة إلى تأثيرات مؤكدة في موازين الدول الأخرى؟
عدد من النتائج الهامة أحدثتها الأزمة، النتيجة الأولى أنها خلقت مبررا لطرح كمية كبيرة من الدولارات تقدر بحدود 20 تريليون دولار وهو رقم متوقع مضاعفته بغرض تبرير عدم انهيار الأسواق والإنتاج، والثانية أن العجز القائم في تمويل التزامات القطاع الخاص الأميركي لا يوجد ما يقابله من الإنتاجية وبدرجة أسوأ العجز القومي من خلال الضرائب لخدمة مديونية كهذه وبطبيعة الحال فإن تخفيض الفائدة على الدولار من قبل الفيدرالي يحمل في ظاهره تحسين الأوضاع الاقتصادية ولكنه في باطنه يهدف للاستفادة على حساب أي مقرض للدولار خاصة في دول الفوائض سواء النفطية أو دول الفوائض التجارية مثل الصين واليابان والهند.
عولمة الكساد
هل هناك من يسعى لعولمة الكساد؟
النخبة المصرفية في أميركا وبريطانيا مستفيد رئيسي في عولمة الكساد اذ تم اقتناء الأصول الحقيقية بأقل من ثلث ثمنها تتمثل في قطاعات الموارد الطبيعية والزراعة والمعادن والصناعة فارتفاع الدولار إلى 1.23 يورو وانخفاض أسعار السلع بمعدل 70% من القيمة يؤديان حتما لتغير خارطة الثروة، عالميا زيادة حجم تأثير تلك النخبة وهيمنتها على الاقتصاد العالمي خاصة ما تعلق بقدرتها التفاوضية مع الهند والصين وروسيا. والنخبة هي الراعي الرئيسي لمنتدى بيلدن بيرغر.
هل تتوقع تغير الاحتياطي من الدولار إلى عملات أخرى؟
نعم تلك أهم نتائج او ربما أهداف الأزمة المالية، الأصوات الغربية بدأت تنادي باستبدال الدولار بحقوق سحب خاصة من صندوق النقد الدولي sdr أو بنك التسويات في بازل تجاه مطالبات الصين بتمكين ألوان الصيني ومعظم البنوك المركزية بدأت التحوط بالذهب، فالصين والهند توظفان الاحتياطي بالمواد الأساسية كالنفط والحديد والنحاس والغلال الزراعية استعدادا لحالات الشح المتوقعة.
هل التوجه سيؤثر على المديونية؟
نعم، وهو أحد أبيات القصيد كونه يستهدف ببساطة إلغاء 50% على الأقل من الديون من خلال انهيار الدولار سواء الخاصة او العامة المترتبة على الخزانة فإجمالي المديونية الخاصة والعامة إلى الناتج المحلي الأميركي للفترة من 1952 ـ 1987 تراوحت بين 80 و120% وارتفعت في عهد الرئيس ريجان لمستوى 300-360% خلال 1987-2007 والاقتراض في مجمله غير إنتاجي أي استهلاكي او «مضاربي» في أسعار المنازل وغير ذي قيمة مضافة أي ان الولايات المتحدة عاشت على حساب العالم من 1987 إلى 2007.
أسعار النفط
وبمناسبة أسعار النفط، كيف تبرر انهيار أسعاره وعودتها للارتفاع رغم الكساد؟
الاهم هو كيف تبرر انهيار أسعار النفط من 147.5 دولارا الى 33.5 دولارا اي 75% في ضوء تدني الطلب بنسبة 8% فقط فأما الطلب على النفط فكان في الأساس مصطنعا لكون معدل التداول في بورصة المستقبليات على النفط بحدود 200 ـ 300 ضعف حجم الاستهلاك العالمي الفعلي، والانخفاض إلى مستوى 33.5 دولارا كان مصطنعا أيضا وغير مبرر، اذ انخفض من 94 مليون برميل إلى 86 مليونا، فكيف تبرر انخفاضا في السعر يساوي 75%؟ وتساؤلي الثاني كيف تبرر الكساد الاقتصادي المتوقع بتلك الحدة، وارتفاع النفط لأكثر من 120% من أدنى مستوى سجله عند 33.5%؟ وثالثا لماذا الطلب على ناقلات النفط العملاقة في ذروته وهي مركونة في المرافئ الرئيسية ومعبأة بالكامل؟ والأمر الآخر الجدير بالملاحظة أن الفارق بين نفط غرب تكساس و«برنت» المصدر من ميناء روتردام عادة يمثل تكلفة الشحن من أوربا إلى الولايات المتحدة بحدود 3-5 دولارات ليكون سعر برنت دائما أقل من غرب تكساس بذات المستوى لكن ما حدث منذ سبتمبر الماضي أن برنت بلغ 5 دولارات أعلى من غرب تكساس، الأمر غير منطقي إطلاقا ولم يكن هناك تدخل والتقارير أشارت إلى أن وكالة الطاقة الأميركية تقوم بمبادلة مخزونها الاستراتيجي الذي هو في الأساس غرب تكساس، تخزن «برنت» في ناقلات بترول عملاقة والذي يحدد الطلب عليها كما ذكر. اما الهدف فربما لإقناع مقتني السندات بمعدلات تضخم افضل على الدولار مقابل اليورو او الشرق الاقصى.
