أكد مسح «ميريل لينش» لمديري صناديق الاستثمار الذي أجرته ميريل لينش لمديري الاستثمار لشهر أغسطس، أن التفاؤل بانتعاش الاقتصاد العالمي في أوساط المستثمرين بلغ أعلى مستوياته في 6 سنوات أي منذ عام 2003، بدليل تزايد إقبالهم على الاستثمار في أسواق الأسهم لتوظيف أموالهم فيها بدلا من تجميدها بصورة أو بأخرى
وأشار المسح إلى أن 75% من مجموع مديري صناديق الاستثمار يعتقدون أن الاقتصاد العالمي سوف يتحسن ويتعزز خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، ما يشكل أعلى نسبة تفاؤل في أوساط المستثمرين منذ نوفمبر 2003، بزيادة بنسبة 63% عن نسبتهم في شهر يوليو الماضي. وأوضحت نتائج المسح أن ثقة المستثمرين بتحسن أحوال الشركات في أعلى مستوياتها منذ يناير 2004، في حين توقع 70% من مجموع المشاركين في المسح ارتفاع أرباح الشركات في مختلف أنحاء العالم خلال العام المقبل، مقارنة بـ 51% فقط منهم توقعوا ذلك الشهر الماضي. وذكر مسح شهر أغسطس أن المستثمرين يطابقون أقوالهم بالأفعال وبدأوا يوظفون أموالهم بهمة ونشاط، حيث تراجع متوسط أرصدتهم النقدية من 4.7% من إجمالي تلك الأموال الشهر الماضي إلى 3.5% خلال شهر أغسطس الجاري، وهو أدنى معدل منذ يوليو 2007. وارتفعت حصة الأسهم بحدة في محافظ المستثمرين من شهر إلى شهر، حيث أشار 34% من المشاركين في الاستبيان إلى أنهم يستثمرون بقوة في الأسهم، مقارنة بـ 7% في شهر يوليو الماضي. كما ارتفع مؤشر ميريل لينش للمخاطر والسيولة الذي يقيس مدى إقبال المستثمرين على المجازفة، إلى 41 نقطة، لأعلى مستوياته خلال عامين. وقال رئيس دائرة إستراتيجية الاستثمار الدولي في الأسهم في بنك أميركا سيكيوريتيز ـ ميريل لينش للبحوث مايكل هارتنت ان التفاعل القوي في شهر أغسطس يمثل تحولا كبيرا من التوقعات الكارثية لشهر مارس، إلا أنه مع استمرار توقع أربعة من بين كل خمسة مستثمرين نمو الاقتصاد العالمي بمعدلات تقل عن المستوى المعهود خلال العام المقبل، يتضح افتقار الأسواق إلى قناعة كافية حول مدى استدامة الانتعاش المقبل. وقادت الصين وأسهم شركات التكنولوجيا الإقبال على الاستثمار في الأسهم بهامش ضيق. ولابد لنا من الانتظار للتأكد من اقتناع المستثمرين بالكامل بتوظيف أموالهم في أسهم المناطق الخاضعة لتأثيرات الدورات الاقتصادية مثل اليابان وأوروبا، أو الاستثمار في أسهم البنوك الغربية.
الانتعاش المستدام
وأوضح التقرير أن الأسواق العالمية الصاعدة بقيادة الصين وأسهم شركات التكنولوجيا تعتبر أقوى محركات الانتعاش المبكر. ويفضل المستثمرون توظيف جانب كبير من أصولهم في الأسواق الصاعدة بدلا من توظيفها في أي منطقة أخرى وبفارق كبير.
وأعرب 33% من المشاركين في المسح عن رغبتهم في الاستثمار بقوة في الأسواق الصاعدة، إلا أن سائر المستثمرين يجمعون على عدم الاستثمار بقوة في الأسهم الأميركية والأوروبية والبريطانية واليابانية.
ولاتزال أسهم شركات التكنولوجيا تتصدر أسهم سائر القطاعات، حيث أعرب 28% من المشاركين في المسح عن توظيفهم لجانب كبير من أموالهم في هذا القطاع، بينما أكد 11% و12% من أولئك المستثمرين على التوالي، استثمارهم بقوة في أسهم الشركات الصناعية والمواد الخام.
