أحمد يوسف
لاشك ان الأجواء الرمضانية التي خيمت على تداولات سوق الكويت للأوراق المالية أحدثت بعض التغيرات الجوهرية في السوق لاسيما على صعيد صغار المتداولين.
والمعروف انهم اعتادوا الذهاب ايام التداولات في الايام العادية قبيل افتتاح السوق للتداولات كما اعتادت أعينهم على المتابعة اللحظية لأسهمهم عبر شاشات التداول وأذنهم على التقاط الأخبار وسرعة تحليلها بما يخدم تداولاتهم، وان كانت شائعات، لم يتغير الوضع كثيرا في ظل الأجواء الرمضانية التي تخيم على السوق، غير انه من الملاحظ ان أعدادهم في تناقص مستمر خلال شهر رمضان.
وبطبيعة الحال فإن نوعا من الهدوء والتراخي ومنطق التأجيل غلب على الأداء، ومع ذلك فالتداول يسير والمؤشر يواصل الاتجاه في الغالب نحو الصعود وان كان بوتيرة اقل، حيث تراجعت كمية المبيعات وقيمتها، لكن لا ضير في ذلك فالبورصة حالها حال الاقتصاد بشكل عام في ظل الأوضاع الراهنة.
وفي قاعة التداول الرئيسية بمبنى سوق الكويت للأوراق المالية التقت «الأنباء» بأبو مشعل وهو أحد صغار المتداولين الذين يحرصون دائما على التواجد في قاعة البورصة صيف شتاء، وفي الاسبوع الاول من التداولات في رمضان، سألته «الأنباء» عن سر غياب الكثير من الأصدقاء الذين يتداولون في السوق، والذين اعتادوا الحضور فأجاب: هكذا رمضان فالناس فيه معذورون فما بين صلاة التراويح والدواوين والغبقات وحفلات القرقيعان ومن ثم صلاة الصبح في جماعة، بعدها يخلدون الى النوم، اما الموظفون فإنهم يضطرون للاستيقاظ للذهاب الى اشغالهم، فيما المتقاعدون وغير الموظفين يجدون متسعا من الوقت للنوم لساعات اطول، اما انا (يضيف بومشعل) فقد تعودت ان استيقظ مبكرا، حتى وان آويت الى فراشي متأخرا، فهذه عادتي.
وفي السياق ذاته يلتقط طرف الحديث بوطلال الجالس بجوار بومشعل ليقول: ان كثيرا من المتداولين يتداولون في رمضان من خلال محافظ وصناديق استثمارية او حتى من خلال مستشار خاص، أنا افعل ذلك وارتاح فلا احضر الى السوق الا مرات معدودة اتمم فيها بعض الامور المهمة مثل توقيع الشيكات او الذهاب للمقاصة او مراجعة البنك الذي يتم التداول من خلاله.
بوفهد وهو متداول آخر دأب على الحضور المتقطع للبورصة لاسيما في رمضان، التقط طرف الحديث ليؤيد كلام بوطلال: كلام اخوي أبوفهد عدل فالسوق اليوم أصبح مؤسسيا فالكثير من الأموال التي تتداول فيه تعود لصناديق ومحافظ استثمارية وشركات استثمارية، ولا عجب في ان أحد التقارير التي صدرت أخيرا تشير إلى ان 75% من الشركات حققت خسائر.
اتسعت دائرة الحوار التلقائي لتشهد مزيدا من الآراء، والحديث الآن لابوعمر وهو احد صغار المتداولين الذي قرر الخروج من السوق والاستثمار في القطاع العقاري، يقول: انا قررت الخروج من البورصة بعد ان تحول الاداء الى المضاربة واصبح السوق غاية في الخطورة، فهناك الكثير من الشركات التي حققت خسائر كبيرة وربما باتت عرضة للتصفية، وكثير منها يعلن عن عدم رغبة في الاستفادة من قانون الاستقرار ـ يعني خسارة وكبر في وقت واحد ـ ويقول متسائلا: ماذا يعني الاستثمار في السوق في ظل هذه الأوضاع الصعبة؟
ابوفهد مرة اخرى يقول: العقار بعد حكم التمييز لـ «بيتك» زين لكنه بطيء الحركة ومن يستهويه الاستثمار المالي لا يمكن ان يجذبه الاستثمار العقاري، فنحن هنا نتكلم عن نوعين من الاستثمار، بل عن عالمين مختلفين، وبرأيي فان اسعار العقار التي قد تضخمت كثيرا في الفترة الماضية آن الأوان لتعود للتداولات بالأسعار الطبيعية، لكن اين هي السيولة التي يمكن من خلالها اقتناص الفرص؟
كانت الساعة في إحدى لوحات التداول تشير الى الواحدة الا الربع موعد انتهاء التداول، استأذنت «الأنباء» من مرافقيها، وهممت بالانصراف بعد عدة خطوات قليلة استوقفني احد الأصدقاء بومشاري فسألته عن حال السوق في رمضان فأجابني قائلا: لا شك في ان السوق هو السوق لكن لرمضان أجواء خاصة من التداولات ولا مجال كبيرا في المضاربات، فرغم تأثره الا ان اقفالات الثواني الأخيرة انتهت هذا من جانب ومن جانب آخر ففي اليومين الأولين من التداولات شهدت النصف ساعة الأولى تداولات بأحجام وكميات كبيرة.