إذن، فالأمر ارتفاعا أو انخفاضا برمته «مضاربي»؟
في ظاهره مضاربي ورغبة الممول في تسييل المراكز القائمة والاستفادة من خلق حالة هلع شديدة خاصة ان تمويل الارتفاع والهبوط لا يمكن له أن يتم دون مباركة الفيدرالي الأميركي، أما في الباطن فالهدف استراتيجي بحت له أكثر من قاسم، الأول حرق المديونية على حساب حاملي السندات أيا كانوا وهذا حدث 3 مرات في التاريخ الأميركي والثاني الاستحواذ على موارد طبيعية بسعر أقل والثالث حيازة موقع تفاوض مع المنافسين الرئيسيين.
وما تصوراتك المستقبلية للأسعار؟
النفط بلغ 74 دولارا ويؤسس قاعدة فوق 55 دولارا ويستهدف 95 دولارا قبل نهاية العام والتي عند تخطيها يكون سعر 145 للبرميل في متناول اليد قبل نهاية 2010.
وهل هذه دعوة مفتوحة للصناديق السيادية للتخلص من الأصول الدولارية؟
الصناديق السيادية باتت ملزمة بالعمل على التخلص من أصولها المقومة بالدولار خاصة أدوات الدين أيا كانت في ضوء الانهيار الدولاري المرتقب والمتوقع حدوثه خلال العامين المقبلين ويمكن استبدالها في 3 قطاعات هي النفطي والذهب والزراعي، والصناديق عليها أن تغير إستراتيجيتها عامة خاصة على مدى الـ20 أو 50 عاما القادمة كونها من خلال زيادة وزن استثماراتها في الصين إلى أكبر قدر ممكن بحيث تكون الصين وشرق آسيا صاحبة الحصة الكبرى في محفظة استثماراتها الخارجية وبما يتجاوز 60% في هذه الأسواق، أما في الغرب ففي القطاعات الثلاثة المذكورة.
من أجواءاللقاء
- أوضح الخبير الاستثماري وعضو الجمعية الاقتصادية فوزي الصبيح أن هناك أسهما أفضل من الذهب، موضحا أنه اذا اعتمدنا القيمة الشرائية البالغة 35 دولارا للأونصة سنة 1951 وبلوغه حاليا اعلى من 900 دولار أي انخفاض قيمة النقد بواقع 95% عليه فإن سعر سهم البنك الوطني اليوم مثلا هو أرخص على الأقل بنسبة 50% من الـ 100 فلس المدفوعة سنة 1951 وسعره المعدل لا يقل عن 2.600 دينار دون الأخذ في الاعتبار تاريخا تشغيليا قدره 50 سنة ويندر تواجد استثمار اكثر امانا من ذلك على ان القيمة العادلة لسهم كهذا لا تقل عن 3.500 دنانير، وتلك فرصة لتوظيف الأموال لا تقل أرباحها المتوقعة خلال 3 سنوات عن 200% دون مخاطرة تذكر.
- أشار الصبيح إلى أن هناك 20 سهما تشغيليا في البورصة يندر وجودهم كفرص استثمارية حقيقية في العالم وهي امكانيات أفضل من الذهب كالوطني، بيد أن الامر لا يتوقف عند هذا السهم، فهناك ما لا يقل عن 20 سهما تشغيليا مثل «زين» و«بيتك» و«المباني» يباع بأقل من 25% من قيمته العادلة.
- لفت الصبيح إلى أن القانون الذي يحث الدولة على توفير 20 ألف قسيمة سكنية خلال الـ 3 سنوات شيء جميل جدا، لكني أشك كثيرا في القدرة على انجازه بالمواصفات المطلوبة خلال تلك الفترة، ولا يدل على ادراك لدى متخذ القرار للمعطيات المتاحة عمليا، فمثلا ان وجد مقاولون فإن روتين التقصي والترسية والإجراءات الحكومية والرقابة حتما لا يتيح ذلك.
- بين الصبيح أن جدول «فرح» احتوى على 20 شركة بأهداف مرحلية قصيرة خلال 3 أو 4 اشهر، وما حدث عند إعداد الجدول افتراض خاطئ بأن قانون الاستقرار المالي لن يأخذ كثيرا، الامر الذي أثر على توقعات المحفظة، مشيرا إلى أنه سيتم التسجيل ما بين سبتمبر ويناير المقبل بدلا من مارس الماضي.
- أقر الصبيح بما خلفته فترة تولي آلان غرينسبان مقاليد الأمور في البنك الفيدرالي الأميركي حيث تم التوسع في الائتمان الذي أقره الفيدرالي الأميركي خاصة من خلال تجاوز قانون glass tegal والذي تم وضعه عام 1934 بغرض منع البنوك التجارية من القيام بأعمال مديري الاستثمار ومنع شركات الاستثمار من قبول الودائع والائتمان الاستهلاكي إلا أن غرينسبان التف عليه سنة 1988 وسمح لبنوك مثل «سيتي بنك» بالقيام بأعمال خارج نطاق القانون تسمح له القيام بأعمال تمويلية.
- في تعليقه على زيارة صاحب السمو الامير الأخيرة إلى الصين، قال الصبيح إن اتباع خطوات الحكيم دائما «راشدة» والرؤية الثاقبة ليست بغريبة على سموه، وعندما يتم ربط مصالح الكويت النفطية استراتيجيا مع دولة كالصين يعد أمرا بالغ الأهمية ويصب في رافد تحقيق طفرة اقتصادية منتظرة تعزز وتدعم بإذن الملك الحق تجسيد الدعوى لتحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )