- ارتفاع الدولار وانخفاض النفط تصاحبهما دائماً أزمة مديونيات تعد الأسوأ اقتصادياً
- المضاربون وصناديق التحوط استخدما المشتقات البترولية للمقامرة وتحقيق مكاسب سريعة
- النفط ليس وحده المنهار.. فأسعار السلع متقهقرة منذ يونيو 2014
- 40 دولاراً للبرميل كانت السعر الأكثر استقراراً للنفط قبل 2005
- استحواذ المضاربين على تداولات النفط قفز بأسعاره لـ 130 دولاراً
- استمرار تباطؤ النمو الصيني سيجعل الأزمة الحالية أكثر سوءاً
ليس من الغريب أو المفاجئ أن يكون الاقتصاد العالمي في حالة تباطؤ حاليا، فقد صرح كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية علنا بأنه سيكون هناك تباطؤ في التجارة والنشاط الاقتصادي اقوى واشد مما تم توقعه في السابق «مع العلم بأن توقعاتهم الاقتصادية خاطئة دائما على اية حال»، اننا في الكويت والخليج العربي اكثر ادراكا من الدول او المناطق الاخرى لهذه الامور، وذلك لان النفط يعتبر المحرك الاقتصادي الاكبر لبلادنا، كما أننا ندرك تماما الانهيار الكبير الذي اصاب أسعار النفط اعتبارا من يونيو 2014.
وعلى اية حال فإن الامر الذي قد لا نكون على علم به هو العلاقة بين النفط والدولار الأميركي.
فقد كانت هذه العلاقة دائما مؤشرا دقيقا للتنبؤ بأزمات المديونيات الكبرى خلال العقود العديدة الماضية.
وهناك العديد من المؤشرات الدالة على وجود مشاكل في الاقتصاد، حيث يرى بعض الناس أن هذه المؤشرات تنذر بقدوم أزمة مالية أخرى.
انني واحد من هؤلاء الناس الذين يعتقدون بأننا على وشك الدخول في أزمة كبرى، وذلك بناء على سنوات البحث التي قضيتها بخصوص موضوع المديونيات والازمات المالية.
وتتضمن قائمة الاخبار التي تشير الى تزايد المشاكل الاقتصادية العالمية ما يلي:
٭ التباطؤ الاقتصادي في الصين والضغوط على عملتها.
٭ انهيار أسعار السلع وليس فقط أسعار النفط منذ يونيو 2014.
٭ انخفاض قيمة عملات الدول الناشئة وتباطؤ الحركة التجارية فيها.
٭ الإخفاقات المتكررة للحكومة اليابانية في معالجة مشاكلها الاقتصادية والتي ما زالت تحاول معالجتها منذ 25 عاما.
هذه بعض المؤشرات القليلة فقط، ولكن المؤشر الذي لم يتم ذكره من قبل كبار الاقتصاديين هو العلاقة بين النفط والدولار الأميركي.
لقد كانت هذه العلاقة مؤشرا دقيقا على ازمات المديونيات في الماضي الا انه لم يتم الاهتمام به جيدا مؤخرا.
يبين الشكل (1) حركة أسعار نفط برنت خلال الفترة من أبريل 1991 الى فبراير 2016.
ما يلفت انتباهنا الفوري هنا هو الارتفاع السريع في سعر النفط من عام 2005 وتقلبات الأسعار الحادة منذ آنذاك.
لا يتعلق هذا الامر بالاوپيك او عوامل العرض والطلب التي تلعب دورا مهما في أسعار النفط، ولا تعتبر المحركات الرئيسية للأسعار.
وتم منذ 2005 الاستيلاء على عمليات تداول النفط من قبل المضاربين وصناديق التحوط مدعومة بالابتكارات المالية مثل المشتقات البترولية التي تعتبر بشكل مبسط أدوات مقامرة تستخدم لتحقيق عوائد سريعة (او خسائر سريعة).
وقبل ذلك كان يتم تداول النفط بأسعار مستقرة بحيث لا ترتفع فوق 40 دولارا/ برميل.
وعلى الرغم من هذا التقلب المتزايد في أسعار النفط الا أن العلاقة بين النفط والدولار الأميركي لم تتغير.
وعلى وجه التحديد فعندما يرتفع سعر الدولار ويصاحب ذلك انخفاض في أسعار النفط يتعرض العالم عادة لأزمة مديونيات.
لقد ثبت هذا الامر فعلا منذ أبعد مدة وصل اليها بحثي وهي السبعينيات.
كما ترون من الشكل (2) فإن قوة الدولار وانخفاض أسعار النفط قد اعطيا إشارة بحدوث أزمة مديونيات عام 1994 والتي عرفت باسم «أزمة تاكيلا» او أزمة المكسيك، وذلك عندما قامت الحكومة الأميركية بإنقاذ الحكومة المكسيكية.
كما عرفت هذه الأزمة ايضا في سوق الاسهم على انها واحدة من أسوأ السنوات المسجلة، بل انها أسوأ من الأزمة المالية العالمية بالنسبة لمتداولي السندات.
وعقب ذلك حلت الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 والتي تم اعتبارها من أسوأ الازمات للكثير من الدول الآسيوية.
اما في عام 2008 فنعلم كلنا بالاحداث التي طرأت ذلك العام.
انها الأزمة التي ما زلنا نحاول التعافي منها بعد مضي 7 سنوات.
«المديونيات» أسوأ الأزمات الاقتصادية
تجــــدر الملاحظــــة هنا على ايـــة حال بأننــي لــــم اقـــم بإدراج وذكر أزمة dotcom bubble عـــام 2000 لانهـــا كانت أزمة اسهم وليس أزمة مديونيات.
لم يكن هناك علاقة بين ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض أسعار النفط.
كمــــا أن عمليـــة التعافي مــن أزمة الاسهم تكون اسرع في حين ان أزمة المديونيات تعتبر اكثر صعوبة في التعـــافي حيث ان المديونيات تتزايد مع مرور الوقت، ما يعني أن كل أزمة مديونيات تصبح أسوأ من سابقتها.
كيف سنواجه أزمتنا؟
السؤال هو: ما هو وضعنا الحالي؟ يمكنكم الملاحظة من الشكل (2) ايضا اين هو وضعنا الحالي؟ لقد ارتفع الدولار بشكل اكبر مما كان عليه في الازمات السابقة وانخفضت أسعار النفط الى اقل مما كانت عليه في الازمات السابقة.
لم أر في حياتي مثل هذا الاختلاف الكبير بين هذين المؤشرين في جميع بحوثي.
الاشارات واضحة.
اننا ندخل في أزمة مديونيات عالمية جديدة.
وعلى الرغم من ان هناك مؤشرات اقتصادية اخرى تؤيد هذا الاعتقاد الا أن العلاقة بين الدولار والنفط كانت دائما مؤشرا دقيقا على توقع حدوث المتاعب، وحيث انكم ترون هذا الان، فماذا انتم فاعلون؟
بقلم: طارق الرفاعي
كاتب وباحث ومستشار كويتي متخصص في الأزمات المالية والتمويل الإسلامي