وجاءت البنوك في المرتبة التالية، حيث أعرب مديرو صناديق الاستثمار العالمية عن استمرار قلقهم حول أوضاع هذا القطاع، مشيرين إلى أنهم لن يوظفوا سوى 10% من أموالهم في أسهم البنوك. في المقابل، يشعر المستثمرون في أسهم الأسواق الصاعدة بتفاؤل حول آفاق البنوك العاملة في تلك الأسواق، حيث أشار 17% من مديري صناديق الاستثمار إلى رغبتهم في الاستثمار في أسهم البنوك.
ويبدو أن بعض هذا الخلل الواضح في التوازن بين معدلات الاستثمار آخذ في التآكل، حيث خفض مديرو صناديق الاستثمار العالمية من نسبة توظيفاتهم في أسهم البنوك عموما من معدلها الذي بلغ 20% خلال شهر يوليو الماضي. وتحسنت مرتبة أسهم الشركات الصناعية والمواد الخام من مستوياتها المتدنية التي شهدتها قبل شهر مضى. وباتت الأسواق الصاعدة أقل شعبية في أوساط المستثمرين مما كانت عليه في شهر يوليو، حين أعرب 48% من المشاركين عن رغبتهم في الاستثمار بقوة في تلك الأسهم. كما أن أوروبا باتت أقل شعبية بكثير، حيث أعرب 30% من المشاركين في مسح شهر يوليو عن رغبتهم في تخفيف استثماراتهم في الأسهم الأوروبية، وهو رقم تراجع إلى مجرد 2% فقط في شهر أغسطس.
المستثمرون مترددون
يبدو أن مديري صناديق الاستثمار الأوروبية لا يقلون تفاؤلا عن زملائهم في سائر أنحاء العالم بآفاق الانتعاش العالمي. وتوقع 66% من الذين شاركوا في المسح تحسن الاقتصاد الأوروبي خلال العام المقبل، بزيادة حادة عن نسبة 34% منهم توقعوا ذلك خلال شهر يوليو الماضي.
وقد ارتفع صافي معدل المديرين الذين توقعوا ارتفاع أرباح الأسهم ثلاث مرات تقريبا، ليبلغ 62% مقارنة بـ 23% قبل شهر مضى. كما وظف المستثمرون الأوروبيون جانبا كبيرا من أموالهم في أسهم الموارد الأساسية، وهو قطاع يخضع لتأثيرات الدورات الاقتصادية، وخفضوا جذريا من النسبة المرتفعة لاستثماراتهم في أسهم قطاع المستحضرات الصيدلانية، الذي يعتبر قطاعا دفاعيا.
ومقارنة بسائر المشاركين في المسح، لم يضخ مديرو صناديق الاستثمارات الأوروبية أي أموال جديدة في الأسواق. وقال باتريك شوويتز، محلل استراتيجية الاستثمار في الأسهم الأوروبية في بنك أوف أميركا سيكيوريتيز ـ ميريل لينش للبحوث: «لحق التفاؤل بنمو الاقتصاد الأوروبي أخيرا بمستوى التفاؤل بنمو اقتصادات سائر المناطق، إلا أن مديري صناديق الاستثمار الأوروبية لم يتخذوا بعد إجراءات حاسمة في هذا الصدد رغم تزايد معدلات السيولة وبلوغ القناعات الإجمالية في هذا القطاع مستويات متدنية قياسية».
وقد اشترك في المسح العالمي ما مجموعه 204 مديرين لصناديق الاستثمار يشرفون على توظيف 554 مليار دولار، واشترك في الاستطلاع الاقليمي ما مجموعه 177 مديرا يستثمرون 370 مليار دولار. وقد أجري المسح من 7 أغسطس الى 12 منه. وقام بالاستطلاع بنك أوف أميركا الأوراق المالية - ميريل لينش بمعاونة شركة الأبحاث tns من خلال شبكتها الدولية في أكثر من 50 بلدا توفر خدمات استعلام السوق في أكثر من 80 بلدا الى المنظمات الوطنية والمتعددة الجنسيات. وتأتي في المرتبة الرابعة بين مجموعة خدمات السوق في العالم.